fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

الداخل الليبي يؤثر سلبا على الداخل المصري!

444

الداخل الليبي يؤثِّر سلبًا على الداخل المصري!

فقد اشتعل الموقف في منطقة شرق المتوسط، ويُقصد بهذا المصطلح الجديد: (شرق المتوسط) سواحل دول ليبيا ومصر، وإسرائيل، ولبنان وسوريا، وقبرص واليونان، حيث بدأت اكتشافات الغاز الطبيعي أمام سواحل هذه الدول وكانت أولها مصر بأهم اكتشاف، وهو: “حقل ظهر” الذي يُعد أكبر حقل غاز طبيعي في البحر الأبيض المتوسط بطاقة حوالي ٣٠ تريليون قدم مكعب، وفي قبرص تم اكتشاف حقل أفروديت بطاقة ٧ تريليونات متر مكعب، ثم حقل ليفياثان في إسرائيل بطاقة ١٨ تريليون متر مكعب وغيرها من حقول الغاز؛ علاوة على وجود العديد من مناطق تحت الكشف حاليًا وخاصة بعد ترسيم الحدود البحرية بين مصر وقبرص وإسرائيل، وهو الأمر الذي دفع كبرى الشركات العالمية للبحث والتنقيب في هذه المنطقة وبعدها بدأت الفكرة في إنشاء خط أنابيب لنقل غاز منطقة شرق المتوسط إلى أوروبا عبر قبرص واليونان.

وعلى الرغم من هذا؛ فالأطماع التركية تتزايد في منطقة شرق البحر المتوسط في الآونة الأخيرة للاستحواذ على مناطق التنقيب عن الغاز والثروات النفطية محاولة التغول على حقوق دول الجوار في المنطقة، منها: اليونان وقبرص وليبيا، مستغلة اتفاقًا للتنقيب عن النفط والغاز وقَّعته حكومة تركيا مع حكومة الوفاق برئاسة فائز السراج، وهو ما رفضه البرلمان الليبي واعتبره الجيش الوطني بزعامة المشير خليفة حفتر اعتداءً صارخًا على السيادة الليبية وبمثابة احتلال.

الغيوم تتكاثف في سماء المتوسط، منذرة باندلاع نيران الصراع عقب ساعات من إقرار البرلمان التركي توقيع اتفاقية التعاون الأمني والعسكري مع حكومة الوفاق، وترسيم الحدود البحرية بينهما، التي وقعها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع رئيس حكومة الوفاق فايز السراج، أواخر الشهر الماضي.

وفي الوقت نفسه تسعى مصر لتأمين حدودها ومشاورة أطراف إقليمية نحو مزيدٍ مِن التعاون ضد أطماع “أنقرة” في غاز المتوسط، والتدخل في الشئون الليبية والدخول بالمنطقة في آتون صراع كبير، فأبرمت القاهرة مشاورات قوية مع اليونان وقبرص وإيطاليا والمغرب، فضلًا عن التدابير والإجراءات التي تتخذها القوات المسلحة لحماية الحدود المصرية وخاصة البحرية.

التأمين المصري لحدوده:

أكد اللواء أركان حرب أيمن شحاتة قائد قوات حرس الحدود: أن قوات حرس الحدود تبذل جهودًا كبيرة من أجل تأمين حدود وسواحل الدولة على كافة الاتجاهات الإستراتيجية، للتصدي وبقوة لكافة المخططات والمحاولات التي تهدف إلى الإضرار بالأمن القومي المصري والاقتصاد الوطني.

كما أكد قائد قوات حرس الحدود -في لقاء مع وكالة أنباء الشرق الأوسط- أن التهريب والإرهاب وجهان لعملة واحدة، فرؤوس الأموال التي تستخدم في التهريب هي أموال غير خاضعة للرقابة، وتستخدم في تمويل الإرهاب، فضلًا عن أن الدروب والمدقات الصحراوية التي يستخدمها المهربون هم أدلة التحرك للإرهاب، مشددًا على أنه لا يوجد إرهابي يدخل دولة من منفذ شرعي؛ لذا هو بالطبع فرد هجرة غير شرعية، كما أن مناطق الاختباء والدعم والتدريب للعناصر الإرهابية هي مناطق تستخدمها المهربون.

وأوضح اللواء أركان حرب أيمن شحاته أن قوات حرس الحدود شهدت -خلال الفترة الأخيرة- تحديثًا عالي المستوى باستخدام أحدث التقنيات التكنولوجية، التي تعمل وفقًا لنظم علمية لتحقيق الاستفادة القصوى من إمكانياتها وشمولية استخدامها، مشيرًا إلى أن القيادة العامة للقوات المسلحة لا تألو جهدًا في دعم قوات حرس الحدود بأحدث الأسلحة والمعدات؛ نظرًا للأعباء الهائلة والمهام الجسام التي تقوم بها قوات حرس الحدود ولجعلها على أهبة الاستعداد لتأمين حدود الدولة والتصدي لعناصر التهريب والإرهاب، وتحرص على دعمنا بأحدث الأجهزة والمعدات بقطاعات التأمين والمعديات والكباري، والمنافذ الحدودية من الرادارات، ومنظومات كهروبصرية ومركبات حديثة تواكب طبيعة الأرض، فضلًا عن أجهزة رؤية ومراقبة نهارًا وليلًا.

واذا تطرقنا للنواحي الإدارية فيتم توفير حياة كريمة للأفراد بالنقاط المنعزلة، والتي تسهم -بقدرٍ كبيرٍ- في رفع الروح المعنوية للمقاتلين حراس الحدود للقيام بدورهم على الوجه الأمثل، وبتسليح حديث قادرة على المجابهة للتهديدات بأنواعها(1).

دوافع الأطماع الخارجية في مصر:

من المنتظر أن تصبح مصر مركزًا لتجميع الغاز الطبيعي من المنطقة الى محطة إسالة الغاز في دمياط وتحويله إلى سائل  LIGUID NATURAL GAS، ويتم دفعه إلى دول أوروبا عبر خط الأنابيب، ولقد أعلنت إسرائيل يوم الخميس الموافق 2 يناير 2020 أنها بدأت في ضخ الغاز الطبيعي إلى مصر عبر خط الغاز القديم حتى يتم تصديره من مصر إلى أوروبا، وفجأة ظهرت أطماع تركيا في الغاز الطبيعي في منطقة شرق المتوسط حيث بدأت أولًا بالتحرش مع دولة قبرص، وأرسلت سفن التنقيب عن الغاز أمام سواحل قبرص؛ مما أثار استياء كل دول الاتحاد الأوروبي التي وقفت مع قبرص باعتبارها إحدى دول الاتحاد الأوروبي، ثم جاءت الضربة الكبرى من تركيا مع توقيع الاتفاق التركي الليبي والذي يتضمن شقين: الأول: هو الاتفاقيات الأمنية. والثاني: هو اتفاقية ترسيم الحدود، وجاءت نقاط الاتفاق التركي الليبي الجديد التي اعتبرها البعض تحمل عبارات مطاطية تسمح للطرفين بالكثير من الأمور، وهو ما يتضح في قراءة ما بين السطور.

واشتملت هذه الاتفاقية على تعزيز التعاون الأمني والعسكري بين تركيا وليبيا ثم مكافحة الإرهاب والهجرة غير النظامية والجريمة، ثم حماية الحقوق البحرية للبلدين وفق القانون الدولي، ثم جاء النص على السيادة على المناطق البحرية بما يهدف حماية حقوق البلدين ضمن حقوق القانون الدولي، ثم جاء بند التأسيس لمهام التدريب والتعليم وتطوير الإطار القانوني وتعزيز العلاقات بين الجيشين: التركي والليبي، وأخيرًا: جاء بند التعاون في تبادل المعلومات الأمنية ما بين ليبيا والحكومة التركية مع تغطية جميع الجوانب الأمنية.

 وفور توقيع هذا الاتفاق مع السراج رئيس حكومة الوفاق الليبية قام أردوغان بعرضه على البرلمان التركي حيث تمت الموافقة عليه؛ نظرًا لسيطرة حزب أردوغان على البرلمان التركي، وعلى الجانب الآخر: ظهرت مشكلة مدى قانونية هذا الاتفاق من وجهة نظر الجانب الليبي حيث إنه طبقًا لاتفاق الصخيرات؛ فإنه ليس للسراج رئيس الحكومة حق الموافقة على هذه الاتفاقيات الدولية كما أن حكومة السراج المكونة من 12 عضوًا لم يعد معه في طرابلس غير خمسة أعضاء فقط؛ لذلك فقدت الحكومة أهليتها للتوقيع على هذا الاتفاق، والأهم من ذلك كله أنه طبقًا للدستور الليبي فإن هذا الاتفاق يجب أن يتم التصديق والموافقة عليه من البرلمان الليبي، وهو ما اعترض عليه البرلمان الليبي المنتخب من الشعب برئاسة عقيلة صالح الذي أرسل رسالة إلى الأمم المتحدة يطلب فيها عدم الاعتراف بهذا الاتفاق الليبي التركي؛ لفقده الشرعية المتمثلة في عدم موافقة البرلمان الليبي عليه صراحة.

وتوالت ردود الأفعال حيث أكد بوتين مِن روسيا أن الوضع في ليبيا يجب أن يُحل سلميًّا؛ أما إيطاليا: فقد أكد رئيس وزراء إيطاليا المعروف عنه تأييده لحكومة فايز السراج أنه قام بتحذير أردوغان من التدخل العسكري في ليبيا، كما أكدت ميركل المستشارة الألمانية أنها ترفض هذا الاتفاق، وأنه يزيد اشتعال الموقف في المنطقة، وأن الآمال معقودة على مؤتمر برلين القادم لحل المشكلة الليبية، وكان اتصالها بالرئيس عبد الفتاح السيسي بهدف الاتفاق على النقاط الرئيسية لمؤتمر برلين القادم، كما كان رد ماكرون الرئيس الفرنسي بأنه ضد التدخلات الخارجية غير المشروعة في ليبيا.

وجاء تأكيد ترامب على أن هذا الاتفاق لن يساعد على حل الموقف في ليبيا ثم جاءت الضربة الأمريكية بموافقة الكونجرس على رفع توريد السلاح عن قبرص، وهي ضربة موجهة تمامًا ضد تركيا، وجاءت الزيارة المفاجئة لأردوغان الى تونس والتي فوجئت بها الرئاسة التونسية وخرج بعدها أردوغان ليعلن موافقة تونس على الاتفاق التركي مع فايز السراج، والذي نفاه على الفور الرئيس التونسي، بل خرجت المظاهرات الشعبية في تونس تعارض هذه الزيارة وأي اتفاق يمكن أن يكون لصالح أردوغان.

والواقع أن هذه الزيارة المفاجئة لأردوغان الى تونس كانت تهدف إلى هدفين:

الأول: لوجيستي باعتبار قرب تونس إلى طرابلس، وهو ما يحقق سهولة نقل الأسلحة والمعدات العسكرية إلى تونس مباشرة من تركيا ثم تنقل برًّا إلى طرابلس مباشرة، وهذا يحقق لها تأمينًا أكثر بدلاً من تعرضها لاعتراضات من قوات الجيش الليبي بقيادة حفتر.

أما الهدف الثاني: فقد اعتقد أردوغان أن فوز حزب النهضة الإخواني في تونس بقيادة الغنوشي في البرلمان سوف يعطيه القوة لكي تؤيد تونس هذا الاتفاق التركي مع فايز السراج، ولكن جاءت أحلامه وحساباته خارج التوقعات، وعاد من تونس بدون أي تأييد، حيث جاء قرار الرئيس التونسي قيس سعيد أن تونس ترى أن يتم الحل من داخل ليبيا نفسها، وأن يجب أن يكون لدول الجوار مصر وتونس والجزائر شأن في الوصول إلى حل للمشكلة الليبية.

وبعدها عرض الرئيس أردوغان على البرلمان التركي طلب الموافقة على إرسال قوات عسكرية تركية لتدعيم حكومة الوفاق في طرابلس، كما بدأ اردوغان بإرسال مرتزقة من السوريين الموجودين في منطقة شمال سوريا إلى طرابلس حيث تشير الأنباء الأولية بوصول حوالى ٣٠٠ من هذه العناصر إلى مدينة طرابلس، وهكذا بدأت الأمور تتصاعد في المنطقة، وبدأ الجميع يتساءل عن السيناريوهات المنتظرة في الموقف في ليبيا؛ خاصة أنه رغم لقاء وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو مع قادة أحزاب المعارضة في تركيا للموافقة على قرار إرسال قوات عسكرية تركية إلى طرابلس؛ إلا أن جميع أحزاب المعارضة رفضت تمامًا إرسال أي قوات تركية إلى طرابلس، وهنا برز السؤال الأول:

هل ترسل تركيا قوات مقاتلة إلى طرابلس؟

وتركِّز التحليلات أنه نظرًا لأن القتال في المدن أو المناطق المبنية هو مِن أعقد العمليات العسكرية التي تكلف كلا الطرفين خسائر كبيرة؛ لعدم امكانية استخدام الأسلحة الثقيلة التي تسبب خسائر بين المدنيين؛ لذلك فمن المنتظر أن تركز تركيا في البداية على إرسال عناصر من المرتزقة سيتم وضعهم في الخطوط الأمامية أمام قوات حفتر، والتي يمكن أن تتلقى الخسائر دون أن يكون لها تأثير في الشارع التركي.

وكذلك مِن المنتظر أن تدفع تركيا بعدد من الطائرات المسيرة والتي يمكن أن تحقق مهام هجومية ضد قوات حفتر دون أي خسائر بشرية تركية، أما الإجراء الآخر الذى يمكن أن تقوم به تركيا هو الدفع بعناصر قيادة وسيطرة لوضع خطط تأمين طرابلس العاصمة؛ نظرًا لافتقار القيادة الحالة لقوات فايز السراج للخبرة القتالية حيث إنها جميعًا من المرتزقة غير المدربة على وضع هذه الخطط،، ويأتي بعد ذلك الدفع بعناصر استخبارات تركية بهدف جمع المعلومات وتحليلها وامداد مركز القيادة الجديد في طرابلس بمعلومات دقيقة تساعد على اتخاذ القرار السليم، ثم يأتي احتمال دفع تركيا ببعض عناصرها من القوات الخاصة التركية بهدف تأمين مقر رئاسة وزراء السراج، وبعض الاهداف الحيوية داخل العاصمة طرابلس، مثل: وضع القوات التركية في الدوحة عاصمة قطر.

كذلك مِن المنتظر أن يتم تدعيم هذه القوة العسكرية بعناصر محدودة من الدفاع الجوي التركي بهدف إيقاف أي هجمات جوية من طائرات الجيش الوطني الليبي؛ خاصة لتأمين مطار عتيقة، وهو المنفذ الرئيسي لفايز سراج في الخارج مع تنفيذ الدعم بعناصر بحرية تركية لتأمين ميناء طرابلس لإيقاف عمليات الهجرة غير الشرعية، ولتأمين وصول القوات التركية التي تصل بحرًا من تركيا إلى طرابلس.

لذلك فإننا نرى أن هذا الحجم العسكري التركي لن يكون بكثافة كبيرة خوفًا من انهيار دفاعات طرابلس فجأة، مثل ما حدث عند سقوط بغداد، وتجد تركيا نفسها في ورطة كبيرة قد تطيح بمستقبل أردوغان السياسي للأبد، وتكون مقبرة للقوات التركية في طرابلس خاصة صعوبة تنفيذ أي عمليات معاونة نيرانية وتكتيكية من الأراضي التركية إلى منطقة القتال في طرابلس؛ لذلك ستكون حسابات رئاسة الأركان التركية دقيقة للغاية للتدخل العسكري في طرابلس، وفي إطار التخطيط المستقبلي للتواجد التركي في ليبيا؛ فإنه يمكن لتركيا أن تبدأ في التخطيط لإنشاء قاعدة عسكرية جوية وبحرية من الآن انتظارًا لما قد تسفر عنه الأوضاع مستقبلًا(2).

المشهد الليبي وانعكاسات على الداخل المصري:

المشهد المعقد سينعكس ليس فقط على الداخل الليبي، ولكن سيمتد ليشمل التأثير على الأمن الإقليمي في منطقة شرق المتوسط؛ كون هذا التدخل يتسم بعدم المشروعية القانونية، والذي تحاول أنقرة من خلاله ممارسة الضغوط على الدول الموجودة في المنطقة، بعد ما فشلت في التوصل إلى صيغة مقبولة مع: مصر، واليونان، وقبرص، وإسرائيل، في احترام السيادة البحرية لهم، والمناطق الاقتصادية الخالصة؛ الأمر الذي انعكس على حجم التنسيق الثنائي والجماعي في المنطقة؛ لتحقيق الاستفادة المشروعة للثروات المكتشفة في تلك المنطقة، وفق تفاهم على المستويين: الثنائي أو الجماعي، ومِن ثَمَّ فإن هناك مسارات متوازية، بعضها يتعلق بالتسوية السياسية، والبعض الآخر يتعلق بإطالة أمد الصراع الليبي، والصراع في منطقة شرق المتوسط، والذي تتصدره تركيا، سواء بتحركاتها غير المشروعة في التنقيب عن الغاز، أو فيما يتعلق بتدخلاتها في الشأن الداخلي الليبي بدعم حكومة الوفاق، والتصريح بإرسال جنود أتراك إلى هناك لمساندتها في مواجهة قوات الجيش الوطني الليبي، ووفق ذلك تداخلت العديد من الملفات والسياسات، سواء على مستوى الداخل الليبي أو المستويين: الإقليمي والدولي.

وذلك على النحو التالي:

الداخل الليبي: أسهم التدخل التركي من قبل بدعم الجماعات المسلحة التابعة لحكومة الوفاق أو من خلال الاتفاق الأمني والعسكري مع حكومة الوفاق في زيادة مستوى حدة الصراع؛ خاصة بعد ما حقق الجيش الوطني العديد من النجاحات خلال عمليتي: الكرامة، وطوفان الكرامة؛ ونتيجة للاتفاق الموقع بين الجانبين، أعلن الجيش استهدافه كل الطائرات والسفن التركية في المياه الإقليمية الليبية، وهذا الأمر ظهر جليًّا في 22 ديسمبر 2019، عندما قامت البحرية الليبية بالقبض على سفينة تركية للتفتيش التي كانت تحمل علم غرينادا، ويقودها طاقم تركي الجنسية، وذلك قبالة السواحل الشمالية الشرقية للبلاد.

الجانب الأوروبي: قام وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي بإجراء مشاورات حول كيفية الحد من التأثيرات السلبية للاتفاق بين تركيا وحكومة الوفاق الليبية؛ خاصة في ظل الاهتمام الأوروبي بتحقيق الاستقرار في هذه المنطقة فيما يتعلق بتأمين احتياجاتها من الطاقة بعيدًا عن الجانب الروسي الذي تشهد العلاقات معه توترات عدة؛ خاصة أن بنود الاتفاق تسمح لتركيا بالوجود في مناطق تخضع للسيادة اليونانية والقبرصية، والتي تشهد نزاعًا طويل الأمد حول حقوق التنقيب عن النفط والغاز شرقي البحر المتوسط.

المتغير الأمريكي: برز المتغير الأمريكي بصورة غير مباشرة تجاه الضغط على تركيا في الكثير من الملفات، ولكن في منطقة غاز شرق المتوسط، فإن السياسة الأمريكية بدأت تتكشف في الظهور بعد ما أقر الكونجرس في 17 ديسمبر 2019 رفع الحظر المفروض على قبرص والمفروض عليها منذ عقود، في خطوة تنطوي على تحدٍّ لتركيا عبر السعي لتعزيز العلاقات الأمريكية مع الجزيرة المتوسطية وسط التوتر المتصاعد بين أنقرة وواشنطن.

المتغير الروسي: تتقاطع المصالح الروسية من خلال سوريا مع تلك التوترات التي تشهدها منطقة غاز شرق المتوسط؛ خاصة أن موسكو في ديسمبر 2017، وقّع بوتين قانونًا لتوسيع قاعدتي طرطوس وحميميم؛ من أجل ترسيخ الوجود الدائم لروسيا في سوريا، وإلى جانب موانئ سوريا، تتطلع موسكو إلى مصر وليبيا، وكذلك إلى شمال إفريقيا على نطاق أوسع، ويمكن إرجاء ذلك إلى الطموحات الروسية الرامية إلى لعب دور جيوسياسي أكبر في شرق البحر الأبيض المتوسط، ولعل هذه التحركات الروسية في منطقة شرق المتوسط، بعد ما وقَّع الطرفان الروسي والسوري اتفاق «عقد عمريت» في 2013؛ من أجل التنقيب عن النفط والغاز في المياه الإقليمية السورية، ويشمل عمليات تنقيب في مساحة 2190 كيلومترًا مربعًا، ويمتد على مدى 25 عامًا، بكلفة تبلغ 100 مليون دولار، بتمويل من روسيا، وفي حال اكتشف النفط أو الغاز بكميات تجارية، ستسترد موسكو النفقات من الإنتاج، واستحوذت شركتان روسيتان على ثلاثة مواقع للتنقيب عن البترول في سوريا، بعد توقيع كل من شركتي فيلادا وميركوري الروسيتين على العقود مع وزارة النفط السورية(5).

1_ عربي 21

2_ أخبار اليوم

3_ كارنيجي

5_ المرجع

التعليقات مغلقة.