fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

الدوافع الإثيوبية لامتلاك منفذ بحري وردود الأفعال الإقليمية والدولية!

65

الدوافع الإثيوبية لامتلاك منفذ بحري وردود الأفعال الإقليمية والدولية!

تتمتع الدولة الإثيوبية مع دول الجوار بسجل حافل من التوترات والاستفزازات السياسية والجيوسياسية، فدائمًا ما تعمل الحكومة الإثيوبية على التغريد خارج السرب، وإثارة القلاقل والتي من شأنها العمل على توتر الأجواء في القرن الإفريقي، فمن مصر إلى إريتريا، مرورًا بجيبوتي والصومال وصولًا إلى السودان؛ كلها دول لها مواقف وعلاقات متوترة مع الدولة الإثيوبية، وقد ازدادت هذه التوترات بعد إعلان رئيس الوزراء الإثيوبي “آبي أحمد” في 13 أكتوبر 2023، بالحقوق الطبيعية لإثيوبيا في الوصول المباشر إلى البحر الأحمر، كما دعا الصومال إلى بذل جهود تعاونية لمعالجة هذه القضية، وهو الأمر الذي تم رفضه رسميًّا من قِبل الصومال.

وأشار آبي احمد رئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنه وعلى الرغم من أن إثيوبيا محاطة بالمياه، لكنها تظل غير ساحلية، كما لفت النظر إلى أن البحر الأحمر ونهر النيل متشابكان مع إثيوبيا، حيث إنهما يحددان مصير البلاد وأساس تنميتها أو تدميرها.

ويأتي حديث رئيس الوزراء الإثيوبي في توجه وإرادة بلاده بفك الحصار والاحتباس الذي تشهده البلاد على حدِّ تعبيره، والسعي للحصول على منفذ بحري في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها بلاده، وهو ما أعلنته الإحصائيات بأن إثيوبيا تعاني منذ نحو 4 سنوات من صراعات داخلية بالغة التعقيد على تماسك الدولة ووحدتها السياسية والوطنية وذلك بسبب الحروب والصراعات القائمة بين أطراف الدولة بمكوّناتها القبلية وبين المركز،

ويشهد عدد من أقاليم إثيوبيا تمردًا على الدولة وبخاصة من قومية الأورومو التي تمثل نحو 40% من عدد السكان؛ بالإضافة إلى تمرد قومية الأمهرا التي تعدُّ القومية الثانية من حيث عدد السكان، إذ تبلغ نسبتها إلى مجمل السكان نحو 30%، هذا فضلًا عن الرواسب التي خلفها صراع قومية التيجراي مع المركز، الذي استمر مدة عامين انتهى باتفاقية بروتوريا عام 2022 بعد أن عمَّق من الأزمتين: السياسية والاقتصادية في البلاد.

تحول إثيوبيا إلى دولة حبيسة رغم سواحلها الممتدة:

أصبحت إثيوبيا دولة حبيسة بعد أن صوت سكان إقليم إريتريا التابع لها لصالح الاستقلال في ١٩٩٣ بعد صراع انفصالي استمر ثلاثة عقود، وكانت إريتريا ضُمت إلى إثيوبيا في اتحاد فيدرالي بقرار من الأمم المتحدة في ١٩٥٢.

وفي ١٩٦٢ ومع ظهور بوادر التمرد في إريتريا ألغى إمبراطور إثيوبيا هيلاسيلاسي ترتيبات الحكم الفيدرالي؛ مما أجج مشاعر التمرد والانفصال في إريتريا.

وعلى الرغم من سياقات الثورة الإريترية وما تلاها من الاستقلال كانت نتيجة مباشرة من نتائج الحرب الباردة التي انتهت بتفكيك الكتلة الشرقية ومن دار في فلكها، ومنها إثيوبيا بقيادة منغيستو هيلاماريام.

وتاريخيًّا كانت سواحل إريتريا تحت سيطرة الإمبراطورية العثمانية ثم إيطاليا، قبل ضمها إلى إثيوبيا من قبل الأمم المتحدة، وارتبطت إريتريا مع بالحبشة التاريخية (شمال إثيوبيا) عبر التاريخ اجتماعيًّا، وثقافيًّا، واقتصاديًّا، وتاريخيًّا، وثقافيًّا(1).

حاجة إثيوبية لمنفذ بحري:

قد لا يبدو الحصول على منفذ بحري طوله 20 كم أمرًا كبيرًا، ولكنه حيوي بالنسبة لدولة حبيسة، مثل: إثيوبيا، تبحث عن موارد مالية، من أجل بقائها، فهي أكبر دولة في العالم، من حيث عدد السكان، لا تملك ساحلًا، وهو ما يشكل لها مصاعب كثيرة في النمو.

فنسبة 95 في المئة من المعاملات التجارية الإثيوبية تعتمد على جارتها جيبوتي، التي تمتلك 31 كم من السواحل، ووصفت الحكومة الإثيوبية احتياجها إلى منفذ بحري، بأنها مسألة “وجودية”، وإن الحصول على ميناء في البحر الأحمر ضروري ليخرج 120 مليون من مواطنيه من “سجنهم الجغرافي”.

وقد لا تكون التجارة هي الحاجة الوحيدة في الأمر، فإثيوبيا كانت تعد قوة بحرية بميناءيها: مصوع وعصب، ولكنها فقدت الميناءين وكل ساحلها، بعد انفصال إريتريا عنها، في 1993 لتصبح دولة مستقلة(2).

مشروع آبي أحمد:

لدى إثيوبيا مصلحة إستراتيجية في الوصول إلى جميع الموانئ البحرية في منطقة القرن الإفريقي في إطار إستراتيجية رئيسية يرتكز عليها آبي أحمد، رئيس الوزراء الإثيوبي، في مشروعه الإقليمي الذي يقوم على ضمان التقدم الاقتصادي لإثيوبيا والتغلب على كونها دولة حبيسة، مما يعزز المساعي الإثيوبية لامتلاك حصص في الموانئ البحرية بالمنطقة.

ومنذ تولي آبي أحمد السلطة في أبريل 2018 تبني دبلوماسية الموانئ، كجزء من المشروع الإثيوبي الإقليمي الطامح لتوحيد القرن الإفريقي ككتلة اقتصادية يلعب سلاح البحرية دورًا بارزًا ويكون جزءًا رئيسيًّا منه، بهدف التغلب على المعضلة الجغرافية التي لازمت إثيوبيا منذ تسعينيات القرن الماضي، وذلك عقب استقلال إريتريا في عام 1993، الذي شكل تحولًا إستراتيجيًّا في السياسة الإثيوبية التي انخرطت في البحث عن بدائل متنوعة من الموانئ البحرية في دول الجوار الإقليمي، للاعتماد عليها في النفاذ إلى البحر الأحمر أو المحيط الهندي من أجل ضمان استمرار عبور التجارة من وإلى أديس أبابا(3).

التحرك الإثيوبي لاختلاق منفذ بحري:

في مطلع عام 2024، أبرمت إثيوبيا مذكرة تفاهم مع إقليم “أرض الصومال” الانفصالي غير المعترف به دوليًّا، وذلك للسماح لأديس أبابا بالحصول على موطئ قدم لها في البحر الأحمر، تمهيدًا لإقامة قاعدة عسكرية إثيوبية بالقرب من ميناء بربرة على مساحة 20 كيلو متر مربع لمدة 50 عامًا.

المنفذ مقابل الاعتراف:

وجاءت هذه الاتفاقية والسماح لإثيوبيا مقابل الاعتراف الإثيوبي بـ“أرض الصومال” كدولة مستقلة بعد استقلالها من جانب واحد في عام 1991؛ إضافة إلى حصولها على نسبة تقدر بـ 20% من الخطوط الجوية الإثيوبية التي تعد كبرى شركات الطيران في إفريقيا والتي بلغت إيراداتها نحو 6.9 مليار دولار خلال عام 2022، الأمر الذي يشكل فرصة اقتصادية مهمة لأرض الصومال.

دوافع إثيوبيا للحصول على المنفذ:

لإثيوبيا العديد من الدوافع حول سعيها للحصول على منفذ بالبحر الأحمر، حيث تنظر إلى منطقة القرن الإفريقي وحوض النيل والبحيرات العظمي كمنطقة نفوذ إقليمي تسعى لإبراز هيمنتها وتوسيع نفوذها من خلالها، لكي تصبح أحد أقطاب القارة الإفريقية، ويمكن الإشارة لتلك الدوافع فيما يلي:

الدافع الاقتصادي:

 ينظر “آبي أحمد” لتلك القضية على أنها مسألة وجودية لإثيوبيا، فمن المحتمل أن تؤثر علي اقتصاد البلاد، فالوصول إلى البحر الأحمر من وجهه نظره يعزز بشكل كبير من النمو الاقتصادي في إثيوبيا.

كما تجدر الإشارة إلى أن ذلك الهدف يعد محركًا أساسيًّا للتقدم الاقتصادي، حيث يعزز نفوذها الإقليمي في القرن الإفريقي، ويجعلها قادرة على ربط اقتصادات دول المنطقة بالاقتصاد الإثيوبي، كما قد يجعلها مقصدًا للاستثمارات الأجنبية.

وتحاول إثيوبيا أن تقود مبادرة التكامل الإقليمي في القرن الإفريقي، وما تحتويه من مشروعات إقليمية عديدة، لكي تحقق أهدافها المتمثلة في ربط البنية التحتية بين إثيوبيا ودول المنطقة كما هو الحال في مشروع “لابسيت” الذي يربط بين دول كينيا وإثيوبيا وجنوب السودان وميناء لامو، بالإضافة إلى إمكانية توافر بدائل إستراتيجية فيما يتعلق بالموانئ البحرية، وذلك قد يعزز من تصاعد النفوذ الإثيوبي في المنطقة.

الدافع السياسي:

تحاول أديس أبابا تعزيز علاقاتها مع دول المنطقة وربطها بها لضمان ولائها ودعمها في الدفاع عن قضاياها على الصعيدين: الإفريقي والدولي من خلال لعب دور الوساطة، مثلما تقوم بالانخراط الدائم في أزمات السودان وجنوب السودان.

وعليه جاء تفسير بعض الخبراء على أن رغبة آبي أحمد في الوصول للبحر عبر بوابة الصومال وموانئها، يعكس رغبة إثيوبيا في تعزيز الهيمنة الإقليمية لتحقيق أهدافها الاستراتيجية في بالحد من وتقليص نفوذ بعض الأطراف الإقليمية.

الدافع الإستراتيجي:

تكمن الدوافع الإستراتيجية في عدد من المصالح، أهمها: تعزيز المكانة الإقليمية التي تمكنها من لعب دور مهم في معادلة أمن البحر الأحمر وصولًا إلى امتلاك قواعد بحرية إثيوبية، بدعم غربي بالقرب من مضيق باب المندب بحجة تعزيز التجارة الإثيوبية، وحماية مرور التجارة الدولية والملاحة البحرية في البحر الأحمر.

وتسعى إثيوبيا أيضًا للدفاع عن مصالحها الإستراتيجية في المنطقة من خلال الحصول علي موطئ قدم إستراتيجي؛ إضافة إلى حماية السفن الإثيوبية البالغ عددها 11 سفينة والتي تتمركز في البحر الأحمر، مما قد يساعدها على تعزيز دورها الإقليمي في المعادلة الأمنية للبحر الأحمر، وتقديم نفسها لاحقًا كحليف مهم في ضمان أمن واستقرار القرن الإفريقي وحماية حرية الملاحة عبر البحر الأحمر.

وتحاول إثيوبيا أيضًا السيطرة على التنافس الدولي والإقليمي على الموانئ البحرية، مثلما سيطرت القوات الأجنبية سابقًا علي بعض دول المنطقة، مثل: جيبوتي، وذلك تخوفًا من تزاحم القواعد العسكرية مما قد يعزز التنافس الدولي في المنطقة، وسيطرتها على قرارات دول القرن الإفريقي.

الدافع الأمني:

 تكمن دوافع إثيوبيا الأمنية في تعزيز الاستقرار الأمني الإقليمي في منطقة القرن الأفريقي، حيث تحظى هذه المنطقة بمحفزات عدم الاستقرار بسبب الصراعات السياسية والعرقية، وذلك قد يساعد في تصاعد نمو نشاط التنظيمات الإرهابية هناك، مثل: “حركة شباب المجاهدين” في الصومال وامتداداتها الإقليمية؛ لذا تحرص إثيوبيا على تعزيز سلامة أمنها الداخلي، وتأمين حدودها من التهديدات الأمنية في ظل التأثيرات الجيوسياسية في القرن الإفريقي(4، 5، 6).

موقف الطرفين الإثيوبي والصومالي:

بدت مواقف الأطراف صارمة حول الاتفاق المبرم بين إثيوبيا وأرض الصومال كالتالي:

أرض الصومال:

ينظر إقليم أرض الصومال  للاتفاق الذي أبرمه مع إثيوبيا على أنه قد يمنحه العديد من المكاسب، حيث يشمل الاتفاق الاعتراف بأرض الصومال كدولة مستقلة، بعد استقلالها من جانب واحد في عام 1991؛ الأمر الذي قد يشكل نجاحًا بالنسبة لها على الصعيد الإقليمي، ويضمن لها الحماية من أي تهديدات إقليمية قد تتعرض لها من جانب الحكومة الصومالية، إضافة إلى حصولها على مكاسب اقتصادية تتمثل في حصة تقدر بـ 20% من الخطوط الجوية الإثيوبية، والاستثمار في البنية التحتية وتطوير الطرق والموانئ البحرية، فضلًا عن تعزيز صناعة السياحة في “أرض الصومال، بالاعتماد على الخطوط الجوية الإثيوبية؛ الأمر الذي قد يجعلها تقدم نفسها كقوة إقليمية مستقرة في المنطقة، ومن الممكن أن تحاول إقناع أطراف إقليمية ودولية أخرى بتبني نفس الموقف الإثيوبي(7).

دولة الصومال:

 تعتبر الحكومة الصومالية الاتفاق بمثابة انتهاك لسيادة ووحدة أراضيها، وأكدت مقديشو تمسكها بأراضيها، ودعت الشعب الصومالي للدفاع عن وحدة وسيادة البلاد، إضافة إلى اتخاذها إجراء دبلوماسي بسحب سفيرها من إثيوبيا من جهة، وإجراء قانوني بإلغاء الاتفاق من جهة أخرى؛ الأمر الذي قد يحدث حالة من التوتر والاضطراب في العلاقات مع أديس أبابا بعد سنوات من الاستقرار.

فضلًا عن اتهام أديس أبابا بتكرار خطأ رئيس الوزراء السابق ” ميليس زيناوي” بالتدخل عسكريًّا في الصومال والذي نتج عنه تصاعد “حركة الشباب المجاهدين” الإرهابية، مما يعني تورط إثيوبيا في زعزعة استقرار الصومال منذ سنوات، حيث قد جاء الاتفاق بعد أيام من توصل الصومال وأرض الصومال إلى اتفاق لاستئناف المفاوضات بواسطة جيبوتية من أجل إزالة أسباب التوتر السياسي بينهما وتسوية الخلافات، وقد توقفت المفاوضات في عام 2020.

كما دعت الحكومة الفيدرالية الصومالية في بيان لها، الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي والجامعة العربية ومنظمة “إيجاد” الإقليمية لشرق إفريقيا للوقوف إلى جانب الصومال للدفاع عن وحدته وسيادته وإجبار إثيوبيا على الالتزام بالقوانين الدولية.

علاوة على ذلك، رفضت “حركة الشباب” الاتفاق، واعتبرته بمثابة عملية نهب وسرقة لثروات الصومال، ودعت الشعب الصومالي إلى حمل السلاح والقتال ضد إثيوبيا(8).

المواقف الإقليمية والعالمية جراء الاتفاق الإثيوبي:

برزت ردود الفعل الإقليمية بعد الإعلان عن الاتفاق المبرم بين إثيوبيا وأرض الصومال، ولعل أبرز تلك المواقف:

منظمة “الإيجاد”

رفضت الهيئة الحكومية للتنمية (إيجاد) الانحياز، ودعت الأطراف إلى ضبط النفس والتعاون من أجل التوصل إلى حل سلمي وودي، ومن جانبها انتقدت مقديشو هذا الرد قائلة: إنه لا يرقى إلى مستوى الإدانة المناسبة(9).

الاتحاد الإفريقي:

 دعا رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي “موسى فقيه محمد “في بيان إلى التهدئة والاحترام المتبادل، لخفض التوتر المتصاعد بين إثيوبيا والصومال، كما دعا الأطراف إلى التفويض لتسوية الخلاف، وشدد فقيه على “ضرورة احترام وحدة وسيادة الأراضي والسيادة الكاملة لجميع الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقية(10).

جامعة الدول العربية:

 أدانت جامعة الدول العربية الاتفاق، ورفضت أي “مذكرات تفاهم قد تنتهك سيادة الدولة الصومالية، أو تحاول الاستفادة من هشاشة الأوضاع الداخلية الصومالية، أو تعثر المفاوضات الصومالية”، وأكدت تضامنها الكامل مع موقف الصومال، كما أعربت الجامعة عن مخاوفها من أن تؤثر هذه الخطوة على نشر الأفكار المتطرفة، أو استقطاع جزء من أراضي الصومال(11).

مصر:

 أكدت مصر على رفضها الاتفاق، وحثت الأطراف على “ضرورة الاحترام الكامل لوحدة وسيادة جمهورية الصومال الفيدرالية على كامل أراضيها، وشددت على حق الصومال وشعبه دون غيره من الانتفاع بموارده”(12).

تركيا:

 دعمت تركيا موقف الصومال، وأكدت على ضرورة احترام سيادة ووحدة أراضي الصومال؛ إضافة إلى دعمها مقديشيو في حربها ضد الإرهاب، مع تأكيد استمرار التعاون بين البلدي.(13).

الولايات المتحدة:

شددت الولايات المتحدة على احترام سيادة الصومال، ودعت الأطراف إلى الانخراط في حوار دبلوماسي(14).

الاتحاد الأوروبي:

اتخذ الاتحاد الأوروبي نفس الموقف الأمريكي الداعي إلى احترام سيادة الصومال، والذي يعد “مفتاح السلام والاستقرار في القرن الإفريقي”، حسب وصفه(15).

منظمة التعاون الإسلامي:

 رفضت الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي، الاتفاق، ووصفته بأنه غير قانوني، ويعد انتهاكًا لسيادة الصومال ووحدة أراضيه، مع تأكيد تضامنها مع الصومال، والدعوة إلى الاستقرار في المنطقة(16).

سيناريوهات وتداعيات محتملة:

انهيار العلاقات الإثيوبية الصومالية:

 تشير الإجراءات التي اتخذتها حكومة مقديشو، عقب توقيع الاتفاق، واستدعاء السفير الصومالي لدى أديس أبابا، والاجتماعات الاستثنائية التي يعقدها الرئيس حسن شيخ محمود مع حكام الولايات الصومالية وأعضاء حكومته؛ إلى احتمال التصعيد وصولًا إلى قطع العلاقات مع حكومة آبي أحمد؛ من أجل الضغط عليها للتراجع عن الاتفاق مع أرض الصومال، وهو ما تعكسه تحركات الرئيس حسن شيخ محمود خلال الساعات الأخيرة التي تشير إلى إجادته اللعب على المتناقضات الإقليمية؛ وذلك من خلال التقارب مع بعض الأطراف الإقليمية المناوئة لإثيوبيا في المنطقة.

موقف صومالي متشدد ضد أرض الصومال:

 من المرجح أن تصل العلاقة بين مقديشو وهارجيسا إلى طريق مسدود، بما قد يدفع الحكومة الإثيوبية نحو زعزعة الاستقرار في داخل أرض الصومال؛ من أجل الإطاحة بنظام موسى بيهي عبدي، وصعود نظام موالٍ لمقديشو. وربما يتطور الأمر إلى إعلان الحكومة الصومالية الحرب على أرض الصومال من أجل إعادة السيادة الصومالية على الإقليم، وإن كان ذلك يبدو مستبعدًا في الفترة الحالية على الأقل.

إمكانية تنفيذ حركة الشباب عمليات انتقامية:

 ربما تترجم الحركة موقفها الرافض للاتفاق إلى توسيع تحركاتها بالتمدد في العمق الإثيوبي مجددًا من خلال هجمات إرهابية انتقامية لتعزيز حالة عدم الاستقرار في الداخل الإثيوبي؛ إضافةً إلى استهداف القوات الإثيوبية في الداخل الصومالي.

ومن المرجح أن يتمدد عناصر الحركة إلى إقليم أرض الصومال، في إطار اقتناعها بمقاومة الغزو الإثيوبي الذي استولى على جزء من سواحل الصومال؛ الأمر الذي يعزز التطرف والعنف على الصعيدين المحلي والإقليمي، بما يهدد أمن القرن الإفريقي، وما قد يترتب عليه من عسكرة المنطقة بتدافع القوى الأجنبية نحوها.

توتر العلاقات الإقليمية في القرن الإفريقي:

 ربما تتصاعد المواقف الرافضة من دول القرن الإفريقي للخطوة الإثيوبية بالاعتراف بأرض الصومال كدولة مستقلة، في إطار المخاوف من بلقنة القرن الإفريقي؛ خاصةً أن هذه الخطوة من شأنها تشجيع بعض القوميات والقبائل على المطالبة بالانفصال والاستقلال عن الدولة الأم، وهو ما يهدد أمن دول المنطقة ووحدتها وتماسكها.

انتزاع أرض الصومال الاعتراف من إثيوبيا:

تدرك أرض الصومال أهمية إثيوبيا في منطقة القرن الإفريقي، ومن ثم يمثل اعترافها بها كدولة مستقلة نجاحًا دبلوماسيًّا كبيرًا لحكومة هارجيسا، لا سيما أنه الاعتراف الثاني بعد اعتراف تايوان؛ الأمر الذي قد يشجع دولاً أخرى في المنطقة وخارجها على الموقف الإثيوبي نفسه، وهو ما ستبني عليه هارجيسا تحركاتها خلال الفترة المقبلة.

ضغط دولي محتمل على إثيوبيا لسحب الاعتراف:

تخشى القوى الدولية الفاعلة من اضطراب الأوضاع الإقليمية في القرن الإفريقي، الذي يهدد بدوره المصالح الدولية هناك، بما في ذلك النزعات الانفصالية التي ربما تؤدي إلى تقسيم المنطقة إلى دويلات متنازعة؛ لا سيما أن النموذجَين الإريتري والجنوب سوداني في المنطقة يثيران المزيد من المخاوف حول تكرار التجربة نفسها؛ لذلك ربما تضغط القوى الدولية على إثيوبيا من أجل سحب اعترافها بأرض الصومال، حفاظاً على الاستقرار الإقليمي في القرن الإفريقي (17، 18، 19).

الخاتمة:

لا شك أن كل دول العالم تعمل لمصالحها الخاصة، وإثيوبيا تعمل لصالح كباقي دول العالم، وهي تحاول تأمين تواصلها مع العالم الخارجي من خلال توسيع رقعتها الجغرافية الضيقة الحبيسة على حساب دول الجوار الجغرافي، خاصة فيما يتعلق بإيجاد منفذ دائم على البحر الأحمر، وذلك لتأمين تواصلها مع العالم الخارجي ولتحقيق أهدافها تجاه منطقة القرن الأفريقي بأن تكون إحدى القوى الإقليمية المهيمنة والاقتصادية الكبرى في قارة إفريقيا.

وسوف يظل النظام الإثيوبي الحاكم أين ما كانت الأسماء يحافظ على قضية الموانئ البحرية في القرن الإفريقي كأولوية إستراتيجية بالنسبة للنظام الحاكم في إثيوبيا، ولذلك فإن توسيع رقعتها الجغرافية الضيقة الحبيسة على حساب دول الجوار الجغرافي.

ومن الواضح أن القادم سوف يشهد حالة من عدم الاستقرار وقد تصل إلى الصراع في حال تهديد تواصل إثيوبيا مع العالم الخارجي ومنها دولة إريتريا والتي تسعى إثيوبيا إلى الوجود الدائم داخل أحد موانئها وكحق شرعي وفق تصريح رئيس الوزراء الإثيوبي بأن حصول بلاده على المنفذ البحري لا يمثل انتهاكًا للسيادة الإريترية.

1_ نيلوتيك بوست

2_ بي بي سي

3_ الأهرام للدراسات والأبحاث

4_ جورنال العرب

5_ الأهرام للدراسات

6_ مركز رع للدراسات

7_ فرانس 24

8_ العربية

9_ بي بي سي

10_ عربيه نيوز

11_ سكاي نيوز

12_ الهيئة العامة للاستعلامات

13_ الجزيرة

14_ مونت كارلو

15_ اليوم السابع

16_ الأهرام

17_ إنتريجونال

18_ مركز فاروس

19_ نيلوتك بوست

التعليقات مغلقة.