fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

خطة البقاء الصهيوني في غزة.. أهدافها وتداعياتها وكيف ستكون ردة الفعل الفلسطيني والعربي؟

0 40

خطة البقاء الصهيوني في غزة.. أهدافها وتداعياتها وكيف ستكون ردة الفعل الفلسطيني والعربي؟

لقد أمعن الاحتلال الصهيوني في جرائمه على الأراضي الفلسطينية المحتلة التي كانت ولا تزال منذ النكبة مرتعًا يفعل الاحتلال كل ما يحلو له من قتل وسفك للدماء، وسرقة الأرض وهتك العِرض، وبناء المستوطنات، ولمَ لا وهو فوق القانون الدولي يحميه أكثر الدول حديثًا عن الديمقراطيات المزعومة وحقوق الإنسان، حتى جاء إعلان نتنياهو ليزيد الطين بلَّة في ظل استمرار العدوان الغاشم وسياسة الأرض المحروقة على قطاع غزة وسكانها، ليخطط لإبقاء عصاباته في قطاع غزة 10 سنوات، فهل تهدف بالقطع إلى تحويل القطاع إلى واقع يشبه تمامًا الضفة الغربية المحتلة؟

سنُركز في هذا البحث بمركز “رواق” عن مخطط الاحتلال ومشروعه الصهيوني تجاه قطاع غزة: هل يستطيع البقاء لعقد من الزمان يدير فيها القطاع؟ وإلى أي مدى ستُفضي سياسة نتنياهو مع المقاومة ومعركته مع خصومه السياسيين في الداخل الإسرائيلي؟ كيف سيكون حال القطاع حال بقاء قوات الاحتلال في غزة؟ ما أبرز التوقعات حال فشلت خطط الاحتلال الكارثية في غزة؟ هل إنشاء “ميناء عائم” على شاطئ غزة لدخول المساعدات يبرهن على عجز أمريكا في مواجهة نتنياهو أم أنها خطة خبيثة للتهجير الطوعي؟

ننوه إلى أن وجهة نظر حكومة الاحتلال الرسمية التي تدعي أن قانون الاحتلال لا ينطبق عليها، ويدعي أن الأراضي “متنازع عليها”، كما يدعي الكيان المحتل في ذلك عدة أسباب للاحتفاظ بالضفة الغربية تحت سيطرته في زعمه الكاذب بأنها: مطالبة تستند إلى فكرة الحقوق التاريخية في هذا كوطن، كما تم التأكيد عليه في إعلان بلفور؛ أسباب أمنية داخلية وخارجية، والقيمة الرمزية العميقة المزعومة لليهود في المنطقة المحتلة، هكذا ادعى الكيان الصهيوني في مبرراته الواهية.

سياسة قتل الفلسطينيين ومعركة نتنياهو مع خصومه في الداخل:

ذكرت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” أن نتنياهو إضافة إلى مجهوده الحربي وهي بالطبع قتل الفلسطينيين، فإنه أيضًا يخوض معركة شرسة مع خصومه السياسيين، ويخطط للبقاء في السلطة لسنوات كثيرة أخرى، وأن على إسرائيل أن تبدأ بالتعود على الرقم (10) “فهذا من وجهة نظر الصحيفة العبرية هو عدد السنوات التي من المحتمل أن تبقى فيها إسرائيل في قطاع غزة، وفقًا للتفكير الحالي المنبثق من مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو”.

ولكن بحسب تقديرات أمنية، فإن المرحلة الأولى من الحرب الحالية التي عنونتها إسرائيل بالقضاء على حركة المقاومة “حماس”، سوف تستغرق سنة أو سنتين، ولكن خلق واقع جديد في غزة تستقر فيه حكومة بديلة لـ”حماس” سيحتاج ثماني سنوات أخرى إضافية”؛ هذا إذا حدث فعليًّا على الإطلاق. (الشرق الأوسط).

نحن أمام اعتراف من الإعلام الصهيوني نفسه ضمنيًّا بأن خطة نتنياهو هو البقاء في غزة لمدة عقد من الزمان ما يعني استمرار سياسة القتل للمدنيين وتشريد الأطفال والنساء من أجل البقاء في السلطة، وبالتالي حتى يتعين على إسرائيل الحفاظ على وجودها المستمر في قطاع غزة، لأنه حتى مع وضع جديد لا تكون فيه “حماس” مسيطرة على القطاع، بحسب ما تقدَّر خطة رئيس وزراء الاحتلال وتأمله؛ إلا أن بالتأكيد دائما سيكون هناك مسلحون في غزة لمواجهة جرائم الكيان المحتل، وبالتالي سيتعين على جيش الاحتلال مواصلة قتالهم.

وضع الضفة المحتلة وقطاع غزة المُكتظّ بالسكان:

تسيطر قوات الاحتلال على مناطق متفرقة وكبيرة في الضفة، وتبلغ مساحة الضفة 5,860 كم2، وتشمل هذه المنطقة جغرافيًّا جبال نابلس وجبال القدس وجبال الخليل والشطر الغربي من غور الأردن، احتلت إسرائيل الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967، وعلى إثر ذلك، فقد أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قرار 242 الذي نص على ضرورة انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها بموجب القانون الدولي.

نقطة مهمة نشير إليها هنا في مركز “رواق” للأبحاث، وهي تتعلق بالوضع الديموغرافي، حيث يمُنُّ الله تعالى على قطاع غزة الذي يواجه سياسة القتل بسرعة الإنجاب ودومًا الغالبية من الذكور، وكأن الله يُعوض من يقتلون جراء العدوان الصهيوني المستمر، وأما عن مساحة القطاع المُكتظ بالسكان، يبلغ طول قطاع غزة نحو 41 كيلومترًا. (الشرق الأوسط).

ويتراوح عرضه من 6 إلى 12 كيلومترًا، وتبلغ مساحته الإجمالية 365 كيلومترًا مربعًا، يعيش في قطاع غزة حوالي 2.5 مليون فلسطيني، مما يجعل الكثافة السكانية عالية بصورة كبيرة، يرى من ذلك المخطط أن دولة الاحتلال تريد أو تهدف أن تصل إلى تحويل قطاع غزة إلى الضفة الغربية، بحيث تبدو غزة كما تبدو الضفة تمامًا.

هل يخطط الاحتلال لتحويل الوضع في غزة إلى مثيله في الضفة؟

تهدف خطط الاحتلال بمساعدة أمريكيَّة وغربيَّة ولو بشكل غير معلن على البقاء، ونزع سلاح القطاع من الأسلحة الثقيلة وفق ما ذكرت الصحيفة العبرية، مع ضربات وعمليات صهيونية لا نهاية لها على مراكز المقاومة التي تعتبر الدفاع الشرعي عن أراضيها بـ”الإرهاب”، وتنفيذ مداهمات مثل تلك التي ينفذها الجيش الإسرائيلي في نابلس وجنين حاليًا، وتدمير منازل المقاومين، ومن ثم استمرار الاعتقالات الليلية خصوصًا في خان يونس والشجاعية، حيث مسقط رأس يحيى السنوار زعيم حركة حماس؛ لأنها بالطبع لن تتوقف عن مقاومة الاحتلال مع باقي الشباب الفلسطيني الآخرين.

تذهب خطط زعيم الإرهاب الصهيوني نتنياهو إلى ما هو أبعد من ذلك، إلى إنشاء “حكم عسكري إسرائيلي في غزة”، ومحاولة السيطرة على غزة من بعيد، وهو بالطبع حُلم سيكون بعيد المنال، كما من الصعب بناء المستوطنات هناك مثل الضفة؛ لأن المقاومة ستكون من المؤكد عنيفة للغاية على عكس الضفة التي تقاوم أيضًا، ولكن ليس بنفس وتيرة قطاع غزة الذي دمره الاحتلال ولا يزال.

وقد تم طرح بعض الساسة في دولة الاحتلال من قبل مع رغبة أمريكيَّة في تولي قوات عربية أو مصريَّة قطاع غزة أو سلطة فلسطينية موحدة لا يكون منها حماس، كما يطرح ساسة في إسرائيل عودة القيادي في “حركة فتح” محمد دحلان إلى غزة.

حيث تم ترشيح اسم محمد دحلان في إطار مشاورات حول اليوم التالي لنهاية الحرب على قطاع غزة، لكن الرئيس محمود عباس يخطط لشيء آخر يتضمن تشكيل حكومة من الخبراء بالاتفاق مع الولايات المتحدة الأمريكيَّة من أجل حكم القطاع، فيما لم يتضح موقف “حماس” النهائي حتى الآن. (الشرق الأوسط).

نتنياهو يتجاهل خطط أمريكيَّة عربيَّة لليوم التالي للحرب:

ولكن ما يواجه قطاع غزة المكدس بالسكان مصير يشوبه الغبار؛ نتيجة سياسات الاحتلال الذي لا يعرف آدمية أو حقوق إنسان، إنه لا يبالي بطرح حكومة فلسطينية، سواء شكلتها السلطة بدعم أمريكي، أو “حماس” أو أطراف عربية، فهو حل ليس مطروحًا على أجندة نتنياهو الذي يرفع شعار: “لا حماسستان ولا فتحستان”، كما يُردد في الرأي العام الإسرائيلي، إذ يريد لعشائر أن تتولى الحكم في غزة لحين البت في شكل الحكم بغزة لاحقًا.

وبالطبع هو توجه تحاربه السلطة و”حماس” على حد سواء، حيث أرسل الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع بداية عام 2024 رسائل متطابقة إلى عدد من الرؤساء ورؤساء الوزراء والمنظمات والاتحادات، أكد فيها رفض دولة فلسطين لما أعلنه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من “مبادئ لليوم التالي للحرب” على قطاع غزة. (سكاي نيوز).

وقد ذكر الرئيس عباس عبر رسائله تلك أن “ما جاء في خطة نتنياهو لليوم التالي للعدوان، يعكس سياسات حكومته المعلنة التي تنكر الشعب الفلسطيني، وتصرُّ على فرض السيادة الإسرائيليَّة على كامل الأرض الممتدة من البحر المتوسط إلى نهر الأردن”.

إن حديث أبو مازن عن قطاع غزة يؤكد على أن السلطة وحماس مُتفقتان على رفض طرح نتنياهو، كما يؤكد على أن القطاع جزء لا يتجزأ من دولة فلسطين، واستعدادهما للقيام بما يلزم من أجل تولي مسؤوليات الحكم في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية، ورغبة السلطة الفلسطينيَّة في إرساء الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة في إطار خطة سلام شاملة، وهو ما ترفضه دولة الاحتلال من أجل سرقة الأرض ومقدرات الشعب الفلسطيني.

تصريحات حركة فتح التي سترفضها- بالقطع- حركة حماس في التخلي عن السلطة في غزة، عبر رسائل الرئيس محمود عباس التأكيد للأمريكيين والعالم ومنهم مصر والعالم العربي، أنه بدأ مشوار الإصلاح، وأن السلطة جاهزة لتشكيل حكومة فلسطينية من الخبراء قادرة على تولي حكم قطاع غزة.

ولكن على ما يبدو واضحًا أن خطط رئيس الوزراء الإسرائيلي ستواجه إلى جانب الرفض الفلسطيني المطلق، معارضة مصرية أمريكية ودولية وعربية، على إعادة احتلال القطاع أو أي جزء منه، أو اقتطاع أي شبر من أراضيه، لصالح سلطة الاحتلال وهو ما لم يستطع نتنياهو استيعابه حتى الآن ومحاولة بقائه في السلطة بأي ثمن وعلى حساب جثث الفلسطينيين من الأطفال والنساء والشيوخ. (سكاي نيوز).

الحقيقة: ليس مستغربًا ما يصرح به نتنياهو ولا يزال، من أن الحرب على غزة لن تنتهي قبل القضاء على حركة حماس، لكنه في ذات الوقت يستبعد أو متخوفا، رغم تصريحاته الأخيرة حول إمكانية إعادة احتلال إسرائيل للقطاع؛ لأنه يعلم جيدًا الثمن الباهظ الذي ستدفعه قواته هناك وما يحدث لهم من مقاومة مضنية حاليًا رغم الدمار الذي أحلَّ بالقطاع ليس ببعيد.

خطط البقاء في قطاع غزة.. كيف سيبدو حال القطاع؟

فقد علقت صحف عبرية على تصريحات زعيم الاحتلال الصهيوني، وعما كيف ستبدو غزة بعد خمس أو عشر سنوات، أو من وجهة نظر الرواية الإسرائيليَّة، بالقول: “تمامًا كما تبدو الضفة الغربية الآن، سيتم نزع الأسلحة الثقيلة ووضعه تحت سيطرة فلسطينيَّة معادية، ولكن جزئيًّا.

حيث تذكرنا هذه المحاولة البائسة إلى قيام الاحتلال بشن ضربات وعمليات إسرائيليَّة لا نهاية لها على مراكز المقاومة في عمق القطاع في حال نشطت مرة أخرى بعد الواقع الجديد؛ بالإضافة إلى المداهمات مثل تلك التي ينفذها الجيش الإسرائيلي في مدن فلسطينية عدة حاليًا ردًّا على جرائم الاحتلال الصهيوني الذي لم يتوقف منذ السابع من أكتوبر الماضي. (روسيا اليوم).

إعلام إسرائيلي: رغبة نتنياهو في البقاء سبب إطالة أمدِّ الحرب:

يرى بعض وزراء مجلس الحرب في دولة الاحتلال أن نتنياهو واهم، ولن “تطأ قدميه قطاع غزة” لا قبل ولا بعد إنهاء الحرب، فالثمن سيكون باهظًا ومكلفًا للغاية والقضاء على حماس لن يكون سهلًا كما يزعم نتنياهو، وأن المقاومة في فلسطين لن تتوقف حتى لو من خارج حماس. (روسيا اليوم).

فقد أفادت وسائل إعلام إسرائيلية أن أكثر من 53% من الإسرائيليين يرون أن هدف البقاء السياسي هو ما يدفع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لإطالة أمد الحرب في غزة، حيث استمرار العدوان الإسرائيلية على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي، موقعة آلاف الشهداء وعشرات الآلاف من المصابين؛ بالإضافة إلى تدمير مبانٍ وطرقات وكافة البُنَى التحتية. (اليوم السابع).

لا سيما أن النظام الصحي في قطاع غزة بات خارج الخدمة وفق تقارير أمميَّة ومنظمة الصحة العالميَّة التي تندد من سوء الأوضاع، ولكن لا حياة لمن تنادي من عدوان فقد صوابه ولم يكترث بهؤلاء الجرحى والمرضى والموتى جراء قصفه الوحشي، كما وصفت منظمات دوليَّة بأن جهاز الإسعاف بات شبه منهارٍ، حيث قصف الاحتلال الإسرائيلي نحو 120 مركبة إسعاف، ونحو 36 خرجت من الخدمة ومنها ما يعمل بشكل جزئي فقط وبدون معدات أو أجهزة.

وكأن سياسة الاحتلال في غزة تقول: “من لم يمت بالقصف سيموت بالمرض أو جوعًا أو عطشًا”، خصوصًا أنه مستمر حتى اللحظة في اقتحام غالبية أو جميع المستشفيات في غزة وشمالها وهدمها، ونكلت بالطواقم الطبية والنازحين والمرضى والمصابين؛ أبشع الجرائم التي لا تعرف الإنسانية مع صمت دولي وغربي مُدعي الحرية وحقوق الإنسان الذي يبرر ما يقوم به احتلالًا بغيضًا تجاوزت جرائمه “الهلوكوست”. (اليوم السابع).

حدود التصور وصعوبات التطبيق بعد انتهاء العدوان:

لقد تعرض الصهيوني الدموي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بعد إطلاقه الحرب البرية في غزة ضد حركة المقاومة حماس وحلفائها من العناصر الفلسطينية الأخرى الصامدة حقيقة في وجه عدوان غاشم، في أواخر شهر أكتوبر من العام الماضي 2023، إلى انتقادات من أن إسرائيل دخلت هذه الحرب بأهداف لا تتضمن تصورًا لما بعد اليوم التالي لنهاية العدوان فيما يخص مستقبل قطاع غزة؛ حيث قد أعلن نتنياهو آنذاك: أن هدفه المزعوم هو القضاء على حكم حماس، وبالتالي كان السؤال عمن سيحكم القطاع بعد سقوط حماس سؤالًا ضروريًّا، ليس فقط بالنسبة لعديد من القوى الإقليميَّة والدوليَّة التي كانت تخشى أن تتسبب الحرب في غزة وتداعياتها المختلفة في تهديد الاستقرار الإقليمي والأمن والسلم الدوليين على حد سواء، بل داخل إسرائيل نفسها التي طالما نظرت- منذ تأسيسها عام 1948- إلى القطاع على أنه مشكلة أمنية مزمنة. (الأهرام).

سواء كان حكم القطاع تحت إدارة دولة أخرى كحال القطاع خلال الفترة 1950-1967 تحت الإدارة أو الحكم المصري أو كان تحت الاحتلال الإسرائيلي المباشر (1967-2005)، أو عندما أصبح مستقلًا، لا سيما بعد وصول حركة حماس إلى مركز حكم في غزة وفصله إداريًّا عن السلطة الفلسطينية منذ عام 2007 وحتى الآن.

لقد ظل نتنياهو سفَّاك دماء الأبرياء ليستمر في جرائمه عبر منصبه يتهرب من الإجابة على التساؤل الخاص بمستقبل القطاع، حتى أطلق في 22 فبراير الماضي 2024 ما يسمى بخطته أو تصوره لمستقبل القطاع بعد نهاية الحرب، وقد أثار هذا التصور الذي لا يرقى في الواقع لوصف تعبير “خطة”، بأي حال، العديد من التساؤلات حول تفاصيله، ومدى إمكانية تطبيقه عمليًّا.

أهداف العدوان من العملية البرية في غزة.. لماذا لم تنجح؟

بحسب خطة زعيم دولة الاحتلال الصهيوني، وبالتحديد قبل انطلاق الغزو البري للقطاع في أكتوبر من العام الماضي هو: القضاء على حماس عسكريًّا وعلى حكمها سياسيًّا، تحرير الأسرى، وأخيرًا ضمان عدم تكرار هجوم السابع من أكتوبر، وبين عناصر تصور ما بعد الحرب، ولكن الحقيقة هو لم ينجز أيًّا من الوعود الثلاث؛ سوى شيءٍ آخر وهو تدمير القطاع وكافة المباني على السكان، وبالطبع هذا أمرٌ بديهي لكيان محتل يملك السلاح بجانب الدعم الأمريكي الباهظ ضد شعب أعزل لا يملك أيَّة أسلحة سوى المقاومة التي تقوم بالصناعة المحلية والبدائيَّة.

ولكن على ما يبدو، فإن أي تصور لما بعد العدوان على غزة وإنهاء الحرب سيتأثر حتما بالوضع الذي ستنتهي إليه الحرب ذاتها؛ بمعنى أن إنهاء الحرب بالقوة العسكرية الصهيونية وحدها لن يرتب النتائج نفسها إذا ما انتهت الحرب بتدخل دولي لفرض وقف إطلاق النار، وهو احتمال قائم حتى كتابة هذه السطور، وإن كان ضئيلًا للغاية؛ نتيجة غياب الضمير الدولي أمام جرائم الكيان في غزة. (الأهرام).

إن حدود التصورات تذهب بحسب رؤية نتنياهو الدموي، تنطلق من زعم أو فرضية أن إسرائيل ستتمكن من القضاء بالكامل على القدرات العسكرية لحماس. حيث جاءت أبرز النقاط في رؤية الاحتلال على الفلسطينيين والمجتمع الدولي، نوجزها في الآتي:

– أن تتمتع القوات الإسرائيلية بحرية العمل في قطاع غزة بأكمله فور انتهاء الحرب، وإقامة مناطق أمنية داخل القطاع وعلى حدوده.

– محاولة نزع سلاح غزة بالكامل، وتتولى إسرائيل الإشراف على هذه المهمة.

– تشكيل إدارة مدنية لقطاع غزة من عناصر فلسطينية.

– إلغاء منظمة الأونروا واستبدالها بمنظمات إغاثة دولية أخرى.

– ستحاول أن تعمل مع مصر والولايات المتحدة الأمريكيَّة لمنع التهريب من معبر رفح.

– السماح بإعادة إعمار القطاع فقط بعد الانتهاء، ولكن بعد التأكد من تجريد القطاع من كافة أنواع الأسلحة وحتى إن كانت بدائيَّة.

صعوبات تقف حائلًا أمام خطة نتنياهو:

ولكن للأسف يغفل الجانب الإسرائيلي وزعيمه السفاح بعض الأمور التي من الصعب أن يتحصل عليها، وهي مثلًا من المعروف أن موقف مصر ثابت من مسألة ضرورة أن تتولى السلطة الفلسطينية إدارة قطاع غزة، ولا يمكن أن تتعاون مصر البتَّة في مسألة ضبط الحدود مع قطاع غزة؛ إلا لو كان هناك طرف فلسطيني يحظى بالشرعية القانونيَّة، وليس مجرد إدارة مدنية من عناصر فلسطينية قد تكون مرفوضة من أغلبية أبناء الشعب الفلسطيني؛ لأنها ببساطة قضية تخص الأمن القومي المصري.

كذلك رفضت دولتي: الإمارات والسعودية رفضًا صريحًا للمشاركة في إعمار القطاع أو المشاركة في تطبيق أيَّة إجراءات لإحلال السلام والاستقرار هناك قبل التوصل إلى حل الدولتين، وحق الشعب الفلسطيني في تقرير حق المصير.

أضف إلى ذلك: ورغم الدعم الأمريكي للاحتلال، إلا أن الموقف الأمريكي والمواقف الدوليَّة والإقليميَّة المعلنة تتعارض مع رؤية نتنياهو، بل وترفض اقتطاع أي شبر أو مساحة من قطاع غزة؛ بل تدعو إلى تطبيق حل الدولتين بعد إصلاح السلطة الفلسطينية.

كما أن هناك يقينًا بأن إسرائيل تسعى لإلغاء منظمة الأونروا ليس للسبب الذي ادعته كذبًا، بل من أجل منع استخدام قاعدة بياناتها الخاصة بحقوق اللاجئين الفلسطينيين في المطالبة مستقبلًا بحقهم في العودة إلى ديارهم التي تم طرد أجدادهم منها عام 1948، أو تلقي تعويضات عنها، بجانب أن الدول التي علقت دعمها للمنظمة بشكل مؤقت لم يصل موقفها إلى حد الموافقة على إلغاء المنظمة كليةً. (الأهرام).

“ميناء في غزة”.. ما الهدف وهل هي خطة للتهجير الطوعي؟

لقد تسارعت ردود الأفعال الدولية والسياسية والإقليميَّة، بشكل مخيف ومتزايد حول خطة جو بايدن لإنشاء ميناء على شاطئ غزة لإيصال المساعدات إلى القطاع، وسط مخاوف من استغلال مأساة سكان القطاع لتحقيق “مخطط التهجير”، ما يعني أنها قد تكون خطة للتهجير الطوعي لأهل غزة.

حيث شككت مؤسسات دولية وعلى رأسها المقرر الأممي نفسه، المعني بالحق في الغذاء مايكل فخري، الذي ندَّدَ بهذا القرار خلال مؤتمر صحفي في جنيف مؤخرًا، بالاقتراح الأمريكي واصفا إياه بـ “الخبيث”؛ إذ إن الولايات المتحدة تقدم في الوقت نفسه قنابل وذخائر ودعمًا ماليًّا لإسرائيل، مردفا بالقول: “للمرة الأولى أسمع أحدًا يقول: إننا بحاجة إلى استخدام رصيف بحري، لم يطلب أحد رصيفًا بحريًّا، لا الشعب الفلسطيني ولا المجتمع الإنساني”. (القاهرة الإخبارية).

وقالت وزارة الدفاع الأمريكيَّة (البنتاجون): إن خطة الرئيس الأمريكي لبناء ميناء عسكري أمريكي عائم لتسريع وتيرة المساعدات لغزة قد تستغرق ما يصل إلى 60 يومًا لتصبح حقيقة، وستشمل أكثر من ألف جندي أمريكي.

خطة خبيثة نحو الفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة:

بالطبع هي خطط خبيثة تقوم بها إدارة جو بايدن أو هكذا هي السياسة الأمريكيَّة تجاه القضية ودعم الاحتلال، وحتى إن شهدت تغيرًا ملحوظًا بخصوص المطالبة بحل الدولتين، وهو ما رفضته الخارجية الفلسطينية، في بيان لها عن الخطة قائلة: إن “تركيز إسرائيل على إعطاء الموافقات على فتح ممرات بحرية ومنع مرور المساعدات بريًّا عن طريق المعابر، هدفه تطبيق خطة حكومة الاحتلال الإسرائيلي بتكريس الاحتلال والفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة وتهجير أبناء الشعب الفلسطيني”.

كما اعتبر البعض أن إعلان “بايدن”، عن إنشاء ميناء على شاطئ غزة لإيصال المساعدات، دليل إضافي على إحجام الإدارة عن مواجهة إسرائيل بسبب عرقلتها تسليم مساعدات الإغاثة أو استخدام النفوذ الاستثنائي للولايات المتحدة باعتبارها الداعم العسكري الرئيسي لإسرائيل للتخفيف من وطأة أكبر قدر من ضرر العواقب الكارثية للحرب، وهذا ما ذكرته صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكيَّة نفسها. (القاهرة الإخبارية).

أبرز التوقعات حال فشلت خطط الاحتلال في غزة:

في ضوء هذه الأحداث والمعطيات الجارية والمتوقعة مستقبلًا وحال فشلت خطط الاحتلال والأمريكان، سيتعين على الولايات المتحدة الأمريكية في هذه الحالة أن تعمل على تحقيق اختراق في هذه الدائرة المغلقة بإحكام داخل دولة الاحتلال، وعلى ما يبدو أن واشنطن لديها السيناريوهات وربما قد بدأت ذلك بالفعل عندما دعت في مطلع مارس الجاري بيني جانتس لزيارتها، وهو ما حدث بالفعل -مما أغضب نتنياهو غضبًا شديدًا- حيث إن جانتس الأوفر حظًّا للفوز برئاسة الحكومة حال إجراء انتخابات مبكرة- على أمل أن تتمكن من إقناعه بالتخلي عن بعض الاشتراطات التي وردت في رؤية نتنياهو.

ولكن هذه الفرضيَّة أو النظرية من المشكوك أن تنجح المساعي الأمريكية فيها، ليس فقط لأن جانتس يرفض التنازل عن وضع القطاع تحت الرقابة الأمنية الإسرائيلية لسنوات قادمة، ويرفض أيضًا حل الدولتين، بل لأن نتنياهو بدأ فعلًا في التحريض ضده متهما إياه بأنه يسمح للولايات المتحدة بأن تتدخل في الشأن الداخلي الإسرائيلي.

ومع ضعف تحقيق هذه الفرضيات، يُتوقع أنه لن يكون أمام واشنطن سوى الاعتراف بدولة فلسطينية من جانب واحد أي من جانبها وباقي الدول، ولكن بعد تمكنها من فرض خطوات إصلاحية في السلطة الفلسطينية، وعندها يقع الكيان المحتل تحت الأمر الواقع وضغوط من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بسبب استمراره في احتلال دولة أخرى، وبالتالي قد يكون الوضع مختلف عن اتفاق أوسلو عام 1993 والذي كان يصف الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي على أنه “نزاع” على أرض وليس احتلالًا للأراضي الفلسطينية. (الأهرام).

الخلاصة:

– نستخلص من هذا التقرير: أن رئيس وزراء الاحتلال الصهيوني لا يريد أن يترك السلطة مطلقًا وباعتراف الرأي العام الداخلي هناك، ولو على حساب أشلاء أو آخر جثة من جثث الفلسطينيين، وبالطبع منهم الأطفال والنساء والشيوخ، مما يؤكد أنها حرب إبادة وحرب عقيدة بالأساس وتطهير عرقي.

– لقد كانت أهداف الغزو البري من قبل قوات الاحتلال لغزة يتضمن ثلاث نقاط: القضاء على حماس عسكريًّا وعلى حكمها السياسي، تحرير الأسرى، وأخيرًا: ضمان عدم تكرار هجوم السابع من أكتوبر، والمعطيات على الأرض تؤكد قطعيًّا عدم تحقق أي من هذه الأهداف، وعلى ما يبدو لن تتحقق، وذلك لصمود المقاومة ونجاحها المستمر في تكبيد الاحتلال خسائر يومية، وإطلاق صواريخ ونصبِّ الكمائن له من المسافة “صفر”.

– إن استمرار سياسة الاحتلال تلك وجرائمه التي فاقت وتجاوزت كل الحدود لن تثني الشعب الفلسطيني في الدفاع عن أرضه، كما لم يحقق الأمن لإسرائيل، وهذا ما أكدت عليه القوى الغربية وحليفتها أمريكا نفسها، كما سيفاقم الأمور ويفجر الوضع الإقليمي، وقد رأينا حاليًا اتساع رقعة الصراع وتعطل مصالح الغرب في البحر الأحمر وباب المندب الذي لا يزال يدعم الاحتلال في اغتصاب وسرقة الأرض وقتل الأبرياء.

– استمرار الكيان المحتل في جرائمه بحق الشعب الأعزل سيفاقم المعاناة وبدأنا نرى موت الأطفال جوعًا في غزة؛ لذا من المتوقع أن يكون هناك انفجار عربي وإسلامي في وجه الاحتلال لن تستطيع حتى واشنطن أن تحميه، وهو ما ذكره جو بايدن نفسه بأن العرب باتت تئن وتزداد عداوتها لإسرائيل في ظل قتل المدنيين وتجويعهم في غزة.

– إن طمأنة الاحتلال في جرائمه تلك التي لم يسبق لها مثيل، ربما تكون آية من آيات المولى سبحانه في انفجارٍ عربيٍّ إسلاميٍّ قادم لن يُحمد عقباه في وجه احتلال غاشم يعبث ويراهن على جثث الشعب الفلسطيني؛ فردًا فردًا، وطفلًا طفلًا، وقتها فقط لن تنجح الإدارة الأمريكيَّة في حمايته، لأنه سيكون انفجارًا مدوِّيًّا.

– إن خطة جو بايدن لإنشاء “ميناء عائم” في غزة لإيصال المساعدات إلى القطاع، يثير العديد من الشكوك والمخاوف، فإما أنه عجز وإخفاق في ردع الاحتلال في ظل الخلاف مع نتنياهو وهو تصور بعيد حقيقةً، أو أنها خطة خبيثة لـ”التهجير الطوعي” لسكان غزة، وهي الأقرب للتصورات والمعطيات على الأرض، أمام احتلال يقتل ويعمل على إبادة شعبًا بأكمله، كما يقضى على الأخضر واليابس.

– بالأخير.. إن بقاء قوات الاحتلال الصهيوني في غزة خمس أو عشر سنوات أو أكثر، بحسب الخطة أو الرواية الإسرائيليَّة، لتكون مثل الضفة، ونزع الأسلحة الثقيلة ووضع القطاع تحت سيطرة فلسطينية معادية، ولكن جزئيًّا من وجهة نظر مجلس الحرب الصهيوني لن تغير من الوضع شيئًا، فكل المقاومة الفلسطينيَّة على قلب رجل واحد، ولكن الوضع في غزة سيكون مختلفًا تمامًا؛ كون حركة حماس مُدربة عسكريًّا وتكتيكيًّا على الأرض بشكل أفضل يفوق باقي عناصر المقاومة الفلسطينيَّة.

– الأمر الذي سيجعل الأمم المتحدة والمجتمع أكثر حرجًا بسبب كوارث الاحتلال، وبعدها يتم الاعتراف بدولة فلسطين بشكل أحادي، وبالتالي تكون أوضاع القوات الإسرائيليَّة هناك وفق القانون الدولي “احتلالًا”.

المصادر:

– الشرق الأوسط

– آر تي عربي

– سكاي نيوز

– اليوم السابع

الأهرام

– القاهرة الإخبارية

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.