fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

داعش في ألمانيا… هل باتت الحرب الروسية الأوكرانية تمثِّل خطرًا على الأمن الأوروبي؟

270

داعش في ألمانيا… هل باتت الحرب الروسية الأوكرانية تمثِّل خطرًا على الأمن الأوروبي؟

تسبب اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، في معاودة ظهور قضية أمنية على الساحة الدولية والأوروبية كانت سائدة في حقبة الحرب الباردة؛ فقد عادت إلى الساحة الأوروبية من جديد، قضايا الأمن بمفهومها الضيق، أي: الأمن العسكري، وما يرتبط به من قضايا شائكة ومُلحة يجب النظر إليها وتحليلها بشكل جيد.

حيث تتبادل كلٌّ من روسيا وأوكرانيا (طرفي النزاع)، الاتهامات باستغلال المتطرفين والمرتزقة والمقاتلين الأجانب في ذلك الصراع المتصاعد؛ إذ أبدى تنظيم “داعش” الإرهابي وبعض التنظيمات الإرهابية الأخرى اهتمامًا بالغًا بالحرب الدائرة في الشرق الأوروبي.

والدليل ما وصفته الصُحف الناطقة باسم تنظيم “داعش”، وتناقلته صحف ووسائل إعلام دولية في مقالاتها الافتتاحية للحديث عن الحرب التي اندلعت في 24 فبراير من عام 2022 الماضي بـ”الصليبية – الصليبية”؛ ما يعني أن اندلاع الصراع المتنامي بين روسيا والغرب من شأنه أن يضعف الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب، بحسب ما ورد في عددٍ من التقارير الدولية والإقليمية المعنية بمتابعة الظاهرة الإرهابية.

لا يمكن الخلاف على أن الجماعات أو التنظيمات المتطرفة، لا سيما العابرة للحدود، تجد لها فرص كبيرة وعظيمة في الانتشار والتمدد وسط الفوضى وصراعات الحروب، وبالتالي لا توجد فرصة أو فوضى أعظم من تلك التي تُخلفها الحرب في عدم السيطرة على الحدود، ما يعني أن أوروبا أمام معضلة كبرى في حال استمرار تلك الحرب خلال السنوات المقبلة.

كما أن الحدود المُفتَّحة التي تسببها الحروب تعتبر الملاذ الآمن والبيئة الحاضنة للجماعات المسلحة والمتطرفة؛ الأمر الذي يعطيها فرصة جيدة للتمدد والانتشار من دون مواجهة، فكل الأطراف تكون بالطبع مشغولة بالحرب، ما يجعل من هذه الجماعة فرصة في تجهيز نفسها وعتادها، واستقطاب الشباب، إما الناقم جراء الأوضاع الاقتصادية كما هو الحال لدى الكثيرين في أوروبا، أو التي لديها ميول متطرفة وتخريبية وحانت له الفرصة.

ومن المرجح -وبشكل كبير-: أن تنظيم “داعش” وبعد ظهوره في ألمانيا وهولندا قد ينقل مركزه من الشرق الأوسط إلى أوروبا في ظل حالة من التصعيد، الأمر الذي يراه مراقبون أنه قد يخلق أفغانستان جديدة في العمق الأوروبي نفسه.

يركز موقع “رواق” للأبحاث في هذا التقرير عبر تحليلاته، عن بعض النقاط المهمة حول استمرار الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها على الأمن الأوروبي، وهي: مدى استغلال أجواء الحرب والحدود المفتوحة والممتدة لصالحة، وفرص انتشار جماعات الإرهاب في أوروبا، كذلك، كيف يستغل تنظيم داعش وما يشبهه من جماعات التطرف لاستغلال تلك الحرب لتحقيق أغراضه في تجارة وتهريب السلاح؟

الصراع الروسي الأوكراني:

لقد جاءت الحرب الروسية الأوكرانية لتغير هذا التصور الذي كان سائدًا، ولتثبت أنها غيرت طبيعة مفهوم وقضايا الأمن الشامل بمفهومه الواسع، وطبيعة القضايا التي سادت أوروبا بعد الحرب الباردة، فمع استمرار تدفق السلاح إلى أوكرانيا ومحاولات الجماعات المتطرفة كداعش والقاعدة أستغلال الأزمة الأوكرانية؛ كل ذلك يعصف بالأمن والاستقرار الأوروبي، وفي منتصف إبريل الماضي أصدر تنظيم داعش الإرهابي تهديدًا بإطلاق حمله “ثأر” لمقتل “أبو إبراهيم الهامشي القرشي” الزعيم السابق للتنظيم في فبراير الماضي في غارة أمريكية شمال سوريا. (بي بي سي عربية).

ومع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، أعلن تنظيم داعش الإرهابي أنه سوف يستغل حقيقة مفادها: أن الغرب بات منشغلًا بالصراع مع روسيا، وجراء ذلك، حيث يرى محللون أن استفادة تنظيم داعش الإرهابي من الحرب قد ترتبط بتفاقم الأوضاع الاقتصادية هناك. (بي بي سي عربية).

هل ثمّة علاقة بين داعش والحرب في أوكرانيا؟

لقد دعا تنظيم “داعش” الإرهابي أنصاره إلى مواصلة الهجمات في أوروبا لاستغلال انشغال العالم بالحرب التي قد نشبت روسيا على أوكرانيا، حيث قال المتحدث باسم التنظيم، عمر المجاهد، إنه يجب الاستفادة من هذه الحرب، وضرورة تحقيق نتائج مهمة على الأرض ضد أوروبا.

ولكن ترى مجلة “فورين بوليسي” في تقرير لها: إلى أن التنظيم ورغم أنه لم يختفِ كليًّا في بعض الدول؛ إلا أنه أصبح غير قادر بشكل كبير على شن ما يعرف باسم: “هجمات الذئاب المنفردة”، وهي الاعتداءات الفردية التي ينفذها مؤيدون أو عناصر ينتمون للتنظيم باستخدام أدوات تتوفر لديهم؛ سواء في أوروبا أو ربما في بعض الأماكن الأخرى.

بُؤر إرهابية تتشكل في أوكرانيا:

لا شك أن استمرار الصراع بين روسيا وأوكرانيا، سوف يسهم في إضعاف الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب؛ لذا يرى محللون: أن تداعيات الحرب ستؤثر لا محالة على اتجاهات التطرف والإرهاب، حيث جاءت متباينة للخبراء بين مَن يرى أنها ستوفر ملاذًا آمنًا جديدًا، وبؤرة إرهابية بدأت تتشكل في أوكرانيا حاليًا؛ لا سيما من جانب المقاتلين الروس والشيشان الذين لديهم عداء تاريخي تجاه موسكو؛ نتيجة حروبها في أفغانستان والشيشان وسوريا.

وهناك مَن يذهب في قراءته للمشهد إلى أن انشغال القوى الكبرى بالجبهة الأوكرانية والتي اشتعل فيها الصراع في ظل تدفق السلاح الغربي لكييف؛ إلا إنه سيعزز من فرص صعود التنظيم في معاقله الأساس في سوريا والعراق والشرق الأوسط عمومًا، لا سيما عقب إعلان “البيعة” لزعيم جديد للتنظيم، وتنامي فرع التنظيم في أفغانستان المعروف باسم: “ولاية خرسان”.

من جهتهم، وصف خبراء تحدَّثوا لوسائل الإعلام مؤخرًا عن التخطيط لعملية إرهابية داخل ألمانيا بأنه “خطير وسيخلِّف تداعيات كارثية، كما سيدفع الحكومة لتغليظ الإجراءات ضد الإرهاب، وتشديد المراقبة وتتبع مصادر التمويل”.

في هذا الشأن قال باحثون: “إن ‏المجموعة المتهمة بالتخطيط للعملية الإرهابية، تسللت مؤخرًا إلى ألمانيا”، ويبدو أنها دخلت إلى ألمانيا بتوجيه من تنظيم خراسان في أفغانستان، وما يثبت ذلك أنهم جميعهم من دول آسيا الوسطى؛ فهذا الترابط في الجنسيات يقول: إن هناك خطة منظمة لعودة داعش إلى أوروبا”. (بي بي سي عربية).

أشارو إلى خطورة ما أعلن عنه التنظيم سابقًا، بأنه “يستثمر الحرب في أوكرانيا للحصول على السلاح والخبرة والتدريب للانتقال إلى داخل أوروبا، لتنفيذ عمليات إرهابية”.

وأضافوا أن “الأخطر في الأمر هو أن دول آسيا الوسطى تعتبر المادة الصلبة في تنظيم خرسان، وهذا ما يدعم فكرة أن هذه الشبكة مرتبطة بتنظيم داعش”.

وواصلوا حديثهم قائلين: إن “الخطوة التي قامت بها وزارة الداخلية الألمانية في تفكيك هذه الخلية، يعني أن برلين تقوم بتنفيذ إجراءات جيدة ضد التطرف في ألمانيا، بالتوازي مع التطرف اليميني، وأعتقد أن التحقيقات في هذه القضية ستكشف تفاصيل أكثر حول التطرف الديني في ألمانيا”. (بي بي سي عربية).

ويشار هنا إلى أن هناك حملات على مواقع التواصل الاجتماعي منذ عدة أعوام تحمل عناوين، مثل: “شقيقتك في المخيم”، وتهدف تلك الحملات إلى توفير تمويل مالي للنساء في تنظيم “داعش”، اللاتي يعشن مع أطفالهن في سوريا منذ هزيمة التنظيم؛ خاصة في مخيم الهول الذي يسيطر عليه الأكراد.

كما تحدثت عدة تقارير عن أنه “يتم تهريب مَن يشعرون بانتمائهم للتنظيم الإرهابي من النساء والأطفال والشباب، إلى خارج المخيم مقابل مبالغ كبيرة من الأموال، وجرى احتجاز عدد قليل من النساء اللاتي عدن إلى ألمانيا خلال الأعوام الماضية عقب عودتهن، ومثلوا أمام المحاكم، ومن المقرر أن يمثل المشتبه بهم السبعة أمام قاضي تحقيق، والذي سيقرر: هل سيبقون رهن الاحتجاز الاحتياطي قبل المحاكمة أم لا؟

كيف يستغل داعش الاضطرابات الاجتماعية بالدول؟

يرى باحثون: أن هناك دعوات حثيثة من قِبَل تنظيم داعش للجنود في صفوف روسيا وأوكرانيا إلى عدم القتال ضمن الجيشين المتصارعين على الأراضي الأوكرانية، واستنفاره عناصره للمجيء إلى ما يسمَّى: “أرض الخلافة الموعودة”، أي: معاقل التنظيم الرئيسة في سوريا والعراق التي يسيطر عليها، ثم بعد ذلك تحرير مسلمي أوروبا من حكم الصليبين على حد وصف التنظيم.

ويضيف مراقبون: إن استغلال الحرب وحال عدم الاستقرار والفوضى وموجات النزوح وحال الرخاوة الأمنية الناتجة من الحرب لاستقطاب مقاتلين أجانب جدد إلى معاقله وتوسيع شبكة خلاياه النشطة في أوروبا، لكنهم يرون في الوقت نفسه: أن احتمال التوظيف لا يزال متوقفًا على مآلات انتشار الفوضى التي ستخلفها الحرب ومدى امتدادها الزمني، لكن حتى الآن الحاضنة العقائدية غير متوافرة بشكل كبير لتصبح أوكرانيا بؤرة داعشية جديدة.

ووفق باحث في صحيفة “الأهرام ويكلي” المصرية في مقال نشره مركز “تريندز للبحوث والاستشارات” إنه “في ظل توقع موجة جديدة من الاضطرابات الاجتماعية الناجمة عن ارتفاع تكلفة المعيشة في المجتمعات المتضررة بشدة من الجائحة ثم تداعيات الأزمة في أوكرانيا، فإن الجماعات المتطرفة والإرهابية يتوقع أن تسعى لاستغلال الموقف لصالحها في المرحلة المقبلة”.

وفي مايو الماضي حَذَّر الأمين العام لجامعه الدول العربية “أحمد أبو الغيط” خلال مشاركته في الاجتماع الوزاري للتحالف الدولي لمكافحة تنظيم “داعش” في مراكش بالمغرب في مايو الماضي حذَّر من أن “التنظيمات المتطرفة، مثل: داعش قد تستغل تداعيات الحرب في أوكرانيا وأيضا تداعيات ظاهرة التغير المناخي”. (بي بي سي عربية).

يشار إلى أن الحرب في أوكرانيا أضافت أعباءً جديدة على الدول التي تعاني من أزمات سابقة، فعلى سبيل المثال: أدَّت الحرب إلى نقص في الحبوب وارتفاع أسعار الوقود والمواد الغذائية مع ارتفاع معدلات التضخم في دول مثل لبنان وسوريا وتونس وليبيا واليمن.

ويرى خبراء: أنه من الممكن مع استمرار الحرب وتفاقم الأوضاع والأزمات الأقتصادية والأجتماعية في الدول التي تعصف بها حالة من عدم الاستقرار أن تدفع هذة الأزمات الداخلية المزيد من السكان في هذه البلدان إلى الانضمام إلى جماعات متطرفة، مثل: داعش والقاعدة في خيار قابل للحياة. (بي بي سي عربية).

داعش والمملكة المتحدة:

وبما أن المملكة المتحدة ليست بمعزل عن الاتحاد أو القارة الأوروبية، لا سيما في ظل الحدود المفتّحة فيما بينهم، فقد حذَّر تقرير حكومي بريطاني صدر في منتصف يوليو من العام الجاري 2023، من أن تنظيمي: “داعش” و”القاعدة” يخططان لهجمات إرهابية في المملكة المتحدة.

ووفقًا لصحيفة “ذي تايمز” البريطانية، نقل التقرير عن وزيرة الداخلية البريطانية سويلا برافرمان، قولها: إن التهديد الإرهابي لهذه الجماعات هو “الأكثر خطورة” في المملكة المتحدة، مؤكدة أن ثلاثة أرباع وقت جهاز الاستخبارات الداخلية (MI5) مخصص لمحاربتها.

وبحسب ما ورد بالتقرير، حذرت برافرمان، قائلة: “إن هذا الإرهاب لا يزال يمثل التهديد الأكبر السائد في البلاد، فقد أصبح غير قابل للتنبؤ به بشكل متزايد، مما يجعل من الصعب اكتشاف التهديدات والتحقيق فيها”.

وأشارت الوزيرة إلى أنه من المتوقع أن تزداد صعوبة تتبع النشاط المتطرف والتحقيق فيه، مع الإشارة للهجمات التي غالبا ما تأتي عبر الإنترنت.

وفي ذات السياق، ذكر مصدر في الحكومة البريطانية للصحيفة نفسها، بالقول: “هذا هو التقرير الأول من نوعه منذ خمس سنوات، وهو تحديث شامل لإستراتيجية المملكة المتحدة للتصدي للإرهاب، يتعلق الأمر بالتهديدات التي يشكلها تشتت وانتشار أعضاء تنظيمي: داعش والقاعدة لشعبنا، في الوقت الذي تحاول فيه الجهات الفاعلة الدولية، مثل: روسيا وإيران بشكل متزايد، كذلك في الإشارة إلى استمرار الحرب بين كييف وموسكو، الاستفادة من الإرهاب هنا في المملكة المتحدة”.

وقال التقرير: “هناك نحو 800 تحقيق جار لشرطة مكافحة الإرهاب البريطانية، وفي العام الماضي تم القبض على 169 شخصًا بسبب جرائم متعلقة بالإرهاب، كما أحبطت السلطات 39 هجومًا في المراحل الأخيرة من التخطيط، معظمها من قبل متطرفين إسلاميين. تم إحباط مؤامرتين في الأشهر السبعة الماضية”. (آر تي عربي).

تقرير المركز الدولي لمكافحة الإرهاب في هولندا:

وفق المركز الدولي لمكافحة الإرهاب في هولندا، يعتقد أنه بعد تفشي وباء كورونا الجديد، أصدر تنظيم “داعش” أيضًا بيانًا مشابهًا، زاعم فيه أن الوباء سيستنفد موارد ” العدو “وتحويل النفقات من حيث الأمن، فإنه يوفر فرصة للمتطرفين. (بي بي سي).

وقال خبراء بالمركز: إن قادة داعش يرون في ذلك خطة طويلة المدى، محذرًا من أن “تدهور الأوضاع السياسية والاجتماعية؛ خاصة في المناطق التي يتواجد فيها داعش، قد يكون في مصلحة التنظيم”، أبرزها: أن التنظيم الآن أصغر مما كان عليه من قبل؛ بالإضافة إلى نقص الموارد المالية، وأعداد عناصرة في التراجع، جراء زوال “الخلافة المزعومة” التي جذبت أعضائها.

قالت مديرة المركز الدولي لدراسة التطرف العنيف ومقره الولايات المتحدة، وفي ذلك أشارت إلى أن تنظيم داعش “أظهر معدنه الحقيقي البعيد كل البعد عن الإسلام فضلًا عن أن الكثيرين اكتشفوا طبيعته الفاسدة وابتعدوا عن الانخداع به”.

وحذرت من وصفته بأنه “أسوأ سيناريو” يمكن أن تؤدي فيه الحرب في أوكرانيا إلى “جعل المزيد من الناس أكثر ميلًا لدعم تنظيم داعش”.

وتابعت: “لكنني أعتقد أن هناك فرصة ضئيلة للتعبئة الجماهيرية مثلما شهدنا خلال السنوات القليلة الماضية”.

ويرى محللون: إنه لا يمكن أن نطابق مثل هذه الحالات ببعضها البعض، ولا يمكن أن نصف عوامل النشأة والتمدد بأنها متطابقة بين كل التنظيمات والميلشيات المسلحة، ولكن التقارب والتشابه موجود ومتوافر، بل بات واضحًا وظاهرًا، ما قد يجعلنا نتكهن أو نتوقعه لما هو آتٍ في القارة الأوروبية. (بي بي سي).

هل تصبح أوكرانيا حاضنة للإرهاب؟

في تقرير مهم للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بعد شهرين فقط من اندلاع الحرب، حذَّر غوتيريش من التهديد الذي يشكله “داعش” للسلام والأمن الدوليين، والأخطار الأمنية في شأن المقاتلين العائدين إلى أوروبا.

وأوصى التقرير الأممي آنذاك بضرورة إبقاء الأحداث تحت المراقبة المستمرة، لكن مع اشتعال الحرب في أوكرانيا تجددت التحذيرات من خطورة تحول البلد الأوروبي الذي تمزقه الحرب إلى ملاذ آمن للنشاط الإرهابي في المنطقة التي عانت خلال السنوات الأخيرة هجمات مميتة “للذئاب المنفردة” المنتسبين إلى التنظيم الأكثر وحشية في تاريخ الإرهاب العابر للحدود.

ويرى مراقبون وفق مركز “تريندز” للبحوث والاستشارات بأبوظبي، إنه على هامش الحرب الروسية الأوكرانية ثمة حروب أخرى دائرة بين المتطرفين ليس فقط الآن، ومنذ أن ضمت موسكو شبه جزيرة القرم، وخلال السنوات الماضية، فقد أثبتت وجود انجذاب من الروس للانضمام إلى “داعش”؛ إذ ارتفع عدد الروس في ذروة نشاط التنظيم عام 2015 بنسبة تقدر بـ 300%.

عدد الروس المُنضمين لداعش:

أوضح مراقبون: أن أعداد الروسي منذ ضم القرم والكارهين للرئيس بوتين، قد بلغت نحو 2400 إرهابي في مقابل 800 فقط عام 2014، حيث من أبرز الشخصيات قيصر توكوساشفيلي المعروف باسم: “البراء الشيشاني”، والذي شغل نائب وزير الحرب بالتنظيم، استقر على بعد 85 كيلومترًا فقط جنوب العاصمة الأوكرانية كييف بقرية بيلا تسيركفا، حتى احتجزته القوات الخاصة بنوفمبر (تشرين الثاني) 2019.

وفي عام 2015، حذَّر تقرير للبرلمان الأوروبي من وجود مقاتلين لـ”داعش” وخلايا أصولية في المناطق المتنازع عليها بين روسيا وأوكرانيا، وهو ما كشفته آنذاك صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية بعد ذلك في تحقيق حول وجود “قوة شيشانية من المتطوعين المتعاطفين مع (داعش) في المناطق المتنازع عليها من قِبَل الانفصاليين الروس والقوات الأوكرانية”.

وأشارت التقارير إلى أن السلطات الأوكرانية لم تنكر هذه المعلومات البتّة. (اندبندنت).

الخلاصة:

– يمكن القول بأن هناك قلقًا أوروبيًّا بالغًا؛ ليس فقط في ألمانيا أو هولندا أو حتى التحذيرات في دولتي الصراع، إنما أيضًا هناك هاجس تتناوله السُلطات في بريطانيا، من احتمالية استغلال داعش لهذه الحرب وتنفيذ عمليات انتقامية بهذه الدول.

– إن تبادل الاتهامات بين روسيا وأوكرانيا سيصُب في صالح داعش أو غيرها من التنظيمات الإرهابية التي تستخدم الصراع ذريعة أو وسيلة لتحقيق غايتها ونشر فكرها المتطرف. 

– كما أن إطالة أمد الحرب سيسهم أو يخلق فرصة كبيرة لضم جماعات جديدة أو منشقون من كلا الجيشين أو حتى المواطنين إلى داعش أو بعض التنظيمات الأخرى.

– أرى أن ما يحدث في السودان من فوضى عارمة بين طرفي الصراع، كذلك يحدث في النيجر على خلفية الانقلاب العسكري على الرئيس (محمد بازوم)، وهو ما استاءت منه الجزائر خشية فوضى الحدود الممتدة مع النيجر، كذلك الصراع الروسي الأوكراني، سيفتح آفاقًا وفرصًا جديدة أمام داعش والتنظيمات الأخرى لتجارة ونقل السلاح.

– إن فوضى الحروب عمومًا تُخلِّف عدم السيطرة على الحدود للدول وتكون مفتوحة على مصراعيها، ما يعني أن الأمن الأوروبي بات مهددًا بدرجات كبيرة في ظل استمرار الصراع الروسي – الأوكراني.

– كما أن إلقاء القبض على بعض الجماعات المسلحة في ألمانيا وهولندا مؤخرًا، هي ضربة استباقية للتنظيم، لكنه ربما يُزيد من حِدَّة الخلاف غير المعلنة بين دول الاتحاد الأوروبي؛ بسبب استمرار الدعم اللامحدود لأوكرانيا والذي من شأنه إطالة أمد الصراع، لا سيما بعد ظهور عناصر للتنظيم، وحتى لو كان ظهورًا غير قوي.

– وبالأخير، فإن استمرار الحرب في الشرق الأوروبي، سوف يسهم في انتشار جماعات التطرف والإرهاب وهو ما قد بدأ بالفعل؛ لذا فالحل يكمن في الجلوس على مائدة المفاوضات لحلحلة الأزمة بين الغرب ورسيا، وإلا في القادم سيكون الأسوأ على القارة العجوز، لا سيما بعد ما لوحت روسيا بأن كثرة مد أوكرانيا بالسلاح؛ سيجعل من السهل وقوع تلك الأسلحة بأيدي الجماعات الإرهابية.

المصادر:

بي بي سي عربية

سكاي نيوز عربية

اندبندنت

آرت عربي

التعليقات مغلقة.