fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

بعد أربعة أشهر من الحرب على غزة بين فشل عدوان الاحتلال وصمود المقاومة

62

بعد أربعة أشهر من الحرب على غزة بين فشل عدوان الاحتلال وصمود المقاومة

عمليات انتقامية، وقصف عشوائي، وغارات لا تتوقف، وتهديدات إسرائيلية باجتياح مدينة رفح، واتهامات لمصر، وانتهاكات للاتفاقيات الموقعة، وتصعيد في المنطقة لم يسبق له مثيل، فبعد أشهر من القصف والقتل والإبادة، فشل الكيان المحتل بتحقيق أهدافه من الحرب، ولجأ إلى العقاب الجماعي، للانتقام من جميع المدنيين الفلسطينيين بقطاع غزة، عبر استخدام أفظع الأساليب وأكثرها وحشية في قتل الفلسطينيين بالأسلحة المحرمة دوليًّا.

ويحاول الكيان المحتل بعد أكثر من 100 يوم من الحرب والإبادة في شمالي ووسط قطاع غزة، توسيع عملياته إلى الجَنُوب لاجتياح مدينة رفح الفلسطينية على الحدود المصرية، وتعريض مليون ونصف المليون فلسطيني لخطر الإبادة، فبعد مزاعم تحرير أسيرين إسرائيليين من مدينة رفح الفلسطينية، تروج وسائل الإعلام الإسرائيلية، لوجود قادة حماس وباقي الأسرى الإسرائيليين في مدينة رفح الفلسطينية.

فمَا تفاصيل عملية تحرير الأسيرين الإسرائيليين؟ وكيف يستغل الكيان المحتل العملية لاجتياح رفح الفلسطينية؟ وإلى أي حد وصلت الأزمة بين مصر وإسرائيل؟

يركز موقع “رواق” للأبحاث والرؤى والدراسات في هذا التقرير عبر تحليلاته على بعض النِّقَاط المهمة حول الجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة واحتمالات اجتياح مدينة رفح الفلسطينية، في هذه السطور الآتية.

مزاعم إسرائيل تحرير أسيرين في عملية عسكرية بمدينة رفح:

أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي تنفيذه عملية عسكرية بشكل مفاجئ في مدينة رفح الفلسطينية جنوبي قطاع غزة مساء الاثنين 13 من فبراير 2024م، تزامنت مع قصفٍ عنيفٍ على المدينة، أسفر عن استشهاد 63 فلسطينيًا على الأقل، بينهم طفلة، وإصابة عشرات آخرين.

وقال وزير الحرب الإسرائيلي، يوآف غالانت، “إن العملية تمت بمشاركة الجيش وقوات خاصة تابعة للشرطة وجهاز الأمن العام الشاباك، وبمتابعة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو”، وأسفرت العملية عن تحرير أسيرين إسرائيليين، بعد أكثر من 130 يومًا من الحرب على قطاع غزة. (اليوم السابع).

ووفقًا لصحيفة “إسرائيل هيوم”، فإن العملية العسكرية الإسرائيلية في مدينة رفح أسفرت عن استعادة، فرناندو سيمون مرمان، ولويس هير، ولكنها أشارت إلى أن العملية قد لا تتكرر، وأضافت الصحيفة، إلى أنه من المرجح أن تعزز فصائل المقاومة الفلسطينية الأمن حول الأسرى الإضافيين البالغ عددهم 134 أسيرًا إسرائيلي.

وعقب العملية روَّجت وسائل الإعلام الإسرائيلية والغربية، عن تواجد الأسرى الإسرائيليين وقيادات فصائل المقاومة الفلسطينية في مدينة رفح الفلسطينية على الحدود مع مصر، وَسْط استعدادات جيش الاحتلال الإسرائيلي لشن هجوم بري على المدينة.

ليخرج رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” الذي كان يفاوض على هدنة مع فصائل المقاومة الفلسطينية بالقاهرة، ويلوح بتوسيع عمليات جيش الاحتلال الإسرائيلي لتشمل مدينة رفح الفلسطينية، وَسَط رفضٍ دوليٍ، وتحذيرات أممية من كارثة إنسانية قد تحدث حال إقدام جيش الاحتلال على اجتياح المدينة. (سكاي نيوز عربية).

القدرات العسكرية لجيش الاحتلال الإسرائيلي:

منذ تأسيس الكيان المحتل عام 1947م، ركزت تل أبيب على الترويج إعلاميًّا لقدرات جيشها، تحت عنوان حمل اسم: “الجيش الذي لا يقهر”، وذلك جزء من إستراتيجية الحرب النفسية التي تنتهجها تل أبيب في حروبها مع الدول العربية.

فتقدم جيش الاحتلال الإسرائيلي وسيطرته على الأراضي الفلسطينية عام 1948م، وعدم قدرة الجيوش العربية على استعادة تلك الأراضي، جعل سلطات تل أبيب تروج إعلاميًّا أكثر وأكثر لذلك الشعار، وتعزز من روايتها خصوصًا بعد تحقيق جيش الاحتلال الإسرائيلي بعض الانتصارات العسكرية المؤقتة لعام 1967م.

ولكن ما تلا هذه الحرب من حروب أخرى مع الدول العربية، كالحرب عام 1973م، وحرب 2006م، وحروب قطاع غزة المختلفة وغيرها، أثبت عكس الادعاءات الإسرائيلية حول قدرات جيشها، وطرح عدة تساؤلات حول القدرات العسكرية الحقيقية لجيش الاحتلال الإسرائيلي، وتكنولوجيا التصنيع العسكري بالكيان المحتل.

فمنظومة القبة الحديدية على سبيل المثال: اتضح أن قدراتها ليست كما يُصرّح الإعلام الإسرائيلي، ففي حرب لبنان عام 2006م، تعرض الكيان المحتل لأكثر من 4 آلاف صاروخ كاتيوشا قصيرة ومتوسطة المدى، استهدفت العديد من المناطق داخل الكيان المحتل، وأوقعت 44 قتيلًا وأجبرت مليون إسرائيلي على الاتجاه للملاجئ، وكان الكيان المحتل في ذلك الوقت يعتمد على نظام باتريوت الصاروخي الأمريكي الصنع في اعتراض الصواريخ. (التليفزيون العربي).

وعقب الحرب وسع الكيان المحتل من تصنيع وإنتاج منظومات القبة الحديدية، وضخت مليارات الدولارات في سبيل ذلك المشروع، حتى دخلت تلك المنظومة الخدمة رسميًّا في جيش الاحتلال العام 2011م، وتحولت تلك المنظومة إلى جزء مهم من ميزانية الكيان المحتل؛ فكل صاروخ تطلقه القبة الحديدية تبلغ قيمته 50 ألف دولار، والذي سيستهدف صاروخًا أطلق من قطاع غزة والذي لا تتعدي تكلفته 1000 دولار أمريكي.

ومع ذلك أصر الكيان المحتل على أن منظومة القبة الحديدية هي الأقوى والأفضل في المنطقة، وأخذ بالترويج لها حول العالم، حتى إن سلطات تل أبيب اتفقت مع بعض الدول على تنفيذ ذات المشروع مستقبلًا، ومؤكدة أن مواطنيها يعيشون بأمان بعيدًا عن الصواريخ بفضل القبة الحديدية.

ولكن عام 2021م كان الاختبار الحقيقي لمنظومة القبة الحديدية، إذ خلال معركة “سيف القدس” في مايو من ذاك العام، فشلت القبة الحديدية في اعتراض مئات الصواريخ التي أطلقتها فصائل المقاومة الفلسطينية من قطاع غزة؛ وتساقطت الصواريخ في تل أبيب البعيدة للغاية عن قطاع غزة، وتتالت الانكسارات لمنظومة القبة الحديدية، حتى باتت شبه عاجزة تمامًا عن التصدي لصواريخ الفصائل. (الجزيرة).

حيث تتعرض المستوطنات الإسرائيلية يوميًّا لصواريخ الفصائل الفلسطينية، وباتت مشاهد صواريخ المقاومة الفلسطينية وهي تنطلق باتجاه المستوطنات، متكررة في الكيان المحتل؛ وليتضح للجميع أن منظومة القبة الحديدية ليست كما يتحدث عنها إعلام الكيان المحتل.

وإلى جانب منظومة القبة الحديدية؛ توجد أيضًا على رأس قائمة الصناعات العسكرية الإسرائيلية “الدبابة ميركافا”، والتي تسميها الصحف الإسرائيلية وحتى الغربية “فخر الصناعات العسكرية الإسرائيلية”، فهي الدبابة التي تدخل تصنيف الدبابات الأعلى تكلفة في العالم، بتكلفة تصنيع تقدر 3.5 مليون دولار أمريكي، مع مدفع من عيار 129 مليمتر، وأحدث التقنيات الخاصة بالمراقبة، بالإضافة إلى درع الحماية من الاستهداف.

كما وتعتبر من دبابات الصف الأول في الدبابات الحديثة، ذلك لميزاتها المتعددة التي تتفوق على بقية الدبابات، مثل مستوى الحماية فيها والذي يطور دوريًّا من خلال تزويدها بأحدث الحساسات وأجهزة الاستشعار المتطورة.

كل ذلك منحها بروباغندا إعلامية كبيرة داخل وخارج الكيان المحتل؛ ولكن ما حدث خلال معركة طوفان الأقصى في 7 من أكتوبر الماضي 2023م، أسقط بروباغندا الميركافا الإسرائيلية تمامًا.

وبعد تنفيذ الاجتياح البري لقطاع غزة من قبل جيش الاحتلال، باتت الدبابة ميركافا مادة للسخرية، وذلك عندما تمكنت قذائف الياسين المصنعة محليًّا في قطاع غزة من قبل فصائل المقاومة الفلسطينية من اختراق دروعها وتدميرها تمامًا. (الجزيرة).

بل وحتى إن الألغام اليدوية التي وضُعت عليها من قبل جنود فصائل المقاومة كما يظهر في مقاطع الفيديوهات التي تبث إعلاميًّا قد دمرتها تمامًا هي الأخرى، وبعد مرور أول شهر من الاجتياح البري لقطاع غزة وخوض “اشتباكات حرب المدن”، كانت الحصيلة تدمير العشرات من الدبابات من النوع ميركافا في خان يونس وغيرها من مدن القطاع.

وبذلك سقطت الدعاية الإسرائيلية حول الميركافا، كما سقط أيضًا حول منظومة القبة الحديدية؛ وحروب الكيان المحتل منذ تأسيسه، أظهرت أن القدرات القتالية والعسكرية، وتكنولوجيا التصنيع الحربي الإسرائيلية، ما هي إلا بروباغندا إعلامية، والحقائق الجارية الآن على أرض غزة، خير دليل.

إستراتيجية جيش الاحتلال حال اجتياحه مدينة رفح الفلسطينية:

في ظل ما يتداول إعلاميًّا عن احتمالات توسيع الهجوم البري الإسرائيلي إلى جَنُوب قطاع غزة ليشمل مدينة رفح الفلسطينية، يرى البعض أن الهجوم على مدينة رفح قد يأخذ عدة مراحل؛ ففي المرحلة الأولى، سيطلق جيش الاحتلال وابلًا من القصف ليدمر البنية التحتية في المدينة بالكامل، مع التركيز على الأنفاق التي تحت الأرض.

وفي المرحلة الثانية، سيبدأ جيش الاحتلال بما يقول إنه إخلاء للسكان، وفي حقيقة الأمر، سيقصف جيش الاحتلال المدنيين الفلسطينيين ليجبرهم على النزوح إلى سيناء المصرية.

أما المرحلة الثالثة، فستقوم على اقتحام رفح عبر قوات المشاة والمدفعية والدبابات وأسلحة الجو المختلفة، محاولًا جيش الاحتلال بذلك تنفيذ هدف الكيان المحتل المُعلن من الحرب بالقضاء على كتائب حماس التي تنشط في رفح؛ إلا أن ما يُنسجه الكيان المحتل بالغرف المظلمة بعلم الأمريكيين، سواءً برضاهم أو عدم رضاهم، هو تهجير جميع الفلسطينيين من قطاع غزة وتصفية القضية الفلسطينية نهائيًّا. (صحيفة السبيل).

وفي وقت تحذر فيه كل الصحف العالمية من إن جيش الاحتلال الإسرائيلي في طريقة لارتكاب أبشع المجازر حال اجتياحه لمدينة رفح الفلسطينية والتي تضم مليون ونصف المليون فلسطيني؛ يتجاهل الكيان المحتل كل ذلك، ويستمر بالترويج إعلاميًّا لاستعداداته العسكرية، ويجر جيوشه وآلته الحربية في وَسَط القطاع تمهيدًا كما يقول لاجتياح مدينة رفح، بعد أن دمر جيش الاحتلال معظم قطاع غزة، يسعى لتدمير ما بقي منه في رفح، ويقتل من فر بحثًا عما تبقى من حياة.

فالطائرات الحربية لجيش الاحتلال الإسرائيلي حلقت ومهدت عبر حزام ناري لم يبقِ ولم يذر في جميع أنحاء مدن قطاع غزة، ثم تجهزت فرق النخبة والألوية الأساس والاحتياطيات على تخوم المدينة كما يتحدث الإعلام الإسرائيلي، استعدادًا لاجتياح المدينة المكتظة بالنازحين، لتجبر من لم يمت بالقصف أو بالقذائف أو بالرصاص أن يفر إلى مصر؛ التي لطالما قالت للكيان المحتل وحذرته من أن غزو مدينة رفح الفلسطينية على الحدود المصرية، ستكون الشعرة التي ستقسم ظهور الجميع ومعهم الكيان المحتل. (الحرة).

وقبل التعمق فيمَا يحدث وما لا يحدث في مدينة رفح، التي تتفجر غضبًا ودمًا وقتلًا، الفشل الإسرائيلي في شمال قطاع غزة، سينتقل رفقة جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى جنوبها، إذ بعد الفشل في الشمال، يزعم الكيان المحتل بأن اجتياح رفح بريًّا ضرورة لاجتثاث كل حماس، بعد أن تحدث مسؤولي الكيان المحتل بتل أبيب مع بَدْء الحرب؛ بأن اجتثاث حماس سيكون في شمال القطاع، ومن ثم ضربها في الجَنُوب لن يقيم لها قائمة.

ووسط الاستعدادات العسكرية لجيش الاحتلال الإسرائيلي لتنفيذ عملية اجتياح مدينة رفح، حيث يجتمع المهجرون والنازحون الفلسطينيون من كامل القطاع في المدينة؛ ولأن هدف الكيان المحتل واضح منذ البداية، بتنفيذ إبادة جماعية وحملة تطهير عرقي، تفرغ قطاع غزة تمامًا من سكانه، وتدفع من بقي منهم حيًا صوب مصر، ليصبح لاجئًا وينفذ الكيان المحتل نكبة جديدة.

وذلك بالرغم من تحذيرات الأمم المتحدة من كابوسٍ سيحدث حال الاقتحام البري لرفح، وتحذيرات حتى من قبل واشنطن الداعم الأكبر للكيان المحتل، من أن مجازر سترتكب بمجرد تنفيذ هذا الهجوم. (صحيفة اليوم السُّعُودية).

استعدادات فصائل المقاومة الفلسطينية لمعركة رفح:

إلا أن مفاجئة فصائل المقاومة الفلسطينية للكيان المحتل، ربما ستكون أكبر مما يتوقعها مع أنباء عن استعدادات عسكرية لفصائل المقاومة الفلسطينية، منذ أن بدأ الحديث إعلاميًّا عن اجتياح مدينة رفح، عبر نصب كمائن وتجهيزات عسكرية لأنفاق ومخابئ، وارتكازات متعددة، لتكبيد جيش الاحتلال الإسرائيلي خسائر لم يرها ولم يعرفها حتى خلال اجتياحه لشمال ووسط القطاع.

في ظل تواجد أكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني، نزحوا من جميع أنحاء قطاع غزة إلى مدينة رفح الفلسطينية على حدود قطاع غزة مع الدولة المصرية.

الأزمة تتصاعد بين مصر وإسرائيل:

ما يعني تحول المنطقة الحدودية بين مصر وقطاع غزة، إلى بؤرة ساخنة لتوتر متصاعد في العلاقات بين القاهرة وتل أبيب، قد تضع معاهدة السلام بين البلدين في حالة “موت سريري”.

فبالرغم من أن مصر نفت أي تنسيق أمني مع الكيان المحتل بشأن المنطقة الحدودية المصرية مع قطاع غزة لا سيما محور فيلادلفيا أو محور فيلادلفيوس كما يسمى في الكيان المحتل؛ فهذا لم يوقف سيل المخططات الإسرائيلية الرامية إلى مَدِّ العمليات العسكرية إلى رفح، وهذا ما يحاول الكيان المحتل تنفيذه، ولكن دون إجلاء سكان رفح إلى شمال القطاع كما كان يزعم إعلام الكيان المحتل. (العربية).

في تحدٍ إسرائيليٍ هو الأكبر لمصر، التي وجهت رسائل قوية وإنذارات عدة للكيان المحتل؛ مفادها أن عبور النازحين الفلسطينيين من قطاع غزة إلى شبه جزيرة سيناء المصرية، ليس فقط سيعرض اتفاقية السلام بين مصر والكيان المحتل إلى الخطر، بل قد يجر حربًا بين مصر والكيان المحتل، خاصة وأن مصر حشدت قواتها العسكرية على الحدود من أجل ردع الكيان المحتل عن السيطرة على محور فيلادلفيا؛ لأن الجميع بات يعلم بأن هذا المحور، قد يُشعل الشرارة بين مصر والكيان المحتل؛ حيث ترفض القاهرة أي تواجد عسكري إسرائيلي على امتداد المحور الحدودي الذي يبلغ طوله 14 كم، ويصنف بأنه منطقة عازلة بموجب معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية الموقعة العام 1979م.

حيث انسحب الكيان المحتل من تلك المنطقة في عام 2005م، بموجب خِطَّة رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك “أرئيل شارون”، إذ غادرت بموجبها القوات الإسرائيلية أراضي قطاع غزة، وتم تفكيك المستوطنات، ووقعت تل أبيب مع القاهرة في ذلك العام، اتفاق فيلادلفيا ليكون ملحقًا لمعاهدة السلام. (بي بي سي عربية).

وهنا يتضح أن لمصر موقفين مدعومين بمعاهدات دولية واتفاقيات ملزمة قانونًا للكيان المحتل أولها: محور فيلادلفيا، الذي يجب ألا يبقى فيه أي جندي إسرائيلي. وثانيهما: الرفض التام لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى شبه جزيرة سيناء.

خلافات بين تل أبيب وواشنطن:

وهنا ما تزال الدولة المصرية والتي تحاول تأجيل أي صراع مفتوح مع الكيان المحتل، تراقب الخلاف القائم بين تل أبيب وواشنطن؛ لأن الولايات المتحدة هي الضامن لمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، والإخلال ببنودها يظهر الولايات المتحدة على أنها دولة غير قادرة على حماية التزاماتها القانونية، ما سيعزز قانونيًّا أي تحركٍ مصريٍ قد يحدث؛ إلا أن الجميع بات يعلم أن الكيان المحتل، لا يفكر كثيرًا بالولايات المتحدة إذ اعتقد أن الأمر مرتبط ببقائه كدولة قائمة على أرض فلسطين، فالعلاقات الأمريكية الإسرائيلية معقدة بعض الشيء.

إذ تارَة تظهر الولايات المتحدة أنها الدولة العظمي التي ترعي الكيان المحتل، وتارة أخرى تثبت إسرائيل أنها تقود البيت الأبيض إذ يبدو أن حكومة الحرب الإسرائيلية فاضلت بين رؤية القادة العسكريين والأمنيين، بأنه لا يمكن القضاء على حركة حماس دون دخول مدينة رفح، وتدمير شبكة الأنفاق فيها.

وبين حديث الأمريكان وتحذيراتهم من التكلفة المرعبة لأي تحرك في هذا الاتجاه، قبل أن يكون القرار الإسرائيلي بأن أي تكلفة عالية للهجوم على مدينة رفح، لن تكون بتكلفة الإبقاء على حماس، وبالتالي الإبقاء على خطر وجودي يهدد الكيان المحتل بحسب وجهه النظر الإسرائيلية. (مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية).

محاولات إسرائيلية للتوصل لاتفاق مع مصر بشأن معبر رفح ومحور فيلادلفيا:

أما ما يتعلق بالدولة المصرية، فإن إسرائيل بحسب مراقبين ومراكز بحثية، تعلم جيدًا بأن مصر لن تنجر لحربٍ مفتوحةٍ مع إسرائيل في الوقت الحالي، وقد تكتفي بتجميد معاهدة السلام بدلًا من إلغائها، كوسيلة للضغط ومنع الاجتياح البري لمدينة رفح.

بحيث تستطيع مصر منع تحقيق رغبة نتنياهو، بالسيطرة على محور فيلادلفيا وتهجير الفلسطينيين إلى سيناء، أو حتى نقل موقع معبر رفح ليكون قريبًا من معبر كرم أبو سالم؛ لأن هذا سيمنح تل أبيب سيطرة على المعبر، الذي انسحبت منه العام 2005م، بالتزامن مع انسحابها من قطاع غزة في ذاك العام.

وهو الأمر الذي ترفضه مصر حتى إن مسؤولين مصريين خرجوا مؤخرًا، لينفوا أي مباحثات جرت بين مصر وإسرائيل والولايات المتحدة، لنقل معبر رفح إلى المثلث الحدودي المشترك بالقرب من معبر كرم أبو سالم بين قطاع غزة وإسرائيل ومصر. (العربية).

بحيث يصبح معبر كرم أبو سالم، المعبر البديل لمعبر رفح، وهو بالطبع مخطط إسرائيلي، تقول تل أبيب، بأنه يهدف لمنع نشوب نزاع بين مصر والكيان المحتل حول قضية المعبر ومحور فيلادلفيا مع السماح لجيش الاحتلال بإجراء تفتيش أمني وفرض رِقابة على حركة المرور من المعبر؛ إلا أن كل هذا مجرد حديث إسرائيلي لوسائل الإعلام لم تقبل به مصر ونفته تمامًا.

الخلاصة:

– يسعى الكيان المحتل إلى توسيع عملياته العسكرية البرية، لتشمل مدينة رفح الفلسطينية المكتظة بالسكان، متجاهلًا بذلك التحذيرات الدولية والأممية، من كارثة إنسانية، حال إقدامه على تنفيذ خططه لاجتياح رفح، فبعد أن فشلت حكومة نتنياهو في تحقيق أي من أهدافها المعلنة من الحرب على قطاع غزة، يسعى نتنياهو للخروج من أزمة فشله أمام داعميه داخليًّا وخارجيًّا، عبر الترويج لوجود الأسرى الإسرائيليين، وقيادات فصائل المقاومة الفلسطينية بمدينة رفح لاجتياحها، وتعريض أكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني في المدينة لخطر الإبادة، خاصة بعد مزاعم تحرير أسيرين إسرائيليين من مدينة رفح.

– تراقب الدولة المصرية الخلافات القائمة بين واشنطن وتل أبيب، وتقيم قدرة واشنطن كضامن لمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، والاتفاقيات اللاحقة لها قبل القيام بأي تحرك، ليكون التحرك المصري مدعومًا قانونيًّا، ومنطلقًا من اتفاقيات ملزمة للكيان المحتل، يحاول انتهاك بنودها.

– يحاول الكيان المحتل الترويج إعلاميًّا لاتفاق مزمع مع الدولة المصرية، حول محور فيلادلفيا، ونقل معبر رفح المصري على الحدود المصرية مع قطاع غزة إلى معبر كرم أبو سالم؛ إلا أن الدولة المصرية قد نفت المزاعم الإسرائيلية مؤكدة تمسكها بجميع الاتفاقيات المتعلقة بمحور فيلادلفيا، والملزمة قانونيًّا للكيان المحتل.

المصادر:

اليوم السابع

سكاي نيوز عربية

التليفزيون العربي

الجزيرة

صحيفة السبيل

صحيفة اليوم السعودية

العربية

بي بي سي عربية

مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية

التعليقات مغلقة.