بعد مشاهد إطلاق سراح الرهائن.. تعرف على تفاصيل بنود وقف إطلاق النار
بعد مشاهد إطلاق سراح الرهائن.. تعرف على تفاصيل بنود وقف إطلاق النار
بعد 471 يومًا على عملية طوفان الأقصى التي كشفت ضعف أجهزة الاحتلال العسكرية والأمنية، وكذلك المخابراتية، وما تبعه من دمار هائل في البنية التحتية وجميع قطاعات مدينة غزة الأبيَّة بسبب حرب الإبادة التي شنها الاحتلال الإسرائيلي على القطاع، وتعرُّض القطاع لمأساة وجحيم من الانتهاكات والويلات والأنين ومعاناة على كافة المستويات والأصعدة، ومجازر يومية بحق المدنيين قضت على جميع مظاهر الحياة في القطاع نتيجة القصف الصهيوني على الأبرياء بأقذر أنواع الصواريخ والقنابل الأمريكية فائقة التدمير، ما أدى إلى استشهاد أكثر من 47 ألف شهيد وأكثر من 100 ألف جريح وآلاف المفقودين تحت الركام؛ نجحت الجهود المصرية القطرية إلى جانب ضغط أمريكي من إدارة دونالد ترامب على حكومة الاحتلال في الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار على القطاع وإقرار هدنة متدرجة من 3 مراحل تشمل عدَّة بنود وشروط من الطرفين، على أن تضمن كلٌّ من الولايات المتحدة الأمريكية ومصر وقطر تنفيذ الاحتلال الإسرائيلي وحماس بنود الاتفاق التي سوف نتطرق إليها في هذا التقرير، وتوضيح أسباب نجاح الوسطاء في الضغط على أطراف التفاوض من أجل الوصول إلى الهدنة وإقرار وقف إطلاق النار.
اتفاق وقف إطلاق النار:
تضمن اتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ اعتبارًا من ١٩ يناير ٢٠٢٥، إقرار الهدنة وتبادل الأسرى على أكثر من مرحلة، واستند اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة على الورقة المصرية التي قدمتها القاهرة لحركة حماس والاحتلال الإسرائيلي في مايو 2024، ورغم عدم الإعلان عن بنود الاتفاق بشكل رسمي، إلَّا أنه وفق مسئولين وتأكيد الوسطاء بأن الاتفاق اعتمد على أكثر من 95% من ورقة مصر لوقف الحرب، وبالتالي فإن بنود اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى جاءت كالتالي:
– يستمر وقف إطلاق النار لـ6 أسابيع، يتضمن انسحابًا تدريجيًّا لقوات الاحتلال من وسط غزة، وعودة الفلسطينيين النازحين إلى شمال غزة.
– يتسلم الاحتلال أسماء الرهائن الإسرائيليين الذين سيُفرج عنهم خلال المرحلة الأولى من الاتفاق.
– تشكيل لجنة مصرية قطرية تشرف على عودة النازحين من جنوب القطاع إلى شماله.
– وقف العمليات العسكرية وانسحاب الاحتلال الإسرائيلي إلى ناحية الشرق بمحاذاة الحدود بعيدًا عن المناطق المأهولة بالسكان في جميع مناطق قطاع غزة، بما في ذلك “وادي غزة”، على أن يكون الانسحاب إلى مسافة 700 متر قبل الحدود اعتمادًا على خرائط ما قبل 7 أكتوبر 2023.
– تعليق النشاط الجوي الإسرائيلي للأغراض العسكرية والاستطلاع مؤقتًا في قطاع غزة بمعدل 10 ساعات يوميًّا، و12 ساعة في أيام إطلاق سراح المحتجزين والأسرى.
– تخفض إسرائيل قواتها تدريجيًّا في محور فيلادلفيا خلال المرحلة الأولى من الاتفاق.
– تفرج إسرائيل في المرحلة الأولى عن نحو ألفي أسير، بينهم 250 من المحكومين بالسجن المؤبد، ونحو ألف من المعتقلين بعد 7 أكتوبر 2023.
– بعد إطلاق سراح 7 محتجزين إسرائيليين، ينسحب الاحتلال بالكامل في اليوم السابع من الاتفاق من شارع الرشيد شرقًا حتى شارع صلاح الدين، وتبدأ عمليات تفكيك كل المواقع في هذه المنطقة.
– في اليوم الـ22 من بدء تنفيذ الاتفاق، ينسحب الاحتلال الإسرائيلي من وسط القطاع، خاصة من “محور نتساريم” و”دوار الكويت” إلى الحدود، وتفكيك المنشآت العسكرية بالكامل، واستمرار عودة النازحين إلى أماكن سكنهم، ومنح السكان حرية التنقل في جميع مناطق القطاع.
– فتح معبر رفح بعد 7 أيام من بدء تطبيق المرحلة الأولى، وتدخل كميات كافية من المساعدات الإنسانية ومواد الإغاثة.
– دخول 600 شاحنة مساعدات إنسانية إلى غزة يوميًّا أثناء وقف إطلاق النار، منها 50 شاحنة وقود، وتخصيص 300 شاحنة لشمال غزة.
– تطلق حماس سراح 33 أسيرًا وأسيرة، منهم جميع النساء العسكريين والمدنيين والأطفال وكبار السن.
– يطلق الاحتلال الإسرائيلي سراح 30 معتقلًا فلسطينيًّا مقابل كل أسير مدني، و50 معتقلًا فلسطينيًّا مقابل كل مجندة صهيونية تطلقها حماس.
– في الأسبوع السادس من الاتفاق، يُفرج الاحتلال الإسرائيلي عن 47 من أسرى “صفقة شاليط” الذين أعيد سجنهم بعد إطلاق سراحهم عام 2011.
– تطلق حركة حماس سراح المحتجزين الإسرائيليين أباراهام منغستو وهشام السيد (جنديين إسرائيليين أعلنت حماس مطلع عام 2016 احتجازهما)، مقابل إطلاق الاحتلال الإسرائيلي سراح 30 أسيرًا فلسطينيًّا.
– تبلغ حماس بمكان نقطة اللقاء داخل غزة من أجل استلام الرهائن الصهاينة.
– في اليوم السابع من بدء سريان الاتفاق، يسمح للمركبات بالعودة شمال محور نتساريم بعد فحصها من شركة خاصة يحددها الوسطاء مع الجانب الصهيوني بناءً على آلية متفق عليها.
– يفرج الاحتلال الإسرائيلي عن جميع النساء الفلسطينيات والأطفال تحت سن 19 عامًا الذين تم اعتقالهم منذ 7 أكتوبر 2023 بنهاية المرحلة الأولى من الاتفاق.
– عدد الفلسطينيين المفرج عنهم يعتمد على عدد الرهائن، ويتراوح بين 990 إلى 1650 معتقلًا فلسطينيًّا من الرجال والنساء والأطفال.
– تُطلق حماس سراح الرهائن خلال 6 أسابيع، بواقع إطلاق سراح ثلاثة رهائن أسبوعيًّا، والإفراج عن البقية قبل نهاية المدة.
– تُفرج حكومة الاحتلال عن الرهائن الأحياء أولًا، ومن ثم تسليم رفات الرهائن المتوفين.
– تضمن مصر وقطر والولايات المتحدة تنفيذ الاتفاق من قبل الطرفين.
– تبدأ مفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار اليوم السادس عشر من المرحلة الأولى.
– يشمل اليوم السادس عشر إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين ووقف إطلاق نار دائم وانسحاب إسرائيلي كامل من أراضي قطاع غزة.
– تتضمن المرحلة الثالثة من الاتفاق إعادة جميع الجثامين المتبقية وبدء إعادة إعمار غزة بإشراف مصر وقطر والأمم المتحدة.
– تحسين أوضاع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال.
– يمنع إعادة اعتقال الأسرى الفلسطينيين الذين أطلق سراحهم بالتهم نفسها التي اعتقلوا بسببها سابقًا، ولن يعاد اعتقالهم من أجل قضاء ما تبقى من محكوميتهم، ولن يطلب من السجناء الفلسطينيين التوقيع على أي وثيقة شرطًا لإطلاق سراحهم.
– نقل الأسرى الفلسطينيين الصادر بحقهم أحكام مؤبدة إلى مصر والأردن، ومن ثم يعيشون بشكل دائم في قطر وتركيا.
– تواصل الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية تقديم الخدمات الإنسانية في كافة مناطق قطاع غزة، وتستمر العمليات في جميع مراحل الاتفاق.
– إدخال مستلزمات إنشاء مراكز لإيواء النازحين، وبناء ما لا يقل عن 60 ألف وحدة سكنية مؤقتة و200 ألف خيمة.
– تبدأ عمليات إعادة تأهيل البنية التحتية في جميع مناطق قطاع غزة، وإدخال المعدات اللازمة لفرق الدفاع المدني، وإزالة الركام والأنقاض وإعادة الإعمار، ويستمر ذلك في جميع مراحل الاتفاق، وتعويض المتضررين تحت إشراف عدد من الدول والمنظمات، بما في ذلك مصر وقطر والأمم المتحدة.
– عبور 50 عسكريًّا جريحًا بشكل يومي من خلال معبر رفح لتلقي العلاج، ويرافقهم 3 أفراد، يتطلب حصولهم على موافقة من مصر والاحتلال، وزيادة عدد الأشخاص الذين يسمح لهم بالمرور عبر المعبر، وإزالة القيود المفروضة على المسافرين عبره وحركة البضائع والتجارة.
– تبلغ مدة المرحلة الثانية 6 أسابيع أيضًا، وتشمل الوقف الدائم للعدوان الإسرائيلي واستمرار تبادل الأسرى.
– تنسحب قوات الاحتلال الإسرائيلي بالكامل خارج قطاع غزة خلال المرحلة الثانية للاتفاق.
– تبلغ مدة المرحلة الثالثة 6 أسابيع، وتشهد استمرار تبادل الأسرى ورفات الشهداء.
– بدء تنفيذ خطة إعادة إعمار قطاع غزة على مدى 3 إلى 5 سنوات.
– فتح جميع المعابر والسماح بحرية حركة الأشخاص والبضائع.
من فرض الهدنة؟
بعد تعنت صهيوني وإصرار على مواصلة حرب الإبادة والعدوان الوحشي على المدنيين المحاصرين في قطاع غزة، واستمرار ادعاءات القضاء على حماس وتهجير الفلسطينيين من أراضيهم المحتلة، وتعطيل حكومة الكيان الصهيوني المتعمد لكل محاولات إنهاء الحرب، نجحت الجهود المصرية القطرية الأمريكية في الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإقرار هدنة على مراحل بعد عام و3 أشهر من المفاوضات، وهنا يأتي السؤال الأبرز؛ وهو: مَن الذي فرض الهدنة؟ أو بالأحرى: لماذا تنازلت إسرائيل وحركة المقاومة حماس عن بعض شروط التفاوض التي كانت أساسية من قبل ولطالما تمسكوا بها طوال مراحل التفاوض؟ وكيف تم إقرار الاتفاق؟ ونستطيع توضيح أسباب تنازل الطرفين عن العديد من الشروط والتوصل لقرار وقف إطلاق النار عبر النقاط الآتية التي ساهمت في هذه التنازلات:
– اشترك اللواء أحمد عبد الخالق نائب رئيس الاستخبارات المصرية ومعاونوه، ورئيس وزراء قطر محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ووليام بيرنز مدير الاستخبارات الأمريكية، وبريت ماكغورك منسق البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وستيفن ويتكوف مبعوث ترامب للشرق الأوسط، في مفاوضات طويلة للتوصل لوقف إطلاق النار.
– أكد مايك والتز مستشار الأمن القومي لإدارة ترامب أن رغم اشتراك إدارتي بايدن وترامب في صفقة الهدنة فإن ترامب مارس ضغوطًا على بنيامين نتنياهو رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي للقبول باتفاق وقف إطلاق النار.
– اختيار ترامب لـ”ستيف ويتكوف” المحامي والمستثمر العقاري والمبعوث الشخصي للشرق الأوسط إلى نتنياهو من أجل إنهاء الصفقة، وبحسب الصحف الأمريكية فإن ويتكوف استطاع إقناع نتنياهو بالهدنة خلال اجتماع واحد شهد خلافات حادة وشجارًا وسبًّا لنتنياهو.
– دعم المعارضة الإسرائيلية نتنياهو أمام إيتمار بن غفير وسموتريش.
– جهود مصر وقطر المشتركة المستمرة لأكثر من عام في الضغط على الاحتلال وحركة حماس من أجل التنازل عن بعض الشروط لإقرار الهدنة.
– ممر فيلادلفيا المتاخم للحدود المصرية الذي يتواجد فيه الاحتلال بآلياته العسكرية منذ مايو 2024، ودور ذلك في إحداث أزمة مع القاهرة.
– استدعاء مصر لكتائب وألوية كاملة من الجيش على الحدود إلى جانب تنصيب الصواريخ وفرق المدرعات والدبابات والأسلحة الثقيلة على الحدود على إثر وجود الكيان الصهيوني في محور فيلادلفيا.
– ارتفاع أعداد قتلى الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة بشكل عام منذ بداية طوفان الأقصى وتحديدًا في الأيام الأخيرة إثر اشتداد المعارك مع فصائل المقاومة الفلسطينية شمال القطاع، كما أن حرية تحرك المقاومة وزرع العبوات بعد نزوح المدنيين فاقم من أعداد قتلى جنود الاحتلال.
– خسر جيش الاحتلال 841 قتيلًا و5656 مصابًا، وفق إعلان سلطات الاحتلال التي تؤكد حركة حماس أنها أكبر من ذلك بكثير، ولواء جفعاتي وحده حسب بيان جيش الاحتلال خسر 87 فردًا ما بين مجند وضابط منذ 7 أكتوبر 2023.
– دور أهالي الأسرى الصهاينة في الضغط المتواصل على حكومة نتنياهو بعد تظاهرات مستمرة.
– دعم شعبي إسرائيلي لتظاهرات أهالي المحتجزين بسبب ارتفاع تكلفة الحرب وزيادة أعداد القتلى إلى جانب إعلان الاحتلال عن ارتفاع خسائره في الأيام الأخيرة قبل قرار وقف إطلاق النار.
– اقتناع الرأي العام الإسرائيلي بأن البقاء في قطاع غزة نوع من العبث والاستهداف وتعريض الجنود للخطر من دون جدوى.
– الإعلان الإسرائيلي عن تدمير 40% من أنفاق المقاومة الفلسطينية، وبقاء 60% من الأنفاق لا تزال موجودة، ومن ثم تستطيع المقاومة التحرك بأريحية وتعريض جنود الاحتلال لمزيد من القتل.
– إسرائيل أخفقت في تحقيق أهداف إستراتيجية أعلنت عنها كثيرًا في خطابها المعلن للداخل والخارج، وجاءت الصفقة لتنقذ مستقبل وصورة حكومة الاحتلال أمام المجتمع الإسرائيلي، خاصة بعد صمود حماس والفلسطينيين في القطاع.
– اقتناع نتنياهو والإدارة الأمريكية أن القضاء على حماس مستحيل، بدليل ارتفاع وتيرة القتال لدى المقاومة في الشهر الأخير وإسقاطهم عشرات الضباط الصهاينة شمال قطاع غزة، الذي أعلن الاحتلال أكثر من مرة تدميره والقضاء على المقاومة فيه.
– لم يتبق لحكومة الاحتلال هدف يمكن تحقيقه سوى الإفراج عن الأسرى عبر صفقة وقف إطلاق النار مع حركة حماس والمقاومة الفلسطينية، بعدما سقطت مخططات نتنياهو ورفاقه اليمينيين المتشددين، بما فيها تيار الاستيطان التوراتي الذي أرادوا من البداية التضحية بالأسرى لاستمرار الإبادة ليتمكنوا من إحكام قبضتهم على مفاصل حكومة الاحتلال ومؤسساتها.
جهود مصرية قطرية:
بذلت مصر وقطر جهودًا كبيرة مضنية على مدار عام و3 أشهر من أجل الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، ونجحت جهود القاهرة والدوحة في إقرار الهدنة الأولى في 24 نوفمبر 2023، وأدخلت مصر حينها آلاف الأطنان من المساعدات إلى قطاع غزة، وتبادل الطرفان بعض الأسرى، ورغم الاتفاق على إنهاء العدوان وبدء الإعمار خرقت ميليشيا الاحتلال الإسرائيلي الهدنة التي لم تستمر سوى أيام، وشهد عام 2024 العديد من جولات المفاوضات في القاهرة لوقف العدوان الإسرائيلي وإنهاء معاناة الفلسطينيين في القطاع، وبعد 15 شهرًا من حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، نجحت جهود الوساطة بضغط أمريكي في التوصل لإقرار هدنة ووقف إطلاق النار وتبادل الأسرى عبر مراحل محددة وبنود واضحة، وأعلنت مصر وقطر والولايات المتحدة الأمريكية التوصل إلى اتفاق لتبادل الأسرى والمحتجزين ووقف إطلاق النار اعتبارًا من ١٩ يناير ٢٠٢٥، ويتضمن الاتفاق ثلاث مراحل، تشتمل المرحلة الأولى -ومدتها ٤٢ يومًا- على وقف إطلاق النار وانسحاب وإعادة تموضع القوات الصهيونية خارج المناطق المكتظة بالسكان، وتبادل الأسرى والمحتجزين، وتبادل رفات الشهداء، وعودة النازحين داخليًّا إلى أماكن سكنهم في قطاع غزة، وتسهيل مغادرة المرضى والجرحى لتلقي العلاج، وتكثيف إدخال المساعدات الإنسانية في جميع أنحاء قطاع غزة، وإعادة تأهيل المستشفيات والمراكز الصحية والمخابز، وإدخال مستلزمات الدفاع المدني والوقود، وإدخال مستلزمات إيواء النازحين الذين فقدوا بيوتهم بسبب الحرب، وأكدت مصر والوسطاء ضمان تنفيذ هذا الاتفاق على ثلاث مراحل من قبل الطرفين، وأشادت قطر والولايات المتحدة الأمريكية والأمم المتحدة وجامعة الدول العربية والمملكة العربية السعودية بدور مصر في التوصل إلى هذه الهدنة.
أثر الاتفاق:
يعد وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ الأحد 19 يناير 2025، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع، وإفراج الاحتلال الصهيوني عن نحو ألفي أسير، بينهم 250 من المحكومين بالسجن المؤبد، ونحو ألف من المعتقلين بعد 7 أكتوبر 2023، إلى جانب دخول المساعدات وعودة النازحين وإغاثتهم، ورجوع أهالي القطاع إلى ديارهم، حتى وإن كانت مهدَّمة؛ انتصارًا سياسيًّا كبيرًا للمقاومة الفلسطينية، بعد أكثر من عام على الجرائم والمجازر الإسرائيلية في القطاع، كما يؤكد فشل الاحتلال في تحقيق أهدافه التي أعلن عنها مرارًا، ومنها عجز إسرائيل في تدمير البنى التحتية للمقاومة، وكذلك فشلها في إطلاق سراح المحتجزين، أو تهجير سكان قطاع غزة إلى خارجه، بجانب فشل إسرائيل في الانتصار على المقاومة، أو اقتلاع حماس من سيناريو اليوم التالي بعد الحرب على قطاع غزة، كما أن مشاهد إطلاق حماس للأسرى الإسرائيليين أظهرت قوة المقاومة وثباتها الكبير ورباطة جأشها، فيما برهنت تصريحات أعضاء حكومة الاحتلال الفشل الإسرائيلي الكبير في قطاع غزة.
محاولات التهجير:
اتخذ الاحتلال الإسرائيلي فوز ترامب في الانتخابات الأمريكية فرصة كبيرة لمواصلة الهيمنة الاستيطانية على الأراضي الفلسطينية المحتلة، واستمرار العدوان الصهيوني على قطاع غزة، وتهجير الفلسطينيين من القطاع، حيث وصف قادة الاحتلال وفي مقدمتهم نتنياهو نجاح ترامب بـ”أعظم عودة في التاريخ”، ومنذ عودة ترامب للبيت الأبيض مرورًا بدوره في الوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، كرر ترامب تصريحاته بتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة عدَّة مرات، وطالب صراحة مصر والأردن باستقبال الفلسطينيين من قطاع غزة، إلَّا أن الموقف المصري كان حائط الصد المنيع أمام مخططات الاحتلال وضغوط إدارة ترامب الأمريكية من أجل تهجير الفلسطينيين، وجاء موقف القيادة المصرية وقواتها المسلحة والشعب المصري ليؤكد رفضه القاطع إنهاء القضية الفلسطينية أو المساس بحق أهالي قطاع غزة في البقاء داخل أراضيهم ومنازلهم، والسعي نحو إعادة إعمارها.
ما بعد وقف إطلاق النار:
حالة الذهول الإسرائيلي والصدمة من مشاهد إطلاق سراح الرهائن أثبتت صلابة المقاومة الفلسطينية، ونجاحها في الثبات رغم فداحة التدمير والعدوان، كما كشف وقف إطلاق النار خسائر الاحتلال الإعلامية والنفسية وحتى المخابراتية، وأن الكيان الصهيوني لم يقضِ على حماس كما كان يزعم ويتوعد، بالإضافة إلى أن استمرار الهدنة وتحقيق بنودها وإعادة إعمار قطاع غزة يعني إعادة بناء حماس والمقاومة الفلسطينية لنفسها من جديد، وأن كل محاولات الكيان الصهيوني بتدمير القطاع والمقاومة الفلسطينية باءت بالفشل ولم يكن لها قيمة، كما أن مقاطع تسليم الأسرى وما احتوت عليه من مشاهد للسلاح الإسرائيلي في أيدي المقاومة الفلسطينية، والملابس والمعدات وحسن التنظيم والإعداد لتبادل الرهائن أشار إلى قوة سلاح الأنفاق، هذه كلها أسباب نقلت بوضوح فشل أي مخطط لإخراج الفلسطينيين من أراضيهم أو حتى قتلهم داخلها.
كما أن عودة النازحين الفلسطينيين من الجنوب إلى الشمال في طوفان بشري منذ ساعات الفجر الأولى من يوم 27 يناير 2025، بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، شكَّل ردًّا عمليًّا من الشعب الفلسطيني على ترهات ترامب ودعواته لترحيل الفلسطينيين واحتلال أراضيهم تحت أي مزاعم إنسانية، حيث أثبت أهالي القطاع أن الفلسطيني يفضِّل العيش في خيمة وعلى أكوام الدمار الذي أحدثه الاحتلال الصهيوني بأسلحة أمريكية على الخروج من أرضه ووطنه التاريخي، كما شددت هذه الأمواج البشرية إلى جانب الموقف المصري على أن أي محاولات لإخراج الفلسطينيين بالقوة يعني استمرار المقاومة من داخل وخارج فلسطين ضد الاحتلال.
الخلاصة:
بعد عام و3 أشهر من التدمير الهائل لقطاع غزة باستخدام أقوى وأقذر القنابل والصواريخ أمريكية الصنع، والقضاء على مظاهر الحياة في القطاع وإرغام أكثر من 2 مليون فلسطيني على النزوح المتكرر بين ركام المنازل المُهدَّمة، وليالي وأيام من الترويع والرعب والمجازر واستهداف المستشفيات وقتل عشرات الآلاف من المدنيين، كسر صمود وإرادة المقاومة الفلسطينية غطرسة الاحتلال وقطعت أياديه الآثمة الملوثة بدماء الأبرياء وأرغمته على التنازل وقبول الهدنة وإقرار وقف إطلاق النار بشروط لطالما أعلنت حكومة نتنياهو رفضها، كما أن جهود مصر وقطر وضغط إدارة ترامب والخسائر العسكرية الإسرائيلية داخل قطاع غزة ساهمت في انصياع الاحتلال لاتفاق وقف إطلاق النار، وأوضحت مشاهد تسليم الأسرى الإسرائيليين سواء المدنيين أو المجندات فشل الاحتلال في القضاء على المقاومة.
كما أثبت إعجاز الفلسطينيين أثناء النزوح إلى شمال القطاع أن القصف الصهيوني الأعمى لن يثني الفلسطينيين عن التشبث بمنازلهم حتى وإن تم تدميرها والتمسك بأرضهم حتى ولو ماتوا فيها ودُفنوا تحتها، فيما جاء الموقف المصري على كافة مستوياته ليوضح أن أي خطوات لتهجير الفلسطينيين تعني إسقاط اتفاقية السلام، وما قد يتبع ذلك من خطوات تكفل منع تهجير الفلسطينيين من أراضيهم أو المساس، ولذلك كثفت مصر جهودها لاستمرار دخول المساعدات وإلزام الاحتلال على الالتزام ببنود اتفاق وقف إطلاق النار ومرور كل أنواع المساعدات وآليات رفع الركام ودخول المنازل المتنقلة -الكرفانات- والوقود وبذل مزيد من الجهود من أجل الشروع في إعادة الإعمار، كما دعت مصر لعقد قمَّة عربية وإسلامية طارئة لمناقشة أوضاع قطاع غزة وملف الإعمار لضمان استقرار الوجود الفلسطيني، وسحب الذريعة من أمام نتنياهو واليمين المتطرف وترامب، الذين يبررون فكرة التهجير بذرائع “إنسانية” مدَّعاة، بهدف تمكين إسرائيل من ضم الضفة الغربية واحتلال غزة وتهويد القدس والمسجد الأقصى المبارك.
المصادر:
– الجزيرة – بنود اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة يناير 2025 – 16 يناير 2025.
– سكاي نيوز – تفاصيل خطة تنفيذ اتفاق غزة في المرحلة الأولى – 19 يناير 2025.
– سكاي نيوز – اليوم 471 للحرب.. اتفاق غزة يdrawable حيز التطبيق – 19 يناير 2025.
– الجزيرة – نيويورك تايمز: هذه سيناريوهات ما سيؤول إليه اتفاق غزة – 20 يناير 2025.
– الهيئة العامة للاستعلامات – الدور المصري في اتفاق الهدنة بغزة 15 يناير 2025 – 15 يناير 2025.
– الشرق الأوسط – «بالأرقام والمواعيد»… ما الخطوات التالية في هدنة غزة؟ – 21 يناير 2025.
– العربية – من فرض هدنة غزة؟ مستشار ترامب يرد مذكرًا بعام 1981 – 16 يناير 2025.
– الهيئة العامة للاستعلامات – الجهود المصرية لتهدئة الأوضاع في غزة – 26 يناير 2025.
– اليوم السابع – الورقة المصرية أساس بنود اتفاق وقف إطلاق النار في غزة – 18 يناير 2025.
– الجزيرة – ما السبب الحقيقي وراء ارتفاع قتلى جيش الاحتلال بشمال غزة؟ محللون يجيبون – 15 يناير 2025.
– الجزيرة – لماذا وافقت إسرائيل على الصفقة الآن بعد تعنت طويل؟ – 18 يناير 2025.
– الجزيرة – لماذا يرى محللون أن وقف إطلاق النار بغزة انتصار سياسي للمقاومة وإخفاق للاحتلال؟ – 16 يناير 2025.
النشرة البريدية
كن على اطلاع بأحدث الدراسات والمقالات والفعاليات الفكرية