تأثير الأحداث الأخيرة في الشرق الأوسط على النفوذ الإيراني (تحليل شامل)
تأثير الأحداث الأخيرة في الشرق الأوسط على النفوذ الإيراني (تحليل شامل)
تشهد منطقة الشرق الأوسط تحولاتٍ كبرى تكشف عن هشاشة المشاريع التوسعية التي سعت إيران إلى فرضها على حساب استقرار الشعوب وسيادة الدول. ومع سقوط أبرز حلفائها، وفي مقدمتهم النظام السوري، ومقتل أحد قادة المد الشيعي حسن نصر الله زعيم ميليشيا حزب الله اللبناني، والمعارك الدائرة في اليمن واستهداف قادة الشيعة، بدأت ملامح التراجع الإيراني تتضح، حيث بات تدخلها في شؤون الدول المجاورة عاملًا رئيسيًّا في تأجيج الصراعات وإطالة أمد الأزمات.
ولقد لعبت طهران دورًا تخريبيًّا عبر دعم الميليشيات المسلحة وبث الفوضى لتحقيق مصالحها الضيقة، غير مبالية بمآسي الشعوب وآمالها في الأمن والتنمية. اليوم، ومع تصاعد التحديات الإقليمية والدولية، يبدو أن مشروع الهيمنة الإيراني على حافة الانهيار، في مشهد يعيد التأكيد على أن سياسات التدخل والقمع لا تصمد أمام إرادة الشعوب الرافضة للوصاية.
إيران وأحداث غزة الأخيرة:
دعم إيران المزعوم لحماس والجماعات الفلسطينية:
إيران لطالما كانت داعمًا رئيسيًّا لحركة حماس والجهاد الإسلامي في غزة بهدف الظهور بدور البطل لتحسين صورتها وتنفيذ مخططاتها التخريبية بعد التسلل إلى قلوب المتعاطفين؛ فهذا الدعم يأتي في إطار إستراتيجيتها لتوسيع نفوذها عبر دعم الحركات التي تظهر بصورة المقاوم لإسرائيل، لكن التصعيد الأخير في غزة كشف عن قيود الدور الإيراني. فلطالما كشفت تقارير استخباراتية أن إيران تُزوِّدُ الفصائل الفلسطينية بصواريخ بعيدة المدى وتكنولوجيا الطائرات المسيَّرة، وذلك من أجل الترويج لنفسها على أنها حامي الديار الإسلامية على عكس نواياها التي كشفتها الأحداث، وظهر ذلك من خلال استجابة إيران المحدودة خلال الأزمة الأخيرة، مما أثار تساؤلات حول قدرتها على تقديم دعم فعال في لحظات الصراع الحاسمة.
وقد تحقق بالفعل إحدى غايات نظام الخمينية الإيراني من استغلال دعم حركات المقاومة الفلسطينية، وهي التبشير بالتشيع في الداخل الفلسطيني، وهو ما لم يستطع هنية نفيه حين سأله الظفيري عن تشيع عدد من أعضاء حركة «حماس». وقد حققته إيران بصورة أوسع في اليمن، عبر تبشير جعفري ممنهج، واستطاعت الخمينية الإيرانية عبر الحوثي تحويل آلاف الزيدية إلى الاثني عشرية، فشيَّعت عشرات الآلاف في دول عربية وإسلامية سُنية بالكامل في إفريقيا ودول جنوب شرقي آسيا؛ حيث تستخدم إيران «تشييع» شعوب هذه الدول كـ«حصان طروادة»، لمواصلة تمددها السياسي والعسكري، أي تكرار التجربة الإيرانية في إيران وسوريا واليمن ولبنان(1).
الأحداث الجديدة وأثرها على المنطقة:
وقد شهدت المنطقة تحولاتٍ عميقة مع استمرار تصاعد الأزمات السياسية والعسكرية، والتي تتجلى في تغير معادلات النفوذ الإقليمي، أبرزها سقوط النظام السوري بقيادة بشار الأسد، وصعود قوى جديدة كهيئة تحرير الشام بقيادة الجولاني، ومقتل حسن نصر الله زعيم حزب الله وأحداث غزة واليمن؛ هذه الأحداث أعادت رسم الخارطة السياسية والعسكرية في الشرق الأوسط، ودفعت القوى الإقليمية إلى إعادة تقييم مواقفها وتحالفاتها. إلى جانب ذلك، تصاعد التوتر بين القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا بشأن مستقبل سوريا، مع تعزيز تركيا لدورها كلاعب رئيسي في المنطقة، أثرت هذه التطورات على ميزان القوى الإقليمي، حيث اشتدت المنافسة بين المحاور الإقليمية، لا سيما بين إيران ودول الخليج، ما أدى إلى خلق واقع جديد يزيد من هشاشة استقرار المنطقة.
أثر الأحداث على الداخل الإيراني:
داخليًّا، أثرت هذه التغيرات بشكل كبير على إيران، التي تواجه ضغوطًا متزايدة على المستويين السياسي والاقتصادي، فمع سقوط نظام الأسد، أحد أبرز حلفاء طهران، تعمقت المخاوف داخل النخبة الإيرانية من تراجع نفوذها في المنطقة، وانتقال السيناريو السوري من ثوران الشعب على قيادته الفاسدة مما أثار استياء الأوساط السياسية والشعبية. وتصاعدت الانتقادات للقيادة الإيرانية بشأن الاستثمارات الكبيرة التي وُجِّهت لدعم حلفاء طهران في الخارج على حساب الأوضاع الاقتصادية الداخلية المتدهورة. وبرزت أصوات داخلية تطالب بإعادة النظر في السياسات الإقليمية، خاصة مع تزايد الضغوط الدولية وفرض عقوبات مشددة، مما أدى إلى ارتفاع حالة التوتر الاجتماعي والسياسي داخل البلاد.
آثار الأحداث على التواجد الخارجي:
– سقوط نظام بشار الأسد وصعود أحمد الشرع.
– الأهمية الإستراتيجية لسوريا في المشروع الإيراني.
سوريا كجسر جغرافي: شكلت سوريا لعقود محورًا حيويًّا في إستراتيجية إيران، كونها تربط طهران بحزب الله في لبنان. الدعم العسكري والاقتصادي لنظام الأسد: منذ بداية الأزمة السورية، استثمرت إيران موارد ضخمة لدعم نظام الأسد، ما جعل سقوطه بمثابة ضربة كبيرة لطهران. ولقد قيد الصراع السوري بالفعل النفوذ الإيراني في بلاد الشام، وسوف يقلل سقوط نظام الأسد من نفوذ إيران أكثر ويحد من قدرة طهران على إبراز قوتها. فسوريا أمر حيوي لمصالح إيران الإستراتيجية في الشرق الأوسط ولطالما كانت الدولة الحليفة الأقرب لإيران، وقد وفر نظام الأسد إمكانية وصول حاسمة إلى وكلاء إيران، بما في ذلك حزب الله اللبناني، ومعظم المجموعات القتالية والتخريبية السماح لإيران بنقل الأفراد، الأسلحة، والمال لهذه المجموعات عبر الأراضي السورية. وقدمت إيران الدعم لبرامج الأسلحة الكيميائية في سوريا، بما في ذلك نشر العلماء الإيرانيين، وتوريد المعدات والسلائف الكيميائية، والتدريب التقني، فلقد كانت سورية شريكًا إستراتيجيًّا لإيران. وكانت تهدف إستراتيجية إيران في سوريا إلى الحفاظ على الرئيس السوري بشار الأسد في السلطة لأطول فترة ممكنة إلى حين وضع شروط لضمان قدرة طهران على استخدام الأراضي والأصول السورية لمواصلة مصالحها الإقليمية إذا ما سقط الأسد، وقامت إيران بمجهود واسع، مكلف، ومتكامل لتحقيق هذه الأهداف(3).
تأثير سقوط الأسد على النفوذ الإيراني:
حكومة أحمد الشرع: تولي أحمد الشرع السلطة يمثل تغييرًا في المشهد السياسي السوري، الشرع، المعروف بعلاقاته الإيجابية إلى الآن مع الدول العربية، اختار تقليص النفوذ الإيراني لصالح إعادة بناء العلاقات الإقليمية. ويذكر الباحثون أن أعظم ضربة للنظام الإيراني جاءت في (ديسمبر 2024) مع سقوط نظام بشار الأسد في سوريا. استولت القوات الوطنية وثوار سوريا على دمشق، مما اضطر قوة القدس الإرهابية التابعة للحرس الملالي، إلى التراجع. شكَّلت هذه الخسارة قطعًا لطريق إمداد حيوي كان يُستخدم لدعم حزب الله وباقي الوكلاء الإيرانيين في المنطقة، قارن بعض المسؤولين الإيرانيين هذا الحدث بسقوط جدار برلين، الذي بشَّر بانهيار الاتحاد السوفيتي. أبعاد هذه الضربة الإستراتيجية تتضح بشكل أعمق عندما نستذكر تصريح مهدي طائب، رئيس مقر “عمَّار” الإستراتيجي للحروب الناعمة، والذي يُعدُّ غرفة تخطيط للحرس الثوري. قال طائب: “على إيران أن تستمر في تقديم الدعم للمقاتلين في سوريا والعراق ولبنان واليمن حتى لو كان ذلك على حساب قوت الشعب الإيراني.” ووصف سوريا في ظل حكم الأسد بأنها المحافظة الإيرانية رقم 35، مانحًا إياها أهمية إستراتيجية قصوى بين المحافظات الإيرانية، حيث قال: “سوريا هي المحافظة الـ35.
وتُعدُّ محافظة إستراتيجية بالنسبة إلينا”. طائب، المعروف بتأييده الشديد للنظام السوري، صرَّح في وقت سابق بأنَّ أهمية سوريا بالنسبة لإيران تفوق أهمية إقليم “الأهواز”، مؤكدًا: “لو خسرنا سوريا لا يمكن أن نحتفظ بطهران، ولكن لو خسرنا محافظة خوزستان (الأهواز) سنستعيده ما دمنا نحتفظ بسوريا”. كما أشار خامنئي شخصيًّا إلى أهمية القتال في سوريا والعراق واليمن، قائلًا: “إذا لم نقاتل في شوارع دمشق والعراق واليمن، فإنَّ هذه الجبهات ستصل إلى طهران وهمدان وشوارع إيران.” كان يدرك جيدًا أن العدو الحقيقي لنظامه ليس خارج الحدود بل داخلها. الآن، وقد انكشفت كل جبهات الحرب الوهمية التي فتحها، بات النظام يواجه ما كان يخشاه بالفعل: الحرب الحقيقية بين الشعب والحكومة(4).
التحديات أمام إيران في سوريا:
1_ فقدان قاعدتها العسكرية في سوريا.
2_ تضييق الخناق على نقل الأسلحة إلى حزب الله.
3_ خسارة تأثيرها في الشأن السوري الداخلي.
الضربات الأمريكية في اليمن وتراجع الحوثيين:
دور إيران في اليمن:
الدعم العسكري للحوثيين: قدمت إيران تكنولوجيا الصواريخ والطائرات المسيَّرة للحوثيين، مما مكَّنهم من استهداف السعودية والإمارات. الأهداف الإستراتيجية: اليمن يمثل لإيران موقعًا إستراتيجيًّا لتطويق الخليج العربي وتهديد الملاحة في البحر الأحمر؛ فجرائم إيران عبر أذرعتها الإجرامية المتواجدة في اليمن، والممثلة في ميليشيا الحوثي وخبراء الحرس الثوري الإيراني والمخابرات الإيرانية وفصائل شيعية أخرى أصبحوا متواجدين في اليمن منذ عام 2015، ومنهم فصائل وخبراء من حزب الله وخبراء شيعة من باكستان والهند بالعشرات متواجدين في صنعاء وصعدة. كل هذه الفصائل الشيعية تقودها إيران لتدمير اليمن أرضًا وإنسانًا منذ حروب طاحنة لـ 8 سنوات مضت، وأصبحت أذرع إيران الإرهابية تهدد أمن المنطقة برمتها، وليس اليمن فحسب(5).
تراجع النفوذ الإيراني:
على الرغم من هذه النكسات المتتالية لإيران، لم تتخل إيران عن طموحاتها الإقليمية، فقد تعهد المرشد الأعلى علي خامنئي والحرس الثوري الإيراني باستعادة النفوذ الإيراني في سوريا مع السعي في الوقت نفسه إلى إيجاد أساليب جديدة لتهريب الأسلحة إلى لبنان، ومع ذلك، فإن تضاؤل نفوذ إيران الحالي جعل وكلاءها عُرضة للخطر، مع احتمال أن يكون الحوثيون في اليمن التاليين في قائمة اهتمام خصومهم. ومع الإطاحة بالدكتاتور السوري بشار الأسد، وإضعاف حزب الله، وردع الميليشيات العراقية، قد يجد الحوثيون أنفسهم قريبًا الهدف الرئيسي لحملة إسرائيلية / أمريكية مكثفة. ويبدو أن إستراتيجية إيران الإقليمية أصبحت مجزأة على نحو متزايد، حيث تواجه طموحاتها مقاومة متصاعدة في مختلف أنحاء العالم العربي(6).
إستراتيجيات إيران المستقبلية:
التحديات التي تواجه إيران.
التحديات الداخلية.
استمرار الغضب الشعبي.
ستظل قضية الحجاب واستمرار استياء المواطنين من النظام الذي عاد في أعقاب تمكنه من القضاء على تظاهرات الحجاب، أن فرض الحجاب بقواعد أشد صرامة ومن خلال تشريعات. ومع استمرار الأوضاع الاقتصادية المأزومة؛ فإن الحراك الاجتماعي الساكن الآن بفعل القوة الأمنية الإيرانية قد يتحرك في أي وقت، لا سيما مع تطوير المتظاهرين لأدوات احتجاجية جديدة جعلت تظاهرات الحجاب تستمر لأشهر عدة، مما جعلها أكثر التحديات التي واجهت النظام الإيراني منذ تأسيسه، حيث استقطبت جميع فئات المجتمع، وجاءت على خلفية تزايد الإحباط بين الإيرانيين في أعقاب وباء كورونا، وارتفاع أسعار المواد الغذائية، والجمود في المفاوضات لإحياء الاتفاق النووي، من ثم استمرار العقوبات على إيران. أي إنه على الرغم من اختفاء الاحتجاجات فإن استمرار الاستياء الشعبي يزيد احتمالات تأجيجها مرة أخرى من حين إلى آخر.
ضعف شرعية النظام:
في مارس 2025 المقبل ستجري إيران الانتخابات التشريعية، والتي من المرجح في ظل الاستياء الشعبي ألا تشهد إقبالًا من الناخبين لتسجل نسبة تصويت أقل من الانتخابات التي أجريت عام 2020، وكانت ضعيفة هي الأخرى، حيث وصلت إلى 42 في المئة، وهي أضعف نسبة تصويت منذ 1979، وفي حين يستشهد النظام الإيراني بإجراء الاستحقاقات الانتخابية لتصدير صورة كونه مقبولًا شعبيًّا، فإن تراجع اهتمام المواطنين بالتصويت سيكون مؤشرًا إلى استمرار تزايد الغضب الشعبي. ومع استمرار الأزمة الاقتصادية ومعدلات التضخم ونسب الفقر فمن غير المرجح خروج المواطنين للتصويت. وكان مشهد المشاركة الضعيفة في التظاهرات المدعومة من النظام لدعم غزة دليلًا على تزايد الفجوة بين النظام والإيرانيين.
خلافة المرشد:
تُعدُّ خلافة المرشد أهم القضايا المحتمل أن تطل بوجهها أمام النظام الإيراني واختيار خليفة يضمن بقاء نظام ولاية الفقيه بعد وفاته. ربما أحد المرشحين بقوة لخلافة علي خامنئي هو مجتبى ابنه، المرتبط بالحرس الثوري، أي إنه يرتبط بالركيزتين الرئيستين للنظام، مؤسستها العسكرية والدينية، بما يثير هذا استياء بعض رجال الدين الرافضين لمجتبى، وكذلك المواطنين غير الراغبين في استمرار حكم رجال الدين.
التحديات الخارجية:
الملف النووي.
تراجع اهتمام كل من واشنطن وطهران بإحياء الاتفاق النووي لعام 2015، وكان يهدف إلى منع إيران من تخصيب اليورانيوم إلى مستوى يضعها على عتبة الحصول على أسلحة نووية، وفي ظل المماطلة الإيرانية خلال محادثات فيينا، انتفت جدوى الاتفاق، لا سيما في ظل تطوير إيران قدراتها النووية، مع غياب رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأقر تقرير صدر حديثًا عن الوكالة باستمرار إيران في تخصيب اليورانيوم بنسبة 60 في المئة زيادة عما وصلت إليه قبل منتصف عام 2023، مما يشير إلى استغلال طهران للعملية العسكرية الإسرائيلية على غزة وانشغال المجتمع الدولي، لتراكم كميات اليورانيوم المخصب لديها سرًّا، ومن ثم فقد أرست إيران واقعًا جديدًا في ما يخص برنامجها النووي. من جهة أخرى حصلت إيران على أموال مجمدة من البنوك الكورية بموافقة أمريكية، ولا يتبقى سوى أن إيجاد آلية مالية يتم من خلالها المعاملات المالية بديلًا لرفع العقوبات الأمريكية، أي: إن عام 2023 انتهى بصفقة أمريكية – إيرانية تتعلق بالسجناء والأموال المجمدة لتكون بديلًا عن إحياء الاتفاق النووي، ومن ثم حصلت إيران على منافع عدة دون إحياء الاتفاق بقيود جديدة. وتشير تلك التطورات إلى أن البرنامج النووي الإيراني يستمر خلال 2024 عالقًا بلا حل، لا سيما أنه انتقل لمرحلة جديدة، وفي حين ستستخدمه واشنطن كورقة لمناكفة إيران حينما تريد، ستبقى إسرائيل الطرف الرئيس المعني بوقف الأنشطة النووية لإيران. ويُعدُّ استمرار الاضطرابات الإقليمية منفعة لإيران، في الأقل في الوقت الحالي، حيث ارتفعت أسعار النفط بما يزيد على خمسة دولارات للبرميل منذ عملية “حماس”، “طوفان الأقصى”، وتحرص واشنطن على خفض التضخم في الفترة التي تسبق انتخاباتها العام المقبل، لذا سمحت ضمنيًّا لإيران بتصدير النفط، فقد ارتفع حجم إنتاجه وبيعه خلال إدارة بايدن نحو خمسة أضعاف، ليصل إلى ثلاثة ملايين برميل يوميًّا، وهو أعلى مستوى له منذ فرضت إدارة ترامب العقوبات عام 2018.
محور المقاومة ووحدة الساحات:
مثلت العملية العسكرية الإسرائيلية على غزة في أعقاب عملية “طوفان الأقصى” تحديًّا لإيران التي كثيرًا ما روجت لمحور المقاومة ومبدأ وحدة الساحات، وفي حين نأت بنفسها عن “طوفان الأقصى”، ظهرت حريصة على أن تظل شريكة فيما يحدث بغزة، لتوسع هامش مناوراتها مع واشنطن. ومع ذلك سيظل التحدي متمثلًا في: هل سيتماسك محور المقاومة في حال انتهت العملية الإسرائيلية، وهل يمكن لإيران أن تؤجج بؤر التوتر ضد إسرائيل إعمالًا بمبدأ وحدة الساحات.
استمرار حرب الظل مع إسرائيل:
من المرجح بعد انتهاء العمليات الإسرائيلية في غزة أن يعود الانشغال الإسرائيلي بالملف الإيراني، سواء لجهة وجودها العسكري في سوريا أو وضع حد لتطوير قدراتها النووية، ومن ثم ستستمر عمليات التخريب والاختراق والتجسس، واستهداف الشخصيات الإيرانية، والهجمات السيبرانية، فضلًا عن انتقال الصراع بينهما للمساحات البحرية(7).
السيناريوهات المتاحة لإيران:
إعادة تقييم التحالفات: قد تسعى إيران إلى تحسين علاقاتها مع الدول الإقليمية لتخفيف الضغوط. زيادة الاعتماد على التكنولوجيا: تطوير الطائرات المسيَّرة والصواريخ كوسيلة لتعويض تراجع النفوذ التقليدي.
انعكاسات هذه التطورات على المنطقة العربية:
صعود أدوار بديلة.
السعودية وتركيا ومصر: تصاعد دور هذه الدول في ملء الفراغ الناجم عن تراجع النفوذ الإيراني. تحالفات عربية أقوى: قد تؤدي التطورات الأخيرة إلى تقارب أكبر بين الدول العربية لمواجهة التهديدات المشتركة. أوراق التوت تتساقط عن عورة المشروع الإيراني لتكشف أنه مشروع رفع شعار المقاومة والغاية هي السلطة والتحكم باللبنانيين والسوريين وعدم المس بالمصالح الإسرائيلية والغربية في هذين البلدين، رفع شعار وحدة المسلمين وأفضل من استثمر في الشروخ المذهبية التي قسمت المنطقة وقزمتها فيما حزب الله يعلن عن انتصار وراء انتصار، تتدمر المنطقة وحزب الله منتصر، وإيران تبتهج بانتصارها، تُحاصَرُ القدس فلا نسمع أيَّ تهديد إيراني شبيه بما دفع حزب الله قبل خمس سنوات إلى الزج بالآلاف من مقاتليه في سوريا لأنَّه اعتبر أنَّ مقامات شيعية مهددة في سوريا، أولى القبلتين لم تهز وجدان حزب الله، وإذا أحسنا الظن بنوايا حزب الله وإجراءاته فإنَّ القدس ليست على وزن دمشق، ولا المسجد الأقصى بأهمية مقام السيدة زينب في دمشق، وإذا أسأنا الظن فليست الشعارات الدينية إلا وسيلة يجري استخدامها وقت الحاجة.
الخلاصة:
تشير الأحداث الأخيرة إلى بداية مرحلة جديدة في الشرق الأوسط، النفوذ الإيراني، الذي كان يمتد عبر عدة دول، بات يواجه تحديات غير مسبوقة. فسقوط نظام الأسد، تراجع الحوثيين في اليمن، والأزمات الداخلية، كلها عوامل تضغط على إيران لإعادة تقييم سياساتها. في المقابل، توفر هذه التطورات فرصة للدول العربية لتعزيز وحدتها واحتواء التهديدات المشتركة، سواء كانت إيرانية أو إسرائيلية. ويبقى السؤال مفتوحًا: هل ستتمكن إيران من التكيف مع هذه التحولات، أم أن نفوذها سيستمر في الانحسار؟
المصادر:
1_ الشرق الأوسط.
2_ العربية.
3_ مجموعة الخدمات البحثية.
4_ إيلاف.
5_ المصري اليوم.
6_ المركز العربي لدراسات التطرف.
7_ سكاي نيوز.
النشرة البريدية
كن على اطلاع بأحدث الدراسات والمقالات والفعاليات الفكرية