fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

العلاقات المصرية الأمريكية وتوابع اللقاء مع وزير الخارجية الأمريكي

212

المتابع لملف العلاقات المصرية – الأمريكية يلاحظ حالة من الاضطراب منذ أحداث يناير 2011 وما بعدها، واتسمت الفترة الأخيرة من عهد الإدارة الأمريكية السابقة (فترة باراك أوباما) بحالة من الفتور اتضحت من خلال عدد من المواقف كإلغاء مناورات النجم الساطع، والتعليق الجزئي للمساعدات العسكرية وتأجيل تسليم طائرات ومعدات عسكرية تم الاتفاق عليها مسبقًا، وربط واشنطن تقديم المساعدات والمعدات العسكرية إلى القاهرة بحدوث تقدم في العملية السياسية.

لكن هذه الحالة من الفتور تم تجاوزها بشكل ما بعد تغير الإدارة الأمريكية ومجيئ دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وهي الإدارة التي أوضحت المواقف المختلفة عن وجود حالة من التوافق في كثير من القضايا بين ترامب والسيسي، وهو ما يبدو جليًا من خلال اللقاءات الثنائية والمؤتمرات الصحفية، ويحرص كلا الرئيسين على دعمه وتأكيده والحرص على التصريح دائمًا أن العلاقات بين البلدين علاقات استراتيجية.

وقد توقع الكثيرون وجود خلاف بين مصر وأمريكا قد يؤدي إلى توتر في العلاقات بين البلدين؛ بسبب القضية الفلسطينية وقرار ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة موحدة لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية في إسرائيل إلى القدس، وما تبع ذلك من اضطرار واشنطن لاستخدام حق الفيتو في مجلس الأمن لمنع تمرير مشروع قرار مصري كان يطالب بالاحتفاظ بالوضع الحالي للقدس، باعتبارها مدينة فلسطينية تخضع للاحتلال، وأيضًا تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة على مشروع قرار بالمعنى ذاته، وما تلاه من تأجيل لزيارة كان معدًا لها سلفًا من جانب نائب الرئيس الأمريكى مايك بنس للقاهرة.

لذلك مثّلت زيارة وزير الخارجية الأمريكي الأخيرة إلى مصر مؤشرًا لطبيعة العلاقة بين البلدين؛ حيث أكد وزير الخارجية الأمريكي أن بلاده تدعم مصر في العديد من الملفات؛ مثل: ملف مواجهة الإرهاب وهو ما حرص على تأكيده بالقول أن بلاده تدعم مصر بطرق مختلفة؛ بعضها لا يمكن الإفصاح عنه. كما ناقش مع الإدارة المصرية عددًا من الملفات الأخرى؛ كالقضية الفلسطينية واستعادة الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.

يقول الدكتور سعد الزنط، مدير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية: إن زيارة وزير الخارجية الأمريكي “ريكس تليرسون” للقاهرة مهمة للغاية، وإن هذه الجولة لتليرسون في الشرق الأوسط تشمل القاهرة وعمان وأنقرة وبيروت والكويت، وهذا يؤشر لوجود رؤية معينة لديه يريد طرحها مع زعماء هذه الدول تجاه القضايا المهمة المثارة على الساحة، فيما يخص ملف ليبيا وسوريا وقطر وتطور الأوضاع في إيران.

كما أكد السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن زيارة وزير الخارجية الأمريكي تأتي لتصحيح مسار علاقات الولايات المتحدة مع مصر، وإعادة الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.

ولا يمكن فصل زيارة وزير الخارجية الأمريكي عن الزيارات السابقة لها لوفود من رجال الأعمال الأمريكيين، وتوقيت زيارة الوزير الأمريكي قبيل الانتخابات الرئاسية في مارس 2018. حيث يرى البعض أن الزيارة تمثل جولة للوصول إلى تفاهمات معينة حول بعض القضايا المحلية والإقليمية ذات الاهتمام المشترك؛ كالقضية الفلسطينية واليمن والأزمة الخليجية مع قطر.

بالإضافة إلى ملف الاستثمار في مصر؛ وما هي التسهيلات التي ستقدمها مصر للمستثمرين الأمريكيين خلال السنوات الأربع القادمة بما يحقق التوافق المطلوب بين الإدارتين المصرية والأمريكية ويحافظ على العلاقات بين البلدين عند المستوى المرغوب فيه.

والجدير بالذكر أن نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس قد قام في نهاية الشهر الماضي بزيارة قصيرة لمصر استغرقت عدة ساعات، استقبله خلالها الرئيس عبد الفتاح السيسي حيث بحثا دعم التعاون الثنائي وآخر التطورات.

وخلال الاجتماع، ناقش السيسي وبنس سبل دعم علاقات التعاون بين مصر والولايات المتحدة في كل المجالات، إضافة لبحث آخر التطورات الإقليمية والدولية؛ وعلى رأسها عملية السلام ومواجهة التنظيمات الإرهابية والأزمات في سوريا واليمن وليبيا.

وقال بنس: “إن العلاقات بين بلاده ومصر صارت في أقوى حالاتها بعدما شهدت فترة من الفتور” ونقل تحيات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسيسي لتنفيذه إصلاحات اقتصادية.

وأضاف بنس “نتكاتف معك في مصر في الحرب ضد الإرهاب“. وقال السيسي إنه ناقش مع بنس سبل القضاء على سرطان الإرهاب واصفًا ترامب بـ “الصديق”.

وأبلغ نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بأن الولايات المتحدة ستدعم حل الدولتين للإسرائيليين والفلسطينيين إذا وافق الطرفان، وذلك في مسعى لطمأنة حليف عربي رئيسي بشأن قرار الرئيس دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.

وقال بنس للصحفيين “أصغينا باهتمام للرئيس السيسي” مضيفًا أن الزعيم المصري وصف اعتراضه على قرار ترامب بأنه “خلاف بين أصدقاء“. وقال بنس إنه طمأن السيسي بأن الولايات المتحدة ستظل ملتزمة بالحفاظ على الوضع الراهن للأماكن المقدسة في القدس، وأنها لم تصل بعد إلى قرار نهائي إزاء الحدود بين الطرفين. وقال “تصوري أنه اطمأن لهذه الرسالة“.

بالطبع لا يمكن لأى دولة في العالم أن تستغني عن علاقتها بالولايات المتحدة الأمريكية بصفتها أكبر دولة في العالم، وتشتد الحاجة إلى هذه العلاقة إذا كانت الدولة الأخرى ضعيفة اقتصاديًا أو عسكريًا أو سياسيًا.

لكن المطلوب في ملف السياسة الخارجية أن يكون صانع القرار متيقظًا لطبيعة السياسة الأمريكية، فأمريكا ليس لديها أصدقاء ولا تعتني بهذه الجزئية كثيرًا وإنما لديها مصالح، ومن ثمَّ فهي لا تتحرج من التبديل الحاد في سياستها الخارجية تبعًا لتغير خريطة مصالحها.

من المهم كذلك ألا نرتمي في أحضان أحد فليست الأحضان الغربية آمنة، ولا الأحضان الشرقية دافئة، الكل أمام المصلحة سواء، وبالتالي فيجب أن يكون لدينا تنويع جيد في العلاقات يضمن لنا عدم تعليق مصيرنا بقرار دولة ما هنا أو هناك.

كذلك من المهم أن ندرك أن هؤلاء أعداء لديننا ولأمتنا ووطننا، هذا الوعي غيابه يمثل أزمة وخطر قومي هائل، نحن دولة تتعامل مع الجميع وتقيم علاقات مع الجميع ، لكن أن نتصور أن تتحول تلك العلاقات القائمة على المصلحة إلى مودة وصداقة ، فنعطي لهم الأمان ، فهذا غير مقبول.

ويبقي أن جوهر العلاقات الدولية قائمة علي القوة بكل أنواعها، فمتي توافرت القوة الاقتصادية أو العسكرية أو الدبلوماسية ، كانت للدولة مكانة علي الخريطة الدولية، وبقدر ما تفقد من أوراق القوة بقدر ما تهتز مكانتها ويتآكل تواجدها.

التعليقات مغلقة.