fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

قراءة في انضمام مصر لتجمع بريكس وأثره على الاقتصاد المصري

80

قراءة في انضمام مصر لتجمع بريكس وأثره على الاقتصاد المصري

يُعدُّ انضمام مصر لمجموعة “بريكس” اعتبارًا من يناير 2024، خطوة مهمة على الطريق الصحيح وتوجه نحو التحرر من حصار الدولار، وكبح جماحه، لا سيما أن مصر كغيرها من الدول تعاني من أزمة اقتصادية طاحنة في ظل نظام دولي يسُوده حالة من التوتر وعدم الاستقرار، كما أنها من الدول المستوردة للسلع الأساسية وخاصة الحبوب والزيوت.

فهو لا شك قرار صائب من القيادة السياسية، إذ يستهدف تخفيف الضغط على النقد الأجنبي الذي يمثل الدولار الحصة الكبرى منه، مما يصُبُّ في صالح الاقتصاد وتحسين عدد من المؤشرات الاقتصادية وزيادة الإنتاج المحلي، كما يُعتبر تأكيدًا على عمق العلاقات الاقتصادية والسياسية الجيدة بين مصر ودول البريكس؛ الأمر الذي يؤكد على مكانة مصر الاقتصادية والجيوسياسية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

يطرح مركز “رواق” للأبحاث في هذا التقرير، العديد من التساؤلات المُهمة، مثل: ماذا يعني قبول عضوية مصر؟ ما مميزات تأسيس بنك التنمية التابع لمجموعة “بريكس”؟ هل حقًّا يستفيد البريكس من دخول مصر؟ هل عضوية بريكس تمثل شهادة ثقة في قدرة الاقتصاد المصري؟ ما فوائد مشروع العملة المشتركة بين دول التكتل؟ وهل تكبح جماح الدولار للدول الأعضاء؟

ما هو تجمع بريكس؟

يعرف تجمع البريكس بأنه تكتل اقتصادي عالمي بدأت فكرة تأسيسه في عام 2006، وبعد سلسلة من الاجتماعات المتتالية حول تأسيس التكتل أُطلِقَ وعُقِد اجتماعه الأول في عام 2008 باليابان على هامش قمة مجموعة الثماني  G8؛ حيث كان مكونًا من أربع دول، وهي: البرازيل، وروسيا، والهند، والصين، وسُمِي -آنذاك- بالـ”بريك” (BRIC ) ، إلى أن انضمت إليه دولة جنوب إفريقيا في 24 ديسمبر 2010، فأصبح يُسمَّى “بريكس” (BRICS ).

كما أن ما يُميِّزه وفق خبراء واقتصاديين: أن الدول الأعضاء به لا تشترك في النطاق الجغرافي مثل قارة أوروبا أو الاتحاد الأوروبي، بل تنتشر في أربع قارات، وهي: آسيا وإفريقيا وأمريكا الجنوبية وأوروبا، ومن ثم فهي لا تشترك في التراث الثقافي والتاريخي، ولا الهيكل الإنتاجي، إنما تشترك في كونها دولًا نامية وناشئة، تسعى لتحسين الوضع والثقل العالمي للدول النامية، وهو الهدف الرئيس الذي دفعها لتأسيس هذا التكتل، كما يسهم في زيادة التنافس بين موازين القوى الدولية. (هيئة الاستعلامات).

ويرى اقتصاديون أن بريكس أصبح الآن أهم التكتلات الاقتصادية في العالم، بالرغم من صغر عدد أعضاء تكتل بريكس؛ وذلك نظرًا للثقل الاقتصادي لدوله في ظل ما تتمتع به من إمكانات بشرية وصناعية وزراعية هائلة، كما يستحوذ على نسبة كبيرة من حجم التجارة العالمي.

ووفق خبراء وتقارير دولية، فإن الناتج الإجمالي العالمي لمجموعة بريكس يقدر بنحو 25.9 تريليون دولار خلال عام 2022 أي: بما نسبته 25.6% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي البالغ نحو 101 تريليون دولار في العام قبل الماضي 2022، كما أن أعضاءه من الدول التي شهدت معدلات نمو اقتصادي سريعة؛ ما جعلها من أكبر الاقتصادات العالمية، كالصين الاقتصاد الثاني الأكبر عالميًّا بعد الولايات المتحدة الأمريكية.

يقول اقتصاديون: إنه بالنظر إلى الثقل التجاري العالمي لتكتل البريكس، قد وجد أن الصين تتصدر دول العالم بحصة تصديرية تبلغ من 15 إلى 20% من إجمالي الصادرات العالمية، وتأتي في المرتبة الثانية من حيث الاستيراد بحصة عالمية تجاوزت 11%، ولم يقتصر الثقل على الصين وحسب، فهناك روسيا -الثانية عالميًّا في تصدير الوقود- تأتي في الترتيب 15 عالميًّا من حيث الصادرات، فيما تحتل الهند المرتبة 21 على مستوى التصدير عالميًّا والـ 17 عالميًّا من حيث الاستيراد. (هيئة الاستعلامات).

طلبات الانضمام إلى تكتل البريكس.. ماذا يعني؟

لقد ارتفعت حصص وأسهم تجمع البريكس خلال العام الماضي رغم الظروف الدولية والتوتر العالمي، حيث قدمت عدة دول عربية، وهي: مصر والجزائر والسعودية والإمارات؛ بالإضافة إلى البحرين والكويت والمغرب وفلسطين، طلبات رسميًّا للانضمام إلى بريكس، من بين 23 دولة قامت بالخطوة نفسها، وفق ما أعلنته جنوب إفريقيا.

وفي تقديري: أن ذلك يدلل أو يؤكد على التغير النوعي في النظام المالي والدولي بشكلين مختلفين خلال المرحلة المقبلة في ظل التغيرات الحالية والمواءمات السياسية، كذلك هي محاولة لتقليل الهيمنة الأمريكية، ولا سيما مجموعة السبع على النظام التجاري الدولي.

والدول التي طلبت الانضمام إلى بريكس رسميًّا هي: مصر والجزائر والأرجنتين والبحرين وبنغلاديش وبيلاروسيا وبوليفيا وكوبا وإثيوبيا وهندوراس وإندونيسيا وإيران وكازاخستان والكويت والمغرب ونيجيريا، وفلسطين والسعودية والسنغال وتايلاند، والإمارات، وفنزويلا، وفيتنام .

أولى اجتماعات مجموعة “بريكس:

لقد بدأ التعاون العملي في إطار “بريك” في سبتمبر 2006، بمبادرة من الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، عُقد الاجتماع الأول لوزراء الخارجية بهذا الشكل على هامش دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك (أمريكا). وكانت نتائجه تأكيد المشاركين على اهتمامهم بتطوير تعاون رباعي متعدد الأوجه.

حيث عقدت أول قمة “بريك” واسعة النطاق بمبادرة من الجانب الروسي في 16 يونيو 2009 في يكاترينبورغ، وحضر القمة الرئيس الروسي، ديمتري ميدفيديف، والرئيس البرازيلي، لويس لولا دا سيلفا، ورئيس الوزراء الهندي، مانموهان سينغ، ورئيس جمهورية الصين الشعبية هو جينتاو، وعقب الاجتماع، تم تبني بيان مشترك للقادة. ويحدد أهداف أنشطة الجمعية: تطوير “حوار وتعاون متسق ونشط وعملي ومفتوح وشفاف” بين البلدان. (هيئة الاستعلامات).

واعتبارًا من 30 يناير خلال عام 2023، وافق بنك التنمية الوطني على 83 مشروعًا استثماريًّا يبلغ مجموعها أكثر من 30.1 مليار دولار، وأطلق البنك في مارس 2020 برنامج مساعدة بقيمة 10 مليارات دولار لمكافحة جائحة “كوفيد -19″ والتغلب على عواقبه الاجتماعية والاقتصادية، وفي عام 2018، تم افتتاح المركز الإقليمي الأفريقي لـ”NBR ”  في جنوب إفريقيا؛ في 2019 و2020 و2022، تم إنشاء هياكل مماثلة في البرازيل وروسيا والهند.

تطور لافت في تحركات مجموعة “بريكس”:

وقد بدأ بنك التنمية الوطني في توسيع تكوين المساهمين، أصبحت بنغلاديش والإمارات العربية المتحدة عضوين جديدين في البنك في عام 2022، ومصر في مارس 2023، وعند الانتهاء من الإجراءات المحلية ستصدر أوروغواي العضوية في البنك.

ويعزو خبراء إلى أن مجموعة “بريكس” قد تطورت بشكل كبير ولافت على مدى العقد الماضي، إلى شراكة إستراتيجية متعددة المجالات والتخصصات تقوم على ثلاث قضايا، وهي: السياسة والأمن، والاقتصاد والتمويل، والثقافة والعلاقات الإنسانية، وتُبنى العلاقات بين شركاء “بريكس” على أساس المساواة والاحترام المتبادل بين أعضاء المجموعة.

ولفت سياسيون، إلى أن الدول الأعضاء بالبريكس لهم تأثيرات قوية في النظام العالمي والمحافل الدولية الرسمية، مثل: الأمم المتحدة، مجموعة العشرين، منظمة التجارة العالمية، حركة عدم الانحياز، مجموعة الـ 77)، وكذلك الاتحادات الإقليمية مثل: رابطة الدول المستقلة، منظمة معاهدة الأمن الجماعي، الاتحاد الاقتصادي الأوروبي، منظمة شنغهاي للتعاون، منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ.

وأشار خبراء إلى أن أعضاء تجمع “بريكس” يتجهون خلال المرحلة المقبلة لاسيما بعد انضمام أعضاء جدد ومنهم مصر إلى إصلاح عاجل لمنظمة التجارة العالمية، وذلك من أجل الحفاظ على الدور المركزي للمنظمة، كذلك الأخذ في الاعتبار الحفاظ على مصالح جميع الأعضاء، بما في ذلك البلدان النامية.

وأشاد اقتصاديون، بما حدث في وثيقة قمة المجموعة في الصين عام 2022، لا سيما في محاولة تهيئة الظروف للمنافسة العادلة في التجارة الدولية والتعاون الاقتصادي والتحول من عالم أو نظام مالي أوحد إلى متعدد الأقطاب، لتعزيز مشاركة البلدان النامية في العمليات العالمية، ولدعم تنفيذ أجندة التنمية المستدامة لعام 2030 في مجالات الاقتصاد والتنمية المستدامة.

ما مميزات تأسيس بنك التنمية التابع لمجموعة البريكس؟

تأسس بنك التنمية الجديد عام 2015 برأس مال يبلغ 50 مليار دولار أمريكي المدفوع منه 20%، وهو ما يعادل 10 مليارات دولار أمريكي، من قبل دول تجمع البريكس الذي يضم الاقتصادات الناشئة الكبرى، وهي: البرازيل، وروسيا، والهند، والصين، وجنــوب إفريقيا، ويتخذ من مدينة شنغهاي بدولة الصين مقرًّا رئيسيًّا له، ودور هـذا البنك وتمثيلـه يعكسان أولويات الدول الناشئة والنامية. (هيئة الاستعلامات).

دعتّ دول التجمع إلى زيادة رأس المال من قِبَل الأعضاء الجدد بنحو 50 مليار دولار ليصل إجمالي رأس المال المكتب فيه إلى مليار دولار أمريكي، وذلك للعمل على دعم التنمية المستدامة وتعزيز التعاون والتكامل الإقليميين عبر الاستثمار في مجال البنية التحتية بشكل أساسي، والتي تشمل القطاعات الفرعية المختلفة في البنية التحتية، مثل: قطاعات الطاقة والنقل والمياه والاتصالات؛ بالإضافة إلى توسيع عملياته لتشمل قطاعي الصحة والبنية التحتية الاجتماعية وكذلك مجال الرقمنة الذي توسع بسبب الآثار الاقتصادية السلبية الناتجة عن جائحة 19 -COVID على الاقتصاد العالمي.

يستخدم بنك التنمية الجديد المعايير الوطنية لدول العمليات فقط، ويركز البنك على تنفيذ المشروعات المرتبطة بالأولويات التنموية الوطنية للدول الأعضاء، ومن المتوقع أن يتغير هذا مع التوسع التدريجي للعضوية ورغبة إدارة بنك التنمية الجديد، وأعضاء مجلس الإدارة في تبني المزيد من الإستراتيجيات الدولية، وبداية من عام 2022، شملت محفظة بنك التنمية الجديد 80 مشروعًا، بقيمة إجمالية وصلت إلى 30 مليار دولار أمريكي، ولا تزال العضوية ببنك التنمية الجديد مقصورة على دول تجمع البريكس، حيث اتبع البنك نهجًا بطيئًا في عملية توسيع عضويته بسبب الآراء المختلفة بين الدول الأعضاء حول كيفية إدارة عملية التوسع. (هيئة الاستعلامات).

قبول عضوية مصر:

وافق بنك التنمية الجديد على قبول مصر كعضو جديد، وتم الإعلان عن ذلك أثناء اجتماعات قمة قادة دول البريكس في ديسمبر 2021، وذلك بعد جولة من المفاوضات الرسمية الناجحة قام بها مجلس إدارة بنك التنمية الجديد مع الأعضاء المحتملين في أواخر عام 2020. وأُقرت مصر العضو الرابع الجديد، حيث تم قبول عضويتها ضمن التوسعة الأولـــى لنطاق انتشار البنك عالميًّا، وقد سبقتها، منذ سبتمبر 2021، كل من بنجلاديش، والإمارات العربية المتحدة وأوروجواي.

حصلت مصر على موافقة الدول الأعضاء بعد مفاوضات طويلة على تحديد حجم مساهمة مصر في رأس مال البنك، والأحكام والشروط المرتبطة بها، وأقر البنك بأنـه شاهد على علاقات مصر الممتازة مع جميع الأطراف، والتي تعززها المذكرة التي عممتها إدارة البنك فيما يتعلق بالأسس الاقتصادية القوية لمصر والدور المهم والإيجابي الذي ستلعبه في التوجه الإستراتيجي للبنك وعملياته.

قيمة مساهمة مصر بالبنك التابع لبريكس:

لقد وجه الرئيس السيسي، بأن يتم تحديد قيمة المساهمة المصرية في رأس مال بنك التنمية الجديد بالحد الأقصى المسموح به، ليعكس حجم الاقتصاد المصري والعمل على ضمان الحصول على القوة التصويتية الملائمة بمجلس الإدارة ووفقًا للقواعد والإجراءات المنظمة من قِبَل البنك لانضمام الدول الأعضاء الجدد.

ليتم تحديد قيمة المساهمة لكل دولة وفقًا لمعادلة تأخذ في الاعتبار متوسط الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد، والناتج المحلي الإجمالي على أساس تعادل القوة الشرائية، ويتم تحديد حدين أدنى وأقصى لكل دولة على حدة، ثم يتم الموافقة عليها من الدول الأعضاء، وافقت إدارة البنك على أن تكون قيمة المساهمة المصرية مقدرة بمبلغ 1.196 مليار دولار أمريكي المدفوع منه 20% إجمالي مبلغ قدره 239.2 مليون دولار أمريكي.

كما يتم السداد على سبعة أقساط سنوية وفقًا لجدول سداد مقرر من قبل البنك، وهي تمثل ضعف قيمة الحد الأدنى التي تقدر بمبلغ 119.6 مليون دولار أمريكي المقررة لمصر، وذلك أسوة بما تم مع دولة بنجلاديش مع استثناء مصر وإعطائهـا الحـق فـي زيادة قيمة مساهمتها خلال السنوات المقبلة. وتعد مساهمة مصر المقررة حاليًا هي أعلى قيمة مساهمة يمكن أن تمنح لدولة غير مؤسسة للبنك، وتمثل نحو 2.1 % من القوة التصويتية للبنك. (هيئة الاستعلامات).

شهادة ثقة في قدرة الاقتصاد المصري:

أرى ورغم ما يُعانيه الاقتصاد المصري من صعوبات جمَّة للغاية وتحديات كبيرة حيث وقوع مصر في إقليم مُشتعل محاطة بالأزمات، حيث ليبيا غربًا والسودان جنوبًا، والعدوان الصهيوني على فلسطين شرقًا؛ إلا أن قرار موافقة أعضاء مجموعة البريكس على انضمام مصر جاء في هذا التوقيت إليها بمثابة شهادة ثقة في قدرة الاقتصاد المصري نحو تجاوز التداعيات العالمية الراهنة.

وفي رأيي أيضًا: أنه يسهم في زيادة ثقة رأس المال الأجنبي سواء من دول أعضاء التكتل أو من خارجه، كما أرى أنه يؤكد على ثُقل مصر دوليًّا وإقليميًّا، كما يأتي في إطار تعزيز التعاون مع شركاء التنمية الدوليين، كذلك فهو يؤسس لشراكة قوية مرتقبة مع بنك التنمية الجديد الذي يمتلك قدرات تمويلية وخبرات دولية متقدمة قد يساعد مصر في تلبية احتياجاتها وتعظيم جهودها في تطوير البنية التحتية، وتنشيط الوضع الاقتصادي والإنتاج المحلي ومن ثم تقليل فاتورة الاستيراد الخارجي.

ما أوجه استفادة مصر من انضمامها إلى البريكس؟

من وجهة نظر أخرى: أرى أن هناك عدة استفادات للدولة المصري أو الاقتصاد المصري، ومنها: أن انضمام مصر للمجموعة سوف يسهم في زيادة معدلات الإنتاج والتصنيع المحلي من جهة، وزيادة الصادرات الصناعية والزراعية مع دول البريكس من جهة أخرى.

كما أن عضوية مصر في بنك التنمية التابع سوف يساعد في تعزيز اتفاق التبادل التجاري مع كافة الدول التي تتعامل تجاريًّا وصناعيًّا واقتصاديًّا مع أعضاء مجموعة البريكس، وبالتالي خلق سوق مشتركة لترويج السلع والمنتجات المصرية في ظل التوازنات المرتقبة التي تصنع على المستوى الدولي والإقليمي، بجانب تجمع الكوميسا، ما يدعم استمرار الرؤية الاستراتيجية بشأن تنويع جديد للعلاقات الدولية التجارية.

أبرز العوائد والمميزات على الاقتصاد المصري:

ويرى اقتصاديون: أن هذا التكتل للدول الأعضاء يوجد نوعًا من التوازن والتبادل التجاري السريع لإنعاش اقتصاداتها؛ فضلًا عن تكوين احتياطيات لمعالجة مشكلة السيولة، وكيفية مواجهة الأزمات العالمية من خلال اقتصاديات الدول الأعضاء التي تعتبر الأكثر والأسرع نموًّا في العالم، وهناك بعد سياسي من هذا التحالف، ويتعلق بفكرة تكوين نموذج اقتصادي جديد متعدد الأقطاب في محاولة تكوين إستراتيجية اقتصادية جديدة متعددة الأقطاب بدلًا من القطب الواحد. (سكاى نيوز).

– استفادة مصر من أنشطة البنك: بحسب اقتصاديين؛ فإن مصر سوف تستفيد من المجالات التي تدخل في أنشطة البنك المتعددة، وفي مقدمتها: دعم التنمية المستدامة وتعزيز التعاون والتكامل الإقليميين عبر الاستثمار في مجال البنية التحتية بشكل أساسي، والتي تشمل القطاعات الفرعية المختلفة في البنية التحتية مثل: الطاقة، والنقل، والمياه، والاتصالات؛ فضلًا عن أن عمليات البنك تشمل قطاعي الصحة والبنية التحتية الاجتماعية، ويمتد نشاط البنك إلى مجال الرقمنة بسبب الآثار الاقتصادية السلبية الناتجة عن جائحة كورونا (كوفيد 19) على الاقتصاد العالمي.

– تنوع الخيارات الاقتصادية أمام مصر: كما أن القدرات الاقتصادية لدول المجموعة، سوف تلعب دورًا متزايدًا فى التأثير على الاقتصاد العالمي، وبالتالي تشكيل إستراتيجية اقتصادية جديدة متعددة الأقطاب يعد بمثابة مساعدة للاقتصاد المصري، وبالتالي انضمام مصر للتجمع بمثابة تنوع الخيارات أمام القاهرة والتخفيف من تعرضها لأي شكل من أشكال الضغوط الاقتصادية.

– يخفِّض الطلب على الدولار: تعمل دول “بريكس” على تشكيل أنظمة دفع بديلة وإنشاء عملة رقمية مشتركة وعملة احتياطية للتجارة العالمية من المحتمل أن تكون مدعومة بالذهب؛ إذ تعمل على التطوير التدريجي لنظام مالي بعيدًا عن الدولار الأمريكي، والتوسع في استخدام العملات المحلية في التبادل التجاري، وبما يحقق التعاون المربح للجانبين؛ خاصة وأن مصر تعاني من أزمة دولار نتيجة الفجوة بين الطلب على العملة الصعبة والمعروض منها. وبالتالي سيخفف انخفاض الطلب على الدولار من حدة أزمة النقد الأجنبي ويقلل الفجوة التمويلية في مصر.

– تعزيز الدور المصري: يرى خبراء أن استفادة مصر تكمن أيضًا في تعزيز دور مصر في العالم وإفريقيا، وسيؤدي انضمام مصر إلى تعزيز دورها المهم والمؤثر في إفريقيا، من خلال الاتفاقيات التجارية فيما بينها، وستتمكن من الاستفادة من الاتفاقيات التجارية، مثل: السوق المشتركة للجنوب (ميركوسور)، لتصبح مركزًا يربط إفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية.

دليل على عمق العلاقات الجيدة بين مصر ودول التكتل:

أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء المصري، في وقت سابق، بيانًا ألقى الضوء فيه على قمة “بريكس” والفوائد المحتملة لمصر من عضوية المجموعة. وقال مركز المعلومات: إن انضمام مصر لـ”بريكس”، يعد تأكيدًا على متانة العلاقات الاقتصادية والسياسية الجيدة بين مصر ودول التكتل، وعلى مكانتها الاقتصادية والجيوسياسية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. (سكاي نيوز).

وأضاف: أن التقارب مع مجموعة “بريكس” يساعد في “الترويج للإصلاحات التي شهدتها البيئة المصرية الاقتصادية والاستثمارية في السنوات الأخيرة، بالصورة التي ترفع من فرص مصر لجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية.

الرئيس المصري يثمن دعوة مصر للانضمام إلى “بريكس”:

لقد ثمَّن الرئيس عبد الفتاح السيسي في بيان اليوم صدر عن مؤسسة الرئاسة المصرية، عن ترحيبه بدعوة بلاده للانضمام إلى عضوية مجموعة بريكس اعتبارًا من يناير المقبل. وقال الرئيس: “أثمن إعلان مجموعة بريكس دعوة مصر للانضمام لعضويتها اعتبارًا من يناير 2024”.

وأضاف السيسي: “نتطلع للتعاون والتنسيق مع مجموعة بريكس خلال الفترة المقبلة” لتحقيق أهداف تدعيم التعاون الاقتصادي.

وقال مركز معلومات مجلس الوزراء: إن “استهداف التكتل تقليل التعاملات البينية بالدولار الأمريكي سيخفف من الضغط على النقد الأجنبي في مصر الذي يمثل الدولار الحصة الكبرى منه، وهو ما يصب في صالح تحسين عدد من المؤشرات الاقتصادية المحلية”.

وأضاف: إن “وجود مصر كدولة عضو ببنك التنمية التابع لتكتل البريكس سيمنح فرصًا للحصول على تمويلات ميسرة لمشروعاتها التنموية؛ بالإضافة إلى أن وجودها داخل التكتل يعني استفادتها من ثمار نجاح مستهدفاته التي تقترب من التحقق، فيما يخص خلق نظام عالمي يمنح مزيدًا من الثقل للدول النامية والناشئة”. (سكاي نيوز).

ما أهداف منظمة بريكس؟

يرى مختصون في التمويل والاستثمار، أن انضمام مصر لبريكس، بمثابة طوق نجاة من العديد من المشكلات التي كانت تواجهها خلال الفترة الماضية وذهابها إلى جهة أكثر نشاطًا كدول البريكس بما لديها من تعاملات اقتصادية وتجارية كبيرة؛ ما يجعلها تجد منفذًا لتخفيف هذه المشكلات التي تعانيها، ومنها: تدبير العملات الأجنبية خاصًة الدولار.

أوضح المختصون: أن انضمام مصر لبريكس يتيح لها فرصة التبادل التجاري مع دول كبرى، مثل: الصين والهند، وروسيا والبرازيل بعملاتها المحلية؛ ما يقلل الضغط عليها.

وأشار المختصون إلى أن انضمام مصر لبريكس يأتي في ظل البحث عن بدائل للدولار، مثل العديد من دول العالم التي يواجهها تحدٍ فيما يتعلق بـ الدولار. مُردفين “مصر لديها سياسة وإستراتيجية واضحة، وكان من غير المنطقي ألا تضم قمة البريكس 2023 التي ستقود الاقتصاد العالمي الدولة المصرية، أو أن تتخلف عن التواجد في هذا التجمع الاقتصادي.

مشروع العملة المشتركة:

اقتصاديون يرون: أن توجه تجمع بريكس إلى إنشاء عملة مشتركة سيكون له أهمية بالغة في التخفيف عن البنوك المركزية للدول الأعضاء في توفير الدولار، وبالتالي من الملفات المهمة التي ناقشتها قمة بريكس خلال 2023 هو مشروع العملة المشتركة، حيث يسعى تكتل بريكس إلى إحياء فكرة تقليص هيمنة الدولار على مدفوعات التجارة العالمية، ويقترح أعضاء مجموعة بريكس زيادة استخدام العملات المحلية في التجارة البينية وإنشاء نظام دفع مشترك. (المصري اليوم).

وقد شارك ممثلون عن مصر في اجتماع أصدقاء بريكس، الذي انعقد في مدينة كيب تاون بجنوب إفريقيا، في يونيو الماضي 2023، والذي حضره وزراء خارجية عدة دول بينها السعودية والإمارات وإيران، إلى جانب وزراء خارجية دول بريكس الخمس.

ويرى اقتصاديون: أن قبول مصر لمجموعة “البريكس” يعد نقلة كبيرة في مجالات عدة “استثمارات تجارية، فتح أسواق، زيادة الصادرات، خصوصًا أن مصر تتميز بعدة نقاط قوة؛ إذ تحتل موقعًا جيواستراتيجيًّا، ومنفتحة على البحرين الأبيض والأحمر، وتربط بينهما قناة السويس المهمة للتجارة العالمية، ولديها سوق واسع يضم أكثر من 100 مليون مستهلك، وتحتضن القاهرة مقر الجامعة العربية. (عالم المال).

وعزا خبراء في الوقت نفسه، أن التكتل يعد مناوئًا لمجموعة السبع، يضم كبريات الدول على مستوى العالم اقتصاديًّا وعندما تنضم مصر لهذا الكيان يعد نقلة اقتصادية كبيرة؛ خاصة أن هناك دولًا كبيرة أيضًا طالبت بالانضمام إلى مجموعة “البريكس”، مثل: السعودية وإيران والجزائر لافتًا إلى أن هذا التكتل لا يقبل إلا الدول القوية التي تساهم في تقدم التكتل والنهوض به إلى أعلى، وليس دولًا تؤدي إلى التراجع من الناحية الاقتصادية.

وعدَّد الخبراء بعض المميزات ومنها زيادة فرص الاستثمارات خاصة مع دول التكل الصين، الهند، البرازيل؛ خاصة أن هذا الكيان يمثل فوق 36% من اقتصاد العالم، ويمثل سكان هذه الدول 40% من سكان العالم، لافتين إلى أن مصر تتطلع منذ سنوات للانضمام إلى مجموعة بريكس.

يضيف الخبراء: أن دول التكتل تنتج أكثر من 30% من السلع والخدمات على مستوى العالم، ويساهم البريكس بأكثر 31.5% من معدلات النمو للاقتصاد العالمي.

هل تكتل بريكس يستفيد من مصر؟

في المقابل يرى مختصون: أن “البريكس” سوف يستفيد أيضًا من وجود مصر في عضويته، حيث إن مصر تعتبر بوابة لإفريقيا من حيث نفاذ وتوجيه السلع والخدمات الخاصة بهم، وتصدير لباقي دول القارة للاستفادة من السوق الإفريقي، استغلالًا لموقع مصر الجغرافي والمقومات التي تمتلكها.

يضيف المختصون: هناك استفادة كبيرة من انضمام مصر لـ “بريكس” ومنه -على سبيل المثال- التعامل بالعملات المحلية أو بعملات غير الدولار، وهذا جزء تحتاج إليه الدولة المصرية؛ نظرًا لمشكلة النقد الأجنبي وأزمة الدولار التي تشهدها البلاد في الفترة الأخيرة، وبالتالي تنويع سلة العملات الأجنبية، خصوصًا أن مصر أصبحت عضوًا في بنك التنمية التابع لبريكس. (عالم المال).

الخلاصة:

– نستخلص من هذا التقرير: أن انضمام مصر لتكتل البريكس هو أولى الخطوات نحو التحرر من الدولار، وتقليل الاعتماد عليه؛ لأنه سبب رئيس في أزمة الاقتصاد، وأي دولة أخرى تعاني حاليًا في ظل الظروف الدولية والتوترات الإقليمية.

– كما ستستفيد مصر من التوسع في الشراكة والعلاقات التجارية والاقتصادية مع دول أعضاء المجموعة، وبالتالي زيادة حجم الصادرات الذي يساهم في توفير العملة الصعبة، وكذلك التعامل بالعملات الوطنية في عمليات الاستيراد.

– لا شك أن انضمام دول أخرى ومنهم مصر إلى تجمع البريكس سيكون إضافة دولية كبيرة نحو “نظام مالي” مُتعدد الأقطاب، ويقلل من الهيمنة الأمريكية والغربية على حجم التجارة والاقتصاد العالمي، لا سيما أن دول التكتل من الاقتصادات القوية، وعلى رأسهم: الصين، وروسيا، والبرازيل، والهند.

– بالطبع، إن تكتل البريكس ورغم أزمة الاقتصاد المصري؛ إلا أنه يعلم مدى الاستفادة من عضوية مصر للتكتل؛ لأنها البوابة بين إفريقيا وآسيا، ومِن ثَمَّ إلى أوروبا، مما يساعد في زيادة توجيه السلع والخدمات الخاصة بالدول الأعضاء، وأيضًا تصدير منتجاتهم إلى باقي دول القارة الإفريقية عبر الدولة المصرية واستغلال لموقعها الجغرافي والإستراتيجي.

– إن مصر بها أهم ممر ملاحي دولي، يربط بين البحرين الأحمر والمتوسط عبر قناة السويس المهمة للتجارة العالمية، كما أن مصر بها سوق يضم قرابة 110 مليون مستهلك، وهو أمر مهم بالنسبة لهذه الدول، خصوصًا أن التوتر في البحر الأحمر بسبب تصرفات الاحتلال الصهيوني، قد أحدث انزعاجًا كبيرًا للغرب وواشنطن، لا سيما في مرور بعض السفن صوب الرجاء الصالح المُكلَّف في الوقت والجهد والمال.

– ورغم الظروف الاقتصادية بالغة الصعوبة؛ إلا أنها تُعد شهادة ثقة في قدرة الاقتصاد المصري على التعافي مع إعادة النظر من قِبل الحكومة في السياسة المالية وتشجيع الإنتاج المحلي.

– أضف إلى ذلك: إنشاء “عملة مشتركة” لدول البريكس سيكون له تبعات أو إيجابيات جيدة على الاقتصاد، وأهمية كبيرة في التخفيف عن البنوك المركزية للدول الأعضاء التي تعاني أزمة توفير الدولار، ومنها: مصر، وروسيا.

– بالأخير: سياسيًّا وليس اقتصاديًّا فحسب؛ أرى أن قبول عضوية مصر في تكتل البريكس له دلالات مهمة، ومنها: زيادة ثقل مصر الدولي والإقليمي، ولعب دورًا أكثر صرامة دوليًّا وإقليميًّا، كما يُعد إضافة كبيرة لمصر ولموقعها الجغرافي والإستراتيجي والجيوسياسيًّا أمام الدول الأعضاء بالمجموعة، وأيضًا أمام القوى الكبرى.

المصادر:

سكاي نيوز.

– الهيئة العامة للاستعلامات.

– المصري اليوم.

– عالم المال.

التعليقات مغلقة.