fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

قراءة حول القمة الأمريكية الصينية وأبرز النِّقَاط الخلافية والقضايا العالقة بين أكبر اقتصاديين في العالم

52

قراءة حول القمة الأمريكية الصينية وأبرز النِّقَاط الخلافية والقضايا العالقة بين أكبر اقتصاديين في العالم

توجهت أنظار العالم إلى القمة الأمريكية الصينية التي عقدت في منتصف نوفمبر الماضي، حيث زار الرئيس الصيني شي جين بينغ، الولايات المتحدة في الفترة من 14 إلى 17 نوفمبر، وذلك للمرة الأولى منذ العام 2017، وقد عقدت القمة الصينية الأمريكية في سان فرانسيسكو يوم 15 من نوفمبر الماضي، وقد عُول الكثيرون من المراقبين على هذه القمة لمعالجة العلاقات المتوترة بين أكبر اقتصاديين في العالم، في حين رأى البعض الآخر أن القمة لن تحقق الكثير.

حيث شهدت العلاقات الأمريكية الصينية خلال العقد الأخير العديد من الصدامات الاقتصادية، والحرب التجارية، والتنافس والشد والجذب، والصراع التكنولوجي بين الجانبين، بما يمكن وصفة بالحرب الباردة الجديدة، خصوصًا مع إدارة دونالد ترامب السابقة، وزيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي إلى تايوان عام 2022م، والإجراءات الأمريكية ضد شركات التكنولوجيا الصينية.

فإلى أي حد وصل التنافس الصيني الأمريكي؟ وهل تستطيع الولايات المتحدة والدول الغربية الانفصال الاقتصادي عن الصين؟ وما أبرز نتائج القمة الأمريكية الصينية الأخيرة؟

يركز موقع “رواق” للأبحاث والرؤى والدراسات في هذا التقرير عبر تحليلاته، على بعض النِّقَاط المهمة حول القمة الأمريكية الصينية الأخيرة ومحاولات تهدئة حدة التنافس بين الجانبين، في هذه السطور الآتية.

الحرب الباردة الجديدة بين الولايات المتحدة والصين:

استخدم العديد من السياسيين والمراقبين مصطلح “الحرب الباردة الجديدة”، لوصف طبيعة العلاقات الأمريكية الصينية خلال العقد الأخير، التي تشهد عدة تصادمات اقتصادية، وتجارية، ومحاولات توسعة نفوذ كلٍّ منهما.

حيث خاض البَلَدَان حربًا تجارية مع وصول الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، تبعتها تهديد دونالد ترامب بالانفصال الاقتصادي عن الصين، وفرض عقوبات اقتصادية على شركة هواوي الصينية؛ ومع وصول الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن إلى البيت الأبيض، طورت الولايات المتحدة الأمريكية من سياساتها العدائية اتجاه الصين عبر إنشائها لتحالف أوكوس، وتحالف “الإطار الاقتصادي للازدهار في منطقة المحيطين: الهندي والهادئ”.

إلى جانب محاولات الولايات المتحدة الأمريكية إنشاء حلف عسكري شبيه بمنظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ليكون امتدادًا لنفوذ الولايات المتحدة في منطقة المحيطين: الهادي والهندي، لمواجهة نفوذ الصين الصاعد بشكل كبير.

الصراع التكنولوجي بين الولايات المتحدة والصين:

شهدت قطاعات التكنولوجيا بالصين والولايات المتحدة الأمريكية، ضربات متتالية خلال السنوات الأخيرة، نتيجة لزيادة حدة التنافس والصراع بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، فقد بدأ الصراع التكنولوجي بين الجانبين كجزء من الحرب التجارية التي بدأت مع مجيء الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، ثم امتدت وشملت كبرى شركات التكنولوجيا وصناعة الرقائق وأشباه الموصلات الصينية.

ومع تصاعد قوة الصين الاقتصادية وتفوق بعض الشركات التكنولوجية الصينية على نظيرتها الأمريكية، بدأت الولايات المتحدة الأمريكية في اتخاذ إجراءات وفرض قيود وعقوبات على الشركات التكنولوجية الصينية، وذلك بهدف الحد من طموح بكين.

وقد تسبب الصراع التكنولوجي بين الشركات الأمريكية والصينية إلى اتخاذ واشنطن تدابير للحد من تصدير منتجات التكنولوجيا الفائقة إلى الصين، وفرض عقوبات أمريكية على شركات التكنولوجيا الصينية، وهو ما انعكس سلبًا على كبرى شركات التكنولوجيا الصينية، حيث أجبرت القيود الأميركية المرتبطة بالرقائق الإلكترونية المتطورة، كبرى شركات التكنولوجيا الصينية على إعادة النظر في مشاريعها الطموحة في مجال الذكاء الاصطناعي. (سكاي نيوز عربية).

وترى واشنطن في ضوابط التصدير التي تضعها إجراءً يتعلق بالأمن القومي ويهدف إلى منع وصول الصين إلى رقائق متطورة مطلوبة لتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي؛ بالإضافة إلى الأسلحة المتطورة مثل الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، والطائرات المقاتلة من نوع “الشبح”؛ لذلك ومن وجهه النظر الأمريكية فإن جميع الإجراءات الأمريكية المتعلقة بفرض قيود وعقوبات على شركات التكنولوجيا الصينية، تأتي ضمن سياسات الأمن القومي الأمريكي.

لكن بكين ترفض هذه الإجراءات، وقد حذر الرئيس الصيني شي جين بينغ نظيره الأميركي جو بايدن في وقت سابق من هذا العام أن مثل هذه التصرفات “تضر بشكل خطير بالمصالح المشروعة للصين وقواعد التنافس الحرة”. (سكاي نيوز عربية).

وتم تعزيز القيود على الرقائق في 17 أكتوبر الماضي بهدف سد ثغرات سمحت لشركات صينية بالحصول على رقائق تكنولوجية متطورة، وتستهدف القيود الآن أيضًا الحوسبة السحابية لمنع الشركات الصينية من الوصول إلى رقائق الذكاء الاصطناعي الفائقة من أماكن أخرى.

ويمكن اعتبار عام 2022 نقطة أساسية في تاريخ التنافس التكنولوجي بين الصين والولايات المتحدة، ففي أغسطس من ذلك العام، اعتمدت واشنطن قانون “الرقائق والعلوم” الذي إلى جانب دعمه للشركات الأمريكية بميزانية تقترب من 53 مليار دولار، يحظر على تلك الشركات الأمريكية التوسع داخل الصين. (مركز الإمارات للسياسات).

وبالتزامن وسَّعت واشنطن أيضًا “قائمة الكيانات”، وحظرت بيع مُعِدَّات تصميم الرقائق المتطورة للشركات الصينية، وترى واشنطن صناعةَ الرقائق التكنولوجية وسيلةً لتحقيق غاية صينية، وهي التنافس الرقمي والتحول إلى قوة عظمى في مجال الذكاء الاصطناعي، وهذا يفسر استهداف واشنطن لهذين القطاعين خصوصًا في الصين.

وكان وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن قد عبر في خطاب في 17 من أكتوبر 2022م قائلًا: “نحن عند نقطة انعطاف… لقد وصل عالم ما بعد الحرب الباردة إلى نهايته، وهناك منافسة شديدة جارية لتشكيل ما سيأتي بعد ذلك، وتكمن التكنولوجيا في قلب هذه المنافسة”.

الصراع الاقتصادي بين الولايات المتحدة والصين:

على مدى السنوات ال 20 الماضية، كانت الشركات الأمريكية العملاقة مثل آبل وستاربكس ونايكي وبوينغ وديزني، وجنرال موتورز، وماكدونالدز، ووول مارت في سباق لزيادة حصتها في السوق الصينية.

وقد أدى تعزيز الاقتصاد الصيني الذي عمل في البداية على توفير إنتاج رخيص للمنتجات المستهلكة في أمريكا وأوروبا، إلى زيادة الاستثمارات المباشرة لهذه الشركات في الصين إلى أبعاد هائلة ما حقق قفزة هائلة في الاقتصاد الصيني خلال سنوات قليلة.

وهو ما رأت فيه الولايات المتحدة تهديدًا لمكانتها الاقتصادية ودفع متخذي القرار بالبيت الأبيض إلى مواصلة القتال بشراسة مع الصين، وهذا يظهر لنا أيضًا مدى اعتماد اقتصادات البلدين على بعضهما البعض؛ حيث إن أكبر مساهم في الصعود الاقتصادي الهائل للصين في السنوات العشر الأخيرة، كان في الواقع هي الشركات الأمريكية التي اكتشفت الطاقة الإنتاجية الرخيصة في هذا البلد.

في تسعينيات القرن العشرين، بمساعدة ثورة الإنترنت، أصبحت المسافات ضئيلة تقريبًا في الاقتصاد العالمي المعولم بسرعة، مما جعل من السهل نقل الإنتاج إلى البلدان البعيدة، بينما كانت الشركات الأمريكية تنتج في دول مثل الصين وتايوان وكوريا لسنوات عدّة، فقد اكتشفوا أن هذه البلدان هي أيضًا أسواق مهمة لتصريف الإنتاج الاقتصادي الضخم.

وقد أدت زيادة استثمارات الشركات الأمريكية في السوق الصينية إلى أبعاد هائلة خلال مرحلة التسعينيات من القرن الماضي، فعلى سبيل المثال: تمتلك ستاربكس حوالي 16,000 موقع في الولايات المتحدة، في حين وصل هذا العدد إلى 6,500 في الصين، وتمتلك شركة آبل التي تعتمد على سلسلة التوريد في الصين لإنتاج أجهزة آيفون وآيباد بفضل اتفاقها مع فوكسكون، نحو 50 متجرًا في الصين مقابل نحو 270 متجرًا في الولايات المتحدة. (مركز سيتا).

وهو ما يظهر بوضوح: أن الشركات الأمريكية الكبرى لديها استثمارات وأصول وحصص كبرى داخل السوق الصينية في ميزانياتها العمومية، وتدريجيًّا نمى الاقتصاد الصيني واقتصادات شرق آسيا نموًّا سريعًا، وظهر ثقل اقتصادي عالمي في منطقة شرق آسيا خلال العقدين الأخيرين؛ كانت الصين محور هذا الثقل الجديد.

الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين:

بدأت الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين مع إعلان الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب في 22 من مارس عام 2018م، عن نيته فرض رسوم جمركية تبلغ 50 مليار دولار على السلع الصينية، وكرد انتقامي من الحكومة الصينية، فُرضت رسوم جمركية على أكثر من 128 منتجًا أمريكيًّا.

وخاضت الولايات المتحدة والصين معركة تجارية مريرة، ففي العام 2018م، تبادل أكبر اقتصادين في العالم فرض رسوم جمركية على بضائع بعضهما البعض تصل قيمتها إلى مئات مليارات الدولارات.

وتهدف سياسة تعريفات الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب الجمركية إلى تشجيع المستهلكين على شراء البضائع الأمريكية، من خلال جعل السلع المستوردة أغلى ثمنًا.

حتى أغسطس 2019م، فرضت الولايات المتحدة رسومًا جمركية على نحو 250 مليار دولار من البضائع الصينية، وقد ردت الصين بفرض رسومٍ على 110 مليارات دولار من المنتجات الأمريكية، وقدمت واشنطن ثلاث جولات من التعريفات الجمركية العام 2018م، إذ فرضت رسومًا تصل إلى 25% من قيمة السلع، على عدد من المنتجات الصينية، من الحقائب اليدوية إلى مُعِدَّات السكك الحديدية، وردت بكين بتعريفات جمركية تتراوح بين 5% – 25% على السلع الأمريكية بما في ذلك المواد الكيميائية والفحم والمعدات الطبية. (بي بي سي عربية).

وفي 22 فبراير 2021، دعا وزير الخارجية الصيني وانغ يي الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن إلى رفع القيود المتعددة التي فرضها دونالد ترامب. وحث إدارة بايدن على رفع العقوبات المفروضة على التجارة والاتصال بين الناس، في حين طالبها بوقف التدخل في الشؤون الداخلية للصين.

ومع زيادة حده التنافس بين الصين والولايات المتحدة فيمَا يعرف بالحرب الباردة الجديدة، طرحت قضية الانفصال الاقتصادي التام بين الولايات المتحدة والصين، فعلى مدار التاريخ السياسي الاقتصادي لم يسبق أبدًا لدول ذات أنظمة سياسية واقتصادية مختلفة جذريًّا مثل الولايات المتحدة والصين التكامل الاقتصادي.

ففي ظل الصراع الأمريكي السوفيتي عقب الحرب العالمية الثانية لم تكن هناك علاقات تجارية وشراكات اقتصادية كبرى وحقيقية تجمع بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي كالعلاقات الاقتصادية التجارية بين الولايات المتحدة والصين.

وعندما رحُب بالصين في المجتمع الدَّوْليّ في أواخر تسعينيات القرن العشرين، كانت الصين لا تزل دولة نامية، كان ناتجها المحلى الإجمالي نحو عشر الناتج المحلى الإجمالي للولايات المتحدة، وفى عام 1999، كانت لا تزل واحدة من أفقر دول العالم للفرد، مرتبة بين سريلانكا وغيانا. كان قادة الولايات المتحدة من مختلف الأطياف السياسية واثقين بأنه بواسطة تشجيع اندماج الصين في الاقتصاد العالمي، يمكنهم ضمان أن تصبح الصين مشاركة في بناء نظام عالمي تقوده الولايات المتحدة. (مجلة السياسة الدولية).

وتحدث الرئيس الأمريكي بيل كلينتون نيابة عن الكثيرين عندما أعلن أن انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية كان “أكثر من مصالحنا الاقتصادية؛ بل كان أكثر من مجرد مصالحنا الاقتصادية، من الواضح أنه يصب في مصلحتنا الوطنية الأكبر”.

دعوات الانفصال الاقتصادي بين الصين والولايات المتحدة:

ومع تزايد قوة الصين اقتصاديًّا وعسكريًّا، وظهورها كثقل موازٍ للولايات المتحدة الأمريكية خلال العقدين الأخيرين، ظهرت أصوات في الولايات المتحدة داعية للانفصال الاقتصادي التام بين الولايات المتحدة والصين.

والمشكلة الأساسية من وجهه نظر الساسة الأمريكيين هي أن اقتصاد السوق الحرة في الولايات المتحدة لا يتوافق مع اقتصاد تسيطر عليه الدولة الصينية، الحرية والديمقراطية في الولايات المتحدة تتناقضان مع ما تراه الولايات المتحدة استبداد الحزب الشيوعي الصيني؛ ولذلك يرى البعض في الولايات المتحدة أن على واشنطن أن تنفصل عن الصين، وإلا فإنها ستتراجع أمام الصين اقتصاديًّا بشكل لا رجعة فيه.

وفي يوليو الماضي زارت وزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين، الصين في زيارة استمرت 4 أيام والتقت خلالها محافظ المصرف المركزي الصيني، يي غانغ، وكبير مسؤولي الاقتصاد في الصين سابقًا، ليو خه، لإجراء محادثات غير رسمية بشأن الاقتصادين: الأميركي والصيني، والوضع الاقتصادي العالمي. (العربية).

وجددت وزيرة الخزانة الأمريكية تحذيراتها من أن انفصال اقتصاديي الصين وأميركا سيكون كارثيًّا على البلدين والعالم، وذلك بسبب ما يجمع البلدين من شراكات اقتصادية وتبادلات تجارية، إضافة إلى حصص الشركات الأمريكية داخل السوق الصينية.

ولفتت إلى أن المحادثات في بكين تضع العلاقات على أسس أكثر أمانًا، خصوصًا أنها اجتمعت مع كبار المسؤولين الحكوميين هناك، وصرحت بأن تلك المحادثات شكلت خطوة إلى الأمام في جهود البلدين لوضع العَلاقة بين الولايات المتحدة والصين على أسس أكثر صلابة، متوقعة أن تساعد هذه الرحلة في بناء قناة مرنة ومثمرة للتواصل مع الفريق الاقتصادي الصيني الجديد، كذلك رأت أن القيود التجارية لا تهدف إلى اكتساب الولايات المتحدة “مِيزة اقتصادية” على الصين.

أتى كلام الوزيرة بعد تصريحات سابقة لها أمام ممثلي شركات أميركية في الصين، حول أن فك الارتباط بين أكبر اقتصاديين في العالم “عمليًّا مستحيل”، وقالت يلين حينها: إن بلادها تسعى للتنوع وليس للفصل، موضحة أن فك الارتباط بين أكبر اقتصاديين في العالم سيؤدي إلى زعزعة الاقتصاد العالمي، ودعت الوزيرة الأميركية إلى إجراء إصلاحات للسوق في ثاني أكبر اقتصاد في العالم، منوهة إلى أن الولايات المتحدة وحلفاءها سيقاومون ما وصفتها “بممارسات اقتصادية غير عادلة” للصين.

العلاقات الأمريكية مع تايوان:

في عام 1979م اعترفت الولايات المتحدة رسميًّا بحكومة جمهورية الصين الشعبية على أنها الحكومة الشرعية الوحيدة للصين، واعترفت بذلك بالموقف الصيني المتمثل بوجود صين واحدة وأن تايوان جزء من الصين.

أصبحت العلاقات بين تايوان والولايات المتحدة غير رسمية وعشوائية، وذلك بعد أن أقامت الولايات المتحدة العلاقات الدبلوماسية مع حكومة بكين، في ظل حكم الحزب الشيوعي الصيني في عام 1979، حكم العلاقات غير الرسمية بين البلدين القانون الأمريكي للعلاقات مع تايوان حتى 16 مارس عام 2018، الذي يسمح للولايات المتحدة بإقامة علاقات مع شعب تايوان وحكومتهم، الذين لم يُحدد القانون الأمريكي اسمهم رسميًّا. (بي بي سي عربية).

استندت العلاقات بين الولايات المتحدة وتايوان بشكل غير رسمي إلى الضمانات الست ردًّا على البيان الثالث حول إقامة العلاقات بين الولايات المتحدة وجمهورية الصين الشعبية.

تحولت العلاقات بين الولايات المتحدة وتايوان منذ ذلك الحين إلى أساس رسمي وعالي المستوى؛ وذلك بعد إقرار الكونغرس الأمريكي لقانون السفر التايواني في 16 مارس عام 2018. وقع الجانبان منذ ذلك الحين اتفاقية قنصلية تضفي الطابع الرسمي على العلاقات القنصلية القائمة بينهما في 13 سبتمبر عام 2019، أزالت الولايات المتحدة القيود المفروضة ذاتيًّا على اتصالات الفرع التنفيذي مع تايوان في 9 يناير عام 2021.

تُعد سياسة الغموض المتعمد للسياسة الخارجية للولايات المتحدة تجاه تايوان مهمة لتحقيق الاستقرار في العلاقات عبر مضيق تايوان، ولمساعدة تايوان في مواجهة غزو جمهورية الصين الشعبية إن أمكن وذلك حَسَبَ وجهه النظر الأمريكية والتايوانية في حين أن سياسة الوضوح الإستراتيجي بشأن تايوان من المرجح أن تؤدي إلى معارضة جمهورية الصين الشعبية وتحديات للشرعية الأمريكية في شرق آسيا أو ما وراءها.

ما تزال الولايات المتحدة المزود الرئيس للأسلحة إلى تايوان التي غالبًا ما تكون مصدر توتر مع جمهورية الصين الشعبية، وذلك وفقًا لما نص عليه قانون العلاقات مع تايوان. تملك الدولتان مكاتب تمثيلية تعمل كسفارات فعلية، يمثل تايوان مكتب تايبيه الاقتصادي والثقافي في الولايات المتحدة، ويمثل الولايات المتحدة المعهد الأمريكي في تايوان.

كما تُعد سياسة الغموض المتعمد للسياسة الخارجية للولايات المتحدة تجاه تايوان أكبر النِّقَاط الخلافية بين واشنطن وبكين، فالزيارات المتبادلة بين المسئولين الأمريكيين والتايوانيين، إضافة إلى مبيعات الأسلحة الأمريكية إلى تايوان تفاقم الخلافات بين واشنطن وبكين.

تحالفات شرق آسيا العسكرية:

في 15 من سبتمبر 2021م أعلنت كل من أستراليَا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة عن إنشاء تحالف أوكوس، وهو تحالف دفاعي وأمني طويل المدى، يهدف إلى مواجهة التوسع العسكري الصيني في منطقة المحيطين: الهندي والهادئ.

وردت الصين بغضب متوقع على الإعلان الرسمي عما يسمى باتفاق أوكوس، الذي ستقدم بموجبه الولايات المتحدة وبريطانيا غواصات نووية بتكنولوجيا متقدمة إلى أستراليَا، وهو ما اعتبرته بكين تهديدًا مباشرًا لها، وتتهم الصين هذا التحالف الثلاثي بعدة اتهامات منها، “السير في طريق خطير” و”تجاهل مخاوف المجتمع الدَّوْليّ” حتى “المخاطرة بسباق تسلح وانتشار نووي جديد”. (بي بي سي عربية).

وحذر وزير الدفاع الصيني “لي شانغ فو” من إقامة تحالفات عسكرية “شبيهة بحلف شمال الأطلسي” في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، واعتبر المسؤول الصيني أن إقامة مثل هذه التحالفات العسكرية سيغرق منطقة آسيا والمحيط الهادئ في “زوبعة” من الصراعات.

نتائج القمة الأمريكية الصينية في سان فرانسيسكو:

خرج الرئيس الأمريكي جو بايدن، في 15 من نوفمبر الماضي، من محادثات استمرت أربع ساعات مع الزعيم الصيني شي جين بينج، واثقًا من أن العلاقات الأمريكية الصينية المتوترة آخذةً في التحسن، مروجًا لاتفاقيات مع نظيرة الصيني بشأن الحد من إنتاج مخدر “الفنتانيل القاتل”، واستعادة الاتصالات العسكرية، في حين لا يزال يعترف بأن التوترات العميقة لا تزال قائمة.

ونقلت شبكة “سي. إن. إن” الإخبارية الأمريكية، عن بايدن إنه وشي اتفقا على الاتصال هاتفيًّا خلال فترات الخلاف، ووصف الرئيس الأمريكي المحادثات بأنها “من أكثر المناقشات البناءة والمثمرة التي أجريناها”، ومع ذلك، قال بايدن بعد مغادرته القمة بعد مؤتمر صحفي: إنه لا يزال يعتبر شي ديكتاتورًا، على الرغم من التقدم الذي أحرزاه خلال اجتماعهما.

وأوضحت الشبكة: أن نتائج القمة الأمريكية – الصينية، المتعلقة بالفنتانيل والاتصالات العسكرية، كانت متوقعة قبل المحادثات، وهي بمثابة تقدم مهم في تحسين العِلاقة التي لا تزال متوترة بين واشنطن وبكين. وكان بايدن يهدف إلى استغلال الاجتماع لوضع العلاقات بين الولايات المتحدة والصين على مسار أكثر ثباتًا بعد أشهر من التوتر بين القوتين العظميين.

وقبل المحادثات، حرص المسؤولون الأمريكيون على إدارة التوقعات قائلين: إنهم لا يتوقعون قائمة طويلة من النتائج أو حتى بيانًا مشتركًا للقادة، كما هو معتاد بعد مثل هذه القمم ويبدو أن الهدف الأساسي للمحادثات هو استعادة قنوات الاتصال، خاصة من خلال الجيش، لتجنب ذلك النوع من سوء الفهم أو سوء التقدير الذي يخشى المسؤولون الأمريكيون أن يؤدي إلى صراع مفتوح.

وقال بايدن بعد القمة: “مسؤوليتي هي أن أجعل هذا الأمر عقلانيًّا ويمكن التحكم فيه، حتى لا يؤدي إلى صراع، هذا ما أقصده”.

وأضاف بايدن: إن الصين وافقت على ملاحقة الشركات التي تنتج المواد الكيميائية الأولية للفنتانيل، وهو المخدر القوي الذي فاقم أزمة المخدرات في الولايات المتحدة. وستراقب الولايات المتحدة عن كثب لترى ما إذا كانت الصين ستتابع الالتزامات التي تم التعهد بها في القمة.

كما وافق “شي” على الآليات التي من شأنها معالجة الأخطاء العسكرية المحتملة، ووافق على إنشاء منتديات للجانبين لعرض مخاوفهم.

وقال مسؤولون كبار في إدارة بايدن قبل قمة الأربعاء: إن نظرائهم الصينيين كانوا “مترددين” خلال الأشهر القليلة الماضية في الموافقة على إعادة الاتصالات العسكرية بين الجيشين، الأمريكي والصيني، لكنها كانت قضية أثارها بايدن نفسه وكبار مستشاريه، مثل وزير الخارجية أنتوني بلينكن، ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان، ووزير الدفاع لويد أوستن في “كل محادثة أجريناها تقريبًا مع الصينيين”، بينما حاولت الولايات المتحدة التأكيد على أنه من “المهم للغاية” إعادة فتح هذه القناة.

الخلاصة:

– تدهورت العلاقات الأمريكية الصينية بشكل خطير خلال العقد الأخير، نتيجة لزيادة قوة الصين اقتصاديًّا وعسكريًّا، وظهورها كقطب عالمي وقوة عالمية عظمي في شرق آسيا، وهو ما رأت فيه الولايات المتحدة تهديدًا لمكانتها الدولية، مما دفع البلدين إلى الدخول في تصادمات تجارية واقتصادية واتهامات متبادلة وعقوبات وقيود على الشركات الكبرى في البلدين، ما أثر سلبًا على الاقتصاد العالمي.

– يلعب الصراع التكنولوجي بين الصين والولايات المتحدة دورًا محوريًّا في الحرب الباردة الجديدة، حيث تتهم الولايات المتحدة الصين باستغلال التكنولوجيا الحديثة، مثل: صناعة الرقائق الرقمية وأشباه الموصلات في عمليات تهدد الأمن القومي الأمريكي، كصناعة صواريخ فوق الصوت ومقاتلات شبحية متطورة، في حين تتهم الصين الولايات المتحدة بأنها تسعى لكبح تطورها التكنولوجي.

– إن الدعوات الأمريكية للانفصال الاقتصادي عن الصين التي بدأت مع الحرب التجارية العام 2018م، “غير واقعية ومستحيلة عمليًّا”؛ وذلك بسبب شدة التشابك الاقتصادي وانتشار الشركات الأمريكية والغربية بفروعها المتعددة داخل السوق الصينية، وهو ما يشكل حصصًا ضخمة للشركات الأمريكية في ميزانياتها العمومية السنوية.

– ترى الصين في العلاقات الأمريكية التايوانية إضافة إلى سياسة الولايات المتحدة الأمريكية بإنشاء تحالفات وتكتلات في منطقة شرق آسيا والمحيطين: الهندي والهادي كتحالف أوكوس على سبيل المثال، تراه الصين تهديدًا لأمنها القومي، ومحاولات أمريكية لكبح تطورها وتقدمها الاقتصادي والعسكري والتكنولوجي، في حين ترى الولايات المتحدة أن سياساتها في شرق آسيا تعزز السلام العالمي، وتشكل رادعًا للصين من غزو جزيرة تايوان أو التوسع في المنطقة.

– لم تثمر القمة الصينية الأمريكية عن النتائج المرجوة، حيث قال الرئيس الأمريكي عقب القمة: أن التوترات العميقة لا تزال قائمة بين البلدين، ولكن يرى بعض المراقبين أن استعادة الاتصالات العسكرية بين الولايات المتحدة والصين، خطوة إيجابية في طريق تحسين العلاقات بين الجانبين، كما وأن اتفاق الرئيسين الأمريكي والصيني على الاتصال هاتفيًا خلال فترات الخلاف، يقلل من حدة المواجهة بين القوتين العظميتين.

المصادر:

سكاي نيوز عربية

القاهرة الإخبارية

إنترريجونال للتحليلات الإستراتيجية

مجلة السياسة الدولية

بي بي سي عربية

مركز الإمارات للسياسات

سيتا

العربية

التعليقات مغلقة.