fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

تطور الصناعات الدوائية وسوق الدواء في مصر

192

حتى عام 1952م لم تكن هناك صناعة دوائية بالمعنى المعروف للكلمة، بل اعتمد الاستهلاك الظاهري للأدوية -والذي لم يكن يتجـاوز حجمه نحو 0.5 ملايين جنيه- على الاستيراد من الخارج، وفي عام 60/1961 بلغ حجم الاستهلاك الدوائي 15.0 مليون جنيه (بما كان يشكل أقل من 1.0% من الدخل القومي الإجمالي وقتها) منها 90% تُستورد من الخارج، مقابل 10% فقط تنتج محليًا، وقد تطلب الأمر من الحكومة المصرية وقتها الاهتمام بهذا القطاع في إطار اهتمام أوسع نطاقًا بموضوع الرعاية الصحية بصورة عامة، فجرى في ذلك العام إنشاء ”المؤسسة المصرية العامة للدواء”، وتأميم بعض مصانع الدواء الصغيرة والمحدودة، ودمجها في كيانات أكبر بحيث أصبح لدينا في مطلع عام 1962م هيكل تنظيمي حديث لصناعة الدواء يتكون من:

  • 7 شركات إنتاج للدواء.
  • شركتين للخدمات المرتبطة بهذه الصناعة.
  • شركتين للتجارة الدوائية والتوزيع.

وقد أدى ذلك إلى زيادة نسبة الإنتاج المحلي من الدواء من 10% عام 1952م إلى 28% عام 1961م ثم إلى 80% عام 1979م.

وفي سياق التغيرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي طرأت على مصر بانتهاج الدولة لما سمي “سياســة الانفتاح الاقتصادي“، سمح للقطاع الخاص المصري والأجنبي من جديد بالدخول والاستثمار في هذا المجال، فزاد الاستهلاك الدوائي إلى 210 مليون جنيه عام 1979م، وبحلول عام 2007م كان حجم الاستهلاك الدوائي قد تجاوز 11 مليار جنيه، بما يعني أن متوسط نصيب الفرد من استهلاك الدواء قد زادت من 22 قرشًا عام 1952م إلى 58 قرشًا عام 1961م، ثم إلى خمسة جنيهات عام 1979م، ثم قفز هذا المتوسط إلى ما يقارب 146.7 جنيه للفرد عام 2007م*، والآن (عام 2015م) يكاد يصل هذا المتوسط إلى 311.1 جنيه للفرد الواحد.

وبحلول عام 1995م كان عدد الشركات العاملة في مجال الدواء قد بلغ 250 شركة من بينها 25 شركة فقط في عمليات التصنيـــع، والباقي عبارة عن مكاتب علمية لشركات تعمل أساســـًا في حقل التسويق.

وبالمقابل تقلص عدد الشركات الحكومية بسبب عمليات الخصخصة، بحيث أصبح هيكل هذا القطاع في عام 2007م كالتالي:

  • 6 شركات مملوكة للحكومة (لا يزيد حجم مبيعاتها على 19% إلى 22% من حجم مبيعات الدواء سنويًا في مصر)، ثم انخفضت بعد ذلك لتصل إلى 6% فقط من حجم المبيعات الدوائية في السوق المصري عام 2014م.
  • 26 شركة متعددة الجنسيات (وتشكل مبيعاتها نحو 50% إلى 55% من المبيعات في البلاد).
  • 210 شركة إقليمية أو قطاع مشترك أو قطاع خاص محلي، وتمثل مبيعاتها نحو 25% إلى 30% من حجم السوق المصري للأدوية.

ويعمل في هذه الشركات نحو 35 ألف كادر فني وطبي منهم نحو عشرة آلاف بالشركات الخاصة، ثم جرى تغير تدريجي جديد بعد عام 2007م، تدنت فيه حصة الإنتاج المصري والحكومي لصالح القطاع الخاص والأجنبي، ولهذا وبعد تعويم الجنيه المصري في نوفمبر 2016م ضغطت هذه الشركات وجماعات المصالح على الحكومة والنظام، فحرك الأسعار تلبية لمطالبها، وهكذا سيطر القطاع الخاص والشريك الأجنبي على سوق الدواء في مصر.

فحسب تقرير المؤسسة العالمية للمعلومات والاستشارات الدوائية «ims» والخاص بمبيعات سوق الدواء لعام 2016م أظهر التقرير أن المبيعات ارتفعت هذا العام بنسبة 10%، من العام الأسبق، وسجلت 42.9 مليار جنيه مصري.

وذكر تقرير المؤسسة أن شهر نوفمبر 2016م، شهد مبيعات وصلت 5 مليارات و300 مليون جنيه، وهي تقدر بـ12% من العام كله، وذلك بعد تحرير أسعار الصرف رغم وجود مطالبات وقتها لشركات الأدوية بزيادة الأسعار.

وأن 10 شركات كبرى، استحوذت على 43% من سوق الأدوية، وهي شركات «نوفارتس»، و«جلاكسو»، و«سانوفى»، و«فاركو»، و«إيبيكو»، و«آمون»، و«فايزر»، و«إيفا»، و«جلوبال نابي»، و«الحكمة الأردنية».

وأظهر التقرير استحواذ 20 شركة أدوية محلية وأجنبية على 62%، من مبيعات سوق الدواء، بحجم بيع تجاوز 26.8 مليار جنيه مصري.

كما سجل التقرير، تراجع الشركات المصرية، العاملة في أسواق أدوية الفيروسات الكبدية، التي دخلت للمراكز الأولى العام السابق والأسبق؛ بسبب تراجع مبيعات الأصناف؛ لوجود كساد يشمل الأسواق، في حين أكد التقرير، أن هناك تفاهمات واتفاقات لعدد من الشركات لشراء أخرى جديدة.

وأكد أن شركة «الحكمة الأردنية»، أصبحت تشكّل تهديدًا للشركات العالمية في مصر؛ بفضل نموها وشرائها عدد من الشركات الكبرى ، وأيضًا «فايزر»، التي تخطط للاستحواذ على شركة كبرى في السوق المصري، إذ تستهدف الشركة امتلاك سوق الأدوية الجنسية أو الجينريك الأرخص في العالم، بينما سجل التقرير خروج شركة «باير» الألمانية، من ترتيب الشركات العشرين الكبرى؛ لوجود مَشاكل بالشركة؛ ولعدم استطاعتها توفير المنتجات للسوق المصري خلال السنة الماضية.

وقد رصد التقرير أول 20 شركة أدوية من حيث المبيعات وجاءت، كالتالي:

«نوفارتس» واصلت صدارتها للعام الثالث الأعلى مبيعًا بنحو 3 مليارات و401 مليون جنيه.

وقفزت شركة «فاركو» للصناعات الدوائية إلى المركز الثاني بمبيعات 3 مليارات 220 مليون جنيه.

جاءت «جلاكسو» العالمية الإنجليزية، متأخرة للعام الثاني في المركز الثالث، بمبيعات 3 مليارات 127 مليون جنيه.

وحافظت شركة «سانوفى أفينتيس» الفرنسية على مركزها الرابع بمبيعات 2 مليار و301 مليون جنيه مصري.

وتأخرت شركة «إبيكو» للمركز الخامس بمبيعات 1 مليار و834 مليون جنيه.

وجاءت شركة «أمون» في المركز السادس بمبيعات 1 مليار و799 مليون جنيه.

وجاءت شركة «إيفا» في المركز السابع بمبيعات 1 مليار و393 مليون جنيه.

وجاءت «فايزر» في المركز الثامن بمبيعات 1 مليار و377 مليون جنيه.

وجاءت شركة «جلوبال نابي» في التاسع بمبيعات 870 مليونًا و604 ألف جنيه.

وجاءت شركة «حكمة الأردنية» في المركز العاشر بمبيعات 847 مليونًا و959 ألف جنيه، بنسبة 43% من إجمالي السوق المصري.

ويتضح من خلال تحليل سوق الدواء، أن هناك نشاطًا لشركات غير مصرية، تستعد للاستحواذ على سوق الأدوية الجنسية، وهي الأرخص في العالم، حيث تحاول «الحكمة الأردنية»، إكمال الاستحواذات على الأسواق المصرية.

وسجل التقرير أن الشركات الأجنبية العابرة للقارات لا تزال صاحبة المبيعات الأكبر مقارنة بالشركات المحلية الخاصة والحكومية، إذ تستحوذ على 48% بحجم بيع 21.8 مليار جنيه. وأن المصريين سحبوا أدوية بـ5 مليارات و300 مليون جنيه بعد تعويم الجنيه، ولفت التقرير إلى أن هذا التصنيف غير شامل أدوية القوات المسلحة، والشرطة، ومناقصات وزارة الصحة، حيث لا توجد إحصائية رسمية لها، وإن كان الخبراء أكدوا أنها لن تقل عن 5 مليارات جنيه، ولم يدخل خلاله مراحل زيادة الدواء الأخيرة، حيث انتهى تقرير الإحصاء في 30 ديسمبر 2016م.

التعليقات مغلقة.