fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

الحالة السياسية المصرية الراهنة بين حديث السيسى أثناء افتتاح حقل “ظهر” وبيان الحركة المدنية

182

أثار خطاب الرئيس خلال احتفالية افتتاح مشروع حقل “ظهر” للغاز العديد من ردود الأفعال؛ لما تضمنه من نبرة حادة في الكلام وتهديدات وتوعد بالمواجهة، وقد تناول خطاب السيسي عددًا من النقاط المحورية، يمكن تلخيصها في النقاط التالية وفقًا لما ورد في خطابه:-

  •   لما يطلع حد يتكلم في الموضوع ويضيع عليا 100 مليار دولار علشان بيتكلم كلام يضيع بلد.. لا ياجماعة من فضلكم.. لكل إنسان مصري بيحب بلده قبل ماتتكلم شوف البلد دي بتعيش إزاي.. وما كان لنا نعمل الكشف ده إلا إذا كان معانا ترسيم حدود مع قبرص.
  •    محتاجين نتعلم كتير أوي يعني إيه دولة.. محتاجين نتعلم الدولة يعني إيه لأنه واضح إن إحنا مش عارفين يعني إيه دولة”، “بلاقي ناس بتتكلم في أمور وتتصدى لموضوعات ولا تعرف حاجة في الدنيا.. بس واقفة قدام الميكرفون”.
  •   حقوق الـ 100 مليون، بالمناسبة ميصحش حد يفكر إنه يلعب في أمن مصر، أروح أموت قبل ما حد يلعب في أمنها”.. قبل ما حد يلعب يا مصر، اللي عايز يلعب في مصر ويضيعها لازم يخلص مني الأول أنا أروح بس ال100 مليون يعيشوا.
  •  لن أسمح بحدوث ما تم في 2011 مرة أخرى، وأمن مصر ثمنه حياتي وحياة الجيش»، مضيفًا: «هيبقى فيه إجراءات ضد أي حد يحاول يعبث بأمن مصر، وأنا مش سياسي ولا بتاع كلام، وأمن واستقرار مصر ثمنه حياتي، أي حد يفكر يقرب من مصر، هقول تاني للمصريين ينزلوا يدوني تفويض قدام الأشرار.
  • إنتوا فاكرين اللي منجحش ساعتها هتنجحوه دلوقتي، باين عليكم متعرفونيش صحيح، محدش يفكر يدخل معانا في الموضوع ده أنا مش سياسي بتاع الكلام، لا أنا عمري ما اتكلمت بالطريقة ديه.
  • إحنا الحقيقة عاوزين قسوة على نفسنا عشان نخرج من اللي إحنا فيه، إنتوا فاكرين إن إحنا أما نيجي نعمل قوة سياسية في مصر.. هتتعمل كده؟ .. لا لازم تتجهز صح الصح، ممكن بقرار أخده أخرب بلد.. وإنت بتتكلم عن بلدك أو مع ناسك إنت حر.. وإنت قاعد مع أسرتك أو صحابك عادي.. لكن وإنت بتكلم شعب لازم تخلي بالك كويس.
  • الفكرة نفسها كان فيها توفيق كبير من ربنا، مش ناسي ساعتها القرار أُتخذ ازاي من وزارة البترول مع إيني، وإنه مشي بالطريقة اللي حصلت دي، صديق مصر -ويقصد الرئيس التنفيذي لشركة إيني-، قالي هنخلص في 2019، قلتله لأ خلص في 2018.

التعليق :-

يأتي خطاب الرئيس بعد إعلان عدد من الأحزاب والشخصيات السياسية البارزة تكتلًا يسمى “الحركة المدنية الديموقراطية” (1) الذي أعلن مقاطعة الانتخابات الرئاسية واصفًا إياها “بالمسرحية العبثية”.

وكان مما جاء في بيان الحركة :-

“يدين الموقعون على هذا البيان كل الممارسات الأمنية والإدارية التي اتخذها النظام الحالي لمنع أي منافسة نزيهة له بالانتخابات القادمة، والتي كانت آخر محطاتها ما حدث من اعتداء آثم على المستشار هشام جنينة.

وكانت عراقيل الانتخابات قد بدأت مبكرًا بإشاعة مناخ الخوف الأمني والانحياز الإعلامي والحكومي، ثم بجدولها الزمني الضيق الذي لا يتيح فرصة حقيقية للمنافسين لطرح أنفسهم وبرامجهم.

كما شهدنا محاولة إفراغ الساحة من كل المرشحين، فشهدنا تلفيق قضية هزلية للمحامي والحقوقي خالد علي، واعتقال عدد من شباب حملته بتهم تحت قانون مكافحة الإرهاب، ولاحقًا تم التلاعب في عملية جمعه للتوكيلات؛ ما أسفر عن انسحابه.

كما تم سجن العقيد مهندس أحمد قنصوة، بعدما اضطر لإعلان نيته الترشح بعد رفض استقالته لسنوات، وكذلك الضغوط التي تعرض لها الفريق أحمد شفيق في منفاه بالإمارات، ثم ترحيله قسرًا لمصر، حتى أعلن عن تراجعه، وكذلك انسحاب النائب السابق محمد أنور السادات الذي أعلنه أنه لنفس الضغوط الأمنية.

ثم وصل الأمر إلى قمته باعتقال الفريق سامي عنان، فضلًا عن دلالات صدور بيان القيادة العامة للقوات المسلحة، وكذلك رفع الهيئة الوطنية للانتخابات اسمه من كشوف الناخبين قبل أي تحقيق أو حكم، رغم أنه سبق له هو والمشير طنطاوي وغيرهما من القادة المتقاعدين الإدلاء بأصواتهم، ما يشير إلى انعدام حياد مؤسسات الدولة وأجهزتها.

وما زال التنكيل مستمرًا بأفراد حملة الفريق عنان، وبعضهم الآن ما زال محتجزًا أو مطاردًا، ونهاية بما حدث مع المستشار هشام جنينة المرشح لمنصب نائب رئيس الجمهورية مع عنان. ونشهد الآن ما يقوم به النظام ومعاونوه حاليا من البحث عن مرشح يقوم بدور “الكومبارس” في عملية تهين قيم الجمهورية المصرية العريقة، وهنا نثمن موقف الهيئة العليا لحزب الوفد التي رفضت التورط بهذا العبث”.

وختمت الحركة بيانها بنداء ودعوة لمقاطعة الانتخابات جاء فيه:-

“ندعو شعبنا العظيم لمقاطعة هذه الانتخابات كليًا، وعدم الاعتراف بأيٍ مما ينتج عنها، ليس فقط لانتفاء فكرة المنافسة الانتخابية بل قلقًا من هذه السياسة التي تمهد بشكل واضح لتغيير الدستور بفتح مدد الرئاسة، والقضاء على أى فرصة للتداول السلمي للسلطة، واستمرار السياسات التي طبقت في السنوات الماضية والتي تضمنت التنازل عن الأراضي المصرية، وإفقار الشعب، وإهدار كافة مظاهر الديمقراطية والفصل بين المؤسسات، لصالح السياسات الأمنية.

كما ندعو كل قوى المعارضة الفاعلة لتشكيل جبهة تدرس الخطوات والخيارات القادمة وتستدعي الشراكة الشعبية فيها”.

وبالتالي فموقف الحركة المدنية الديموقراطية يعيد للأذهان تجربة “حركة كفاية” قبل يناير 2011 وجبهة الإنقاذ قبل يونيو 2013، وتتشابه الحركة مع ما سبقها من حركات في اعتمادها على منهجية إبراز أخطاء وإخفاقات النظام؛ وأن طريقة التعامل معها من جانب النظام تتسم بالتشابه من خلال المنابر الإعلامية المؤيدة للنظام الحاكم من خلال التخوين تارة، والتهوين من وجود دعم شعبي لها تارة أخرى.

وقد تصاعدت الانتقادات للنظام فيما يخص ملف الحريات وحقوق الإنسان، خصوصًا خلال جولات الرئيس الخارجية في أوروبا، مما يمثل ورقة ضغط على النظام المصري تحاول بعض القوى والشخصيات اللعب عليها من أجل كسب دعم دولي خارجي يسمح لها بتأمين مساحة من الحركة والتصعيد ضد النظام.

وقد استنكرت الحركة المدنية الديمقراطية التصريحات الأخيرة للسيسي، التي تضمنت تحذيرًا شديد اللهجة إلى معارضيه، وإشارته إلى طلب تفويض جديد من الشعب المصري لدعمه في مواقفه. وقالت الحركة، إنها تشعر “بعميق القلق” من تصريحات السيسي، التي جاءت بعد يوم من دعوة الحركة إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية المقررة على مدى ثلاثة أيام، من 26 إلى 28 مارس.

وأضافت: “إذا كان المقصود من التصريح بأن ما حدث منذ سبع سنوات لن يتكرر هو ثورة ٢٥ يناير (2011) التي مجدتها ديباجة الدستور ومنها يستمد النظام القائم شرعيته، فإن هذه الثورة تمثل واحدة من أكثر صفحات التاريخ المصري إشراقًا رغم ما يقوم به البعض في الدوائر الرسمية وشبه الرسمية من تشويهها ورغم إيداع شبابها في السجون“.

وقالت: إن “التفسير الوحيد الذي يمكن أن نقبله لهذا التصريح هو أن الممارسات الفاسدة واللا ديمقراطية والمستبدة لنظام مبارك التي أدت إلى اندلاع الثورة لن تتكرر”.

أما عن علاقة هذه التحركات باللهجة الحادة التي ظهر بها الرئيس خلال خطابه:

  • فيبدو أن الرئيس يقع تحت تأثير ضغوط وتحديات ما؛ قد تتعلق بالدولة وأمنها، وقد تتعلق بالضغوط الخارجية ومحاولة الابتزاز التي من الممكن أن تمارس من الخارج على النظام في ظل انتخابات رئاسية تشهدها البلاد، وقد تكون مجرد هلع من مجرد تكوين تكتل للمعارضة حتى ولو كان بلا ظهير شعبي، أو الخوف من الانتقاد حتى لو كان موجهًا للقرارات أو السياسات، أو التحسب لمحاولة استنساخ تجارب سابقة في التثوير الشعبي أو التواصل الخارجي.
  • هذا بالإضافة إلى أن التعامل غير الموفق مع ملف الانتخابات الرئاسية، وضع الدولة المصرية في إحراج بالغ، وجعل هناك تساؤلات عديدة حول مدى شفافية النظام أو نزاهته، خاصة وأن التعامل مع الفريق سامي عنان لم يتم بالشكل القانوني، وإنما تم التعامل معه بطريقة أمنية بحتة، وبالتالي فقدت أبسط شكليات الإخراج السياسي أو القانوني.
  • وإذا وضعنا خبر إقالة اللواء خالد فوزي من رئاسة المخابرات العامة، وتعيين اللواء عباس كامل مشرفًا مؤقتًا على الجهاز، يتبين أن هناك حالة من التوتر تشهدها مؤسسات الدولة الأساسية، قد تكون هناك أزمات حقيقية لا نعرف عمقها ولا حقيقتها، وقد تكون هناك حالة من سوء الإدارة والتنسيق وترتيب البيت من الداخل.

ويبدو أن السيسي يتخذ من المناسبات العامة التي يحضرها منبرًا لإيصال رسائل سياسية معينة لجهات أو أطراف مقصودة بعينها، مما يجعل غير المعنيين بالرسائل في حالة من حالات الاستفهام أو الاستنكار لكلام لا يعرفون مقصوده ولا الهدف منه.

بالطبع يحمل خطاب السيسي عددًا من الرسائل غير المطمئنة على المستوى السياسي، منها: أن الرئيس يحصر قدرة فهم وإدراك ماهية الدولة المصرية في أحد مؤسسات الدولة، وهو ما أشار إليه بضرورة عمل أكاديمية “يتعلم فيها من يريد أن يفهم معنى الدولة”. وهى إشارات غير مطمئنة على الحياة السياسية في مصر خلال المرحلة المقبلة.

ومنها ضيق الرئيس ذرعًا بالمعارضة أو الانتقاد، وأنه يتعامل معها على أنها تمثل تهديدًا للدولة وليس معارضة أو انتقاد لسياسات مسئول، وهو ما يصب في تجذر فكرة تماهي الرئيس والنظام في الدولة المصرية.

========================

(1) تضم الحركة ثمانية أحزاب؛ هي: الدستور والعدل والمصري الديمقراطي الاجتماعي وتيار الكرامة ومصر الحرية والتحالف الشعبي الاشتراكي والإصلاح والتنمية والعيش والحرية “تحت التأسيس”، و150 شخصية من السياسيين والنشطاء والشخصيات العامة، من أبرزهم: حمدين صباحي  وهشام جنينة.

التعليقات مغلقة.