fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

الحرس الثوري الإيراني… بداياته وتدخلاته في شئون الدول العربية

115

الحرس الثوري الإيراني… بداياته وتدخلاته في شئون الدول العربية

قوة ضاربة في إيران يُسيطر على مفاصل الدولة، وتُوكل إليه المهمات القذرة، ينتشر في بعض الدول العربية، يُشعل الفتن والحروب فيها، يتفرع منه ميليشيات وجماعات، تتجسس، تقتل، تقمع، تجعلها خرابًا، فشل في عدة ملفات، وانهياره يعني انهيار النظام الحاكم، اغتيالات عدة أنهكته، وأخذت جلَّ قادته المُحنكين؛ إنه الحرس الثوري الإيراني.

يسلط موقع “رواق” للأبحاث والدراسات في هذا التقرير، الضوء على نشأة الحرس الثوري الإيراني، أبرز أذرع المرشد الإيراني علي خامنئي، وتدخلاته في شئون الدول العربية، وأبرز المهام الموكله إليه.

نشأة الحرس الثوري الإيراني:

في 1 فبراير عام 1979م؛ تهبط طائرة في مطار طهران، وينزل منها روح الله الخميني قائد الثورة الإسلامية في إيران، ليعلن انتصار الثورة التي أطاحت بحكم الشاه واستبداله بالجمهورية الإسلامية، وبعد أيام قليلة من انتصار الثورة في إيران، بدأ الخميني بإحكام قبضته ونفوذه، وبسط سيطرته على البلاد؛ فكان لا بد من إنشاء نظام سياسي ظاهره التوجه الإسلامي، وهذا النظام بالتأكيد يحتاج لحماية، وبشكل أدق يحتاج إلى قوة مسلحه تدين بالولاء الكامل له، وتقتلع جذور النظام السابق.

فظهرت فكرة القوة المسلحة على هيئة الحرس الثوري الإيراني، أو حرس الثورة الإسلامية، زاعمين أنها من أجل توحيد القوة العسكرية، والمكافحة من أجل الحفاظ على النظام الجديد؛ ليصدر الخميني في 5 من مايو عام 1979م مرسومًا بإنشاء الحرس الثوري الإيراني، هدفه الأول حماية النظام الحاكم، فيما أوكلت مهمة حفظ الأمن الداخلي، وحماية حدود البلاد إلى القوة العسكرية النظامية.

لاحقًا تداخلت الأدوار، وأصبح الحرس الثوري الإيراني يقوم بحفظ الأمن العام، وغيره، إلى أن أصبح قوة عسكرية كبيرة في إيران تسيطر على مؤسسات الدولة ومفاصلها، وتسيطر على أبرز المناصب الحساسة فيها، ليصبح فيما بعد قوة سياسية وعسكرية في البلاد، وجهازًا أمنيًّا وقوة ثقافية واجتماعية، تؤثر في الواقع الإيراني، ومنظمة استخباراتيه وتجمعًا صناعيًّا واقتصاديًّا؛ بمعنى أدق يسيطر على كل أركان الدولة الإيرانية، فـ(غايته الأساسية هي تصدير الثورة الإسلامية الإيرانية إلى خارج الحدود).

ويتكون الحرس الثوري الإيراني من 125 ألف عنصر فعال، يتوزعون بين القوة الجوية والبرية والبحرية؛ بالإضافة إلى فرع الاستخبارات التابعة للحرس وقوات فيلق القدس وقوات الباسيج. (بي بي سي عربية).

الباسيج تسلط بلا حدود:

هى قوة شبه عسكرية تحت مسمى: منظمة تعبئة المستضعفين، غالبيتها من المتطوعين، أسسها الخميني أواخر عام 1979م، شاركت القوات في الحرب العراقية الإيرانية ما بين عامي: 1980 – 1988، وكان الهدف من إشراكهم في الحرب الزج بهم على جبهات القتال، لاحقًا ظلت قوات الباسيج فعالة ولم يتم تفكيكها، باعتبارها ميليشيا دينية تقدم للنظام الحاكم خدمات عدة ودون مقابل، فأغلب المتطوعين في الباسيج لا يتلقون رواتب من الحرس أو الدولة، كما أن أغلبية المتطوعين يأتون من خلفيات فقيرة بحثًا عن بعض النفوذ.

فيما تعمل القوات كشرطة أخلاق للحفاظ على الأعراف الإسلامية في البلاد، وتتركز مهامهم في التضييق على الشعب وملاحقاتهم في قضايا عدة، والمهمة الأكبر على عاتق الباسيج هي قمع الاحتجاجات والقضاء عليها، كما حصل في احتجاجات عام 2009م، والاحتجاجات الأخيرة التي حصلت في عام 2022م، يبلغ العدد الرسمي لقوات الباسيج 90 ألف متطوع؛ إضافة إلى مليون آخرين يعتبرون كأعضاء نشطين يتم استدعاؤهم في حالات الطوارئ، كما يوجد بعض من أفرادها يعملون في المؤسسات الحكومية، ويعتبر كل دور قوات الباسيج في الشأن الداخلي، أما الشأن الخارجي فله متطوعوه ومليشياته الخاصة به.

ميليشيا فيلق القدس:

وفي عام 1989م يتم تنصيب علي خامنئي المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران، خلفًا لروح الله الخميني بعد وفاته؛ عامان على انتهاء الحرب العراقية الإيرانية، شعر الحرس الثوري الإيراني إلى حاجتة لتعزيز قوته الخارجيه، فأصدر علي خامنئي قرارًا بتشكيل قوة جديدة في الحرس، تحت مسمى: قوة القدس أو فيلق القدس، الذي أصبح ذراع إيران في الخارج لتنفيذ المهام الحساسة ونشر الفتن والقلاقل في بعض الدول العربية. (بي بي سي عربية).

تقدر أعداد أعضائه بـ 15 ألف مقاتل، وتم تعيين أحمد وحيدي كأول قائد للحرس الثوري، فيما تولى لاحقًا قاسم سليماني قيادة الفيلق، وبقيا مترأسًا عليه قرابه 22 عامًا، حتى اغتياله من قِبَل الولايات المتحدة الأمريكية في العراق عام 2020م، ذلك الذي يعتبر الرجل الثاني في السلطة الإيرانية، كما سميت فترة ترأسة للفيلق بالعهد الذهبي، إذ توسعت نشاطاته كثيرًا في عهد سليماني؛ وبعد مقتله تم تعيين إسماعيل قاآني لقيادة الفيلق، ويرأسه حتى الآن.

تدخلات فيلق القدس في شئون الدول العربية:

لعب فيلق القدس أدوارًا عدة، وكان له تدخلات كبيرة في منطقة الشرق الأوسط وبعض الدول العربية الأخرى؛ وكانت غايته الأساسية هي تصدير الثورة الإسلامية إلى الخارج، وتنفيذ العمليات الموكله إليه خارج الحدود الإقليمية، وتزويد جماعات مقربة من إيران بالدعم المالي والعسكري، وبدأ بصناعة ميليشيات خاصة به وإرسال الأخرى للدول.

ففي عام 1997م وأثناء اندلاع حرب البوسنة والهرسك، شارك فيلق القدس بتدريب مقاتلين بوسنيين، وذلك عبر تواجده هناك على أنه من الهلال الأحمر الإيراني، وكما برز دوره في حرب العراق، إذ عزز تواجده في العراق عن طريق الحشد الشعبي، ومسئولين عراقيين تابعين لإيران، وفي لبنان كان لفيلق القدس دورًا كبيرًا في حرب لبنان يوليو عام 2006 وذلك عن طريق حزب الله اللبناني الذي تأسس بعد الثورة الإسلامية بأعوام قليلة، إذ كان دافعًا قويًّا لنشأة الحزب بسبب الارتباط المذهبي بين النظام الحاكم في إيران والبيئة الفكرية لجماعات الحزب، الذي أصبح تابعًا لها ويتلقى أوامره منها ومن الحرس. (الجزيرة).

دور الحرس الثوري الإيراني في اليمن:

لليمن خصوصية دينية وتاريخية لدى إيران، وترتكز الخصوصية الدينية على ما تسمى: «الثورة السفيانية» التي روَّج لها الشيعي علي الكوراني العاملي في كتابه: (عصر الظهور).

أما عن الخصوصية التاريخية: فإن اليمن كانت ولاية تابعة للإمبراطورية الفارسية قبل أن يحررها الإسلام، ولذلك تتداخل الأهواء الدينية والأطماع التاريخية مع بعضها البعض في عملية صياغة وتحديد مسار السياسة الإيرانية في اليمن،  وقد كثُر الحديث عن التدخل الإيراني في اليمن طوال سنوات الصراع بين الحوثيين والسلطات اليمنية، وبرز دور فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، عن طريق تدريب جماعة الحوثي ومدِهم بالسلاح والدعم، ليصبح الحوثيون يدَّ إيران التي تبطش بها في اليمن، وذراعها في شبه الجزيرة العربية، وتسعى إيران من وراء هذه التدخلات إلى زعزعة استقرار اليمن والمملكة العربية السعودية. (البيان).

تدخلات الحرس الثوري الإيراني في العراق:

منذ سقوط نظام حزب البعث الحاكم في العراق قيادة صدام حسين عام 2003م، اتبع النظام الإيراني ثلاث سُبل لمد نفوذه على السياسات العراقية:

– تعزيز نفوذه الديني والترويج لولاية الفقيه.

– التموضع على أنه المحكم الرئيس في النزاعات السياسية العراقية؛ إذ تساعد إيران حلفاءها على اختلافهم على اكتساب المزيد من القوة من خلال العملية السياسية العراقية، ثم تعمل على نشوب الخصومة فيما بينهم لتأتي منقذًا وتفض نزاعًا غالبًا ما تكون هي المسبب فيه.

– معايرة الأنشطة العنيفة بين الميليشيات الشيعية المواليه بمثابة وسيله للضغط على الجهات الفاعلة السياسية.

أما في سوريا فكان فيلق القدس التابع الحرس الثوري الإيراني لاعبًا محوريًّا في الحرب السورية، إذ قدم قوات تقاتل على الأرض لدعم العمليات العسكرية ونظام الأسد؛ بالإضافة لتدخلاته في احتجاجات البحرين التي اندلعت في عام 2011م، إذ اتهمت البحرين الفيلق بالتدخل في شئونها الداخلية ودعم الاحتجاجات، ويوجد لفيلق القدس العديد من مراكز التدريب في دول وأماكن عدة في إيران، ويعمل على تدريب المجندين على العمليات العسكرية وفق أيديولوجيا معينة. (سكاي نيوز عربية).

تدخل الحرس الثوري الإيراني في الأزمة السورية:

“سوريا هي المحافظة الخامسة والثلاثون لإيران، وهي بقعة إستراتيجية بالنسبة لنا، إذا هاجمنا عدو وكان يسعى للسيطرة على سوريا أو خوزستان (محافظة إيرانية)، فإن الأولوية ستكون للحفاظ على سوريا؛ لأننا إذا حافظنا على سوريا فسوف يمكننا استعادة خوزستان، لكن إذا خسرنا سوريا، فلن نتمكن من السيطرة على طهران”؛ تلك العبارة التي جاءت على لسان حُجَّة الله مهدي طائب، مسؤول الاستخبارات الأسبق في الحرس الثوري.

وكانت هذه العبارة أحد أقوى التبريرات التي قدَّمتها إيران لتدخُّلها في سوريا عام 2011، وهي تستمد دلالتها من كونها صدرت على لسان حجة الله مهدي طائب، مسؤول الاستخبارات الأسبق في الحرس الثوري ورئيس مركز “قاعدة عمار” البحثي المُقرب من المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية علي خامنئي.

وقد صار واضحًا طيلة السنوات العشر الماضية أن الإستراتيجية التي تحكم عقول قادة إيران هي: أن سوريا حليف قديم وحصن منيع، ونُقطة لا مفرَّ من حمايتها في خط النفوذ الإيراني المُمتد من العراق حتى لبنان، وأنها خط دفاع رئيسي أيضًا في الدفاع عن إيران ضد التهديد الأمريكي (ومن خلفه الإسرائيلي) المتواصل لنظام الحكم في إيران منذ نشأته عام 1979. (الجزيرة).

من هذا المنطلق: نظرت إيران إلى الثورة السورية التي اندلعت عام 2011 بوصفها تهديدًا خطيرًا ينال أحد الأضلع المركزية فيما تسميه طهران محور المقاومة أو الممانعة، ومِن ثَمَّ بذلت الغالي والنفيس لحماية نظام بشار الأسد، ونجحت في مسعاها إلى حدٍّ كبير، لا سيما مع تدخُّل روسيا عسكريًّا لتعضيد وجود إيران العسكري على الأرض.

تعاظم الحضور العسكري الإيراني على الأراضي السورية بمرور الوقت، وتوافد الجنرالات والضباط والمرتزقة التابعون للحرس الثوري من كُلِّ حدبٍ وصوب لتلبية نداء الحرب من أجل الأسد؛ ففي عام 2013، أرسلت طهران القائد “حسين همداني” للإشراف على عمليات فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني (قُتِل الرجل في أكتوبر 2015 في ضواحي حلب)، وهو رجل امتلك خبرة واسعة في قمع الحركات الانفصالية الكردية في كردستان الإيرانية في أعقاب ثورة 1979، ثم في الحرب العراقية – الإيرانية، كما نجح في عامي: 2009 و2010 في قمع التجمُّعات المناهضة للنظام في طهران بفعالية، مما جعله نموذجًا لنقل خبراته إلى نظام الأسد الذي واجه مزيجًا من الاحتجاجات والانتفاضات المسلحة والحروب غير النظامية على حدٍّ سواء منذ عام 2011. (الجزيرة).

التدخُّل الروسي والتفاهمات الإسرائيلية:

عام 2015، شهد بداية التدخل العسكري الروسي في سوريا، وكان مفصليًّا بالنسبة لطهران، حيث ضمنت فيه وجود قوة عسكرية دولية ثقيلة داعمة لقواتها وحليفها السوري مع غطاء جوي فعَّال، بما مَكَّنها من استعادة الأراضي التي سقطت في يد المعارضة السورية الواحدة تلو الأخرى.

وبالفعل بدأ التعاون العسكري الروسي الإيراني سريعًا يتصاعد، فتعاونت بعض القوات الخاصة الروسية مع القوات المدعومة من إيران، وباتت على اتصال وثيق بضباط الحرس الثوري الموجودين على الأرض، ولتسهيل التنسيق الروسي مع هذه الأطراف، وُضعت عناصر اتصال من المخابرات السورية ومن الحرس الثوري الإيراني وحزب الله وغيرها في مركز القيادة الروسي في “حميميم” تحت قيادة القوات المسلحة الروسية، وبقدر ما منحت هذه العناصر الروس معرفة دقيقة بالأوضاع على الأرض، بقدر ما حصلت هي منهم على خبرات في الحروب غير النظامية، وفي إدارة العمليات العسكرية لم تكُن لتحلُم بالحصول عليها في تلك الفترة الوجيزة، ومن دولة مهمة مثل: روسيا.

في تلك الأثناء، انتهجت إيران وروسيا معًا “سياسة الأرض المحروقة” من أجل استعادة السيطرة على مناطق واسعة كانت تحت سيطرة المعارضة السورية، فقصفتا تلك المناطق (روسيا بالأخص) بالبراميل المتفجرة والأسلحة الثقيلة، كما استعادتا بعضها الآخر عبر اتفاقيات تسوية في مناطق عدة.

ثم بعد ذلك بدا أن التعاون الروسي – الإيراني المتنامي على قدم وساق، والوجود العسكري الإيراني المتزايد الذي أخذ يضرب بجذوره في أرض سوريا إلى غير رجعة، سرعان ما أقلق دولة الاحتلال الإسرائيلي، إذ لم يكُن بوسعها أن تقف مكتوفة الأيدي وهي ترى غريمها الرئيسي يتمدَّد على حدودها المباشرة، ويتطلَّع بناظريه إلى أراضيها من جنوب لبنان تارة ومن جنوب سوريا تارة أخرى، لا سيما والصراع الإقليمي بين الدولتين يحتدم على خلفية التباين بين الدول الغربية الراغبة في احتواء النظام الإيراني وتقييد طموحه النووي، وبين تل أبيب الراغبة في تقويض النظام الإيراني تقويضًا يُنهي وجوده بشكل شبه كامل من المنطقة.

قررت تل أبيب في البداية التواصل مع الروس والتنسيق معهم بشأن احتياجاتها الأمنية، ومِن ثَمَّ ظهر إلى النور اتفاق روسي – إسرائيلي تضمَّن إبعاد إيران وميليشياتها عن المناطق الحدودية مع إسرائيل، ومِن ثَمَّ انحنت طهران لرياح الاتفاقات الأمنية الروسية – الإسرائيلية، وركَّزت على ترسيخ نفوذها في محافظات “حَلَب” و”حِمْص” و”دير الزور” والأراضي الحدودية اللبنانية، وكذلك شرق سوريا الذي نشر فيه الحرس الثوري ميليشياته على نطاق واسع وحوَّل معها المنطقة إلى ثكنة عسكرية ومستودع لجميع أنواع الذخيرة والصواريخ الخاصة به. (الجزيرة).

الحرس الثوري الإيراني وميليشيا حزب الله اللبناني:

بعد الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982، احتلّت إسرائيل جنوب لبنان، وأنشأت ميليشيا جيش لبنان الجنوبي، برزت فكرة حزب الله بين رجال الدين الشيعة اللبنانيين الذين درسوا في النجف، والذين تبنوا النموذج الذي وضعه آية الله الخميني بعد الثورة الإيرانية عام 1979 بعد الفشل في الاتفاق على اسم للحزب الجديد، واتخذ مؤسسو الحزب الاسم الذي اختاره آية الله الخميني حزب الله.

تأسس حزب الله في أوائل الثمانينيات كجزء من جهد إيراني لتجميع مجموعة متنوعة من الجماعات الشيعية اللبنانية المسلحة تحت سقف واحد، حزب الله يعمل كوكيل لإيران في الصراع بالوكالة بين إيران وإسرائيل الجاري.

وكان قادته من أتباع آية الله الخميني، وقد تم تدريب قواته وتنظيمها من قِبَل وحدة من 1,500 من الحرس الثوري الذين وصلوا من إيران بإذن من الحكومة السورية، التي كانت تحتل لبنان في ذلك الوقت.

شنَّ حزب الله حملة حرب العصابات في جنوب لبنان، ونتيجة لذلك، انسحبت إسرائيل من لبنان في 24 مايو 2000، وانهار جيش لبنان الجنوبي واستسلم وبدعم من إيران، قاتل مقاتلو حزب الله ضد القوات الصربية خلال الحرب البوسنة.

وقد نمت القوة العسكرية لحزب الله بشكل كبير بحيث يعتبر جناحه شبه العسكري أكثر قوة من الجيش اللبناني، يوصف حزب الله بأنه «دولة داخل دولة»، وتطور إلى منظمة لها مقاعد في الحكومة اللبنانية، و‌محطة إذاعية و‌محطة تلفزيونية فضائية، و‌خدمات اجتماعية، ونشر عسكري واسع النطاق للمقاتلين خارج حدود ويتلقى حزب الله التدريب العسكري والأسلحة والدعم المالي من إيران والدعم السياسي من سوريا. (سكاي نيوز عربية).

القدرات العسكرية والاقتصادية للحرس الثوري الإيراني:

يمتلك الحرس الثوري الإيراني قدرات عسكرية أغلبها من المعدات التقليدية؛ ولديه ترسانة من الطائرات المسيرة المُصنعة محليًّا بعضها انتحارية، وأبرز القدرات التي يتمتع بها الحرس، هي امتلاكه لمفاتيح التحكم بالصورايخ الباليستية الإيرانية، أما عن قدراته الاقتصادية وتمويله، فيسيطر الحرس على موارد طبيعية وإستراتيجية مهمة في الدولة، وترجح بعض التقارير أنه يهيمن على نصف واردات اقتصاد إيران، ولدية العديد من الشركات والمؤسسات التي تقدر بمليارات الدولارات التي تدعمه ماليًّا، منها: مؤسسة خاتم الأنبياء التابعة للحرس، والتي تتلقي غالبية عقود الدولة من مشاريع صناعية، مثل: السكك الحديدية، والسدود، وغيرها، وتسيطر على بعض الاستثمارات في البترول والنقل والاتصالات.

فشل واغتيالات:

على الرغم من تمدده في الكثير من الدول العربية؛ إلا أن الحرس الثوري الإيراني قد فشل في عدة ملفات، منها تدخله في الملف السوري واستنزاف قواته في سوريا، فيما كشف موقع استخباراتي تفاصيل عن معركة “السفيرة” التي أرادوا فيها اختراق خطوط جبهة النصرة، والتي اعتبرت أكبر هزيمة للحرس الثوري الإيراني منذ 36 عام، مما دفع النظام السوري على الإستعانة بروسيا.

كما خسر الحرس 36 ضابطًا في سوريا فقط حتي عام 2015م؛ بالإضافة إلى عدد ضخم من القتلى، وبالحديث عن خسائر الحرس البشرية، لا بد أن نذكر الاغتيالات التي طالت قادة الحرس، وكان أبرزها اغتيال قاسم سليماني بسيارته وهو في طريقة إلى بغداد، وأيضًا القائد في الحرس الثوري الإيراني حسن مقدم الذي قتل في عام 2011م في انفجار مستودع ذخيرة في طهران.

وفي 22 من مايو 2022م قتل صياد خدايي العقيد في الحرس الثوري برصاص أطلقه شخصان على دراجة نارية؛ وفي إبريل من العام الجاري، أعلن الحرس الثوري عن مقتل مستشارٍ له برتبه نقيب يدعى مقداد مهقاني في غارة إسرائيلية بضواحي دمشق، كما تم استهداف اجتماع لخبراء إيرانيين في سوريا في فبراير الماضي. (سكاي نيوز عربية).

الحرس الثوري الإيراني الذراع القذر لطهران:

في 3 من مايو الماضي وتحديدًا في الساعة 06:20 صباحًا؛ 12 قارب هجوم سريع كان تابعًا لبحرية الحرس الثوري الإيراني اختطف ناقلة نفط ترفع علم دولة بنما، وذلك أثناء عبورها لمضيق هرمز باتجاه ميناء الفجيرة الإماراتي، وتجبرها على تغيير مسارها والاتجاه نحو المياة الإقليمية الإيرانية؛ حادثة من الحوادث الكثيرة والمثيرة التي تنتهك القانون الدولى والتي تقوم بها بحرية الحرس الثوري الإيراني.

الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية:

وعلى وقع جرائمه وتدخلاته وتحركاته خارج القانون الدولي، صَنَّفت الولايات المتحدة الأمريكية الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية، ويتجه كلٌّ من الاتحاد الأوروبي وبريطانيا لتصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية، كما تشمله العقوبات الأمريكية على إيران وعلى شخصيات كثيرة في الحرس؛ وصفة الدستور الإيراني بكلمتين، وهي: “حماية الثورة”، وهي الضوء الأخضر لإشراكه في كل شيء، الثورة التي قد انتهت منذ أكثر من 43 عامًا، وما زال الحرس الثوري الإيراني يبطش هنا وهناك، ويبعث بمقاتليه إلى الدول لإشعال الفتن وإحداث الفوضي فيها، رغم تحجيم نفوذه وفرض العقوبات عليه والاغتيالات التي قتلت كثيرًا من قياداته، وها هي الدول التي بثَّ الحرس الخراب فيها تنتظر ثورة تنهي حماة الثورة للأبد.

الخلاصة:

– نستخلص من هذا التقرير: أن بعض الدول العربية عانت ولا تزال من تدخلات الحرس الثوري الإيراني، بُغّية توسيع النفوذ الإيراني ودعم الجماعات الموالية لنظام المرشد في طهران، كذلك لم تتوقف عن محاولة تصدير الثورة الإسلامية المزعومة إلى دول الجوار.

– وباعتباره جيش تدفعه أيديولوجيا معينة، فالحرس الثوري الإيراني يهتم بكل جانب من جوانب المجتمع الإيراني. لقد عرف حرس الثورة توسعًا اجتماعيًّا وسياسيًّا، وعسكريًّا واقتصاديًّا في عهد الرئيس محمود أحمدي نجاد؛ لا سيما في الانتخابات الرئاسية الإيرانية عام 2009، وقمع احتجاجات ما بعد الانتخابات.

– يتركز دور الحرس الثوري في حماية نظام الثورة الإيرانية ومنع التدخل الأجنبي أو الانقلابات العسكرية أو “الحركات المنحرفة والمتطرفة”، كما أن اسم إيران غير موجود في شعار الحرس الثوري.

– إذا لم تتغير سياسة وثقافة الحرس الثوري والمرشد الإيراني المُهيّمنة، ستظل مقدرات وثروات الدولة مُسخَّرة تحت إمرته خوفًا من زوال مُلكه، ولو على حساب الضعفاء والفقراء ودعم أذرعه خارج الحدود.

– ستظل الثورات والاحتجاجات الداخلية والتي لم تهدأ منذ أشهر، وحتى إن هدأت قليلًا أو لفترات، لكنها ستعود؛ نتيجة استمرار القمع والفقر والعبث، وتقديم مصلحة إمبراطورية المُرشد وجناحه العسكري على حساب مصلحة الشعب.

– إن خلافات إيران مع إسرائيل وإن كانت تطفو على السطح، إلا أنها ربما تكون شكلية أكثر من واقعية، فالعلاقات والشراكات الاقتصادية بين طهران وتل أبيب مستمرة ولم تتوقف، فالشغل الشاغل لنظام الملالي أو “خامنئي” هو نشر ثقافته وأيدلوجيته في الدول العربية ونشر الفتن بها.

– على دول المنطقة العربية أن تكون أكثر حذرًا وحزمًا أمام تدخلات الحرس الثوري الإيراني في شئون المنطقة العربية، ونهب ثروات الشعوب، وإشعال الفتن والصراعات في المنطقة.

المصادر:

بي بي سي عربية

الجزيرة

البيان

سكاي نيوز عربية

التعليقات مغلقة.