الأزمة السياسية في كوريا الجنوبية.. أسبابها، تداعياتها، وآفاق الحل
الأزمة السياسية في كوريا الجنوبية.. أسبابها، تداعياتها، وآفاق الحل
تُعدُّ كوريا الجنوبية واحدةً من أبرز النماذج الديمقراطية المزدهرة في شرق آسيا، حيث استطاعتْ خلال العقود الأخيرة أنْ تتحوَّلَ من دولةٍ تعاني من الاستبداد والفقر إلى قوةٍ اقتصاديةٍ عالميةٍ تتسم بالاستقرار السياسي. ومع ذلك فإنَّ الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد اليوم تمثِّلُ تحدِّيًا خطيرًا لهذا النموذج، وتطرح تساؤلاتٍ حول متانة الديمقراطية الكورية في مواجهة الأزمات الداخلية والخارجية.
وتصاعدتْ حِدَّةُ الأزمة مع فرض الرئيس يون سوك يول حالةَ الطوارئ والأحكام العرفية، وسط مخاوف من تهديداتٍ أمنيةٍ داخليةٍ وخارجيةٍ؛ هذه القرارات غير المسبوقة أثارتْ جدلاً واسعًا بين مؤيِّدي الرئيس ومعارضيه، خاصةً بعد استقالة وزير الدفاع، والتي أضافتْ مزيدًا من التعقيد إلى المشهد. فهذه الأزمة لا تنعكس فقط على استقرار كوريا الجنوبية، بل تمتدُّ تأثيراتها إلى منطقة شرق آسيا بأكملها، ما يجعل مناقشتها أمرًا حيويًّا لفهم مستقبل الديمقراطية في المنطقة.
السياق السياسي المؤدي إلى القرار:
كان قرارُ الرئيس الكوري الجنوبي “يون سوك يول” بفرض الأحكام العرفية في 3 ديسمبر 2024 مدفوعًا بخلفيةٍ من عدم الاستقرار السياسي المتزايد والاضطرابات. وعلى مدى الأشهر السابقة، واجهتِ البلادُ تحدِّياتٍ كبيرةٍ، بما في ذلك السخط المتزايد على إدارة يون، التي عانتْ من مزاعم الفساد وانخفاض نسبة التأييد العام. وتفاقمتِ البيئةُ السياسيةُ بسبب المعارضة شديدة الاستقطاب التي شكَّكتْ في قيادة يون ومعالجته للقضايا الاقتصادية والاجتماعية في البلاد. وفي خضمِّ الاحتجاجات المتزايدة والسخط من جانب كلٍّ من الجمهور والنخب السياسية، بدا قرارُ الرئيس بفرض الأحكام العرفية بمثابة استجابةٍ لما اعتبره تهديدًا مباشرًا لاستقرار البلاد وسلطته.
وقد كافحتْ إدارةُ يون للسيطرة على المعارضة المتزايدة، التي كانتْ صريحةً بشكلٍ متزايدٍ في انتقاداتها، وخاصةً فيما يتعلَّق بالتعامل مع المشاكل الاقتصادية في البلاد. ومع اكتساب أحزاب المعارضة المزيدَ من الزخم في الجمعية الوطنية، وانتشار المظاهرات على نطاقٍ أوسعَ، اتَّخذ يون خطوةً حاسمةً بإعلان الأحكام العرفية كوسيلةٍ لتعزيز سلطته وقمع المعارضة. وقد نُظِرَ إلى هذه الخطوة باعتبارها إجراءً ضروريًّا للحفاظ على الأمن الوطني والحفاظ على عمل الدولة.
تفاصيل مرسوم الأحكام العرفية:
تضمَّن مرسومُ الأحكام العرفية، الذي أصدره الرئيس يون، عدَّةَ تدابيرَ صارمةٍ تهدف إلى قمع المعارضة وتعزيز السلطة. وبموجب المرسوم، تمَّ تعليقُ الأنشطة السياسية، وحُظِرَتِ التجمُّعاتُ العامةُ والاحتجاجاتُ، وفُرِضَتِ السيطرةُ على وسائل الإعلام، التي كُلِّفَتْ بتقديم روايةٍ معتمدةٍ من الحكومة. بالإضافة إلى ذلك، أمر الرئيسُ الجيشَ بالبقاء على أهبة الاستعداد لضمان تنفيذ هذه التوجيهات، بما في ذلك منع أيِّ إجراءاتٍ من الجمعية الوطنية قد تتحدَّى سلطته.
وقد برَّرَ يون المرسومَ في البداية باعتباره استجابةً ضروريةً لتهديدٍ مُتَصَوَّرٍ من المعارضة، التي اتَّهمها بتقويض الأمن القومي وتهديد القيم الديمقراطية للبلاد. ومع ذلك، واجه تنفيذُ الأحكام العرفية مقاومةً واسعةَ النطاق. فسرعان ما اندلعتِ الاحتجاجاتُ، وعارض نوابُ المعارضة داخل الجمعية الوطنية المرسومَ بشدَّةٍ. كما أدَّى إحجامُ الجيش عن دعم تحرُّك الرئيس إلى إضعاف شرعيَّته بشكلٍ أكبرَ. وتدهور الوضعُ بسرعةٍ، مما أدَّى إلى تصويتٍ تاريخيٍّ في الجمعية الوطنية برفض المرسوم، الأمر الذي برهن على توبيخٍ وسخطٍ حادٍّ لأفعال الرئيس وتأكيدٍ على التزام كوريا الجنوبية بالمبادئ الديمقراطية(1).
أسباب الأزمة السياسية: ما وراء المشهد؟
1. الانقسامات السياسية الداخلية:
تعود جذورُ الأزمة الحالية إلى الانقسامات الحادَّة بين الأحزاب السياسية في كوريا الجنوبية. يشهد المشهدُ السياسيُّ الكوريُّ صراعًا مستمرًّا بين حزب الرئيس المحافظ (حزب السلطة الشعبية) والحزب الديمقراطي المعارض. هذه الانقسامات تعمَّقتْ مع تصاعد الاتِّهامات المتبادلة بشأن إدارة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية.
2. القضايا الاقتصادية والاجتماعية:
الاقتصادُ الكوريُّ يواجه تحدِّياتٍ متزايدةٍ، من بينها ارتفاعُ معدَّلات البطالة، خاصةً بين الشباب، وزيادةُ تكاليف المعيشة. هذه الأزمات دفعتْ قطاعاتٍ واسعةً من الشعب إلى التظاهر ضدَّ الحكومة، متهمين إيَّاها بالفشل في إدارة الملفَّات الاقتصادية.
3. السياسات الدفاعية والتوترات الإقليمية:
كوريا الجنوبية تواجه تهديداتٍ مستمرَّةٍ من جارتها الشمالية، بالإضافة إلى التوترات المتزايدة في بحر الصين الجنوبي. قراراتُ الحكومة الأخيرة، بما في ذلك تعزيزُ التعاون العسكري مع الولايات المتحدة، أثارتْ ردودَ فعلٍ داخليةٍ وخارجيةٍ، حيث يرى البعضُ أنَّها تزيدُ من التوترات بدلاً من تهدئتها.
4. تأثير العوامل الخارجية:
التدخُّلاتُ الخارجيةُ، سواءٌ من الصين أو الولايات المتحدة، تلعب دورًا في تأجيج الأزمة. إذْ تحاول كلتا الدولتين استغلالَ الوضع السياسي لصالح مصالحها الإستراتيجية في المنطقة(2).
أسباب اتِّخاذ الرئيس الكوري الجنوبي هذا الإجراء:
ثمَّةَ أسبابٌ دفعتِ الرئيسَ الكوريَّ الجنوبيَّ لاتِّخاذ مثل هذا الإجراء المفاجئ والمتوقَّع أيضًا، والتي يمكن إجمالُها على النحو التالي:
1. حالةُ الشلل السياسي: سعى الرئيسُ يون إلى تبرير تحرُّكاته الأخيرة بأنَّها تُعزى إلى حالةِ الجمود السياسي التي أصابتِ الجمعيةَ الوطنيةَ (البرلمان)؛ والتي سيَّطر الحزبُ الديمقراطيُّ (المعارض) على 156 مقعدًا بها، وذلك خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي جرتْ في البلاد في إبريل 2024، من إجمالي عدد المقاعد في الجمعية الوطنية والبالغ 300 مقعدٍ، في مقابل حصول حزب “سلطة الشعب” (الحاكم) على 114 مقعدًا.
وقد وصف يون الجمعيةَ الوطنيةَ بأنَّها أصبحتْ “وكرًا للمجرمين”، وتحاول شلَّ إدارةَ شؤون البلاد، مستشهدًا بتعثُّر إقرار الموازنة العامة؛ إذْ دخل حزبه في مأزقٍ مع المعارضة بشأن مشروع قانون الميزانية للعام المقبل (2025)، كما حاولتِ المعارضةُ عزلَ ثلاثةٍ من كبار المدَّعين العامِّين، بما في ذلك رئيس مكتب المدَّعي العام المركزي، فيما وصفه الحزبُ الحاكمُ بالإجراء الانتقامي ردًّا على التحقيقات الجنائية مع زعيم المعارضة لي جاي ميونغ، والذي تتنامى حظوظه كمرشَّحٍ للانتخابات الرئاسية المقبلة في عام 2027 وفقًا لاستطلاعات الرأي.
2. تراجعُ شعبية يون: يعاني الرئيسُ يون من واقعٍ سياسيٍّ مأزومٍ، مع تراجع معدَّلات شعبيَّته منذ تولِّيه المنصبَ في 2022 بعد فوزه بأغلبيةٍ بسيطةٍ، وزادتْ معاناتُه بعدما مُنيَ حزبه بهزيمةٍ في الانتخابات البرلمانية التي أُجريتْ في إبريل 2024، واستحوذ بعدها الحزبُ الديمقراطيُّ (المعارضة) على السلطة التشريعية؛ الأمر الذي جعله على وشك أنْ يصبحَ -أي الرئيس يون- بطَّةً عرجاءَ.
ولا يقتصر ذلك التراجعُ على أحزاب المعارضة فحسب؛ بل أيضًا داخل صفوف حزبه المنتمي له (سلطة الشعب)، فضلاً عما تواجهه إدارتُه من تهمٍ وفضائح سياسيةٍ مثل: مزاعم الرشوة وتضارب المصالح وتورُّط أسرته وزوجته بتلك الممارسات، وكذا مسؤولين في مجلس الوزراء، ويرفض إجراءَ تحقيقاتٍ مستقلَّةٍ بشأنها؛ مما يثير استياءَ المعارضة.
3. تهمٌ بتنامي نفوذ كوريا الشمالية: أكَّد الرئيسُ الكوريُّ أنَّ الهدفَ الأساسيَّ من فرض حالة الطوارئ هو التصدِّي لتهديدات المعارضة التي باتتْ مناهضةً للدولة عبر التحريض على التمرُّد وتهديد قيم الليبرالية بفعل تمدُّد نفوذ كوريا الشمالية داخل البلاد عبر صلتها بالمعارضة، ووصف الأحكامَ العرفيةَ بأنَّها إجراءٌ ضروريٌّ للقضاء على تلك “القوى المعادية للدولة المؤيِّدة للشمال”، مبرِّرًا القرارَ بأنَّه ضروريٌّ لحماية حرِّيات الناس وسلامتهم، وضمان استدامة البلاد، والحفاظ على الاستقرار للأجيال القادمة. جديرٌ بالذكر أنَّ يون يتبنَّى موقفًا متشدِّدًا تجاه كوريا الشمالية بسبب طموحاتها النووية، على النقيض من سلفه الليبرالي مون جاي إن، الذي سعى إلى التواصل بين الكوريتين(3).
قرارات الرئيس يون سوك يول: بين الضرورة والجدل:
فرض حالة الطوارئ:
أعلن الرئيسُ يون سوك يول حالةَ الطوارئ والأحكام العرفية، مبرِّرًا ذلك بوجود تهديداتٍ أمنيةٍ داخليةٍ خطيرةٍ، تشمل محاولاتٍ انقلابيةٍ مزعومةٍ. هذا القرارُ أثارَ جدلاً واسعًا:
مؤيِّدو الرئيس يرون أنَّ القرارَ كان ضروريًّا لحماية الأمن القومي.
المعارضةُ وصفته بأنَّه اعتداءٌ على الديمقراطية وحرِّية التعبير.
التداعيات المباشرة:
فرضُ الطوارئ أدَّى إلى تقويض الحرِّيات السياسية والمدنية، مع تقييد التجمُّعات العامة وزيادة المراقبة على وسائل الإعلام. هذه الإجراءاتُ زادتْ من حدَّةِ الاحتجاجات الشعبية وأثارتْ انتقاداتٍ دوليةً واسعةً(4).
استقالة وزير الدفاع: دلالاتٌ عميقةٌ:
الأسباب الظاهرة:
استقالةُ وزير الدفاع جاءتْ في ظلِّ تقاريرَ تفيد برفضه دعمَ قرارات الرئيس باستخدام القوة العسكرية ضدَّ المتظاهرين. هذه الخطوةُ اعتُبِرَتْ تعبيرًا عن خلافاتٍ داخل الحكومة، وفتحتِ البابَ أمام تساؤلاتٍ حول استقرار النظام السياسي.
التداعيات الأمنية:
فراغٌ أمنيٌّ محتملٌ: استقالةُ وزير الدفاع في وقتٍ حسَّاسٍ قد تضعفُ المؤسَّسةَ العسكريةَ.
استغلالٌ من كوريا الشمالية: هذه الاستقالةُ قد تشجِّعُ بيونغ يانغ على تصعيد استفزازاتها العسكرية، مستغلَّةً حالةَ الارتباك في سيول(5).
دور البرلمان والمعارضة: تصعيدٌ متزايدٌ:
موقف البرلمان:
البرلمانُ الكوريُّ الجنوبيُّ، الذي تسيطر عليه المعارضةُ، يُعدُّ أحدَ أبرز الأطراف في هذه الأزمة. اتَّخذ البرلمانُ خطواتٍ لمعارضة قرارات الرئيس، بما في ذلك التلويح بتقديم طلبٍ لعزله، وهو ما قد يؤدِّي إلى مواجهةٍ سياسيةٍ حادَّةٍ بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.
إستراتيجية المعارضة:
إدانةُ الإجراءات القمعية: المعارضةُ تصف قراراتِ الرئيس بأنَّها انقلابٌ على الديمقراطية.
تحفيزُ الشارع: تسعى المعارضةُ لاستغلال الاحتجاجات الشعبية للضغط على الحكومة(6).
تأثير الأزمة على الشعب الكوري: بين القلق والغضب:
الاحتجاجات الشعبية:
تشهد العاصمةُ سيول ومدنٌ كوريةٌ أخرى مظاهراتٍ يوميةً تطالب برحيل الرئيس وإجراء انتخاباتٍ مبكرةٍ. هذه الاحتجاجاتُ تعكس غضبًا شعبيًّا عارمًا من السياسات الحكومية.
التأثير الاقتصادي والاجتماعي:
تراجعُ الثقة: الأزماتُ السياسيةُ تؤثِّرُ على الثقة في الاقتصاد الكوري، مما يؤدِّي إلى تراجع الاستثمارات الأجنبية.
انقسامٌ مجتمعيٌّ: الأزمةُ ساهمتْ في زيادة الاستقطاب السياسي والاجتماعي بين مؤيِّدي الحكومة ومعارضيها(7).
الأبعاد الدولية: صدى الأزمة في شرق آسيا:
موقف الولايات المتحدة:
الولاياتُ المتحدةُ دعتْ إلى ضبط النفس واحترام الحرِّيات الديمقراطية، معربةً عن قلقها من تداعيات الأزمة على التحالف الأمني بين البلدين.
استغلالُ الصين وكوريا الشمالية:
الصينُ: تسعى للاستفادة من الأزمة لتعزيز نفوذها في المنطقة.
كوريا الشماليةُ: كثَّفتْ من تجاربها الصاروخية، مستغلَّةً انشغالَ سيول بمشكلاتها الداخلية(8).
المستقبل السياسي لكوريا الجنوبية: هل تؤدِّي الأزمةُ إلى تغييرٍ دائمٍ؟
قد تُخلِّفُ الأزمةُ المحيطةُ بمحاولة الرئيس يون سوك يول فرضَ الأحكام العرفية آثارًا عميقةً ودائمةً على السياسة في كوريا الجنوبية. وفي حين تتركَّزُ التداعياتُ السياسيةُ المباشرةُ على احتمال استقالة يون أو عزله، فإنَّ العواقبَ الأوسعَ نطاقًا قد تعيدُ تشكيلَ المشهد السياسي في البلاد. حيث أظهرتِ الاستجابةُ السريعةُ من جانب مؤسَّسات كوريا الجنوبية -وخاصةً الجمعيةُ الوطنيةُ، التي رفضتْ مرسومَ الأحكام العرفية، والاحتجاجاتُ العامةُ القويةُ- قوَّةَ الأنظمة الديمقراطية في كوريا الجنوبية. ومع ذلك، فقد كشفتْ أيضًا عن نقاط ضعفٍ كبيرةٍ في البنية السياسية، وكشفتْ عن الانقسامات العميقة داخل الحزب الحاكم والاستياء المتزايد بين المواطنين من الإدارة الحالية.
وفي أعقاب هذه الأزمة، قد تخضعُ السياسةُ في كوريا الجنوبية لفترةٍ من التأمُّل والإصلاح. وقد تظهرُ دعواتٌ لإجراء تغييراتٍ دستوريةٍ أو تعزيز الضمانات المؤسَّسية لمنع تجاوزات السلطة التنفيذية في المستقبل. وعلاوةً على ذلك، قد ترفعُ الأزمةُ الراهنةُ من أسهم المعارضة، مما قد يؤدِّي إلى تحولاتٍ في القوة السياسية وإعادة تقييم التحالفات السياسية في الفترة التي تسبق الانتخابات المستقبلية. ومع تآكل الثقة العامة في الحكومة، قد يزدادُ نفوذُ المجتمع المدني والحركات الشعبية، مما يدفع إلى المزيد من الشفافية والمساءلة وإعادة تأكيد المعايير الديمقراطية. وفي نهاية المطاف، فإنَّ ما إذا كانتْ هذه الأزمةُ ستؤدِّي إلى تغييرٍ دائمٍ؛ فإنَّ ذلك سوف يعتمدُ على كيفية استجابة النظام السياسي في كوريا الجنوبية لمطالب الإصلاح وقدرته على تعزيز سيادة القانون والمبادئ الديمقراطية(9).
آفاق الأزمة: سيناريوهات المستقبل:
1. التوصُّلُ إلى حلٍّ سياسيٍّ:
يمكن أنْ تؤدِّي المفاوضاتُ بين الرئيس والمعارضة إلى تسويةٍ سياسيةٍ تُخفِّفُ من حدَّةِ التوتر.
2. تصعيدُ الأزمة:
إذا استمرَّتِ الاحتجاجاتُ وفشل الحوارُ السياسيُّ، فقد تتَّجهُ البلادُ نحو مزيدٍ من الانقسامات وربَّما تدخُّلٍ عسكريٍّ.
3. انتخاباتٌ مبكرةٌ:
ضغطُ الشارع قد يدفعُ الرئيسَ إلى الدعوة لانتخاباتٍ جديدةٍ لإنهاء الأزمة(10).
خاتمة:
يمكن القولُ: إنَّ الأزمةَ في كوريا الجنوبية تقفُ بمفترق طرقٍ، فبالرغم من التجاوز المرحلي لتلك الأزمة بعد تراجع الرئيس عن إجراءاته الاستثنائية ونضج دور الجيش وعدم استغلاله الفرصةَ للمضيِّ قدُمًا في تقويض مسار التحوُّل الديمقراطي والقيام بانقلابٍ بقوة السلاح ومُسارعتها بالانسحاب من المشهد.
فإنَّ المخاطرَ بشأن تداعيات الأزمة تظلُّ قائمةً، وقد تنذرُ بإشكاليةٍ في مدى دستورية وشرعية حكم يون في ظلِّ تمسُّكه بمنصبه في وقتٍ تتصاعدُ فيه أصواتُ المعارضة المطالبة بتنحِّيه عن منصبه؛ بما يجعلُ مستقبلَ المشهد السياسي في سيول محاطًا بالغموض النسبي إلى حين اتِّضاح نيَّات الرئيس يون بشأن قراره الأخير، وما إنْ كان سيرضخُ للمطالب السياسية في ظلِّ تراجع شعبيَّته وتقلُّص شرعيَّته، أمْ سيزجُّ بالبلاد في جولةٍ جديدةٍ من الفوضى والاحتجاجات.
كما يمكن القولُ: إنَّ الأزمةَ السياسيةَ في كوريا الجنوبية وإنْ كانتْ قد خلقتْ حالةً كبيرةً من عدم اليقين، إلاَّ أنَّها في الوقت ذاته، تقدِّمُ فرصةً لتعزيز الديمقراطية والإصلاح السياسي. وقد أبرز الرفضُ السريعُ لمرسوم الأحكام العرفية من قبل الجمعية الوطنية، إلى جانب الاحتجاجات العامة الواسعة النطاق، قدرةَ المؤسَّسات الديمقراطية في كوريا الجنوبية على الصمود. وفي المستقبل، قد تشهدُ البلادُ تحوُّلاً في المشهد السياسي، مع زيادة الدعوات إلى المساءلة والشفافية، وخاصةً من المعارضة والمجتمع المدني. وقد تؤدِّي الانقساماتُ الداخليةُ في الحزب الحاكم إلى إعادة تقييم الأمر، في حين قد تؤدِّي الأزمةُ إلى تسريع المطالبة بالإصلاحات المؤسَّسية لمنع تجاوزات السلطة التنفيذية في المستقبل. وبلا شكٍّ ستعتمدُ النتيجةُ النهائيةُ على كيفية تعامل الجهات الفاعلة، خاصةً من قبل الساسة والمواطنين، مع هذه اللحظة المحورية، وموازنة الحاجة إلى الاستقرار مع السعي إلى تحقيق قدرٍ أعظمَ من النزاهة الديمقراطية والإصلاح.
المصادر:
(1) تريندز.
(2) مركز المستقبل.
(3) المركز المصري للفكر والدراسات.
(4) إرم بزنس.
(5) الشرق للأخبار.
(6) الوطن.
(7) بي بي سي.
(8) سكاي نيوز.
(9) الحرة.
(10) أرقام.
النشرة البريدية
كن على اطلاع بأحدث الدراسات والمقالات والفعاليات الفكرية