fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

تبعية أوروبا لواشنطن.. ما السر؟! ولماذا الإصرار؟!

0 40

تبعية أوروبا لواشنطن.. ما السر؟! ولماذا الإصرار؟!

تبعية وانسياق أوروبي أعمى خلف سياسات الولايات المتحدة الأمريكية؛ ليس فقط في الإصرار على دعم سلطات كييف في حربها أمام روسيا رغم الفشل الأوكراني المتتالي، ولكن في كل قرارات وأهداف واشنطن أينما كانت، ومهما بلغ ضررها على الأوروبيين أنفسهم، حتى بات نهج زعماء دول أوروبا التأييد الكامل والدائم لمواقف البيت الأبيض دون أدنى تروٍ أو لحظات تفكير في مصالحهم وأهدافهم الخاصة التي قد تتعارض مع مصالح أمريكا.

ورغم أعباء هذا الخضوع الذي أثقل كاهل الأوروبيين وضاعف معاناة شعوبهم من تبعاته وآثاره؛ إلَّا أن القادة الأوروبيين يواصلون الدعم السياسي والمادي والعسكري لكييف دون الالتفات للمظاهرات في العواصم الأوروبية والاضطرابات التي طالت عشرات القطاعات بسبب ارتفاع الأسعار، وتدني الرواتب، والسياسات التقشفية، وتدهور مستوى المعيشة وقطاعات الصحة والنقل والتعليم، والانسياق وراء الحكومة الأمريكية في تقديم أموال الأوروبيين للجيش الأوكراني الذي توالت التقارير عن الفساد المتفشي فيه ماليًّا وعسكريًّا وخسائره وانسحاباته من القرية تلو الأخرى؛ ولذا سوف نسلِّط الضوء في هذا التقرير على سر استمرار تبعية أوروبا لواشنطن؛ سواء في أوكرانيا أو دعم العدوان الصهيوني للفلسطينيين في قطاع غزة، أو في الموقف الأمريكي من الانفتاح على الصين وروسيا، بالرغم من العلاقات الاقتصادية الضخمة بين أوروبا وكل من بكين وموسكو، والدليل الصارخ عليها منافع أوروبا مثلًا من مباردة الحزام وطريق الحرير مع الصين، وواردات الطاقة الروسية إلى أوروبا، وكذلك في قضية تايوان، وفي مجالات التجارة والاقتصاد والتقنية، وغيرها من القضايا التي كشفت خضوع أوروبا التي كانت تتحكم من قبل في قرارات عدة دول وحكومات.

دعم أوكراني:

منذ بداية الحرب الروسية في أوكرانيا وتسير عواصم أوروبا خلف أمريكا في إمداد أوكرانيا بالأسلحة والذخيرة والأموال، ومساعدات بلغت عدة مليارات من خزائن الشعوب الأوروبية التي تعيش أوضاعًا اقتصادية مؤسفة، وجاء ذلك على حساب ورادات الطاقة بأنواعها التي تستوردها أوروبا من روسيا وتعتمد عليها اعتمادًا شبه كلي، وبعد الانحياز الأوروبي الكامل خلف واشنطن، أوقفت موسكو خطوط النفط والغاز وقطعت الطاقة عن دول أوروبا، وهو ما كشف الخنوع الأوروبي وقبولها بأن تظل عرضة لتقلبات السياسة الأمريكية وخسارتها للغاز الروسي لتشتري الغاز الأمريكي بسعر أكبر، وتلهث وراء الغاز القطري والنيجيري وغيرهم من الدول المصدرة للغاز، ليصب ذلك في مصلحة الصين والهند الذين يشترون الغاز والنفط الروسيين بأسعار أقل مما كان يدفع الأوروبيون، وهو ما وصفه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بفشل أوروبا في تطوير الاعتماد الذاتي الإستراتيجي.

فمنذ بداية الحرب في أوكرانيا وحتى نهاية عام 2023، قدَّمت ألمانيا أقوى اقتصاد أوروبي لكييف أكثر من 14.2 مليار يورو من المساعدات، رغم أن معهد كيل للاقتصاد (IfW Kiel) في مدينة كيل شمال ألمانيا، يؤكد أن المساعدات الألمانية الحقيقية لكييف أكثر من حجم المساعدات المعلن، أما بريطانيا فقدمت الكثير من المساعدات العسكرية لأوكرانيا بداية من منظومات الصواريخ والدبابات والمدرعات والصواريخ، وأكثر من 1.3 مليار جنيه استرليني أخرى في شكل مساعداتٍ خصصت 2.7 مليار دولار لأوكرانيا في عام 2023، وكل هذا الدعم الأوكراني رغم افتقار الجيش الألماني نفسه للدعم وفق تصريح مفوضة الدفاع بالبرلمان الألماني إيفا هوغل، أن القوات الألمانية “تفتقر إلى كل شيء” وأن هذا يجعل من الصعب عليها أداء مهماتها، مؤكدة نقص المعدات وأجهزة الرؤية الليلية ومعدات الراديو كمثال وأن هذا يعيق تدريب الجنود النظري والعملي، ودعت الحكومة إلى اتخاذ تدابير عاجلة لتحسين إمدادات القوات الألمانية، وأكدت أن الجيش الألماني يحتاج إلى محطات إذاعية رقمية جديدة؛ لأن المستخدمة هناك الآن عمرها 30 سنة، وإعلان رئيس الاتحاد العسكري الألماني أندريه فوستنر، أن لديهم مشاكل كبيرة في جميع فروع القوات المسلحة وأنه في حال تقييمها من وجهة نظر المهام والأوضاع فإنه لا يوجد ولا حتى لواء واحد في الجيش جاهز لتنفيذ المهام.

وعلى نفس ذلك السياق تسير عدة دول أوروبية منها فرنسا وبلجيكا واليونان، فبالرغم من المعاناة الداخلية لكل دول أوروبا، إلا أنهم يتفانون لدعم أوكرانيا لإرضاء الأمريكان، حيث وافق مجلس الاتحاد الأوروبي على خطة لدعم أوكرانيا بـ 50 مليار يورو من 2024 وحتى2027، وستحصل كييف على 39 مليار يورو كدعم مباشر، منها أكثر من 5 مليارات يورو على شكل منح، ووافق البرلمان الأوروبي على قرار مجلس الاتحاد الأوروبي، ورغم هذا الدعم الكبير لكييف بعد اجتماع أوروبي لمرة واحدة تفشل دول الاتحاد الأوروبي الـ 27 في تهدئة تظاهرات واحتجاجات المزارعين الأوروبيين بسبب ضغوط السياسة الزراعية المشتركة التي تثقل كاهل المزارع الأوروبي وتدفعه لإغلاق الطرق الرئيسية بالجرارات في بلجيكا وإسبانيا وفرنسا وألمانيا والبرتغال وإيطاليا وغيرهم، وهذا بالطبع بجانب اضطرابات في مجالات رئيسية، مثل: التعليم والنقل والصحة، وهنا يطرأ سؤال مهم، أليس مزارعي أوروبا أو عمال مجالات الصحة والتعليم والنقل وغيرهم أولى بمبلغ الـ 50 مليار يورو المقدمة من دول الاتحاد الأوروبي إلى العسكريين في أوكرانيا؟ وهل بالفعل استرضاء البيت الأبيض أهم من معاناة شعوب أوروبا؟

معاناة أوروبا:

أكدت صحيفة تليجراف أن البريطانيين يرفضون سياسة سوناك التي لا تضع مصلحة الشعب في المقام الأول، وأنه يستخدم مصادر البريطانيين لتمويل حرب أمريكية بالوكالة ضد روسيا، وأن دعم العقوبات ضد روسيا، يدمر الاقتصاد البريطاني، وقالت الصحيفة: “توقفوا عن سرقة دافعي الضرائب البريطانيين من أجل تمويل أوكرانيا في الوقت الذي يتعيَّن على العمال البريطانيين التوسل من أجل الحصول على زيادة طال انتظارها في الأجور”، وتحذر مينيت باترز رئيسة الاتحاد الزراعي الوطني البريطاني من أزمة غذاء تواجه بريطانيا بسبب التضخم والدعم الوفير لأوكرانيا وعشرات الإضرابات في ظل ارتفاع أسعار الطاقة والأسمدة والأعلاف والديزل وكل أشكال الطاقة، ومخاطر إمدادات الفواكه والخضروات وارتفاع الفواتير المنزلية وأسعار الغذاء، كما أكدت منظمة تراسيل تراست التي تدعم شبكة تضم 1300 بنك طعام في بريطانيا أنها شهدت زيادة كبيرة في مستويات اللجوء إليها، وأن الحصص الغذائية شهدت زيادة 46% مقارنة بالمدة نفسها من عام 2021، بجانب ارتفاع الدين العام البريطاني لأعلى مستوياته منذ العام 1993، حتى بلغ 27.4 مليار جنيه إسترليني في ديسمبر 2023.

وفي ألمانيا ارتفعت أسعار الطاقة وتوقفت عدة مصانع وانتشرت الإضرابات بين القطاعات المختلفة بسبب نقص الطاقة، ما دفع ألمانيا إلى واردات الغاز والنفط الأمريكية، والإلحاح على قطر ونيجيريا والجزائر لإمداد برلين بالغاز أملًا في أن يُعوض الغاز والنفط الروسيين، وتزامنًا مع ارتفاع الأسعار والاضطرابات في أغلب المدن الألمانية، قال كلاوس إرنست، رئيس لجنة الطاقة في البرلمان الألماني: إن ألمانيا تواجه موجة إفلاس نتيجة العقوبات المفروضة على روسيا، ودعت ألمانيا في مايو 2022، مواطنيها لتخزين الغذاء والدواء والمواد الأساسية، وأكدت أنه من الحكمة وجود احتياطي من المواد الغذائية لدى الحكومة وفي المنازل، وفي ظل معاناة عواصم أوروبا واستنزاف اقتصادها، تؤكد كل الدلائل أن واشنطن أكبر مستفيد من الصراع الدائر في أوكرانيا بداية من ارتفاع مبيعات السلاح الأمريكية وحرب بالوكالة لاستنزاف أكبر قدر من سلاح وأموال روسيا ومبيعات نفط وغاز هائلة لأوروبا، وتجديد دماء حلف الناتو على أكتاف الأوربيين.

واشنطن المستفيد الوحيد:

تبعية بريطانيا لأمريكا واضحة في الحروب الأمريكية السابقة في دول أخرى وليس في أوكرانيا فقط، وهي ليست تبعية بريطانيا فقط، وإنما تبعية الاتحاد الأوروبي باستثناء بعض الدول التي بدأت تنشق عن هذا القرار؛ نظرًا للضغوط الاقتصادية التي يعانيها دول الاتحاد بشكل عام، مشيرًا إلى معاناة بريطانيا من أزمة اقتصادية وتضخم واضطرابات ومشاكل جمة، متوقعًا بأن استمرار تبعية بريطانيا للولايات المتحدة ربما لن يكون خيار في المرحلة القادمة؛ لأن بريطانيا لن يكون لديها قدرة حقيقة على الاستمرار في دعم أوكرانيا، ونتيجة الأزمة التي تعانيها بريطانيا والشعب البريطاني، قد يكون جبرًا تراجع بريطانيا عن هذا الدعم وعن تبعيتها لأمريكا؛ لكون الحرب الأوكرانية هي في الأساس حرب أمريكية روسية بالوكالة، وأن أمريكا تستخدم دول الاتحاد الأوروبي كأدوات في تلك الحرب، وإن لم تستطع بريطانيا الخروج من العباءة الأمريكية أو فرض ندية في العلاقة مع واشنطن، ستعيش مع الحلف الأمريكي تبعية أسوأ بكثير مما كانت تعانيه مع الاتحاد الأوروبي.

عند تتبع السياسية الأمريكية نجد بريطانيا أول تابع لها ومؤيد لسياساتها وأنها أول الدول انضمت إلى التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لمواجهة الحوثيين في البحر الأحمر وباب المندب، وأيدت من قبل اتفاق واشنطن مع إيران ورأت بريطانيا “صفقة القرن” التي رفضها العرب والفلسطينيون وبعض دول الغرب بأنها تضمن عناصر إيجابية، مشددًا على أن بريطانيا أكثر دول الغرب دعمًا للقرار الأمريكي دون أي رفض أو معارضة، وأن واشنطن تعتمد على البريطانيين كثيرًا في سياستها الخارجية، وخاصة في الشرق الأوسط والقارة الأفريقية، كما أن بريطانيا أكبر المساهمين الأوروبيين في ميزانية حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وتدعم أمريكا بالفيتو في مجلس الأمن.

ورغم الأزمة البريطانية الاقتصادية والرفض الداخلي للسياسات الحكومية، وسلسلة الإضرابات التي تشهدها بريطانيا بسبب ضغط الهيئات العمالية والقطاع العام من أجل زيادة الأجور وضخ دعم مادي للبريطانيين وليس للجيش الأوكراني، لا زالت بريطانيا تسير على نفس النهج المتتبع للسياسة الأمريكية دون أي حسابات.

وقال الكاتب أحمد فرحات: إنه منذ الحرب العالمية الثانية عام 1945، ربطت واشنطن اقتصاديات العالم والمواد الأولية في مرحلة لاحقة بالدولار الأمريكي، وسيطرت على المؤسسات السياسية الدولية، كالأمم المتحدة وصندوق النقد والبنك الدولي، ووزعت الولايات المتحدة قواعدها العسكرية في العالم، موضحًا أنه بالرغم من أن احتلال دول الحلفاء ومنهم أمريكا لألمانيا انتهى رسميًّا عام 1954، غير أنه استبدل باتفاقية وجود القوات الأجنبية في جمهورية ألمانيا الاتحادية التي سمحت لثماني دول من أعضاء الناتو بالتواجد العسكري الدائم في المانيا، وبقيت هذه الاتفاقية سارية حتى بعد توحيد البلاد بسقوط جدار برلين عام 1989، وسعت واشنطن بعد شبه استعمار أوروبا إلى منع قيام دول أوروبية قوية، تهدد إمبراطوريتها الناشئة، وحتى اليوم يوجد في ألمانيا 21 قاعدة عسكرية أمريكية، وتبلغ قواتها نحو 50 ألف جندي أمريكي مع احتساب اعداد الموظفين المدنيين في تلك القواعد، ومن أهم القواعد الأمريكية الموجودة اليوم قاعدة رامشتاين الجوية -أكبر قاعدة عسكرية أمريكية خارج أراضي الولايات المتحدة وتعد القاعدة المركزية لحلف الناتو-، وقاعدة شتوتجارت -تعد مقر قوات أفريكوم التي تدير العمليات العسكرية الأمريكية في إفريقيا، والقيادة الأمريكية الأوروبية المكلفة بقيادة (51) من القواعد والوحدات العسكرية في الدول الأوروبية-، وتُساهِم القواعد العسكرية الأمريكية في ألمانيا في فرض نفوذ الولايات المتحدة في البلاد وعلى مستوى العالم، وفي ظل ما يسمى “الالتزام الأمريكي بحماية الأمن والاستقرار في أوروبا”.

فالولايات المتحدة الأمريكية تستفيد من أوروبا دون أدنى مساعدة لحل أزماتهم التي تسببت فيها واشنطن، وأن الولايات المتحدة تترك الأوروبيين يتحملون تبعات الحرب، بل إن الولايات المتحدة تتدخل في تسعير نار الحرب ولا تحرك ساكنًا في معالجة تبعاتها، وأن من يدفع الثمن هو المواطن الأوروبي، وبالنظر إلى لغة الأرقام نجد أن واشنطن المستفيد الأول وأن حرب أوكرانيا غيرت خريطة تجارة الأسلحة عالميًّا، حيث تضاعفت واردات الأسلحة إلى أوروبا تقريبًا في السنوات الماضية بسبب الحرب في أوكرانيا، في حين انخفضت الصادرات الروسية إلى النصف، وفقا لتقرير لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (سيبري)، مشيرًا إلى أن أوكرانيا أصبحت رابع أكبر مستورد للأسلحة في العالم، وحلت فرنسا محل روسيا بصفتها ثاني أكبر مصدر في العالم بعد الولايات المتحدة، وأنه خلال المدة بين 2019 و2023، قفزت واردات الأسلحة إلى أوروبا بنسبة 94 بالمائة مقارنة بالسنوات الخمس السابقة وفق المعهد، وترجع هذه الزيادة إلى حد كبير إلى الحرب في أوكرانيا، حسبما قالت الباحثة في المعهد كاتارينا ديوكيتش لـ”فرانس برس”، ويشير التقرير إلى أنه منذ فبراير 2022، قدمت 30 دولة على الأقل مساعدات عسكرية كبيرة لأوكرانيا، وجاءت الولايات المتحدة أكبر مُصدر للأسلحة في العالم، بين عامي 2019 و2023، بزيادة 35 بالمائة مقارنة بالمدة بين عامي: 2014 و2018.

سر التبعية الأوروبية لواشنطن:

تكثر أسباب تبعية وانسياق دول أوروبا -سواء على مستوى الحكومات أو المنظمات- وراء السياسة الأمريكية، ولعل أحد مرتكزات هذه الأسباب ما ذكرها وسام إسماعيل الباحث والأستاذ الجامعي اللبناني كالآتي:

– فقدان الدول الأوروبية حافز البحث عن موقع متقدم في النظام العالمي بسبب ضعفها الذي حفزه الأمريكان.

– عدم قدرة الاتحاد الأوروبي على حيازة مقومات القوة اللازمة للحفاظ على موقعٍ متقدم في النظام الدولي.

– تشكيل واشنطن لحلف الناتو لم يكن يهدف في المقام الأول إلَّا إلى الحفاظ على المصالح الأمريكية التي تمثلت في تلك المرحلة بالحفاظ على الوجود الأمريكي في القارة في مقابل إبقاء الاتحاد السوفياتي خارجها، وبالتالي بات الناتو سببًا قويًّا لاعتماد الاتحاد الأوروبي عليه عسكريًّا حتى اليوم.

– تهافت دول الاتحاد السوفيتي السابق لكسب عضوية الناتو استغلته واشنطن لربط أوروبا أكثر بالحلف، وعرقلة محاولات روسيا في توجهها نحو أوروبا ودول الناتو الغربيين، وتركيز واشنطن على تطوير مهام الحلف بما يتناسب مع الواقع والانفتاح على دول وارسو السابقة، والحفاظ على الأمن والاستقرار، وتكريس خيار المواجهة، بما أدى إلى تبني كلا الطرفين خيار المواجهة الذي تجلى منذ عام 2008 في جورجيا وحتى اليوم؛ مما جعل أوروبا ترى أنه لا بديل عن الناتو أو الحليف الأمريكي خاصة بعد اقتحام روسيا للأراضي الأوكرانية.

– فشل أوروبا في إطلاق آلية فاعلة توازي وظيفة حلف الناتو، وبالتالي ساعد الناتو بشكل كبير في تكريس التبعية الأوروبية لواشنطن كخيار إستراتيجي لا يمكن الاستغناء عنه.

– فشل الاتحاد الأوروبي في تحقيق إجماع على أن يكون مستقل بكيانه عن واشنطن، وهذا نتيجة التباعد بين توجهات الدول الأوروبية الغربية حول تحقيق هذا الاستقلال.

الخلاصة:

اختارت أوروبا لنفسها طريق الخضوع للسياسة الأمريكية، لعدة أسباب، أبرزها: الحماية العسكرية في كنف حلف الناتو في مواجهة قوة الاتحاد السوفيتي، ومن بعده روسيا البيضاء بجانب النفوذ والقوة الصينية المتنامية، والغريب أن دول أوروبا -التي كانت بالفعل تحكم دول وحكومات قبل وبعد أن ظهرت أمريكا، بل وكانت تملك قوة استطاعت ألمانيا مثلًا وحدها في أن تحتل دول أوروبية وأن تدخل بجنودها إلى قلب روسيا-، بدلًا من أن تبني قوتها بنفسها وترفع من حالة الاتحاد إلى التكامل الاقتصادي والعسكري والأمني، وتنشأ كيانًا يوازي الناتو عسكريًّا، اكتفت بالحماية العسكرية الأمريكية ووافقت على ما ترتب على هذه الحماية من تبعية مذلة وانسياق لا تجني من ورائه سوى الخسارة الاقتصادية والسياسية، بل والاجتماعية وقد يكون العسكرية في المستقبل، بل والمثير للدهشة أن هذه العلاقة بين واشنطن وعواصم أوروبا لا يستفيد منها واقعًا سوى أمريكا التي ترهق الأوربيين وتستنزف قدراتهم وثرواتهم، بل وعلاقاتهم مع دول العالم، وبالتالي فإن أوروبا إن لم تستفيق من هذه التبعية وتتعظ من الحرب الأوكرانية والأوضاع في الشرق الأوسط قد يكون مصيرها الانهيار الاقتصادي والعسكري دون أن تمد لها واشنطن يد العون.

مصادر:

-سكاي نيوز- بريطانيا.. سلسلة إضرابات تاريخية بعد ارتفاعات حادة بالأسعار – 13 ديسمبر 2022.

-سكاي نيوز- “تسونامي الإضرابات” يهدد بريطانيا بأيام عصيبة – 20 يناير 2023.

– القدس العربي- الرقصة الدبلوماسية بشأن الدبابات الألمانية تؤكد مرة ثانية تبعية أوروبا لأمريكا- 26  يناير 2023.

سكاي نيوز- مدن ألمانيا تنتفض بسبب أزمة الطاقة مطالب ارتفاع الأسعار- 23أكتوبر 2022.

الميادين- أوكرانيا وغزة.. مؤشرات تبعية أوروبا للولايات المتحدة الأميركية- 4 مارس 2024.

سكاي نيوز- خيارات أمام ألمانيا لمواجهة فواتير الأزمة الأوكرانية- 17 أكتوبر 2022.

عرب جورنال-الحرب الروسية الأوكرانية.. خسائر على ( أوروبا ) فوائد لـ ( أمريكا )- 2 يناير  2023.

المنار- ألمانيا وأمريكا.. تبعية أم ندية؟- 21 يناير 2022.

العين الإخبارية- «مهما استغرق الأمر».. إصرار فرنسي بريطاني على دعم كييف- 19 ديسمبر 2023.

سكاي نيوز- بالأرقام.. كيف غيرت حرب أوكرانيا خريطة تجارة الأسلحة عالميًّا؟- 11 مارس 2024.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.