fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

أحوال مسلمي الهند بين التمييز والعنصرية وقانون الجنسية المثير للجدل

0 30

أحوال مسلمي الهند بين التمييز والعنصرية وقانون الجنسية المثير للجدل

في ظل استمرار استهداف مسلمي الهند بأشنع الجرائم والاضطهاد والعنصرية والتمييز الممنهج من الحزب الحاكم هناك، حيث التقييد على شعائر المسلمين، ومنها: صلاة الجمعة، وعدم ذبح الأبقار التي يقدسُها الهندوس؛ تأتي جريمة جديدة بحق المسلمين هناك وهي تعديل قانون الجنسية الذي يحرم المسلمين من حقوقهم، وذلك بدافع حثيث من حزب بهاراتيا جاناتا القومي الحاكم، هذا الذي ينص على العنصرية والتفرقة غير المبررة واستبعاد كل ما هو مسلم من دخول البلاد، مقارنة بباقي المعتقدات الأخرى؛ كالسماح بدخول البلاد من مقيمي الهند في بلدان أخرى والتي ليس من بينهم المسلمين.

يرسخ قانون تعديل المواطنة العنصري من قبل حزب بهاراتيا جاناتا القومي الحاكم، مسارًا سريعًا للتجنس بالنسبة للهندوس والبارسيين والسيخ والبوذيين والجاينيين والمسيحيين الذين فروا إلى الهند ذات الأغلبية الهندوسية من أفغانستان وبنغلاديش وباكستان قبل 31 ديسمبر 2014، ومع ذلك يستثني القانون المسلمين؛ الذين هم الأغلبية العظمى في الدول الثلاث.

تسلط الورقة البحثية في مركز “رواق” للأبحاث والدراسات في هذا التقرير، الضوء على أحوال مسلمي الهند وحجم الاضطهاد الذي يتعرضون له؛ لماذا كل هذه الكراهية من حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم ضد المسلمين هناك؟ قراءة في التصرفات العنصرية الممنهجة تجاه المسلمين وشعائرهم الإسلامية. محاولة فرض الفكر الهندوسي والبوذي عليهم بالدستور. لماذا يتصاعد خطاب الكراهية ضد 200 مليون مسلم؟ كيف استغل الحزب الحاكم العدوان الصهيوني على غزة لشيطنة المسلمين؟ ماذا عن اضطهاد مسلمي كشمير وهدم المساجد لبناء معابد هندوسية بأحكام قضائية جائرة ظالمة لا تحترم حقوق المسلمين؟

في البداية، يجب الإشارة إلى أن هناك عددًا من الاعتداءات المستمرة التي لا تتوقف عن المسلمين حتى كتابة هذا التقرير من قِبَل الجماعات الهندوسية القومية الشائعة في الهند؛ أما على البائعين المسلمين في الشوارع أو المحلات والمتاجر فحدث ولا حرج، فضلًا عن التضييق على المُصلين ومنعهم من دخول المساجد، دون أن تلقي سوى القليل من الإدانة من الحكومة الهندية العنصرية على هذه الجرائم البشعة.

حقوق الهندوس في باكستان وأفغانستان وبنغلاديش للجنسية الهندية:

ويرى منتقدو التعديل أنه انتقائي واستمرار لعنصرية الحزب الحاكم تجاه المسلمين هناك، ويتخطى مبدأ حتى العلمانية في الدستور، الذي يمنع التمييز بين المواطنين بسبب دينهم، إذ يمنع القانون الحالي، الساري منذ 64 عامًا حصول أي مهاجر غير شرعي على الجنسية الهندية، لكن يسمح بهذا الأمر بعد التعديل بشرط أن يثبت المهاجرون أنهم وصلوا الهند قادمين من باكستان أو أفغانستان أو بنغلاديش قبل نهاية عام 2014. (بي بي سي).

وليس غريبًا ألا يتضمن التعديل الجديد ممن يشعرون بأبشع الجرائم والاضطهاد الديني من المسلمين الذين يعيشون كأقليات في دول مجاورة أخرى، مثل: التأميل في سريلانكا، كما أنه لا يسمح للاجئين الروهينجا أيضًا بدخول البلاد من ميانمار المجاورة، وهو ما يؤدي إلى اضطهاد أكثر من 200 مليون مسلم هندي، وفق تقارير دولية وغربية.

لقد بدأت الحكومة الهندية الإجراءات الرسمية لتعديل قانون الجنسية، والمواطنة، المثير للجدل كونه مناهضًا للمسلمين، وقد واجه قانون الجنسية لدى تمريره في البرلمان الهندي خلال عام 2019، احتجاجات ضخمة، وأثار مظاهرات قتل فيها العشرات، وجرى اعتقال الكثيرين.

ومنذ أيام قليلة، ذكر وزير الداخلية الهندي أميت شاه على حسابه على مواقع التواصل الاجتماعي: أن رئيس الوزراء ناريندرا مودي، التزم مرة أخرى ووفى بتعهداته أمام مشرعي دستورنا الهندي للأقليات الهندوسية، والسيخية، والبوذية، والجانية والبارسية والمسيحية، الذين يعيشون في تلك الدول، وبالتالي لم يتطرق لأحوال مسلمي الهند المقيمون في هذه البلدان أو في الداخل. (بي بي سي).

حيث يعد تعديل قانون الجنسية واحدًا من أبرز التعهدات الانتخابية لرئيس الوزراء مودي، وحزب بهاراتيا جاناتا القومي الحاكم، تمهيدًا للانتخابات العامة المنتظرة العام الجاري.

استغلال مشاعر الناخبين قبل الانتخابات:

من المتوقع إجراء الانتخابات الشهر المقبل أو الذي يليه حسب تقدير الحكومة، تلك التي تسعى للبقاء في السلطة لولاية ثالثة واستغلال مشاعر الأغلبية، ويرى منتقدو التعديلات العنصرية ضد المسلمين وتوقيت تطبيق بأنه انتقائي، ويتخطى مبدأ العلمانية في الدستور، الذي يمنع التمييز بين الناس بسبب دينهم، وهناك تخوف من أن سريان التعديل الجديد بالتزامن مع قانون الإحصاء السكاني للمواطنين الجديد، يمكن أن يؤدي إلى اضطهاد أكثر من 200 مليون مسلم هندي، حيث اتهمت المعارضة الهندية الحكومة هناك بمحاولة استغلال مشاعر الناخبين قبل إجراء الانتخابات العامة المنتظرة. (بي بي سي).

وكشف زعيم حزب المؤتمر الوطني، ماماتا بانرجي، “بعد تأجيلات متواصلة طوال 4 سنوات، يأتي تفعيل التعديل القانوني قبل يومين أو ثلاثة من إعلان موعد الانتخابات، وهو ما يوضح أن الأسباب سياسية”.

وكتب مسؤول الإعلام بالحزب جيرام رامش، على مواقع التواصل الاجتماعي “الوقت الذي استغرقه فحص التعديل الخاص بقانون الجنسية هو مثال آخر للكذب الصريح الذي يمارسه رئيس الوزراء” (بي بي سي).

حال المسلمين في الهند:

لقد تصاعدت إحدى مشكلات الخطاب القومي اليميني المتطرف في الهند، حيث إنه لا يكتفي بتمثيل أفكاره التي يحملها، بل يمتد ليؤثر على الساحة السياسية كلها، بما تحمله هذه الأيديولوجية من عدوانية وإقصائية وتمييزية وتحريض على العنف، وبالتالي تأثيرها على العملية الديمقراطية هو أنها تضطهد أولئك الذين يعارضونها، وتقمع الأحزاب الديمقراطية واليسارية وحتى الليبرالية، وتأخذهم رهائن سياسيين.

إن حالات الإعدام دون محاكمة والتعذيب والمعاملة السيئة وقمع حرية الاعتقاد والتعبير وصلت إلى آفاق مخيفة وفق تقارير أوروبية، خصوصًا بالنسبة للمسلمين، وإن كان يشمل أيضًا بعض من الأقليات الأخرى في الهند.

كما أن الجانب الأكثر خطورة لهذه المسألة يكمن في أن الخطاب الفاشي والعنصري ضد المسلمين أصبح عاديًا، وقد باتت الفاشية احتمالًا يمكن أن تنحرف إليه الأحزاب العادية بسهولة، ففي شهر يوليو الماضي على سبيل المثال عام 2030، دعا نائب هندوسي في خطابه إلى إبادة 200 مليون مسلم، الأمر الذي يظهر سياسات “هندوسية الهند” التي يتم تنفيذها حاليًا في إطار التعاون السياسي شبه العسكري المشترك بين حزب “بهاراتيا جاناتا” الحاكم والحركة شبه العسكرية الرئيسية “راشتريا سوايامسواك سانغ” (RSS)، مما يؤكد أن التمييز ضد المسلمين يحدث وفقًا لفلسفة وخطة محددة وممنهجة. (بي بي سي).

المسلمون في الهند.. لماذا تصاعد خطاب الكراهية ضدهم؟

لقد نظم ناشطون مسلمون مظاهرات في كالكوتا، في يونيو الماضي، خلال حملة تظاهرات غاضبة من تصريحات مثيرة للجدل حول النبي محمد على لسان المتحدثة السابقة باسم الحب الحاكم نوبور شارما، ويقدر المسلمون في الهند بنحو 200 مليون نسمة، ما يجعل الهند ثالث أكثر بلد من حيث عدد المسلمين في العالم بعد إندونيسيا وباكستان.

ويشكل المسلمين أكثر من 15% من سكان الهند، وبالتالي يصنفون كأكبر أقليّة في البلد ذي الغالبية الهندوسية، وخلال الأشهر القليلة الماضية، تكثّفت بشكل ملحوظ ولافت الأخبار عن تصاعد ممارسات التمييز بحقِّ المسلمين في الهند، وبلغ الأمر ذروته عند نشوب أزمة دبلوماسية حادة بين الهند وعدد من الدول الإسلامية، نتيجة تصريحات حول النبي محمد، أطلقتها المتحدثة السابقة باسم حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم، نوبور شارما، والناطق الإعلامي السابق باسم الحزب كومار جيندال.

ورأى مسلمون في الهند وعبر العالم الإسلامي أن التصريحات استفزازية ومسيئة، وشهدت الهند مواجهات عنيفة وتظاهرات احتجاجًا على ما ورد على لسان شارما في مقابلة تلفزيونية، وما كتبه جيندال على مواقع التواصل.(بي بي سي).

الحزب الحاكم يستغل العدوان على غزة لشيطنة المسلمين:

فقد ذكرت صحيفة الواشنطن بوست أن حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم في الهند، يقارن بين ما حدث في هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في السابع من أكتوبر، وهو رد على جرائم الاحتلال، والوضع في الهند قبل انتخاب ناريندرا مودي رئيسًا للوزراء، وذلك في تغريدة تزعم: “ما تواجهه إسرائيل اليوم عانت منه الهند بين عامي: 2004 و2014، مع العلم بأن العكس تمامًا هو يحدث ضد المسلمين هناك. (الجزيرة).

وكان القصد بحسب الصحيفة من هذه التغريدة، الترويج لسردية عن شيّطنة الإسلام أو المسلمين، في بلد هي من تشيطن حكومته السكان المسلمين، وبعدها مباشرة صورت القنوات الموالية للحكومة الهندية الهجوم على أنه تهديد جهادي إسلامي، وزعمت متحدث الحزب الحاكم أن الهند كانت تتصارع معه منذ عقود، وقالت صراحة: “واجهت الهند وإسرائيل عدوًّا مشتركًا هو الإسلام”، وتبعت ذلك ملايين التغريدات المتضامنة مع إسرائيل والمعادية للمسلمين.

إن النظرة التي توجه للمسلمين رغم أنهم ضحايا باعتراف كثير من نشطاء ومعتدلين غربيين أنفسهم، تعود إلى فكرة منحرفة تتمحور حول التفوق الهندوسي المعادي للإسلام؛ إذ كان القوميون الهندوس يمجدون المستشار الألماني السابق أدولف هتلر قبل الاستقلال، ويرون “الحل النهائي” الذي قدمه النازيون لحسم المشكلة اليهودية درسًا جيدًا لنا في هندوستان لنتعلمه ونستفيد منه.

أضف إلى ذلك: ومن المفارقة أن العديد من القوميين الهندوس اليوم باتوا يؤيدون العدوان الصهيوني ضد شعب غزة بحجة حركة “حماس”، حتى إن بعضهم احتشدوا خارج السفارة الإسرائيلية في نيودلهي مطالبين بالانضمام إلى القوات الإسرائيلية لمحاربة العدو المشترك لكل من إسرائيل والهند، وقال أحد المذيعين على شاشة التلفزيون: “نحن وإسرائيل ضحية لنفس التفكير الإرهابي الإسلامي الجهادي المتطرف! إسرائيل تخوض هذه الحرب نيابة عنا جميعًا”.

ويشكل هذا الدعم القوي للكيان الصهيوني خروجًا عن تاريخ التضامن الهندي، السياسي على الأقل مع الفلسطينيين؛ إذ يوضح موجز صدر عام 2019 على الموقع الإلكتروني للحكومة الهندية أن “دعم الهند للقضية الفلسطينية جزء لا يتجزأ من السياسة الخارجية للبلاد” وكانت الهند أول دولة غير عربية تعترف (عام 1974) بأن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.

الحقيقة لم تكن هذه المرة هي الأولى التي يستغل فيها اليمين الهندي الأحداث الدولية لتأجيج المشاعر المعادية للمسلمين، فكانت ولاية غوجارات -التي كان مودي يرأس حكومتها حينئذٍ- مسرحًا لمذبحة عام 2002 قُتل فيها أكثر من ألف شخص، معظمهم من المسلمين.

كما أن الدعم المكثف الذي تقدمه الهند لإسرائيل متعلق بالسياسات المعادية للإسلام، يؤكد أن الحرب الإسرائيلية على غزة جاءت في الوقت المناسب لمودي وحزبه قبل الانتخابات، لينشر المتطرفون كل المعلومات المضللـة والخاطئة، وليروجوا لمقاطعة اجتماعية كاملة للمسلمين. (الجزيرة).

تنديد عربي ودعوات شعبية لمقاطعة البضائع الهندية:

لقد تصاعدت حالة من الغضب الرسمية والشعبية في عدد من بلدان العالم العربي والإسلامي بعد تصريحات لمسؤولة كبيرة في الحزب الحاكم بالهند كانت “مسيئة للإسلام” وسط دعوات واسعة النطاق على وسائل التواصل الاجتماعي لمقاطعة البضائع الهندية.

حيث اعتُبرت تصريحات نوبور شارما سببا في اندلاع صدامات في ولاية أوتار براديش الهندية آنذاك، وطالبت عدة منظمات إسلامية بتوقيفها، فيما علق حزب رئيس الوزراء ناريندرا مودي عضوية المسؤولة بسبب تعبيرها عن “آراء مخالفة لموقف الحزب” (فرانس 24).

وسط دعوات واسعة النطاق على وسائل التواصل الاجتماعي لمقاطعة البضائع الهندية في دول الخليج، نددت مصر والمملكة العربية السعودية وقطر والكويت ومنظمة التعاون الإسلامي بتصريحات تناولت النبي محمد أدلت بها مسؤولة كبيرة في الحزب الحاكم في الهند.

وقد استنكرت وزارة الخارجية السعودية التصريحات الصادرة عن المتحدثة باسم حزب بهاراتيا جانات الهندي، “من إساءة للنبي محمد” مؤكدة “رفضها الدائم للمساس برموز الدين الإسلامي، كما ترفض المساس بالشخصيات والرموز الدينية كافة”.

وبررت شارما عبر تويتر تعليقاتها زاعمة بأنها جاءت ردًّا على “الإهانات” الموجهة ضد الإله الهندوسي شيفا، وقالت: “إذا تسببت كلماتي بإزعاج أو أساءت إلى المشاعر الدينية لأي شخص على الإطلاق، فأنا بموجب ذلك أسحب تصريحي بدون شرط”. (فرانس 24).

مذكرة احتجاج عربية ضد الإساءة للمسلمين:

لقد جاءت تصريحات عضو الحزب الحاكم في الهند وقتها، بالتزامن مع زيارة نائب الرئيس الهندي فينكايا نايدو الدوحة لتعزيز العلاقات التجارية بين الهند وقطر، واستدعت الخارجية القطرية سفير الهند في الدوحة ديباك ميتال في اليوم الثاني من زيارة نائب الرئيس الهندي ورجال أعمال هنود، ويشكل الهنود نحو مليون من إجمالي عدد سكان قطر البالغ 2,8 مليون نسمة.

وآنذاك، تسلم السفير مذكرة احتجاج رسمية جاء فيها أن “دولة قطر تطالب الحكومة الهندية بأن تسارع إلى إدانة هذه التصريحات فورًا والاعتذار عنها علنا لكافة المسلمين في العالم”، بحسب بيان للخارجية القطرية.

وأضاف البيان أن “تبني خطاب الإسلاموفوبيا وعدم مساءلة من يطلقون مثل هذه التصريحات المعادية للإسلام ومرورها من دون عقاب يشكل خطرًا جسيمًا على حماية حقوق الإنسان… قد يقود إلى حلقة من العنف والكراهية”، كما أعلنت الكويت أنها استدعت السفير الهندي وسط دعوات واسعة النطاق على وسائل التواصل الاجتماعي لمقاطعة البضائع الهندية في دول الخليج. (فرانس 24).

قوانين مقترحة للأحوال الشخصية تثير مخاوف المسلمين:

العداء المستمر للمسلمين في الهند وشعائرهم لا تتوقف، بل هي عرض مستمر، حيث تعتزم ولاية هندية أيضًا التي يحكمها حزب رئيس الوزراء ناريندرا مودي، تعديل قوانين الأحوال الشخصية العامة الجديدة المثيرة للجدل والتي ستطبَّق على جميع المعتقدات ولا نقول الأديان كما يزعمون؛ لأن الدين واحد عند الله وهو الإسلام، وهو نموذج يقول مسؤولون حكوميون آخرون إنهم سيتطلعون إلى اتباعه، بحسب ما ذكرت وكالة رويترز. (الشرق الأوسط).

بناء معبد هندوسي كبير مكان مسجدٍ للمسلمين:

لطالما كان الحاكم والقاضي معادون للإسلام، فمن الطبيعي أن يكون منطوق الحكم لصالح الهندوس وعلى حساب الحقوق الوطنية الواجبة والواضحة للمسلمين، فقد أذنت المحكمة العليا في الهند منذ فترة وجيزة، ببناء معبد هندوسي في موقع أيوديا المتنازع عليه في شمال البلاد، بقرار يشكل انتصارًا للحكومة العنصرية التي يقودها ناريندرا مودي.

وأمرت أعلى هيئة قضائية هندية في قرارها بأن يعهد لهيئة تقوم ببناء معبد هندوسي وفق بعض الشروط، فيما تسلم أرض أخرى منفصلة في أيوديا للمسلمين لبناء مسجد، في حين زعمت مجموعات هندوسية إن الحاكم المسلم بابر شيَّد مسجد “بابري” في أيوديا بعد تدمير معبد قديم مخصص لأحد أبناء الإله حافظ الكون “فيشنو” فيما يؤكد المسلمون صراحة أنه لم يتم تدمير أي معبد لبناء المسجد.

وزعم رئيس القضاة رانجان جوجوي، أن القرار جاء بالإجماع، وأنه اُتخذ بناءً على مسح أثري، زاعمًا أن البنية الأساسية في الموقع المتنازع عليه ليست ذات أصل إسلامي، ولم يبن المسجد على أرض شاغرة.

في حين قد عززت السلطات الهندية قبيل صدور الحكم التدابير الأمنية في أنحاء البلاد ودعا مودي إلى الهدوء، كما تم نشر الآلاف من عناصر الأمن، وأغلقت المدارس في مدينة أيوديا قلب النزاع، وحولها وفي أماكن أخرى.

مخاوف المسلمين من قوانين وطنية موحدة للأحوال الشخصية:

يعد إقرار قوانين وطنية موحدة للأحوال الشخصية من المسائل الخلافية والعقدية؛ فكيف لمسلمين لهم عقيدتهم وشريعتهم الإسلامية أن يقومون بتنفيذ قوانين مشبوعة أو تتخللها طقوس هندوسية؟ كما أن العديد من المسلمين ينتقدون حزب “بهاراتيا جاناتا” بسبب نهجه القومي الهندوسي المتشدد، مؤكدين أن تمرير هذه القوانين يمثل تدخلًا في الشريعة والطقوس الإسلامية المتبعة، بما في ذلك قضايا مثل تعدد الزوجات والطلاق.

ومن ضمن التدخل في شئون المسلمين ومحاولة الانقضاض عليها، كان البرلمان الهندي قد اعتمد عام 2019 قانونًا يحظر “الطلاق بالثلاث”، ويعتبره مخالفة إجرامية تصل عقوبتها إلى الحبس ثلاث سنوات.

وقالت نالين كوهلي المتحدثة باسم حزب “بهاراتيا جاناتا”: يبحث كثير من حكومات الولايات في جميع أنحاء الهند ما إذا كان من الممكن تنفيذ قانون مدني موحد، مضيفةً: لقد بدأت العملية المنهجية للحصول على قانون مدني موحد في ولايات عدة. وقال رئيس وزراء ولاية أوتاراخاند، بوشكار سينغ دامي، عبر منصة “إكس” إن وزراءه سيدرسون المسودة و”يبدأون العملية لتحويلها إلى مشروع قانون ثم قانون” (الشرق الأوسط).

اضطهاد مسلمي كشمير.. عرض مستمر:

لقد أنهت حكومة مودي الامتيازات الخاصة التي تتمتع بها كشمير في أغسطس 2019، وكشفت بعدها عن معبد كبير للإله المزعوم الهندوسي “رام” ليحل مكان مسجد من العصر المغولي دمرته الجماعات الهندوسية في عام 1992، وتحاول الهند تشريع قوانين الأحوال الشخصية من قِبَل كل من الحكومة الفيدرالية وحكومات الولايات، وقالت الولايات الأخرى التي يحكمها حزب “بهاراتيا جاناتا”: إنها يمكن أن تستخدم مشروع القانون المدني الموحد في أوتاراخاند كنموذج .(الشرق الأوسط).

الحزب الحاكم في الهند متهم باضطهاد 200 مليون مسلم:

لقد رصدت منظمات غربية ودولية جرائم عديدة للحزب الحاكم في الهند ضد المسلمين الأكثر عددًا هناك بعد الهندوس، حيث ذكرت صحيفة جارديان البريطانية في تقرير لها مؤخرًا بشأن التعذيب والتنكيل ضد مسلمي الهند، وقضية التصريحات المسيئة للنبي محمد في الهند، وأن القنوات التلفزيونية الإخبارية اليمينية الهندية تعرض الخطاب المعادي للمسلمين من قبل مؤيدي حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم، ونادرًا ما يتم مواجهته بالاعتذار أو التراجع عن هذا الكلام المعادي. (الوطن).

حجم التوتر المتزايد ضد سياسات الحزب الحاكم:

إن واقعة التصريحات المسيئة للنبي ألقت بظلالها على معادة الحزب الحاكم للمسلمين، كما تلقي الضوء أيضًا على التوتر المتزايد تجاه سياسات حزب بهاراتيا جاناتا، وهو حزب قومي هندوسي متهم بالتهميش المنهجي والإشراف الحثيث على اضطهاد 200 مليون مسلم في البلاد والعنصرية المستمرة ضدهم.

كما أن هذه التصريحات تتسبب في أزمة للهند مع دول الخليج العربي في وقت يأتي ما يقرب من 40٪ من احتياجات الهند من الغاز من قطر ويعيش حوالي 6.5 مليون هندي في منطقة الخليج. (الوطن)

تقرير أمريكي يوثق اضطهاد الأقليات المسلمة في الهند:

ذكرت صحيفة جارديان: أن تقرير لوزارة الخارجية الأمريكية يوثق عمليات قتل واعتداءات وترهيب للأقليات الدينية في الهند، لا سيما من المسلمين، ومع زيادة حالة الغضب داخل الأوساط العربية والإسلامية من التصريحات المسيئة للنبي محمد، بالتزامن مع ارتفاع وتيرة القتل والتعذيب لمسلمي الهند، قرر الحزب الحاكم في الهند وقف المتحدثة باسمه نوبور شارما، كما قرر وقف فاكين جيندال وهو مسؤول الدائرة الإعلامية في الحزب.

وقال تقرير سابق لصحيفة جارديان: إن هذه الإجراءات العقابية لم يتم التحرك واتخاذها إلا بعد أسبوع تقريبًا، أي: بعد أن تحولت التصريحات إلى أزمة حقيقية أمام الحكومة الهندية التي تحاول التملص منها دائمًا؛ سواء بالإساءة لنبي الإسلام أو بتعذيب المواطنين المسلمين هناك، ومنهم البائعون المتجولون بالشوارع على مرئ ومسمع من الجمهور. (الوطن).

الخلاصة:

– نستخلص من هذا التقرير: أنه لطالما هناك إعلام غربي وأجنبي لا يقدم الحقيقة، ويحاول إلصاق كل ما هو بغيض وكريه أو إرهابي للإسلام، فمن الطبيعي أن يكون هناك اضطهاد وعنصرية للمسلمين في كافة أنحاء المعمورة.

– إن قانون الجنسية الجديد المثير للجدل الذي لا يتضمن حقوق المسلمين في الهند؛ بل يشمل المعتقدات الكاذبة الأخرى، مثل: الهندوس والبارسيين والسيخ والبوذيين، والجاينيين والمسيحيين، لخير دليل أو يبرهن على استمرار جرائم حزب بهاراتيا جاناتا القومي الحاكم بحق 200 ميلون مسلم؛ دون تحرك دولي حقيقي.

– صحيح نجد أحيانًا إدانات غربية واسعة وتقارير تتحدث عن اضطهاد مسلمي الهند وبورما، ولكن تبقى “شعرة معاوية” لإلصاق التهم والتطرف بالمسلمين متى دعت الحاجة لذلك، أو في التوقيت المناسب؛ كمقاومة الاحتلال مثلًا في غزة والتي وُصفت يا للأسف بالإرهاب.

– إن غياب الضمير العالمي الذي يتحدث أو يتشدق عن حقوق الإنسان يظل حائلا؛ دون حصول المسلمين على حقوق في الدول ذات الأغلبية المسيحية أو الهندوسية، مثل: الهند محلّ النقاش في هذا التقرير.

– يظل استمرار استهداف مسلمي الهند بأشبع الجرائم والاضطهاد والعنصرية والتمييز الممنهج من الحزب الحاكم في الهند، حيث التقييد على شعائر المسلمين، ومنها: صلاة الجمعة لغياب العدالة والقانون الدولي الذي يطبق فقط على الضعفاء ومسلمي الإيغور في الصين “أنموذجًا” حيث منعهم من الصلوات وإجبارهم على الإفطار في نهار رمضان.

– وبدلًا من إدانة الكيان المحتل على جرائمه بحق الفلسطينيين ولو سياسيًا كما كان يحدث في السابق من السلطات الهندية، استغل الحزب الحاكم العدوان الصهيوني على غزة لشيطنة المسلمين، وذهب يهذي قائلًا: على لسان أحد أعضائه “بأن الهند عانت من الإرهاب الإسلامي مثلما تعاني إسرائيل” ما يعني كمّ الكُره والحقد والعداء للإسلام وقلب بغيض للحقيقة التي لا تحتاج إلى برهان.

– إن حالات الإعدام دون محاكمة والتعذيب والمعاملة السيئة وقمع حرية المسلمين والتعبير وصلت إلى آفاق مخيفة وفق تقارير أوروبية، وإن كان يشمل بعض من الأقليات الأخرى في الهند، بحاجة إلى إدانة دولية وأممية وعقوبات على المسئولين هناك مثلما يحدث مع مستوطنين وإن كان ليس كافيًا أولئك الذين يرتكبون أبشع الجرائم في الضفة بحق الفلسطينيين أصحاب الأرض.

– بالرغم من تصنيف الهند كثالث أكبر بلد من حيث عدد المواطنين المسلمين في العالم بعد إندونيسيا وباكستان، حيث يتجاوز عددهم 200 مليون مسلم؛ إلا أن ذلك لم يشفع لهم وأن تُحترم مشاعرهم ومقدساتهم من قبل السلطات الجائرة هناك.

المصادر:

– بي بي سي

– الجزيرة

– فرانس24

– الوطن

– الشرق الأوسط

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.