fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

ملف المياه وسد النهضة الإثيوبي ومسارات التحرك المصري

854

ملف المياه وسد النهضة الإثيوبي ومسارات التحرك المصري

سعت مصر وإثيوبيا لإقناع المجتمع الدولي بصحة موقف كل منهما في إطار أزمة سد النهضة، والتي أصبحت تلقي بظلالها في المحافل الدولية، وألقيا أصابع الاتهام بفشل المفاوضات على تعنت الطرف الآخر.

ودعا الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي” خلال كلمته أمام الأمم المتحدة، المجتمع الدولي لـ«دور بناء في حثّ جميع الأطراف على التحلي بالمرونة»، مشيرًا إلى أن بلاده بدأت «تصعِّد دبلوماسيًّا كي ننقل المشكلة من مستوى ثنائي وثلاثي حتى تصل لمجال طرح أكبر»، وشدد أنه لن يتم تشغيل السد «بفرض الأمر الواقع»، في رسالة شديدة اللهجة.

كما عقدت وزارة الخارجية المصرية، لقاءات موسعة مع السفراء الأوروبيين والعرب والأفارقة المعتمدين لدى القاهرة؛ لإحاطتهم علمًا بمستجدات مفاوضات قواعد ملء وتشغيل سد النهضة.

وقالت الخارجية المصرية:

«إن الطرح المصري لقواعد ملء وتشغيل سد النهضة يعد طرحًا عادلًا ومتوازنًا، ويمكّن إثيوبيا من تحقيق الغرض من سد النهضة، وهو توليد الكهرباء، دون الإضرار بالمصالح المائية لدول المصبّ؛ وخاصة مصر التي تعتمد بشكل كامل على النيل لتلبية احتياجاتها المائية».

في المقابل قالت رئيسة إثيوبيا “سهليورك” أثناء كلمتها أمام المناقشة العامة للدورة 74 للجمعية العامة للأمم المتحدة: «إن حكومة إثيوبيا تقوم ببناء سد النهضة الكبير على نهر النيل لتوليد الطاقة الكهرومائية بشكل أساسي»، وقالت: «إن نحو 65 مليون إثيوبي لا يحصلون على الكهرباء».

وأضافت: «يوفر استخدام مياه النيل فرصة فريدة لتعاوننا عبر الحدود بين الدول الشقيقة في المنطقة، يجب ألا تكون أبدًا هدفًا للتنافس وعدم الثقة».

وفي خطوة مماثلة أطلعت إثيوبيا المجتمع الدبلوماسي في “أديس أبابا” على المشروع، والتقى وزير المياه: “سلشي بيكيلي”، ووزير الدولة للشئون الخارجية: “هيروت زمين”، سفراء دول إفريقيا وأوروبا وأميركا وآسيا والشرق الأوسط، وأكدا أن رفض إثيوبيا الاقتراح المصري جاء لأنه «ينتهك الاتفاقية الموقعة بين الدول الثلاث عام 2015م حول الاستخدام العادل والمعقول لمياه نهر النيل».

وتبني أديس أبابا السد الذي تبلغ تكلفته 4 مليارات دولار، منذ عام 2011م، بهدف أن تصبح أكبر دولة مصدرة للطاقة في إفريقيا، من خلال توليد أكثر من 6000 ميغاواط، ووفقًا للمخطط سيتم الانتهاء من المشروع عام 2023م.

وقال “أبرهام بيلاي” الرئيس التنفيذي لشركة الكهرباء الإثيوبية: «إن المشروع اكتمل الآن بنسبة 68.3 في المائة، وسيبدأ توليد 750 ميجا وات في العام المقبل»، مشيرًا في تصريح له إلى أن بناء وحدتي الطاقة التي كانت تهدف إلى توليد الطاقة قبل الانتهاء من المشروع «وصل إلى منتصف الطريق». وتابع: «ارتفاع السد على اليسار والجانب الأيمن وصل أيضًا إلى 145 مترًا»[1].

ويبدو أن فشل جولة المفاوضات الأخيرة بخصوص سد النهضة التي استضافتها القاهرة منتصف سبتمبر 2019م، كان متوقعًا في ظل السياق الذي تمت فيه؛ فقد شهدت الفترة السابقة عليها تباعد الطرحين المصري والإثيوبي تحديدًا بشأن بعض الجوانب الفنية والتشغيلية، خاصة ما يتعلق بفترة ملء السد وعملية تشغيله، ما حدا بإثيوبيا إلى التركيز فيها على الجوانب الإجرائية فقط، وهو ما دفع وزارة الري المصرية إلى الإعلان عن فشل هذه الجولة، رغم كونها الأولى بعد توقف استمر قرابة عام، وهو ما أكده أيضًا كلٌّ مِن وزير الخارجية المصري “سامح شكري” من ناحية، ووزير الري الإثيوبي في حديثه لوسائل إعلام إثيوبية محلية من ناحية ثانية، لكن الأخير أرجع أسباب فشل المفاوضات؛ لعدم ملائمة الطرح المصري للأهداف الإثيوبية.

وسوف تتناول هذه الورقة واقع الأزمة ومسارات التحرك الاثيوبي، وكذلك التحرك المصري، وما هي الخيارات المتاحة لدى مصر تجاه هذه الأزمة.

الرؤية الإثيوبية لأزمة السد:

الرد الإثيوبي على الاقتراحات المصرية جاء تفصيلًا ضمن وثيقة موقعة في الأول من أغسطس2019م، حصل عليها موقع أديس ستاندر adis standard ونشرها بتاريخ 18 سبتمبر 2019م، بعنوان: “الجوانب الفنية لقواعد ملء خزان السد وعملية التشغيل“[2]:

وبحسب هذه الوثيقة جاء الرد الإثيوبي كالآتي:

1ـ رفض الاقتراح المصري الذي يطالب أديس أبابا بالحفاظ على متوسط التدفق الطبيعي للنيل الأزرق الذي تحصل منه مصر على 85 % من احتياجاتها المائية السنوية التي تقدر ب 55.5 مليار متر مكعب، أي: قرابة 48 مليار، واستنادًا للرؤية المصرية؛ فإن متوسط التدفق الطبيعي لمياه النيل الأزرق خلال الفترة من 1911 وحتى 2018 يدور حول 49 مليار متر مكعب، حيث بلغ أدنى تدفق 29 مليار متر مكعب عام 1984، في حين بلغ أعلى تدفق 69 مليار متر مكعب عام 1917.

ومعنى هذا: أن متوسط التدفق الطبيعي للمياه خلال 108 حوالي 49 مليار متر مكعب؛ لذا طالبت مصر بأن تكون حصتها 40 مليار متر مكعب خلال عملية ملء الخزان، ومعنى هذا: أن عملية ملء بحيرة السد والتي تقدر ب 74 مليار متر مكعب تحتاج لقرابة 8 سنوات تقريبًا باعتبار أن نسبة الخصم من حصة مصر السنوية تقدر بـ 9 مليارات متر مكعب.

لكن إثيوبيا رفضت هذا الطرح على اعتبار أن التدفق الطبيعي للنهر لم يعد على مستواه الطبيعي، بعد شروعها في تنفيذ بعض مشاريع الري عليه، مثل: مشروع سد فينشي، وتانا بيلزز، وغيرها Fincha Hydro-power، the Tana-Beles؛ لذلك فإن الطلب المصري يعني إنكار وجود هذه الاستخدامات، وهذه المشاريع من ناحية، كما أنه يطيل فترة ملء السد لأجل غير مسمى من ناحية ثانية.

2ـ رفض الطلب المصري بضرورة الحفاظ على مستوى المياه عند بحيرة السد العالي بأسوان على ارتفاع 165 مترًا فوق مستوى سطح البحر، كونه غير عملي من الناحية التقنية ويجعل تشغيل سد النهضة رهينة بالاستخدام المصري للمياه، أو بمعنى آخر: سيكون سد النهضة بمثابة سد تعويضي للعجز المائي المصري، وبمثابة خزان احتياطي ثانٍ له.

3ـ أن الاستجابة الإثيوبية لهذه المطالب ستجعل سد النهضة لا يحقق عوائده الاقتصادية المرجوة.

4ـ أن الاقتراح المصري بشأن إنشاء آلية للتنسيق الدائم لإدارة عملية التشغيل تنتهك سيادة إثيوبيا.

محاور التحرك لدي الجانب الإثيوبي:

هذه الردود الإثيوبية الموثقة والعلنية ربما تعد الأقوى منذ وصول “آبي أحمد” للحكم قبل أكثر من عام ونصف، كما تنسف اللغة الدبلوماسية التي تحلى بها، وكذلك الوعود التي قطعتها بلاده بشأن عدم إلحاق الضرر بمصر؛ ما دفع “بالسيسي” خلال كلمته أمام الأمم المتحدة للاعتراف لأول مرة بفشل المفاوضات، كما طالب في سابقة هي الأولى من نوعها بتدويل القضية.

إثيوبيا تتحرك في عدة محاور:

  • المحور الأول:

استثمار القوى الدولية والإقليمية:

يعتبر أهم الفواعل حول ملف سد النهضة هي القوى الدولية والإقليمية التي لها استثمارات داخل إثيوبيا، مثل: أمريكا، والصين، وإسرائيل، والاتحاد الأوروبي، والسعودية، وبعض الدول الأخرى، وتلعب تلك القوى دورًا كبيرًا في تشكيل وصناعة القرار الإثيوبي؛ حيث إن بعض تلك الاستثمارات ليست ذات عائد اقتصادي فقط، فالبُعد السياسي والأمني يلعبان دورًا كبيرًا في توجيه الاستثمار وتحديد أطره وأشكاله الفنية التي تؤثر في ديموغرافية المنطقة، والأمن القومي لعدة دول بالمنطقة، وسنقوم بالمرور على كل دولة وتوضيح حجم استثماراتها في إثيوبيا وارتباطها بالسد، وبيان خريطة الاستثمار بشكل عام؛ لتوضيح حجم التأثير في صناعة القرار الإثيوبي:

أمريكا:

  • – تم تحديد موقع السد من قِبَل مكتب الاستصلاح الأمريكي بعد إجرائها للدراسة في 1956 – 1964 لتخزين مياه نهر النيل، وتم إعادة الدراسة في 2009 وانتهاء التصميم في نوفمبر 2010، وتم الإعلان عن تصميم السد في مارس 2011.
  • – تساعد أمريكا من خلال شركة سباير كورب مع شركتين: واحدة فرنسية والأخرى صينية، شركة Metals & Engineering العسكرية الإثيوبية على امتلاك الآلات والتكنولوجيا التي تساعد على بناء السد[3].
  • – شركة ألستوم هي المسئولة عن توريد 8 توربينات ومولدات بقيمة 250 مليون يورو للشركة الإثيوبية لوضعهما في السد[4].
  • – أوضح علاء النهري نائب رئيس المركز الإقليمي لعلوم الفضاء بالأمم المتحدة، أن أديس أبابا انتهت من بناء 16 بوابة كاملة في جسم السد الضخم، موضحًا أن البوابات من ماركة Francis الأمريكية الصنع، وتعمل حينما يكون عمودي المياه فوقها بـ40 مترًا، وهذا يعني أن أمريكا تشارك إثيوبيا في بناء السد، بحسب ما نقلت وكالة” سبوتنيك “الروسية[5].
  • – تشويش على الأقمار الصناعية؛ لعدم قدرة النظام المصري على معرفة التطورات التي تحدث في بناء السد، حيث يوفر كلٌّ مِن موقع وزارة الزراعة الأمريكية، وموقع USGS تحديثًا دوريًّا كل 10 أيام لكل البحيرات حول العالم، وقد توقف التحديث بتاريخ 22 مايو 2017 وقت أن بدأ بعض الخبراء المصريين التحدث عن أن مصر تقوم باستخدام مخزون بحيرة ناصر لتعويض الفاقد من الحصة المائية بعد أن قامت إثيوبيا ببدء التخزين التجريبي مع زيارة وفود من الدنمارك للموقع، وتداول صور للمياه المخزنة هناك[6].

إسرائيل:

  • – ترتكز إسرائيل على إنشاء شبكات توزيع الكهرباء للدول المجاورة لإثيوبيا (كينيا والكونغو) قرب إنهاء الشبكة؛ فيما ستنشئ شبكات أخرى لجيبوتي والصومال وجنوب السودان، نقلًا عن وكالة وطن، ويعتبر إنشاء تلك الخطوط هو بمثابة رسم السياسة التشغيلية للسد، وتحديد أمكان توزيعها.
  • – سعت إسرائيل سابقًا لإيصال مياه النيل إلى صحراء النقب خلال فترة حكم السادات والذي عارضه، حيث كانت ستدعم مشاريع في السودان ودول المنبع لزيادة حصة مصر المائية على أن تحصل على 2 مليار متر مكعب من المياه، وكان من ضمنها مشروع قناة جونقلي بجنوب السودان الذي باشر فيه حسني مبارك وتوقف لاحقًا؛ بسبب الحرب الأهلية بالسودان الذين استهدفوا المشروع وأجهزة الحفر التي كانت تقوم بحفرها شركة فرنسية، حيث أنجز 260 كيلو من أصل 360 كيلو من طول القناة، وقد حصلت الشركة على تعويضات لاحقًا من مصر والسودان.

الصين:

  • – تستثمر الصين بقرض قيمته 1.8 مليار دولار في سد النهضة.
  • – تستثمر الصين والبنوك الصينية في معظم السدود المقامة في إثيوبيا وتستفيد من العائد سواء من الكهرباء أو الزراعة حيث يبلغ حجم الاستثمار 12 مليار دولار وهي الدولة الأولى المستثمرة في إثيوبيا، علاوة أنها تتداخل في أعمال بناء سد النهضة من خلال خدمات اللوجستيات.
  • المحور الثاني:

دول حوض النيل:

تبنت إثيوبيا سياسة مع دول حوض النيل امتدت لعدة سنوات وسط غياب مصر، بترغيب الدول في التنمية من خلال اتفاقية “إطار العمل التعاوني” بعنتيبي التي أعطت شرعية للسدود والمشاريع حيث أمضت 4 دول هم: إثيوبيا، وأوغندا وتنزانيا، ورواندا في عنتيبي في مايو 2010 وسط غياب مصري، ثم لحقت بهم: بورندي وكينيا في فبراير 2011 وسط أحداث الثورة المصرية؛ يمثِّل ذلك الاتفاق حجر أساس وشرعية دولية للمشاريع المقامة على النيل من خلال موافقة 6 من دول حوض النيل.

كما تلعب إثيوبيا دورًا كبيرًا في قلب القرن الإفريقي لمواجهة الحركات الإسلامية التي نشأت خلال فترة السبعينيات وحتى الآن؛ فصنعت تحالفات مع أمريكا والاتحاد الأوروبي وإسرائيل لمواجهة تلك الحركات التي طالما استهدفت مصالحهم، فقامت أمريكا بتفكيك قاعدتها في جنوب إفريقيا وافتتحت قاعدتها في إثيوبيا بإعلان مشترك مع الحكومة الإثيوبية، وتحضر إثيوبيا بشكل فعال وأمني لمواجهة حركة شباب المجاهدين في الصومال وإريتريا وكينيا، ويمثل الموقع الجغرافي عمقًا للعمليات العسكرية داخل القرن الإفريقي.

أما بالنسبة للتحرك المصري وخاصة لدول إفريقيا الأقرب للتفاعلات، والتي يمكن أن تجد لها أثرًا لإيجاد حلول للأزمة، وسنختار (أوغندا أنموذجًا):

فالسياسة الخارجية المصرية تجاه إفريقيا، باتت معالمها واضحة بتأكيد الرئيس عبد الفتاح السيسي في أكثر من مناسبة أن إفريقيا تعد بُعدًا قوميًّا وإستراتيجيًّا لمصر، وحالة التكامل بين مصر ودول القارة السمراء انعكست بصورةٍ كبيرةٍ في زيارات جولات الرئيس الإفريقية؛ إذ قام بـ26 زيارة إلى دول القارة السمراء، تأكيدًا من القيادة المصرية على ضرورة توطيد أواصر الصلة مع الدول الإفريقية.

وليس أدل على قوة العلاقات المصرية الإفريقية أكثر من حضور مصر لقمة الـG7 التي عقدت في فرنسا بصفتها رئيس الاتحاد الإفريقي، ورئاستها المشتركة لقمة التيكاد التي عقدت في اليابان بذات الصفة، فالرئيس “عبد الفتاح السيسي” لا يترك مناسبة يحضرها رئيس إفريقي إلا ويحرص على عقدة ثنائية معه، وهو ما حدث على هامش قمة التيكاد، حيث قال السفير “بسام راضي” المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية: “إن الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال لقائه نظيره الأوغندي أشاد بالدور الحيوي الذي يقوم به الرئيس موسيفيني كأحد القيادات الحكيمة في إفريقيا، وجهوده لتعزيز الأمن والاستقرار بالقارة، مؤكدًا متانة العلاقات التاريخية التي تجمع بين الشعبين والبلدين الصديقين، وحرص مصر على تعزيز تلك العلاقات على كل الأصعدة”.

وقالت الهيئة العامة للاستعلامات:

إنه على مدى أكثر من 30 عامًا، عبَّرت كلٌّ من مصر وأوغندا عن الحرص المشترك والتعاون والتنسيق بينهما، بشأن العديد من جوانب العلاقات الثنائية السياسية والاقتصادية، وبشأن القضايا الإقليمية، خاصة في جنوب السودان، ومنطقة القرن الإفريقي، وفيما يتعلق بمياه النيل والتعاون الفني في إدارة موارد المياه بصفةٍ عامةٍ، وكذلك التعاون الأمني والعسكري، ومواجهة الإرهاب“.

ويظهر التقارب الشديد بين الدولتين في وجهات النظر المشتركة تجاه العديد من القضايا الدولية والإقليمية؛ خصوصًا فيما يتعلق بمسألة الأمن المائي باعتبار أوغندا إحدى دول مصب نهر النيل، وأيضًا الأمن في إفريقيا، متمثلًا في ضرورة محاربة الإرهاب، والقضاء على النزاعات الإقليمية في القارة السمراء، إلى جانب التكامل الاقتصادي بين الدولتين، والذي يعكسه دعم مصر لأوغندا بالمشروعات الاستثمارية هناك، فضلًا عن تواجد الأزهر بقوة في الدولة الإفريقية.

أمثلة لمجالات التعاون بين البلدين:

  • – التعاون العسكري:

تحظى أوغندا بفرص تدريب كبيرة في الكليات العسكرية المصرية، بهدف تعزيز التعاون في مجالي الدفاع والأمن بين البلدين، إلى جانب توفير برامج تدريب في مجالات مختلفة (الشرطة، الجيش، والمياه والري، والصحة، والإعلام، الدبلوماسية، والزراعة وغيرها)، حيث تم تدريب 125 أوغنديًّا.

  • – التعاون الثقافي:

قدمت مصر أولوية لبناء قدرات الكوادر الأوغندية في مختلف المجالات، إذ يتم تقديم 10 منح سنوية للدراسة في الجامعات المصرية؛ بالإضافة إلى خمس منح في إطار مبادرة مصر للتعليم المتطور لقادة المستقبل الأفارقة، كما يقدم الأزهر الشريف سنويًّا 16 منحة دراسية للجانب الأوغندي.

  • – الاستثمارات المصرية:

– تقوم مصر بتنفيذ مشروع عملاق في مجال إزالة الحشائش المائية الضارة من بحيرة فكتوريا والبحيرات الاستوائية الأخرى، وقد بدأ المشروع عام 1998، وبلغت تكلفته حتى الآن أكثر من 20 مليون دولار أمريكي.

– مشروع الربط بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط الذي أطلقته مصر في أواخر 2017، وهو المشروع الأضخم الذي ستستفيد منه أوغندا بشكل كبير.

ويستهدف المشروع ربط دول حوض النيل بممر ملاحي يدعم حركة التجارة البينية والسياحة، ويعمل على توفير فرص العمل، وزيادة إمكانية الدول الحبيسة بالاتصال البحار والموانئ العالمية.

– ومن الجهات المصرية التي تمتلك عددًا من الاستثمارات في أوغندا بنك القاهرة الدولي ومصر للطيران وشركة مانتراك (المملوكة لمجموعة شركات منصور)، والمقاولون العرب، وشركة النصر للاستيراد والتصدير، وشركة الأفارقة للتنمية.

كما أن من الاستثمارات المصرية الواعدة في منطقة تجمع شرق إفريقيا وشركة القلعة القابضة والتي بدأت الاستثمار في شركة سكك حديد الوادي المتصدع “RVR” بمبلغ 150 مليون دولار أمريكي؛ لتحديث خط السكك الحديدية من ميناء مومبسا الكيني إلى كمبالا، ولتقليل تكلفة النقل وبالتالي تكلفة الإنتاج، وهو ما سيخدم الاقتصاد الأوغندي بشكل كبير جدًّا.

وأيضًا: شهدت الفترة الماضية خطوات إيجابية من قِبَل الشركة المصرية الأوغندية للأمن الغذائي، والتي قامت بافتتاح وتشغيل مجزر اللحوم الآلي المصري في كمبالا باستثمارات تقدر بـ 10.5 مليون دولار، وهو المشروع الذي يحظى باهتمام خاص من قِبَل الرئيس موسيفيني.

الخيارات المصرية أمام إثيوبيا

  • الخيار الدبلوماسي التفاوضي:

وهو الخيار المتاح الآن مع أنه بات طويلًا ومملًا، ومضيعة متعمدة للوقت، في ظل استمرار أعمال بناء السد، ومع ذلك لم ينقطع الأمل فيه مع سعي الجانب المصري لتدويل القضية، وإدخال وسطاء دوليين محايدين.

  • – الخيار القانوني المتمثل في التحكيم الدولي:

هو مرفوض إثيوبيًّا، بل إن سابقة إثيوبيا في التحكيم مع إريتريا بخصوص مثلث بادمي وبعض المناطق المتنازع يشير إلى عدم التزامها بقرارات التحكيم.

وربما الاستثناء من ذلك ما فعله “آبي أحمد” من التسليم لإريتريا بهذه المناطق لأهدافٍ سياسيةٍ تتعلق برغبته في عدم إحداث توترات داخلية من ناحية، ولتحييد إريتريا التي كانت أحد الأوراق المصرية في الضغط على أديس أبابا، بل كان أكثر ذكاءً كذلك في تحييد جبهة تحرير الأورومو المسلحة والمعارضة له، والتي كانت تستخدم أيضًا من قِبَل مصر عن طريق إريتريا، حيث رفعها أحمد من قوائم الإرهاب، ووافق على عودتها لممارسة السياسية من الداخل بعد إلقاء السلاح؛ خاصة أن مصر تقدِّم دعمًا للمعارضة الإثيوبية؛ بداية من استضافة المعارضة ومنح اللجوء السياسي لهم حيث إن العدد قارب 7000 لاجئ حسب تقرير مفوضية الأمم المتحدة، بينما تشير التقديرات غير الرسمية إلى أن أعدادهم تتجاوز 20 ألفًا، ويمثلون ثالث أكبر تكتل بعد اللاجئين السورين والسودانيين[7].

  • – الخيار الثالث وهو الخيار العسكري:

وفي هذا الإطار ناقش معهد ستراتفور الأمريكي الخيارات العسكرية المصرية ضد سد النهضة؛ وهو التابع لوكالة الاستخبارات الأمريكية المركزية سنة 2013 ورجحت خيارين: أولهما: توجيه ضربة جوية مباشرة للسد. وأما الأمر الثاني: فهو إرسال مجموعات من الصاعقة المصرية لتدميره بطريقة غير مباشرة[8].

ويبقى أنه إذا كانت هناك رغبة سياسية وعسكرية بضرب السد فيتوجب أن تكون الضربة الموجهة للسد قبيل ملئه؛ لما سيترتب عليه من آثار سلبية على مصر والسودان وإغراقها في حال تم توجيه الضربة وهو ممتلئ.

على الجانب الآخر: قامت إثيوبيا بإبرام مجموعة من اتفاقيات الدفاع المشترك مع كل من إسرائيل وتركيا والسودان، وهو أمر يزيد من صعوبة المواجهة العسكرية بين البلدين.

وسوف تسفر التحركات الأخيرة على الساحة الدولية عن طبيعة التعامل المصري مع هذه الأزمة، خاصة مع دخول الوسيط الروسي بين طرفي النزاع: مصر وإثيوبيا.

المراجع:

 

[1] مصر وإثيوبيا والسودان تناقش مخرجاً توافقياً لأزمة «سد النهضة»

‏[2] Technical aspects of the agreement on the Filling and operation of the Grand Ethiopian Renaissance Dam(GERD)”، submitted on 1st of ‘ August 2019″، ETHIOPIA REJECTS EGYPT’S PROPOSAL ON THE FILLING، OPERATION OF GRAND DAM، addis standard، September 18، 2019.

[3] الدور الأمريكي في سد النهضة

[4] المرجع السابق.

[5] المرجع السابق.

[6] المرجع السابق.

[7] كيف يعيش 7 آلاف لاجئ إثيوبي في مصر؟

[8] معهد “ستراتفور” الأمريكى يرصد خيارات مصر العسكرية فى التعامل مع سد النهضة

 

التعليقات مغلقة.