fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

الحرب الأوكرانية وزيادة تكالب القوى الدولية على إفريقيا

179

الحرب الأوكرانية وزيادة تكالب القوى الدولية على إفريقيا

لقد أسهم النزاع الروسي الأوكراني في تحول القارة الإفريقية إلى منطقة جديدة للتنافس والصراع الدوليين، كما باتت ساحة وتربة خصبة لتصفية الحسابات بين القوى الكبرى؛ لا سيما الدول المنخرطة في أزمة شرق أوروبا، المتمثلة في روسيا والدول الغربية بجانب الصين، مما كان له انعكاسًا في تباين الموقف الإفريقي من الحرب منذ اندلاعها، وعدم الاستغناء عن المساعدات الاقتصادية والمالية من الدول الغربية، وكذلك تدخلاتها في ظل الصدع السوداني – السوداني، وغيرها من القضايا الإفريقية الشائكة.

حيث اكتسبت القارة السمراء اهتمامًا كبيرًا من جانب القوى الدولية خصوصًا بعد اندلاع الأزمة في أوكرانيا والشرق الأوروبي؛ لذا بات واضحًا أن القوى الدولية تسعى بشتى الطرق إلى نقل جزءٍ من صراعها للسيطرة على النظام الدولي إلى القارة الإفريقية؛ إذ تريد في تقديري هذه القوى إلى تعويض خسائرها التي مُنيت بها، والعقوبات المفروضة على روسيا، وخاصة ما يتعلَّق بالجوانب الاقتصادية.

ولا شك أن مثل هذه التأثيرات جَرَّاء الأزمة الأوكرانية التي قد طالت معظم دول العالم والقارة الإفريقية على وجه الخصوص، التي ربما لن تتجاوزها في المدى القريب؛ وفي حال تفاقمها بعد تجاوز أزمة جائحة كورونا رغم تباعاتها السلبية، على الرغم من أنها تمثِّل في الوقت نفسه فرصة للدول الإفريقية لتحقيق مكاسب اقتصادية في ضوء ارتفاع أسعار النفط والغاز، وتحول دول أوروبا إلى القارة الإفريقية لتصبح بديلًا جيوستراتيجيًّا للغاز الروسي.

يُسلِّط موقع “رواق” للأبحاث والدراسات، أبرز التحولات الجيوسياسية التي طرأت على القارة السمراء، وأهميتها الاقتصادية والإستراتيجية أمام القوى الدولية، ولا سيما بعد مروره أكثر من عام على اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية؛ الأمر الذي قد يجعلها بعد ذلك منطقة لا يُستهان بها في المعادلة الدولية.

إفريقيا وتأثير الحرب:

ويرى مراقبون: أن القارة الإفريقية ربما قد تكون بصدد إعادة تشكيل وصياغة دورها على المستوى العالمي، وذلك خلال المرحلة المقبلة، لا سيما في ضوء تنامي الاهتمام الدولي بالحصول على الثروات النفطية واستمرار خروج الثروات الطبيعية في إفريقيا، إلى الغرب؛ الأمر الذي قد يعزز من نفوذ القارة بشكل أكثر في النظام الإقليمي والدولي.

حيث يشكل الصراع الروسي – الأوكراني تهديدًا رئيسيًّا للاقتصاد العالمي بما في ذلك الاقتصادات الإفريقية، وذلك بعد ما ارتفعت أسعار القمح العالمي والزيوت والنفط الخام إلى مستويات غير مسبوقة عقب اندلاع الحرب في فبراير 2022، في الوقت الذي تعتمد فيه إفريقيا بشكلٍ كبيرٍ على الواردات الغذائية من روسيا وأوكرانيا، حيث تعتمد على الأولى في الحصول على 30% من إمداداتها من الحبوب. (الأهرام).

إفريقيا والصراع بالوكالة على أراضيها:

لقد أضحت القارة السمراء جزءًا من الحرب الباردة الجديدة بين أمريكا والغرب من جهة، وروسيا والصين من جهة أخرى، حيث انتقل التنافس الدولي والغربي من شرق أوروبا إلى الأراضي الإفريقية، وهو ما ظهر في محاولة استقطاب الرأي العام الإفريقي لصالح كل طرف في مقابل شيطنة الطرف الآخر، على نحو عززته واشنطن بإطلاق الإستراتيجية الأمريكية الجديدة في أغسطس 2022.

كما تواجهه روسيا من خلال توسيع دائرة تحالفاتها مع الدول الإفريقية، وخاصة منطقة الساحل وغرب إفريقيا، إلى جانب انتشار قوات فاغنر الأمنية الخاصة في عددٍ من الدول الإفريقية لتعزيز النفوذ الروسي، ومزاحمة النفوذ الأمريكي والغرب في بعض المناطق الإستراتيجية مثل الساحل.

ويرى مراقبون: أن الدب الروسي يسعى جاهدًا لتحقيق نفوذ أكبر في قارة إفريقيا، ومجموعة فاغنر يجب أن تكون وسيلة لذلك حالها حال الزيارات الرسمية التي يقوم بها وزير الخارجية سيرغي لافروف، وكذلك أيضًا: التعاون العسكري وصفقات الأسلحة، وفي بعض الحالات توصيل المواد الغذائية والأسمدة مجانًا.

ومن خلال وثائق نشرتها موقع الجزيرة: أن قوات فاغنر -التي يقودها يفغيني بريغوجين حليف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين- قد حصلت على موطئ قدم إستراتيجي في 8 دول إفريقية على الأقل، من بين 13 دولة كانت تنشط فيها سابقًا.

وقد نشطت قوات فاغنر، في حروب مالي وجمهورية إفريقيا الوسطى وموزمبيق وليبيا، فهم يدعمون زعماء بعض الدول وقادة الميليشيات الذين يمكنهم الدفع مقابل خدماتهم نقدًا، أو منحهم امتيازات تعدين بعض المعادن الثمينة، مثل: الذهب والماس واليورانيوم.

ووفق تقارير دولية وغربية، تواجه مرتزقة فاغنر اتهامات متكررة بالتعذيب وقتل المدنيين، وانتهاكات أخرى في الدول التي تنتشر فيها.

كيف انتشرت فاغنر في إفريقيا؟

ظهرت مجموعة فاغنر لأول مرة في 2014، أثناء الهجوم الروسي على شرق أوكرانيا، وكان قائدها ديمتري أوتكين، وهو قائد متقاعد من القوات الخاصة الروسية يُقال: إنه مفتون بتاريخ النازية وثقافتها.

بدأت الأنشطة الخارجية للمجموعة في 2015، عندما تم تكليفها بدعم رئيس النظام السوري بشار الأسد، والاستيلاء على حقول النفط والغاز، بحسب مسؤولين أميركيين.

وفي عام 2017، بدأت المجموعة تنتشر في إفريقيا بتوجيه واضح من يفغيني بريغوزين، رجل الأعمال الروسي المعروف باسم: “طاه بوتين”.

في إفريقيا، بدأ مرتزقة فاغنر في تقديم المشورة لقادتهم، وإدارة حملات التضليل على وسائل التواصل الاجتماعي ونشر فرق من مراقبي الانتخابات الوهميين، وفقًا لمسؤولين غربيين وخبراء ومحققين تابعين للأمم المتحدة.  كما عملت الشركات المرتبطة ببريغوزين على تشغيل مناجم الذهب والماس، التي يمنحها الطغاة للمجموعة مقابل دعمهم.

وينفي بريغوزين أي صلة بفاغنر، بل إنه شكك في وجود المجموعة، وقال في ردٍّ مكتوب على الأسئلة: “فاغنر هي مجرد أسطورة”.

أماكن انتشارها:

في عام 2019، نشرت المجموعة حوالي 160 مقاتلًا في منطقة كابو ديلجادو الغنية بالغاز، وذات الأغلبية المسلمة في شمال موزمبيق، لكن مسؤولين أميركيين قالوا: إنه في غضون أسابيع، قتلت جماعة تابعة لتنظيم داعش سبعة منهم؛ مما دفعهم للانسحاب بعدها بعدة أشهر.

وقال مسؤول أمني غربي في إفريقيا نقلًا عن تقارير استخباراتية أوروبية: إن فاغنر تحافظ على وجود سري في ذلك البلد، وتركوا وراءهم خلية حرب إلكترونية صغيرة تستخدمها حكومة موزمبيق.

في جمهورية إفريقيا الوسطى، حيث وصلت مرتزقة فاغنر في عام 2018 لحماية الرئيس المحاصر، فوستين أرشينج تواديرا، ووجد محققو الأمم المتحدة: أن قوات فاغنر أثناء عملياتها قتلت المدنيين، ونهبت المنازل، وأطلقت النار على المصلين في المسجد.

وفي ليبيا، دعم مقاتلو فاغنر هجومًا فاشلًا على العاصمة طرابلس في 2019 شنه قائد “قوات الجيش الوطني” في الشرق، خليفة حفتر.

وقال مسؤولون غربيون ومحللون: إن الآلاف من مقاتلي فاغنر ما زالوا متمركزين في أربع قواعد في أنحاء ليبيا، معظمها بالقرب من حقول النفط في البلاد.

وفي السودان، حصلت مجموعة فاغنر على امتيازات تعدين الذهب، وحاولوا إنقاذ الرئيس السوداني السابق، عمر البشير، الذي أطيح به في إبريل 2019 بعد ثورة شعبية.

ووفق خبراء ومراقبون: فإن الجولات المكوكية المتسارعة للقادة الأميركيين وأيضا الروس والأوروبيين للقارة السمراء على مدار الأشهر الأخيرة لا تنقطع حتى في ظل الحرب الدائرة بين موسكو وكييف، مما يعبر عما يشبه بـ “الحرب الباردة” بين القوى الكبرى من أجل فرض الهيمنة.

كما ظهر جليًّا توجه القوى الدولية لمزيدٍ من التقارب مع القارة الإفريقية؛ إذ بدأ مسؤولون من وروسيا وفرنسا وألمانيا في إجراء زيارات متتالية للدول الإفريقية منذ يوليو 2022، كما شهد عام 2022 قمة أمريكية – إفريقية في واشنطن، وبدأت 2023 بزيارة لوزير الخارجية الصيني تشين جانغ، ثم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف.

ثم بعد ذلك، زار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عدة دول بوسط إفريقيا مطلع مارس الحالي، كما تهدف واشنطن من خلال تلك الزيارات إلى ترجمة وعودها التي قدمتها خلال القمة الأمريكية الإفريقية في ديسمبر الماضي ووعودها بجعل إفريقيا شريكًا حقيقيًّا في سياق إعادة تشكيل النظام الدولي عقب الحرب في أوكرانيا.

وفي تقديري: إن الحرب الدائرة والتي تعد بالوكالة بين أوكرانيا وروسيا قد أظهرت أهمية القارة السمراء، ليس فقط كصراع بين القوى الكبرى للهيمنة عليها وعلى قرارتها، ومِن ثَمَّ السيطرة على ثرواتها التي تذهب بثمن بخس فقط؛ بل باتت ذات وزن يراهن عليه عمليًّا مع القوى الكبرى والعالم الدولي متعدد الأقطاب لا محالة. (الشرق الأوسط).

وقد يدل ذلك على الخوف الشديد والحثيث من قبل واشنطن أو إدارة بايدين من السيطرة الصينية الروسية على القارة الإفريقية المليئة بالثروات الطبيعة والقوى البشرية أيضًا؛ الأمر الذي يضع لها وزنًا دوليًّا ربما لم يقدِّره جيدًا بعض قادة دول القارة أنفسهم؛ لا سيما أن التنين الصيني على سبيل المثال له استثمارات تقدر بمليارات الدولارات داخل دول القارة.

الاستثمار الصيني في إفريقيا: 

ووفق مؤشرات دولية؛ فقد شهد الاستثمار الصيني في إفريقيا توسعًا كبيرًا، على الرغم من المنحى التنازلي في التجارة والاقتصاد العالميتين، نتيجة عدم الاستقرار الدولي؛ إلا إنه قد بلغ معدل تدفق الاستثمار الصيني في القارة السمراء نحو 2.7 مليار دولار تقريبًا خلال العام قبل الماضي بواقع 10%.

ووفق سياسيين: أنه بالرغم من الجهود التي تبذلها القوى الدولية المختلفة لدمج الدول الإفريقية ضمن تحالفاتها، خصوصًا في إطار تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، فإن هذه القوى تتجاهل المصالح الإفريقية وخلفيات التقارب والتعاون السابقة بين الطرفين، وهو ما يفرض تحديات كبيرة أمام الشراكة وتحقيق المصالح الخارجية في القارة الإفريقية. (الشرق الأوسط).

الاستثمار الأمريكي في إفريقيا:

من جهتها:، تعزز الولايات المتحدة انخراطها في القارة الإفريقية، وذلك كجزء من حملتها في مواجهة النفوذ الصيني والروسي المتزايد في القارة.

ففي غانا، أعلنت الأمريكية كامالا هاريس عن حزمة مساعدات بقيمة 139 مليون دولار لغانا، لدعم جهود منع الصراعات وتحقيق الاستقرار في بنين وساحل العاج وغانا وغينيا وتوجو، ومعالجة التهديدات الإقليمية للتطرف العنيف وعدم الاستقرار في ساحل غرب إفريقيا.

وأوضحت: أن واشنطن ستنشر أيضًا مستشارًا لغانا من خلال مكتب المساعدة الفنية لمساعدة البلاد على تحسين قدرتها على تحمل الديون ودعم سوق ديون حكومية تنافسية وديناميكية.

وأعلنت واشنطن عن مبادرات عالمية لدعم المرأة في الاقتصاد، من خلال حزمة مساعدات، تقدَّر قيمتها بأكثر من مليار دولار، بهدف مكافحة عدم المساواة بين الجنسين في الاقتصاد الرقمي العالمي، والتي تشمل مساهمات من شركات القطاع الخاص والحكومة الأمريكية، وَفْق بيان البيت الأبيض.

ونشر البيت الأبيض تفاصيل المبادرات، وتتضمن حزمة المساعدات التزامات من القطاع الخاص بقيمة 528 مليون دولار لدعم التمكين الاقتصادي للمرأة في إفريقيا، باستثمارات من مجموعة “فيستا بنك”، و”كورامو كابيتال مانجمنت”، ومؤسسة “تونى إلوميلو”، وهي مؤسسة إفريقية غير ربحية لريادة الأعمال، ساهمت وحدها بمبلغ 500 مليون دولار، ومبادرة “صندوق المرأة الإفريقية “(AWIF)، التي تدعمها مجموعة “بنك ستاندرد”.

ويقوم القطاع الخاص الأمريكي، بتقديم 400 مليون دولار، لدعم سد الفجوة الرقمية بين الجنسين على وجه التحديد، وهي فجوة واسعة بشكل خاص في إفريقيا.

وتشمل الاستثمارات الأخرى التي تم الإعلان عنها، 47 مليون دولار من مبادرات الحكومة الأمريكية للنهوض بالمساواة بين الجنسين في جميع أنحاء إفريقيا، من خلال زيادة مشاركة المرأة في الشؤون السياسية والاقتصادية والاجتماعية، و60 مليون دولار من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، ومؤسسة “بيل وميليندا غيتس”، لمعالجة الفجوة الرقمية عالميًّا بناءً على النوع الاجتماعي، ولدعم البرامج التي توفِّر التدريب على المهارات والوصول إلى التكنولوجيا، وفقًا للبيان الصادر عن مكتب نائبة الرئيس.

أبرز المشاريع الروسية في إفريقيا:  

في الأيام القليلة الماضية، اجتمع زعماء دول “بريكس” مع رؤساء وفود الدول المدعوة لحضور القمة، ومعظمها من الدول الإفريقية في إطار موسع اليوم الجمعة، يطلق عليه اسم: “بريكس+”، وكان موضوع تعزيز الشراكة بين “بريكس” والدول الإفريقية وتنمية القارة السمراء حاضرًا بقوة على جدول أعمال الاجتماع.

حيث باتت مسألة تعزيز حضورها الاقتصادي في إفريقيا تكتسب أهمية خاصة بالنسبة لروسيا، حيث أعلن الرئيس بوتين أن موسكو تدرس عقد قمة روسيا – إفريقيا، وستكون الأولى من نوعها في حال تمت بالفعل.

ومن أبرز المشاريع الاقتصادية الروسية في دول إفريقيا، هي:

الشراكة مع زيمبابوي:

تستثمر شركة “غريت دايك إنفستمنتس ليمتد” الروسية – الزيمبابوية المشتركة في مشروع ضخم، قيمته نحو 1.6 مليار دولار لاستثمار أحد أكبر مكامن البلاتين في العالم “داردنفيل”، وبعد بدء الاستخراج، سيكون هذا المكمن من بين المكامن الخمسة الكبرى عالميًّا من حيث استخراج البلاتين. وهذا المشروع هو أكبر مشروع روسي في إفريقيا.

الاستثمار في أنغولا:

تعتبر أنغولا من أهم شركاء روسيا الاقتصاديين في إفريقيا، حيث تشارك شركة “ألروسا” لاستخراج أحجار الألماس في مشروع “كاتوكا” الكبير، الذي يتضمن الاستثمار المشترك لمكمن لواشي لأحجار الألماس، وتقدر الاستثمارات في هذا المشروع بنحو 500 و700 مليون دولار، وتمتلك الشركة الروسية حصة الـ 50.5 بالمائة في المشروع.

وتتعاون روسيا مع أنغولا في مجال الفضاء وبناء الأقمار الاصطناعية، وعلى الرغم من فشل إطلاق أول قمر اصطناعي أنغولي “أنغوسات 1” للاتصالات في ديسمبر الماضي من مطار “بايكونور” الفضائي، تواصل الدولتان التعاون في هذا المجال.

ومن المقرر بناء وإطلاق قمر “أنغوسات 2″، ويشار إلى أن قيمة القمر الأول بلغت ما بين 320 و360 مليون دولار.

مشروعات في زامبيا:

تشارك مؤسسة “روس آتوم” الحكومية الروسية في إنشاء مركز للطاقة الذرية والعلوم والتكنولوجيا في زامبيا، وقد دعا رئيس زامبيا أدغار لونغو نظيره الروسي لحضور افتتاح المركز.

إنشاء شركات في موزمبيق:

فاز الكونسورتيوم المتكون من شركة “إكسون موبيل”، وشركة “أر أن أكسبلوريشن” التابعة لـ”روس نفط” الروسية في عام 2015 في المناقصة لإنتاج الغاز بشمال البلاد، ويقدر حجم الاحتياطيات من الغاز في الحقول التي من المقرر استثمارها بـ 2.2 تريليون متر مكعب.

الشراكة مع غينيا:

تقوم شركة “روسال” الروسية لإنتاج الألمنيوم باستخراج البوكسيت في مكمن “فريغيا”؛ بالإضافة إلى استثمار مكمن “ديان ديان”، وقد استثمرت الشركة الروسية في مشاريعها أكثر من 300 مليون دولار.

اتفاقيات مع الغابون:

وقعت شركة “روس نفط” الروسية في أكتوبر 2017 مذكرة تفاهم مع وزارة النفط في الغابون، كما تم توقيع مذكرة مماثلة بين شركة “زاروبيج نفط” الروسية مع شركة نفط الغابون، وتتضمن استثمارًا مشتركًا لحقول النفط في الغابون، وبناء البنية التحتية للنفط والغاز.

لماذا التزمت إفريقيا الحياد تجاه الأزمة الأوكرانية؟

برر عدد من القادة الأفارقة محاولاتهم التزام الحياد إزاء الحرب؛ نتيجة الدمار الذي أحدثته الحرب الباردة على قارتهم، كما يبدو أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تنجح  بعد في عزل الدب الروسي عبر التقارب مع دول القارة، وهذا ما برهنته زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الأخيرة في ديسمبر الماضي.

كما تحاول روسيا أن تقدِّم أفضل العروض والمزايا لتعزيز علاقاتها مع بعض الدول الرئيسية في القارة السمراء، وبالتالي أبدى القادة خصوصًا في دول جنوب إفريقيا وإريتريا وأنجولا وإسواتيني ترحيبًا خاصًّا بوزير الخارجية الروسي، وهو ما لا يعجب الولايات المتحدة الأمريكية؛ لأنها يقلل من فرصها تجاه بعض دول القارة. (الشرق الأوسط).

كما تحاول القوى الدولية، التقارب مع دول القارة لتعويض خسائرها من الحرب عبر توقيع اتفاقيات؛ خاصة بالتعاون في مجال الطاقة والسلاح، ومحاولة استقطاب مزيد من الدول لمعسكر دون الآخر، حيث لا تزال خسائر الحرب تستنزف كثيرًا من موارد القوى الدولية في الوقت الذي باتت تدرك هذه الدول: أن إفريقيا تمثِّل مستقبل الاقتصاد العالمي، وأنها ستشكل هذا المستقبل القادم والقريب عبر تحالفات دولها على المستوى الدولي.

لذا يمكن القول بأن القارة الإفريقية أمام فرص كبيرة وعظيمة للغاية، وذلك لتعزيز مكانتها الدولية والاقتصادية، وتحقيق أهم المصالح الإستراتيجية والسياسية، وأن تكون لاعبًا أساسيًّا لا يستهان به في الأروقة الدولية في حال استغلت مقوماتها الاقتصادية والجغرافية أيضًا، وبالتالي قد تصبح شريكًا أساسيًّا للنظام الدولي متعدد التوجهات والرؤى المشتركة. (الشرق الأوسط).

إفريقيا ومنطقة تصفية الحسابات:

تحاول القوى الدولية والغربية البحث عن موطئ قدم في القارة الإفريقية، وسط نفوذ صيني كبير ذو علاقات مع دول القارة، بجانب الصراع الأمريكي الروسي ومحاولة الانخراط في القارة لسحب البساط من تحت أقدام التنين الصيني، وصولًا بأوروبا التي تتحسس الطاقة من دول القارة؛ لذلك كل هؤلاء يتهافتون على هذه المنطقة نتيجة التغيرات السياسية والدولية.

ومنذ بدء الصراع الروسي – الأوكراني، والذي تعد فيه واشنطن هي “كلمة السرّ” في تقديري، فقد وصل السباق بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية والصين أشُده؛ إذ باتت الحرب رقمًا في محاولة بسط النفوذ الغربي والدولي، ومما لا شك فيه: أن الحرب قد أسهمت في تحويل إفريقيا لساحة صراع وتنافس وتصفية حسابات سياسية، لا سيما في ظل النقص الشديد في إمدادات الغذاء بها بسبب الصراع الدولي. (اليوم السابع).

الطموح الروسي القديم:

قديمًا كان للاتحاد السوفيتي نفوذ كبير في دول القارة السمراء، لكنه قد انحسر في مرحلة ما بعد الحرب الباردة، وبالتالي يتطلع الدب الروسي في استعادة نفوذه على القارة، وأصبحت روسيا شريكًا دفاعيًّا مهمًّا في إفريقيا، لذلك فهي أكبر مورد للسلاح في المنطقة، إذ بلغ حجم واردات روسيا من السلاح إلى إفريقيا 17% من إجمالي الواردات الروسية، بحسب معهد ستوكهولم لأبحاث السلام الدولي.

وقد تمتد العلاقات الأمنية والعسكرية الروسية لما هو أبعد من مبيعات السلاح، وذلك ربما من خلال استخدام مجموعات المرتزقة الخاصة، حيث تنتشر مجموعة “فاغنر” الروسية في مالي وجمهورية إفريقيا الوسطى لقتال المتمردين؛ لذلك فلا يمكن إنكار التمثيل الروسي الكبير في وسط إفريقيا، والبحث أيضًا عن موطئ قدم في دول غرب إفريقيا.

وبحسب مراقبين، فيمكن لروسيا بعد هذه التقارب الكبير مع دول القارة السمراء أن تقوم بتعزيز موقعها في المنطقة من خلال وجودها العسكري، فمثلما احتلت الصين موطئ قدم  في القارة عبر إنشاء قاعدة في جيبوتي على البحر الأحمر، يمكن أيضًا لروسيا أن تفعل الشيء نفسه خلال الأيام المقبلة.

اتهامات روسية لواشنطن:

وفي منتصف عام 2022، فقد ذكر الوزير الروسي سيرغي لافروف، أن موسكو تختلف عن الدول الغربية في علاقاتها مع إفريقيا، قائلًا: إننا لا نخبر شركاءنا الأجانب أبدًا كيف يُفترض أن يعيشوا، ليس لدينا جدول أعمال سري.

وقال لافروف: إن الولايات المتحدة “تمارس ضغوطًا غير مسبوقة” على الدول الإفريقية، منها كما حدث في محاولة عرقلة القمة الروسية الإفريقية، لافتًا أنه عقب الحرب على أوكرانيا، يحاول الغرب عزل موسكو عن القارة السمراء بسبب الهجوم على أوكرانيا.

واشنطن ومحاولة إزاحة الروس:

تحاول الولايات المتحدة الأمريكية وعبر مسئوليها أن تكثف من زيارات القارة السمراء؛ كي تعزز انخراطها بالقارة عبر ضح المزيد من الاستثمارات ومنح حزم المساعدات لبلدانها، لا سيما في ثلاث دول إفريقية هي غانا وتنزانيا وزامبيا، كجزءٍ من حملة واشنطن لمواجهة النفوذ الصيني والروسي المتزايد في القارة السمراء.

ولهذا السعي الحثيث، استضافت الولايات المتحدة القمة الأمريكية الإفريقية في ديسمبر الماضي، ودعا خلالها الرئيس بايدن، إلى قيام شراكة واسعة مع القارة السمراء، وقَطَع وعودًا لبلدان بعض دول القارة، كما أطلق وزير الخارجية، أنتوني بلينكين، الإستراتيجية الأمريكية الجديدة تجاه منطقة إفريقيا جنوب الصحراء في أغسطس من عام 2022، في بريتوريا عاصمة جنوب إفريقيا. (اليوم السابع).

استثمارات أمريكية في إفريقيا:

كما رصدت الولايات المتحدة الأمريكية نحو 55 مليار دولار لإفريقيا لاستمالة دول القارة نحوها، تتضمن مساعدات في مجال الرعاية الصحية واستكشاف الفضاء؛ خصوصًا مع توقيع نيجيريا ورواندا اتفاقيات أرتميس، كما تدعو واشنطن لتعزيز دور إفريقيا على الساحة الدولية مع مقعد في مجلس الأمن الدولي، وتمثيل الاتحاد الإفريقي في قمة مجموعة العشرين.

وتكتسب منطقة القرن الإفريقي التي تشمل 4 دول، وهي: الصومال وجيبوتي وإثيوبيا وإريتريا أهميتها بالنسبة لواشنطن، كونها منطقة إستراتيجية ووفقًا لتقديرات تقارير عسكرية تمتلك واشنطن أكبر قاعدة عسكرية بالقرن الإفريقي، وتحديدًا في جيبوتي، إذ يوجد بها أكثر من 4 آلاف عنصر، وتمتلك قواعد عسكرية سريّة في دول القرن، حيث توجد في كينيا قاعدتان بحريتان، وقاعدة جوية في إثيوبيا.

الغرب والسباق على شراء الغاز الإفريقي:

تسعى دول الغرب للسباق نحو شراء الغاز الإفريقي، وذلك لتعويض إمدادات الطاقة بعد قراره بحظر النفط الروسي كعقاب لموسكو بسبب الحرب في أوكرانيا، حيث تحاول القارة الأوروبية أن تكثف من تواجدها في إفريقيا، ومِن ثَمَّ اللحاق لإبرام صفقات لاستيراد الغاز من جميع أنحاء الشرق الأوسط وإفريقيا، في ظل ارتفاعات قياسية في الأسعار.

وقد كشفت وسائل إعلام نيجيرية في مايو 2022 عن شراكة وقعت بين نيجيريا والمكتب الوطني للهيدروكاربورات والمناجم بالمغرب، تم توقيعها بالأحرف الأولى في يونيو 2018، جاء ذلك على لسان تولو أوغونليزي، مستشار الرئيس النيجيري محمادو بوخاري الذى أكد أن بلاده والمغرب اتحدا لبناء أطول أنبوب غاز أوف شور في العالم لنقل الغاز بين البلدين، باتجاه أوروبا عبر 11 بلدًا بغرب إفريقيا”. (اليوم السابع).

وخلال العام المنقضي، أجرى مسئولون أوروبيون جولات في إفريقيا، فقد بحثت ألمانيا المشترى الأكبر للغاز الروسي، عقد صفقات لشراء الغاز من إفريقيا، كما بادرت إيطاليا التي تعد ثاني أكبر مشتر للغاز الروسي في أوروبا بإيجاد إمدادات بديلة، وأصبحت الجزائر أحد مصدري الغاز إلى روما.

ووفق تقارير دولية واقتصادية، فتبلغ احتياطيات الغاز الطبيعي في إفريقيا 625 تريليون قدم مكعبة خلال عام 2021، وتتوقع شركة أبحاث الطاقة ريستاد إنرجي أن يبلغ إنتاج الغاز في إفريقيا ذروته عند 470 مليار متر مكعب بحلول أواخر عام 2030؛ أي ما يعادل 75% من الكمية المتوقعة لإمدادات روسيا هذا العام.

وفي فبراير من عام 2022 أعلن الاتحاد الأوروبي توفير حزمة تمويل بقيمة 20 مليار يورو، بهدف ضخ استثمارات في القارة الإفريقية من أجل دعم شبكات النقل، ومشروعات الطاقة، وعملية التحول الرقمي، وتعزيز قطاعي التعليم والصحة، فضلًا عن إنشاء ممرات إستراتيجية، وكابلات بحرية دولية، وربط شبكات الطاقة الجديدة وتطوير مصادر الطاقة المتجددة، وتقول وكالة بلومبرج في عددها فبراير 2022 أن التمويل جاء لمواجهة تمدد الصين في القارة. (اليوم السابع).

حضور كبير للتنين الصيني في إفريقيا:

يسعى التنين الصيني للتغلغل في دول إفريقيا؛ مما يدلل على نشوب واستمرار حربها الباردة مع دول الغرب، وذلك بهدف الاستفادة من موقعها الجغرافي، ومواردها الطبيعية، كذلك لفتح أسواق جديدة، إذ تعد الصين أكبر شريك تجاري رئيسي لقارة إفريقيا، ومستثمرًا بارزا في مشروعات البنية التحتية والتعدين، حيث أظهرت بيانات الهيئة الوطنية العامة للجمارك أن التجارة بين الصين وإفريقيا وصلت إلى 254.3 مليار دولار في 2021، بزيادة 35.3% على أساس سنوي.

كما انتهجت الصين عقد مزيد من المؤتمرات والقمم للمشاركة في حل أزمات القارة منذ إنشاء منتدى التعاون الصيني الإفريقي في عام 2000، مما دفع الحكومات الإفريقية مبادرة الأمن العالمي في قمة منتدى التعاون الصيني الإفريقي (FOCAC)، وكذلك في منتدى السلام والأمن الصيني الإفريقي الثاني في يونيو 2022. (اليوم السابع).

وفي نفس السياق، لا تزال دول الشرق الأوسط وشمال قارة إفريقيا تعتمد بشكل كبير على استيراد الغذاء والطاقة، الأمر الذي يتركها هشة على نحو خاص أمام الصدمات الاقتصادية نتيجة الأزمة الأوكرانية؛ إذ إن بعض الدول تشتري كميات كبيرة من القمح من أوكرانيا وروسيا.

وفي حين لم يُفرض حتى الآن، أية عقوبات على واردات القمح الروسي، في ظل قبول المستوردين على شراء القمح من روسيا، نتيجة صعوبات تحويل الأموال إلى الشركات الروسية والتأمين على السفن، كما أن الاعتماد على النفط والغاز المستوردين مشكلة أيضًا. (موقع إفريقيا للأزمات).

ويرى مراقبون: أن هناك دول لديها اكتفاء ذاتي من النفط والغاز، مثل: إسرائيل ومصر، وإيران، والعراق، وليبيا وبعض دول الخليج العربية، محمية من الركود، بينما قد تواجه دول أخرى، مثل: لبنان، وفلسطين، والأردن، واليمن وتونس صعوبات اقتصادية مع معاناة سكانها من درجة أكبر من الحرمان.

تأثير الحرب على مصر:

لقد تأثرت مصر مثل كثير من الدول نتيجة الصدمات الاقتصادية والسياسية المترتبة على الصراع الروسي الأوكراني، لا سيما أنها تعد أكبر مشترٍ للقمح في العالم، وتعتمد على 80% من وارداتها على روسيا وأوكرانيا، مما تسبب في زيادة أسعار الخبز غير المدعوم بنسبة 50% منذ بداية الصراع بين روسيا وأوكرانيا؛ بالإضافة أن عدد السياح الروس والأوكرانيين يشكلون نحو ثلث العدد الإجمالي لزوار مصر، مما سبب ضغطًا على العملة الصعبة.

الحرب ودول الخليج العربية:

تعد تلك الدول الشقيقة من الدول المصدرة للنفط والغاز، وبالتالي فمن الممكن عدم تأثرها كثيرًا من المتوقع أن تحصد تلك الدول الخليجية أرباحًا نتيجة زيادة أسعار النفط والغاز نتيجة الأزمة الأوكرانية، فعلى سبيل المثال: تحتاج السعودية أن يكون سعر النفط الخام أقل من 70 دولارًا بقليل للبرميل حتى تحقق التوازن لموازنتها.

ولكن بعد الحظر الذي فرضه الرئيس الأمريكي بايدن على استيراد النفط الروسي، وبالنسبة لقادة الخليج، فإن زيادة الأسعار كان مرحب بها، بالنظر إلى أن دخل الحكومة كان قد تقلص خلال جائحة كوفيد – 19، ولكن في الوقت نفسه فإن الدول الخليجية لها أدوات عازلة أكثر من كثير من الدول الأخرى تحميها من صدمات الإمداد وزيادات أسعار السلع الزراعية.

كما أن دول مثل الإمارات العربية المتحدة، وقطر وعُمان تستورد كميات كبيرة من القمح من روسيا وأوكرانيا، لكنها هي وجيرانها ليس لديها دواعي القلق الأكثر حدة في مصر ولبنان على سبيل المثال.

لقد دفع ارتفاع أسعار النفط الولايات المتحدة للضغط على دول الخليج العربية لزيادة إنتاجها، ولكن سرعان ما قاومته تلك الدول، وبالرغم من عمليات الحشد التي قامت بها إدارة بايدن في الأسابيع التي تلت الصراع الروسي الأوكراني، فإن السعودية والإمارات، قد تمسكتا بالتزاماتهما السابقة بكميات الإنتاج. (موقع إفريقيا للأزمات).

تأثير الحرب على إيران:

ووفق مؤشرات دولية، فإن حصة روسيا تبلغ من 2 إلى 3% من التجارة الخارجية غير النفطية لإيران؛ إلا أن طغيان السلع الزراعية في واردات إيران، يعد مهمًّا بالنظر إلى الأهمية المتزايدة لمشتريات القمح؛ نتيجة حالات الجفاف التي تعيق الإنتاج المحلي.

وفي حال استمرار الأزمة إلى نهاية 2023، فإن اعتماد إيران على القمح المستورد سيزداد ما يثير مخاوف من الأثر السلبي للحرب في أوكرانيا على البلاد.

تداعيات الحرب على دولة الاحتلال:

تعتبر إسرائيل مستقلة بشكل كبير لا سيما فيما يتعلق بالغاز، وذلك بفضل حقول غاز كبيرة في البحر المتوسط التي سرقتها من فلسطين أو لبنان، كما أنها تفكر حتى في تصدير الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا، رغم أن الكمية قد تكون محدودة؛ إلا أنها تواجه ارتفاعًا في أسعار الطحين، بالنظر إلى أنها تستورد نصف قمحها من روسيا  بواقع 30% منه من أوكرانيا، علاوة على ذلك؛ فإن دولة الاحتلال تعتمد على روسيا بشكل أساسي في استيراد الفحم لتوليد الكهرباء. (موقع إفريقيا للأزمات).

ما الاستراتيجية الروسية تجاه إفريقيا؟

ذكرت دراسة روسية: أن روسيا تنظر إلى القارة السمراء ليس كساحة تنافس مع بكين وواشنطن، بل بصفتها إمكانية جديدة للتعاون وتطوير العلاقات، بعيدًا عن الدول الأوروبية.

وقالت: تعد إفريقيا ساحة تنافس بين روسيا والصين والولايات المتحدة، سواء للبحث عن شراكات مع دول القارة، أو تعزيز العلاقات القائمة بالفعل، أو التعبير عن الاهتمام بالثروات الكامنة بإفريقيا.

وقال الأستاذ في “معهد إفريقيا” التابع لـ”أكاديمية العلوم الروسية” فلاديمير شوبين، إنه “رغم الضغوط القوية من الغرب، وخاصة الولايات المتحدة، تتخذ جنوب إفريقيا موقفاً ثابتاً من الأزمة في أوكرانيا”.

وذكر شوبين: أن “رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا قال بصراحة: إنهم معرضون للابتزاز وتحت الضغط، لكنهم لن يغيروا موقفهم”، مشيرًا إلى أنه “من المقرر أن تجري جنوب إفريقيا الشهر المقبل تدريبات عسكرية مع روسيا والصين، ولذلك كان هناك الكثير من الضجيج على ذلك”.

وترتبط جنوب إفريقيا بعلاقات وثيقة بموسكو، وستستضيف تدريبات مشتركة مع روسيا والصين على ساحلها الشرقي في الفترة من 17 إلى 27 فبراير، بحسب وكالة “رويترز”، كما امتنعت جنوب إفريقيا عن التصويت على عدد من قرارات الأمم المتحدة التي تدين ما يسمى بالغزو الروسي لأوكرانيا.

نبذة مختصرة عن إستراتيجية الولايات المتحدة تجاه إفريقيا:

ويرى محللون: أن إفريقيا جنوب الصحراء تلعب دورًا أساسيًّا في دفع الأولويات العالمية بحيث تكون في صالح الأفارقة والأمريكيين، وهي تتمتع بإحدى أكثر المناطق نموًّا من حيث عدد السكان في العالم، وفيها أكبر مناطق التجارة الحرَّة وأكثر النظم البيئية تنوعًا، أضف إلى كونها واحدة من أكبر مجموعات التصويت الإقليمية في الأمم المتحدة.

لذا قد بات من المستحيل مواجهة التحديات الكبرى للحاضر بدون مساهمات إفريقيا ودورها القيادي، وسيكون للمنطقة دور بارز في الجهود الرامية إلى معالجة أزمة المناخ، ووقف المد العالمي لتراجع الديمقراطية، ومعالجة انعدام الأمن الغذائي العالمي.

وتأسيسًا على إجراءات إدارة بايدن هاريس والتزامها في تعميق مشاركتها في إفريقيا خلال العام الماضي، توضح هذه الإستراتيجية رؤيتها الجديدة للشراكة الأمريكية الإفريقية في القرن الحادي والعشرين.

حيث تعترف تلك إستراتيجية، بالفرص الإيجابية الهائلة الموجودة لتعزيز المصالح المشتركة جنبًا إلى جنب مع الشركاء الأفارقة، حيث تدرك إدارة بايدن أن إمكانات إفريقيا ستستمر في مواجهة الصعوبات ما دامت النزاعات القاتلة مستمرّة في تفتيت المجتمعات، وما دام الفساد يعيق التقدم الاقتصادي وانعدام الأمن الغذائي يزيد من خطر المجاعة وسوء التغذية، والقمع يخنق حقوق الإنسان، والتعبير الديمقراطي وفق رؤية الإدارة الأمريكية.

الخلاصة:

– نستخلص من هذا التقرير: أن هناك صراعًا وتنافسًا دوليين تجاه القارة الإفريقية لن يتوقف؛ نتيجة الحرب الدائرة بين روسيا وأوكرانيا، وذلك لضمان أكبر قدر ممكن، والاستفادة من الثروات الطبيعية لدول القارة.

– قد لاحظنا محاولة استمالة الدول العربية من قِبَل الغرب، وعلى رأسهم: الولايات المتحدة الأمريكية نتيجة الحرب، وقد برز ذلك في حضور الرئيس الأوكراني زيلنسكي للقمة العربية في الرياض.

– في تقديري: أن الصراع الروسي – الأوكراني لم يكن صعبًا أو مؤثرًا على كافة الدول، وبالفعل تسبب في زيادة معاناة الدول الفقيرة في إفريقيا، كذلك تأثرت الدول التي تعاني اقتصاديًّا، مثل: لبنان والعراق ومصر واليمن وغيرهم من الدول الأخرى، ولكن انتعش اقتصاد بعض الدول مثل الدول الخليجية نتيجة ارتفاع تصدير كميات الغاز والنفط، للاعتماد الأوروبي عليها بعد توقف الغاز الروسي.

– من الصعب على واشنطن أن تنحي دول القارة جانبًا أو إجبارها على رفض بناء علاقات مع الدب الروسي أو التنين الصيني؛ ذلك أن بكين لديها علاقات قوية مع دول القارة وعملت على زيادة استثماراتها خلال العامين الماضيين بواقع يقدَّر بأكثر من 10%، كما أن روسيا تعمل بشكل حثيث على بناء علاقات هي الأخرى مع بعض الدول الإفريقية وتعاون أمني واقتصادي، وقد برهنت على ذلك زيارة سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي الأخيرة إلى جنوب إفريقيا وبعض الدول الأخرى وعقد اتفاقات موسعة؛ مما أزعج الجانب الغربي وواشنطن بالتحديد.

– كما أرى أن الصراع الغربي الروسي قد أسهم في تحويل إفريقيا لساحة صراع وتصفية حسابات سياسية واقتصادية بين الغرب والشرق، مما يجعل دول القارة أمام مطمع دولي كبير قد ينتهي بتقسيم التورتة بين القوى الكبرى، وأما أن تصبح إفريقيا رابحة هي الأخرى أو ما تحصل عليه من مميزات مثل الماضي سوى الفتيات من الغرب، ومزيد من استنزاف ثرواتها.

– يجب على دول القارة انتهاز واستثمار تلك الفرص وعدم السماح بالعبث بها ومقدراتها مرة أخرى؛ فعليها أن تستثمر تلك الأزمة والسباق الدولي تجاهها لصالحها، كما تبحث كل دولة على مصلحة شعوبها، عبر اتفاقيات واستثمارات مجدية؛ لا أن تكون منطقة استعمارية تعيش تحت الهيمنة الغربية وأطماعها.

– لقد أعطت الأزمة الأوكرانية الفرص لدول إفريقيا والشرق الأوسط لرفض الهيمنة الأمريكية أو رفض قطع العلاقات مع روسيا، وهذا ما بات واضحًا لدول الخليج في تسقيف سعر الغاز الروسي، كذلك رفض دول أخرى، ومنهم مصر أن تُوقف علاقتها مع روسيا ووقفت على الحياد من الأزمة، مما تسبب في غضب أمريكي وغربي خفي؛ الأمر الذي ينذر بعالم جديد متعدد ومختلف اقتصاديًّا وسياسيًّا، وأيضًا جيوسياسيًّا.

المصادر:

– الكاتب

الأهرام

– الشرق الأوسط

اليوم السابع

موقع إفريقيا للأزمات

موقع الحرة

آر تي عربي

التعليقات مغلقة.