fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

محور فيلادلفيا.. خيارات مصر في مواجهة تهديدات اتفاقية السلام

206

محور فيلادلفيا.. خيارات مصر في مواجهة تهديدات اتفاقية السلام

في عام 2008م وبفعل الحصار الخانق على قطاع غزة، اقتحم آلاف الفلسطينيين الحدود المصرية، ووقف الجيش والشرطة المصرية حينها مكتوفي الأيدي أمام تدفق آلاف الجوعى والمحاصرين باتجاه شبه جزيرة سيناء المصرية.

وعقب انتهاء الأزمة، عاد الفلسطينيون إلى قطاع غزة من جديد، واليوم يقول الكيان المحتل: استعدوا بدلًا من مئات الآلاف سيكون هناك مليون فلسطيني، وبلا عودة للقطاع من جديد، وتصفية كاملة للقضية الفلسطينية وإغلاقها تمامًا على حساب الفلسطينيين والأرض المصرية، وفي سبيل تحقيق هذا الهدف تسعى سلطات الكيان المحتل لدفع جميع الفلسطينيين النازحين عند محور فيلادلفيا على الحدود المصرية إلى أرض سيناء، ولكن هناك مصر والحكومة المصرية أمام أصعب اختبار، فالكيان المحتل يريد مهاجمة محور فيلادلفيا والمصريون استعدوا لذلك جيدًا، ووضعوا خياراتهم على الطاولة.

فمَا هو محور فيلادلفيا وأبرز الاتفاقيات المصرية الإسرائيلية المبرمة بشأنه؟ ولماذا يسعى الكيان المحتل للسيطرة على المحور؟ وما خيارات الدولة المصرية في التعامل مع محاولات الكيان المحتل انتهاك الاتفاقيات الموقعة؟

يركز موقع “رواق” للأبحاث والرؤى والدراسات في هذا التقرير عبر تحليلاته على بعض النِّقَاط المهمة حول محور فيلادلفيا والحرب على غزة وإستراتيجية الدولة المصرية أمام انتهاك الاتفاقيات والمعاهدات الموقعة بين الجانبين، في هذه السطور الآتية.

ما هو محور فيلادلفيا وأبرز الاتفاقيات المصرية الإسرائيلية بشأنه؟

في 23 من ديسمبر الماضي، قال رئيس حكومة الكيان المحتل بنيامين نتنياهو خلال مؤتمر صحفي: “إن منطقة محور فيلادلفيا الحدودية بين قطاع غزة ومصر ينبغي أن تكون تحت سيطرة إسرائيل”، معبرًا عن اعتقاده بأن حرب الكيان المحتل في قطاع غزة وجبهات أخرى في المنطقة، ستستمر شهورًا عدّة.

وأضاف قائلًا: “إن محور فيلادلفيا، يجب أن يكون تحت سيطرتنا، ويجب إغلاقه، ومن الواضح أن أي ترتيب آخر لن يضمن نزع السلاح الذي نسعى إليه”. (بي بي سي عربية).

وحذر مراقبون مصريون من انفجار الموقف بين مصر والكيان المحتل من جرَّاءِ الضربات التي تطال الشريط الحدودي الفاصل بين مصر وقطاع غزة، والذي يُعد منطقة عازلة ذات خصوصية أمنية.

ويسعى الكيان المحتل لتحويل قضية التهجير إلى واقع على الأرض؛ وذلك من خلال شن جيش الاحتلال الإسرائيلي هجومًا على محور فيلادلفيا، تجبر من خلال قوات الاحتلال جميع الفلسطينيين النازحين على طول الشريط الحدودي بين مصر وقطاع غزة والبالغ تعدادهم مليون فلسطيني على الاندفاع باتجاه الحدود المصرية.

ومن الناحية الجغرافية فإن محور فيلادلفيا أو محور صلاح الدين أو محور فيلادلفيوس كما يسمى أيضًا، هو الشريط الحدودي بين مصر وقطاع غزة، بطول 14 كم من البحر المتوسط شمالًا وحتى معبر كرم أبو سالم جنوبًا. (مصراوي).

ومن الناحية القانونية فإن محور فيلادلفيا وبموجب معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية الموقعة العام 1979م، هو منطقة عازلة كان يخضع لسيطرة وحراسة الكيان المحتل قبل أن تنسحب الأخيرة من قطاع غزة عام 2005م فيمَا عرف بخطة “فك الارتباط”.

وعقب انسحاب الكيان المحتل من قطاع غزة العام 2005م تم التوصل إلى بروتوكولًا سُمي: “بروتوكول فيلادلفيا”، وقعت عليه مصر وإسرائيل وهذا البروتوكول لا يلغي أو يعدل اتفاقية السلام، ولكنه أدخل تعديلات على حجم القوات الموجودة على طول محور فيلادلفيا، بهدف مكافحة الإرهاب كتنظيم (جماعة أنصار بيت المقدس) التي نفذت العديد من الهجمات الإرهابية ضد أجهزة الدولة المصرية المختلفة في شبه جزيرة سيناء، وتحديدًا في مدن رفح، والشيخ زويد، والعريش، وبئر العبد، إضافة إلى مكافحة عمليات التسلل عبر الحدود. (مصراوي).

بعد عامين من انسحاب جيش الاحتلال من قطاع غزة، سيطرت حركة حماس على هذا الممر الشائك الذي لا يتجاوز عرضه مئات الأمتار، وذلك بعد سيطرتها على القطاع، ومع تضييق الخناق الإسرائيلي على غزة العام 2008م، تجاوز الفلسطينيون هذا الممر والسياج الحدودي ليعبروا إلى الجانب المصري، ثم عادوا من جديد.

وعقب الحرب المصرية ضد الإرهاب في شبه جزيرة سيناء المصرية بدءًا من العام 2011م، أحكمت مصر قبضتها الأمنية على هذا الشريط الحدودي، وهدمت جميع الأنفاق الذي وصل تعدادها إلى 1500 نفق، كما عززت الدولة المصرية من انتشارها الأمني والعسكري على طول الحدود مع قطاع غزة. (بي بي سي عربية).

وبالتالي فإن محور فيلادلفيا، يُعد جزءًا من اتفاقيات مبرمه بين مصر والكيان المحتل، وقعت بعد سنوات من الصراعات والحروب بينهما، وتصريح رئيس حكومة الكيان المتحل الأخير، يظهر وبوضوح إستراتيجية إسرائيلية جديدة في المنطقة، قد تدفع نحو عودة الصراع من جديد بين مصر والكيان المحتل.

مساعي إسرائيلية للسيطرة على محور فيلادلفيا:

رسخت القدرات العسكرية المفاجأة للجناح المسلح لحركة حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية المختلفة خلال الحرب القائمة، للقناعة الإسرائيلية التي ترى أن ثمة أنفاقًا، لا تزال قائمة تحت هذا الممر الشائك.

ومنذ الحرب المصرية على الإرهاب في سيناء، اختلفت ملامح هذا الشريط الحدودي؛ ففي الجانب الفلسطيني جرفت حركة حماس مناطق حدودية، ونصبت أسلاكًا شائكة، فيمَا أنشأت مصر جدارًا فولاذيًّا، وأزالت منازل ومزارع بمدينة رفح المصرية وقراها، لإقامة منطقة حدودية عازلة تمتد لنحو خمسة كيلومترات إلى العمق في سيناء. (مصراوي).

وحاليًا تُعد البوابة الرئيسة الوحيدة على طول هذا الشريط الحدودي بين الجانبين الفلسطيني والمصري، معبر رفح البري، الذي يمثّل المنفذ الرئيس والوحيد المتبقي للغزيين على العالم الخارجي، لا سيما بعد أن أغلقت سلطات جيش الاحتلال الإسرائيلي جميع المنافذ الستة بين قطاع غزة وجنوبي الكيان المحتل منذ بَدْء الحرب إلى أن وافقت سلطات الكيان المحتل على فتح معبر كرم أبو سالم لدخول المساعدات إلى القطاع بعد أكثر من سبعين يومًا على إغلاقه، وبحسب مسئولين مصريين فقد تعرض معبر رفح على الجانب الفلسطيني إلى القصف الإسرائيلي 4 مرات، في إشارة واضحة تظهر رغبة الكيان المحتل في زيادة حدة الخناق على أكثر من 2.5 مليون فلسطيني.

ووجهت السلطات المصرية تحذيرًا متكررًا شديد اللهجة للكيان المحتل من أي عمليات عسكرية في المنطقة الحدودية العازلة، أو الإخلال بما تم الاتفاق علية في معاهدة السلام والاتفاقيات اللاحقة لها والتي تم إبرامها عقب حرب أكتوبر 1973م، وجاءت التحذيرات المصرية خاصة بعدما أصاب جيش الاحتلال الإسرائيلي بـ”الخطأ” كما قال، جنودًا مصريين بالقرب من معبر كرم أبو سالم على الحدود، في واقعة اعتذرت عنها إسرائيل لاحقًا. (بي بي سي عربية).

أهداف الكيان المحتل من السيطرة على محور فيلادلفيا:

يسعى الكيان المحتل للترويج لأي انتصار عبر إعلان سيطرته على محور فيلادلفيا، وتدرك السلطات المصرية أن الهدف الأساسي للكيان المحتل هو دفع جميع الفلسطينيين على طول الشريط الحدودي بين مصر وقطاع غزة إلى شبه جزيرة سيناء، ثم احتلال كامل قطاع غزة ومنع الفلسطينيين من العودة إليه من جديد، وبذلك لن يكون هناك شعب فلسطيني على أرض فلسطينية ليطالب بقيام دولته، بل سيكون الفلسطينيين إما في شبه جزيرة سيناء المصرية، أو منتشرين في عدة دول مختلفة وتنتهي القضية الفلسطينية بهذا الشكل.

وأمام هذه المخططات علقت حركة حماس على رغبه الكيان المحتل في تهجير الفلسطينيين إلى خارج القطاع بالقول بأنها أوهام إسرائيلية لن تتحقق، حيث قال أسامة حمدان، القيادي في حركة حماس: “إن قطاع غزة لن يكون إلا فلسطينيًّا خالصًا، وأن الشعب الفلسطيني هو من يقرر حاضره ومستقبله، مؤكدًا أن القطاع لن يكون إلا جزءًا أصيلًا من دولة فلسطين المستقلة، كاملة السيادة، وعاصمتها القدس”. (بوابة الشروق).

وأضاف حمدان، في مؤتمر صحفي من العاصمة اللبنانية بيروت: “أن حديث قادة الاحتلال الإسرائيلي المتكرر عما أسموه الهجرة الطوعية لسكان غزة، ما هو إلا تعبير عن أوهام وأحلام لن تتحقق، وسيهاجر هؤلاء المستوطنون الغرباء عن أرضنا، مرة أخرى وللأبد، إلى أوطانهم التي جاؤوا منها.

خيارات مصر أمام المخططات الإسرائيلي وما سيترتب عليها:

خرج مِلَفّ تهجير الفلسطينيين إلى شبه جزيرة سيناء المصرية من أيدي الاستخبارات المصرية والرئاسة والخارجية وبات الآن بيد الجيش، فالكيان المحتل لم تعد السياسة والدبلوماسية تجدي نفعًا معه، فالمطامع الصهيونية بأرض سيناء المصرية واضحة للمصريين.

وعلى لسان وزير الدفاع المصري الفريق أول “محمد زكي” الذي تحدث لأول مرة، قال الرجل صراحة “في عالم اليوم لا يوجد مكانًا للضعفاء”، والمؤسسة العسكرية المصرية بدأت بدراسة خياراتها، ولكن ومن البداية وقبل الوصول لخيارات المصريين، ما فعلته سلطات الكيان المحتل حتى الآن، كان بمثابة التمويه وخداع العالم، فهي قالت إنها ذاهبة لغزة لتصفية حركة المقاومة الفلسطينية حماس وإعادة مالها من مخطوفين. (سكاي نيوز عربية).

وعلى هذا دعم الغرب كله الكيان المحتل، وكان الداعم الأكبر والأبرز الولايات المتحدة الأمريكية، لكن الواقع أن الكيان المحتل يدرك استحالة القضاء على المقاومة الفلسطينية حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية الأخرى في قطاع غزة، ولذلك كان الهدف غير الرسمي لعمليات جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة هو تصفية القضية الفلسطينية تمامًا، عبر تهجير جميع سكان القطاع باتجاه سيناء المصرية، وهذا الكلام لم يصدر رسميًّا من وزير الحرب الإسرائيلي أو رئيس حكومة الاحتلال، ولكنه صدر عن بقية المسئولين تقريبًا في الكيان المحتل.

فإحدى وزيرات نتنياهو في ردها على سؤال: “لماذا تريدون تهجير الفلسطينيين؟” قالت بفجاجة: “لأننا لا نستطيع أن نقتلهم جميعهم أو أن نأسرهم كلهم كذلك”، إذًا وبهذه اللهجة، وكأن الأمر تحصيل حاصل، وشرع الكيان المحتل في تنفيذ ما كان حلمًا له، والآن يسعى لتحقيقه على أرض الواقع. (اليوم السابع).

فالخطة لدي الكيان المحتل تسير على مراحل متعددة، حيث تمكن جيش الاحتلال الإسرائيلي من دفع أكثر من مليون إنسان بلا مئوي ولا مكان أمن، من شمال قطاع غزة إلى الشريط الحدودي الفاصل بين قطاع غزة والدولة المصرية، في أقل من مساحة نصف القطاع، الذي لم يكن يتسع لهم أصلًا، وقطعت عنهم الماء والغذاء والدواء والوقود في عز الشتاء، وقربتهم خطوة من معبر رفح وبقية الحدود مع صحراء سيناء المصرية.

وبحسب صحيفة ميدل إيست القطرية الناطقة بالإنجليزية، فإن اليأس سيدفع هؤلاء جميعهم لاقتحام الحدود المصرية، وحديث الموقع القطري البريطاني جاء استنادًا على كلام شخصيات في الإدارة الأمريكية، التي رأت أن تهجير الفلسطينيين بات تحصيل حاصل، فالكيان المحتل لم يترك لأي أحد أي خيار للبقاء. (الجزيرة).

والتقرير القطري تحدث مطولًا عن معاناة الفلسطينيين في العراء وعن غياب حتى الصرف الصحي، وكيف ساهم ذلك في انتشار الأمراض والأوبئة، وأن في مثل هكذا حال لن يتمكن الفلسطينيين من احتماله، كما أن الإسرائيليين رفضوا حتى الآن مطالب العالم بالتوقف عن الحرب، ما يعني أن لا آمل تبقي، ولهذا قالت الصحيفة القطرية: أن اليأس ما سيدفع الفلسطينيين لترك غزة، وبالطبع لا وجهه لديهم سوى شبه جزيرة سيناء.

وبالنسبة للولايات المتحدة فلا بد من ذكر أحد أكثر التصريحات خطورة، وهي مطالبة الرئيس الأمريكي “جو بايدن” للمصريين بتسهيل عبور الفلسطينيين خارج القطاع عبر بوابة معبر رفح، وهذا تصعيد دبلوماسي خطير اعتبره المصريون تهديدًا لأمنهم وتحالفًا أمريكيًّا إسرائيليًّا لتصفية القضية الفلسطينية من جهة، والاعتداء على السيادة المصرية من جهة أخرى.

فالرئيس الأمريكي كان يرفض ما سماه التهجير القصري في نوفمبر الماضي، ولكن على ما يبدو، نجحت سلطات الاحتلال الإسرائيلي في تغيير رأيه، ما يعني أن الأمر الآن بات بيدي القاهرة والتي يتضح أمامها، التحالف الأمريكي الإسرائيلي للاعتداء على سيادتها من جانب، وتصفية القضية الفلسطينية من جانب آخر.

الاحتواء وتجنب التصعيد في التعامل مع الأزمة:

إحدى خيارات القاهرة في التعامل مع تدفق الفلسطينيين هو الاحتواء، تمامًا كما حدث في العام 2008م، ولكن يرى البعض أن ذلك يستحيل الآن، فالأعداد التي قد تقتحم الحدود المصرية هذه المرة هربًا من الجرائم الإسرائيلية، لن تكون بضع آلاف.

فالإعداد التي عبرت الحدود المصرية في الماضي كانوا مواطنين فلسطينيين عانوا من نقص في الإمدادات وحين حصلوا على ما يريدون عادوا إلى القطاع من جديد، ولكن هذه المرة فإن الكيان المحتل سيحتل كامل قطاع غزة ويمنع الفلسطينيين من العودة؛ ولذلك فإن خِيار الاحتواء ليس ممكنًا الآن.

الخِيار الدبلوماسي في الضغط على الكيان المحتل والغرب:

ولكن لمصر عدة خيارات أخرى، فالدولة المصرية لديها علاقات وشركات واسعة مع العديد من الدول والتكتلات الدولية، وستستغل الحكومة المصرية هذه الشراكات في خيارها السياسي للتعامل مع الأزمة، فقد مضت مصر بخياراتها السياسية منذ أول يوم للحرب على غزة، واستطاعت الدولة المصرية وبالتعاون مع باقي الدول العربية الشقيقة والدول الصديقة، إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع، والتوصل إلى هدنه إنسانية، وعقد صفقة لتبادل الأسري بين الجانبين.

فالدولة المصرية ستستخدم علاقاتها في الضغط وحشد العالم، وبالتالي وقف شبح التهجير وتصفية القضية الفلسطينية، والقاهرة عملت بجد في هذا المسار، ولكن على ما يبدو لم يأتِ ثماره مع الإسرائيليين الذين يضربون بعرض الحائط كل دعوات وقف إطلاق النار حتى الآن، والتي أجمع العالم عليها باستثناء الولايات المتحدة الداعم الأكبر للكيان المحتل؛ لذا ماذا إذا فشلت الدبلوماسية؟

خِيار المواجهة العسكرية مع الكيان المحتل:

الملف الآن بات في يد القوات المسلحة المصرية، والتي أكدت أن من عقيدتها أن تبقي شبه جزيرة سيناء مصرية حتى أخر ذرة رمل فيها، فهل تشتعل حربًا جديدة بين مصر والكيان المحتل؟

لقد خاضت الدولة المصرية 5 جولات عسكرية ضد الكيان المحتل منذ إنشائه في العام 1948 وحتى توقيع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية العام 1979م المعاهدة التي وضعت حدًّا للصراعات والحروب التي كانت مستمرة بينهما؛ لذا فالخيار العسكري يبدو مستبعدًا هو الآخر، فمنطقة الشرق الأوسط الآن مشتعلة من عدة اتجاهات، ونشوب حرب جديدة بين مصر والكيان المحتل، لن تقتصر على مصر والكيان المحتل، بل ستتدخل الولايات المتحدة وحلفائها على الخط، ليزداد لهيب الشرق الأوسط والعالم العربي أكثر وأكثر، كما أن الدولة المصرية والغرب يجمعهما العديد من المصالح والاتفاقيات المشتركة، ولن يخاطر الجميع بكل شيء من أجل الكيان المحتل، ولذلك يستبعد البعض الخِيار العسكري.

ويرى بعض المراقبون أن خِيار دعم فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة قد يصبح واقعًا، خاصة مع تسديد الفصائل ضربات موجعة للكيان المحتل وجيشه في قطاع غزة، وإذا ما فتحت القاهرة خطً لدعم وتمويل الفصائل فهذا قد يؤدي إلى فشل مخطط التهجير وتماسك المقاومة أكثر، ولكن تبقي الدبلوماسية المصرية أكثر الخيارات الواردة حتى الآن، في مواجهه مخططات التهجير الأمريكية الإسرائيلية، والتي لن تسبب الضرر بمصر لوحدها وتفقدها سيادتها على سيناء، بل ستؤدي إلى تصفية القضية الفلسطينية تمامًا لذا، فالخيارات الأقوى بيد القاهرة حاليًا هي الدبلوماسية ودعم الفصائل الفلسطينية في حربهم ضد جيش الاحتلال. (صحيفة العرب).

أهمية محور فيلادلفيا للشعب الفلسطيني:

لمحور فيلادلفيا أهمية بالغة بالنسبة لقطاع غزة والدولة المصرية، إذ تعبر من خلال البوابة الرئيسة الرابطة بين مصر والقطاع “بوابة معبر رفح”، أغلب الاحتياجات الأساسية سكان قطاع غزة، مما يقلل من وطأه وضغط الحصار الإسرائيلي المفروض على سكان القطاع؛ إضافة إلى ذلك فإن محور فيلادلفيا وبوابه معبر رفح الرابطة بين قطاع غزة والدولة المصرية، هي نقطة الاتصال بين قطاع غزة والعالم، في ظل غلق الكيان المحتل لجميع المعابر المؤدية للقطاع وعزل سكانه عن باقي العالم، كجزءٍ من سياسات الكيان المحتل اتجاه سكان القطاع.

وتكمن محاولة الكيان المحتل السيطرة على محور فيلادلفيا في التحكم بكل ما يدخل إلى قطاع غزة وعزل القطاع عن الدولة المصرية لفرض الإملاءات على الشعب الفلسطيني وممارسة أقصى درجات الضغط وتشديد الحصار على سكان القطاع، وتتمسك الدولة المصرية والشعب الفلسطيني بمحور فيلادلفيا لأهميته البالغة للجانيين المصري والفلسطيني في صمود الفلسطينيين أمام المخططات الإسرائيلية.

وحول أهمية المحور للجانب المصري، أوضح أستاذ العلاقات الدولية “طارق فهمي”، أن «مصر لا تأمن وجود إسرائيل في هذه المنطقة الحدودية ذات الأهمية الإستراتيجية، خاصة في ظل سعي كثير من المسؤولين من اليمين المتطرف إلى تحويل مشروع (تهجير الفلسطينيين) إلى واقع، فضلًا عن أن السماح بالسيطرة الأمنية الإسرائيلية يزيد من إحكام الحصار على القطاع، وهو ما ترفضه مصر، وتسعى لكسره دعمًا لصمود الفلسطينيين على أراضيهم».

وفي 10 يناير الحالي، ذكرت القناة «12 الإسرائيلية» أن «القاهرة رفضت طلبًا من تل أبيب بأن يتولى الكيان المحتل تأمين منطقة (محور فيلادلفيا)»، كما ونفت مصر في وقت سابق من الشهر الحالي، صحة تقارير نشرتها صحيفة «وول ستريت جورنال» حول تعاونها مع إسرائيل لنشر أجهزة مراقبة واستشعار في محور فيلادلفيا. (الشرق الأوسط).

الخلاصة:

– تدرك سلطات الكيان المحتل أن أهدافها المعلنة من الحرب على قطاع غزة، لا يمكن تحقيقها من الناحية العملية، فلم يتمكن أي جيش على مدار التاريخ العسكري من القضاء نهائيًّا على حركات المقاومة المسلحة التي تقاوم الغزاة، ولذلك فالهدف الحقيقي الذي يقف وراء الأهداف المعلنة هو تهجير جميع الفلسطينيين من قطاع غزة إلى شبه جزيرة سيناء وإعادة احتلال القطاع من جديد، وهذا ما استعدت له الدولة المصرية والفلسطينيين، ورفضه الجميع ووصفته حركة حماس بالأوهام الإسرائيلية، فالدولة المصرية لن تقبل المساس بسيادتها، كما أن الشعب الفلسطيني باقي وصامد داخل أراضية ولن يتخلى أبدًا عنها.

– نجح الكيان المحتل في إقناع الإدارة الأمريكية بمخطط التهجير، فبعد أن كان الرئيس الأمريكي يرفض تهجير الفلسطينيين إلى خارج القطاع، دعا المصريين إلى تسهيل عبور النازحين عند معبر رفح إلى الداخل المصري، وأتضح أمام المصريون والفلسطينيون التحالف الأمريكي الإسرائيلي أكثر وأكثر، ومع الضغط الإسرائيلي وزيادة حدة القصف أشارت العديد من الصحف العالمية، إلى أن اليأس هو ما سيدفع النازحين الفلسطينيين عند معبر رفح إلى الدخول نحو سيناء.

– تمتلك الدولة المصرية العديد من الخيارات للتعامل مع مخطط التهجير، فإلى جانب الخِيار الدبلوماسي والذي يشمل علاقات مصر وشراكاتها الواسعة مع العديد من دول العالم، هناك أيضًا خِيار دعم فصائل المقاومة الفلسطينية في حربها ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي، والذي سيشكل عاملًا حاسمًا في الحرب الدائرة حاليًا.

– يروج الكيان المحتل لفكرة وجود أنفاق أسفل محور فيلادلفيا، وذلك بهدف السيطرة على المنطقة وانتهاك اتفاقية السلام والاتفاقيات اللاحقة لها والموقعة بين مصر والكيان المحتل، وتنبع الرغبة الحقيقية لسلطات الكيان المحتل في السيطرة على المعبر في دفع جميع النازحين إلى شبه جزيرة سيناء المصرية، وذلك مع تحرك الآليات العسكرية لجيش الاحتلال الإسرائيلي باتجاه المحور؛ ولذلك تتمسك الدولة المصرية والشعب الفلسطيني بمحور فيلادلفيا لإبطال مخطط التهجير الإسرائيلي، إضافة إلى ذلك، فإن لمحور فيلادلفيا أهمية بالغة لدي مصر والشعب الفلسطيني في مواجهة الحصار الإسرائيلي على سكان القطاع.

المصادر:

سكاي نيوز عربية

اليوم السابع

الجزيرة

صحيفة العرب

بي بي سي عربية

مصراوي

بوابة الشروق

الشرق الأوسط

التعليقات مغلقة.