بعد فشل البرلمان للمرة الـ12 في اختيار رئيس الجمهورية…  لبنان إلى أين؟

بعد فشل البرلمان للمرة الـ12 في اختيار رئيس الجمهورية…  لبنان إلى أين؟

مراقبون: عودة تيار المستقبل بزعامة “الحريري” كلاعبًا سُنيًّا أساسيًّا سيحسم مسألة انتخاب رئيس للجمهورية

بينما يعاني الشارع اللبناني من حالة الغليان المستمرة والمتجددة وسط حالة من الجدل المتصاعدة؛ نتيجة تردي الأوضاع المعيشية الصعبة للمواطنين واستشراء الفساد بشتى الطرق والصور، فقد جاءت دعوة رئيس الحكومة اللبنانية، نجيب ميقاتي لتفتح بارقة الأمل إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء منتصف يونيو الشهر الجاري، بسبب أزمة دستورية سببها الفراغ الرئاسي.

ولكن في مقابل ذلك، فشل البرلمان اللبناني خلال هذه الجلسة للمرة الـ12 في انتخاب رئيس جديد للجمهورية الشاغر منصبه منذ قرابة العام، ما يطيل أمد أزمة الشغور الرئاسي، على وقع انقسام سياسي يزداد حدَّة بين بسبب تعنت حزب الله وأنصاره، وإصراره على فرض مرشحه.

ومن المتوقع ووفق مراقبون للمشهد اللبناني: أن لبنان قد يذهب لا محالة نحو الانهيار الشامل، والسقوط التدريجي الذي ربما قد بدأ بالفعل منذ سنوات للطبقة المتوسطة وزيادة مستوى الفقر، وكذلك ارتفاع الفجوة الاجتماعية والطبقية في ظل غياب الشفافية وعدم المساواة بين المواطنين.

وفي تقديري: إنه في ظل غياب سياسات اجتماعية عادلة التي هي أكثر من ضرورية لحماية الطبقات الضعيفة والفقيرة، إذ يجب على السلطات اللبنانية وصناع القرار، ضرورة اعتماد إصلاحات تقوم على تعزيز الحوكمة والشفافية وإزالة المعوقات أمام العمالة لأجل ارتفاع معدلات النمو من جهة، وزيادة الإنفاق الاجتماعي من جهة أخرى.

ولطالما قادت المناورات السياسية التي يتطلبها اختيار رئيس إلى ترك لبنان، إما بدون رئيس للدولة أو بوجود حكومة تعمل فقط لتصريف الأعمال، لكن للمرة الأولى يجتمع الأمران في الوقت نفسه وهو عدم تشكيل حكومة واختيار رئيس جديد، وشهدت البلاد إجراء انتخابات برلمانية في مايو عام 2022، ما أطلق عملية لتشكيل حكومة جديدة بينما تواصل الحكومة القديمة تصريف الأعمال.

وقد كلف ميشال عون، رئيس الوزراء نجيب ميقاتي بتشكيل الحكومة الجديدة، لكنه لم يوافق على أي من التشكيلات التي قدمها ميقاتي خلال الأشهر الستة من تكليفه، مما يعني عدم تشكيل حكومة جديدة مع استمرار فراغ منصب الرئيس.

وذكرت قوى سياسية في لبنان، أن السبب في فشل انتخاب الرئيس يرجع لضغوطات مارسها الثنائي “حزب الله” و”حركة أمل” أدت إلى تغييرات في توزيع الأصوات بين المرشحين لمنصب الرئاسة، الوزيرين السابقين جهاد أزعور وسليمان فرنجية، في حين انتقدت واشنطن النخبة السياسية في البلاد، واتهمتها بإعلاء مصالحها الشخصية على مصالح الشعب.

وفي ظل حالة التناحر السياسي بين العديد من التيارات والطوائف وعلى رأسهم حزب الله الذي يُحمله مسئولون في المقام الأول سبب هذا الفراغ، يرجح مراقبون أن عام 2023 ربما قد ينتهي ولا يشهد رئيسًا جديدًا للجمهورية اللبنانية، وسوف يستمر الشغور الرئاسي، مما سيكون له تداعيات عكسية وسلبية على المؤسسات، العسكرية والأمنية والمالية والقضائية والدبلوماسية والإدارية.

وقبل أن ندخل في التفاصيل ينبغي علينا أولًا أن نطرح بعض الأسئلة… لماذا يعاني لبنان كل هذا الفراغ في منصب الرئيس منذ انتهاء فترة ميشال عون؟ ما دور حزب الله في استمرار الأزمة والمعادلة السياسية؟ متى ينتهي الوضع المعيشي والاقتصادي المأساوي الذي يعاني منه المواطن هناك؟ متى يشعر المسئولون في لبنان بمعاناة الفقراء؟ ذلك ما سنتعرف عليه في السطور التالية.

دور حزب الله في الأزمة:

يرى مراقبون، أنه بالرغم من الدعوات إلى الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية، إلا أن هناك في الواقع، تلاقيًا بين بعض الخصوم على “فوائد الفراغ”، وعلى سبيل المثال: فإن “حزب الله” لن يتنازل عن سيطرته الفعلية على البلاد، ولذلك فهو يريد سلطة تنفيذية تمرر له أهدافه، وما يقوم به على الأرض لتطبيق سياسات المرشد الإيراني في البلاد.

وبعد تقدمه في الجولة الأولى، عطّل حزب الله وحلفاؤه محاولة منافسيه لانتخاب جهاد أزعور رئيسا للبنان، مما زاد التوترات الطائفية وانزلاق لبنان أكثر فأكثر في أزمته، ولم يحدد رئيس مجلس النواب موعدا لجلسة جديدة لاختيار الرئيس.

وينص الدستور اللبناني: على أن يتم انتخاب مرشح لرئاسة الجمهورية، ذلك المنصب المخصص لمسيحي ماروني طبقا للنظام الطائفي في البلد، الذي يعاني منذ أربع سنوات من أزمة مالية هي الأسوأ منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين عامي 1975 و1990.

حزب الله وراء الفشل:

وعزَت القوى المعارضة لثنائي حزب الله وحركة أمل هذه النتيجة لما وصفته بـ”وتيرة الضغط القوية” التي مارسها الثنائي على بعض الكتل النيابية، من بينها كتلة نواب الأرمن التابعة لحزب “الطاشناق”، وكذلك بعض النواب السُنة.

ومن جهتها: أشارت منسقة الأمم المتحدة فرونتسكا، في تغريدة عبر حسابها على “تويتر”، إلى جلسة انتخاب رئاسية أخرى غير حاسمة في مجلس النواب، قائلة:” يحتاج قادة لبنان وأعضاء البرلمان إلى اتخاذ خطوات عاجلة لضمان انتخاب رئيس للبلاد لصالح بلدهم وشعبهم”. (دويتش فيله).

تفكك مؤسسات الدولة:

وبعد الجلسة الأولى، انسحب نواب حزب الله الشيعي -المدعوم من إيران- وحلفاؤه بمن فيهم حركة أمل الشيعية من جلسة التصويت، وذلك لعرقلة مسعى الأحزاب المسيحية الرئيسية لانتخاب جهاد أزعور، المسؤول الكبير في صندوق النقد الدولي، رئيسا للبلاد بعد تقدمه في الجولة الأولى.

وفاز أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط بصندوق النقد الدولي ووزير المالية السابق، بـ 59 صوتا من أصل 128 نائبا في البرلمان في تصويت أولي، أي أقل من الثلثين المطلوبين للفوز في الجولة الأولى، فيما حصل سليمان فرنجية المدعوم من حزب الله وحلفائه على 51 صوتا. (دويتش فيله).

ثم بعد ذلك، قرر حزب الله وحلفاؤه الانسحاب من الجلسة ليعطلوا بذلك نصاب الثلثين المطلوب لإجراء جولة ثانية من التصويت يمكن لمرشح أن يفوز فيها بدعم 65 نائبا، ولم يحدد رئيس مجلس النواب نبيه بري، الحليف المقرب لحزب الله الشيعي، موعدا لجلسة جديدة.

اقتراب أزعور من منصب الرئيس:

ويترأس رئيس الوزراء السُني، نجيب ميقاتي حكومة تصريف أعمال في نطاقها الضيق، وأطلق حزب الله، الذي تصنفه الولايات المتحدة منظمة إرهابية، خطابًا انتقاديًّا شديدًا لأزعور، واصفًا إياه بمرشح مواجهة، لكن أزعور حظي بدعم الفصيل الدرزي الرئيسي في لبنان، الحزب التقدمي الاشتراكي بقيادة عائلة جنبلاط، وبعض النواب السنة.

وقد اكتسب ترشيح أزعور زخمًا بتأييد جبران باسيل رئيس التيار الوطني، وهي خطوة يُنظر إليها على أنها مدفوعة بمعارضة فرنجية وطموحاته. (دويتش فيله)

ولا تزال حالة من الجمود والانقسام على الساحة اللبنانية في وقت هي بأمسّ الحاجة إلى تحركات ونشاطات على كل المستويات من أجل انقاذ لبنان من حالة الانهيار التام التي يعانيها، سواء على الصعيد الاقتصادي أو السياسي، لاسيما مع تحول الاهتمام من قبل الحكومة الجديدة إلى ملف الاستحاق الرئاسي الذي يحتاج إلى توافق داخلي.

وقال نواب لبنانيون معارضون لحزب الله: إن التصويت كان “نصرًا كبيرًا”؛ لأنه أظهر أن أزعور اقترب من 65 صوتًا، واستبعد فكرة اقتراح مرشح آخر، لكن مع انقسام البرلمان بشدة، يقول محللون: إن المأزق قد يتطلب الآن نوعًا من التدخل العربي الذي حل الأزمات اللبنانية السابقة بما في ذلك اتفاق الطائف عام 1989 الذي توسطت فيه السعودية والذي أنهى الحرب الأهلية.

انعكاس الأزمة السياسية على الأوضاع المعيشية للمواطن:

افتتحت صحيفة الغارديان، في وقت سابق، التي كتبت افتتاحية بعنوان: “أزمة لبنان: شعب تعرض للخيانة”.

حيث ترى الصحيفة: أن فساد كثير من النخبة السياسية والمالية في لبنان وشهوتهم إلى السلطة وعدم كفاءتهم قد دفع البلد المضطرب بالفعل إلى الهاوية، بينما يواجه الفقراء والطبقة الوسطى انهيارًا اقتصاديًّا وتلاشي الخدمات.

وتشير الصحيفة إلى تخفيض قيمة الليرة اللبنانية بنسبة 90% أو أكثر، ولا يزال ذلك غير كاف ليعكس انحدارها بالكامل.

وأشارت الصحيفة إلى أن معدل التضخم يتكون من ثلاثة أرقام، انهيار الخدمات العامة، يمكن للأسر أن تتوقع فقط ساعة أو نحو ذلك من الكهرباء في اليوم، نقص مياه الشرب والذي ساهم في تفشي الأمراض، بما في ذلك حالات الكوليرا الأولى منذ عقود.

وأوضحت الصحيفة: أن بعض الآباء في لبنان يرسلون أطفالهم إلى دور الأيتام؛ لأنهم لا يستطيعون إطعامهم، ولجأ عدد متزايد من المواطنين إلى السطو المسلح كطريقة وحيدة لاسترداد ودائعهم الخاصة من البنوك، عندما يكونون في أمس الحاجة إليها.

الأوضاع الاقتصادية المأساوية للمواطنين:

وتسود حالة من الانسداد في الملف الحكومي، حيث يقف الرئيس (الوزراء) المكلف نجيب ميقاتي عند التشكيلة الحكومية التي قدمها للرئيس ميشال عون قبل انتهاء فترته الرئاسية، إذ يترافق هذا الواقع حالة إنكار من الطبقة السياسية للواقعين الاقتصادي والاجتماعي لغالبية اللبنانيين، الذين يعيشون في ظل غياب الخدمات التي يجب أن تقدمها الدولة لهم، حيث اشتدت أزمات عدة، منها أزمة الكهرباء التي تستنزف أموال اللبنانيين، مع انقطاع المياه والدواء وعجز المؤسسات الضامنة – الضمان الاجتماعي، عن تغطية الحاجات الطبية الطارئة للمضمونين.

ويعاني الشعب اللبناني، جراء الإضراب العام المستمر منذ أشهر للموظفين في إدارات الدولة الذين يطالبون بزيادات في الرواتب والأجور، فيما عجزت الدولة عن تأمين القمح للمطاحن والطحين للأفران في ظل حالة من الإفلات في الأسواق لم يسبق لها مثيل.

وفي الوقت نفسه، يرى مراقبون: أن لبنان يسير بخطى متسارعة نحو الانهيار الكبير والجميع غائب عن حقيقة المعاناة الكبرى التي يعيشها اللبنانيون في هذه الأيام، وتسائل البعض.. هل يسقط لبنان في حافة الهاوية أم يجري إنقاذه قبل فوات الآوان؟

انهيار تاريخي لليرة اللبنانية أمام الدولار:

سجلت الليرة اللبنانية، خلال الفترة الماضية ولا تزال، أكبر انهيار لها في تاريخ البلاد حيث تجاوز سعر صرف الدولار الواحد في السوق السوداء 68 ألف ليرة.

وقد سجل سعر صرف الدولار 68.3 ألف ليرة للبيع و68 ألف ليرة للشراء، حسب التطبيقات التي تتابع سعر صرف الدولار في السوق السوداء.

ويعتمد لبنان ابتداء منذ مطلع فبراير، سعر صرف رسميًّا جديدًا يبلغ 15 ألف ليرة للدولار الواحد بدلًا من السعر الحالي البالغ 1507 ليرات، بانخفاض يقارب 90% في سعر العملة الوطنية، وفق ما أفاد مصدر في البنك المركزي.

ويشهد لبنان منذ 2019 انهيارا اقتصاديا صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم، خسرت معه العملة المحلية نحو 95% من قيمتها، وبات أكثر من 80% من سكانه تحت خط الفقر. (الجزيرة).

النواب يفشل للمرة الـ 12 في انتخاب رئيس للبلاد:

وكالعادة، فشل البرلمان اللبناني، في انتخاب رئيس جديد للجمهورية، جراء عدم نيل أي من المرشحين ثلثي الأصوات في الجولة الأولى، كما فشل انعقاد الدورة الثانية لجلسة انتخاب الرئيس لعدم اكتمال النصاب القانوني، إثر انسحاب كتلتي حزب الله وحركة أمل وبعض المستقلين.

ولا يُلزم الدستور الراغبين في اختيار الرئيس بتقديم ترشيحات مسبقة، إذ يمكن لأي نائب أن ينتخب أي لبناني ماروني، وذلك وفق العرف السائد لتقاسم السلطات طائفيًّا، شرط ألا يكون هناك ما يمنع أو يتعارض مع الشروط الأساسية، مثل: العمر والسجل العدلي. (الجزيرة).

من جهته يقول رئيس الحكومة نجيب ميقاتي: إن دعوته لعقد اجتماع مجلس الوزراء جاءت بسبب وجود ملفات أساسية تتعلّق بصحة المواطن يقتضي البتّ بها، ولكن حذر البعض من أن تكون بهدف النيل من صلاحيات رئيس الجمهورية، أو بما وصفها ابتزاز فريق وفتح باب السجالات السياسية. (الأهرام).

وقد تخوف نواب في البرلمان اللبناني من اجتماع مجلس الوزراء برئاسة نجيب ميقاتي، وأن تكون الجلسة على حساب سحب بعض الصلاحيات من رئيس الجمهورية الذي يعد منصبه شاغرًا منذ انتهاء ولاية ميشال عون.

بدوره، رجَّح البنك الدولي، أن يؤدي الفراغ السياسي في لبنان غير المسبوق إلى زيادة تأخير التوصل لأي اتفاق بشأن حل الأزمة وإقرار الإصلاحات الضرورية، مما يعمِّق محنة الشعب اللبناني، ونبَّه في تقرير نشره مؤخرًا إلى أن الانكماش في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي الذي شهده لبنان منذ عام 2018 والبالغ 37.3% يُعد من بين أسوأ معدلات الانكماش التي شهدها العالم، قد قضى على ما تحقق من نمو اقتصادي على مدار 15 عامًا، بل ويقوض قدرة الاقتصاد اللبناني على التعافي.

أسباب جوهرية في عجز النواب انتخاب رئيس جديد:

في الحقيقة أنها ليست المرة الأولى التي يواجه فيها البرلمان اللبناني استعصاء في انتخاب رئيس جديد للبلاد، ولكنها تبدو هذه المرة الأكثر تعقيدًا من سابقاتها لأسباب، منها:

– غياب تيار المستقبل بزعامة سعد الحريري بوصفه لاعبًا سنيًّا أساسيًّا كان يملك دورا مؤثرًا بصوغ التسويات الرئاسية.

– دخول ما يسمى بنواب “التغيير” والمستقلين الندوة البرلمانية بوصفهم عنصرًا جديدًا بعد انتخابات مايو قبل الماضي 2022.

– كذلك، ارتفاع واستمرار السجال الداخلي بشأن نفوذ حزب الله، وتحديدًا بعد خروج حليفه ميشال عون من سُدة الرئاسة وفقدانه جزءًا من نفوذ السلطة التنفيذية.

ويرى مراقبون ومحللون: أن كل فريق سياسي بات يسعى لتعزيز أوراقه، وعلى رأسهم حزب الله الذي أطلق أمينه العام حسن نصر الله، شروطًا جسدت المواصفات التي يريدها في الرئيس المقبل، والتي أعلنها ضمنيًا” إذ يدرك الحزب أن السلطة التنفيذية شطران، وهما: رئاسة الجمهورية والحكومة، وهو “غير قادر على الإمساك كليًا بالحكومة، فلن يسمح بقدوم رئيس ضده تحت أي عنوان”. (الأهرام).

عمال لبنان يتوعدون من جديد:

في تصعيد جديد وغضب عارم في الشارع اللبناني، لا سيما بعد إخفاق البرلمان اللبناني في انتخاب رئيس و”كلمة السرّ” حزب الله؛ مما يترتب عليه أن تكون أوضاع العمال هناك كما هي محلك سر في ظل صعوبة المعيشة؛ فقد توعد العمال بالمواجهة لإنهاء معاناتهم وأسرهم.

وأعلن رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي: أن إمكانات حكومته تعمل على أن تكون التقديمات جيدة قدر المستطاع، في ظل شكوى العمال من الضائقة المعيشية، والتصعيد التي تعلن عنه القطاعات العمالية احتجاجا على تدهور قيمة العملة والرواتب.

وقال ميقاتي للعمال: “ندرك تمامًا الظروف الصعبة التي تعيشونها، ونقدر التضحيات التي تبذلونها في سبيل الحفاظ على الوطن وكيان الدولة ومؤسساتها وإداراتها وما اتخذته الحكومة من إجراءات ليس سوى القليل مما تستحقونه”.

ما أبرز التحديات التي تواجه لبنان خلال 2023؟

بعد إخفاق مجلس النواب اللبناني من انتخاب رئيس للبلاد، في ظل حالة اقتصادية بالغة الصعوبة، يترقب اللبنانيون بعد الاقتراب من منتصف العام 2023 بكثير من القلق والريبة، ووفق مراقبين إذ يحملهم إلى ذروة جديدة من مسار انهيار دراماتيكي لم يهدأ منذ خريف 2019، وهم مشغولون بما ستؤول إليه أوضاعهم المعيشية والاقتصادية، وانهيار الليرة بمستوى غير مسبوق يتجاوز 100 ألف ليرة مقابل الدولار الواحد.

ويرى مراقبون ومحللون: أن أخطر ما قد يواجه الشعب اللبناني أيضًا في المنتصف الثاني من عام 2023 هو حالة ارتفاع التضخم بنسبة قد تتجاوز 1400%، والمرشحة بالتصاعد بعد فرض رسوم ضرائب ضخمة بموازنة 2022، كذلك نتيجة اعتماد سعر الدولار الجمركي بـ 15 ألفا بعدما كان لعقود 1507 ليرات.

وكشف اقتصاديون، أن ميزانيات الأسر أصبحت مدولرة، بينما رواتبهم بالليرة تتآكل قيمتها مما يعني تعميقا للفقر الذي يطال أكثر 85% من السكان، مؤكدين أن أصحاب الرواتب بالدولار من موظفي القطاع الخاص سيواجهون معاناة كبيرة إذا استمر العمل بفرض ضرائب ضخمة على رواتبهم تصل لحدود 25%.

لبنان إلى أين..: وماذا عن الأزمة المالية؟

ينص الدستور اللبناني على أن رئيس الجمهورية هو المسؤول عن توقيع مشاريع القوانين وتعيين رئيس الوزراء والموافقة على تشكيلة الحكومة قبل رفعها للبرلمان للتصويت عليها لمنحها الثقة، حيث إن الحكومة هي المسؤولة عن اتخاذ القرارات التنفيذية. (الجمهورية).

كما ينص الدستور: على أن أي حكومة مستقيلة يجب أن تعمل “بالمعنى الضيق” فقط، دون مزيد من الصلاحيات المطلقة؛ مقارنة بالحكومة المشكلة التي يتم التوافق عليها، كما ينص الدستور على أنه في حال حدوث فراغ رئاسي يتعين على البرلمان الاجتماع على وجه السرعة لانتخاب رئيس جديد وهو ما لم يحدث حتى الآن.

وكانت الحكومات المتعاقبة خلال الفراغات الرئاسية في السابق، تتولى سلطات الرئيس من خلال اتخاذ القرارات بالإجماع، لكن قبل أن يترك ميشال عون قصر الرئاسة، أصرَّ على أنه لا ينبغي السماح لحكومة تصريف الأعمال بتولي هذه الصلاحيات وأصدر مرسومًا بذلك مما يعوق صلاحياتها في عمل إصلاحات أو اتفاقيات اقتصادية لانتشال لبنان مما هو فيه.

وبات من غير الواضح، كيف يتعامل لبنان مع الأزمة المالية المتفاقمة والصعبة، التي خلّفت أكثر من 80% من السكان تحت خط الفقر، وحرمت المودعين من الوصول لمدخراتهم في النظام المصرفي المشلول منذ ثلاث سنوات. (الجمهورية)

وقد توصلت الحكومة إلى مسودة اتفاق مع صندوق النقد الدولي في مايو قبل الماضي من شأنه أن يتيح تدفق المساعدات التي تحتاج إليها البلاد بشدة، ولكن مع تقليص صلاحيات الحكومة من قبل الرئيس السابق عون، لم تستطع تطبيق إصلاحات أو الإجراءات المطلوبة من شروط الصندوق لتحصل على التمويلات التي قد تسهم في التخفيف عن كاهل المواطنين. (الجمهورية)

الخلاصة:

– إن استمرار الفراغ الرئاسي بلبنان في ظل انهيار وشلل اقتصادي تام يُعد من بين الأسوأ في العالم منذ عقود وكما صنفه البنك الدولي.

– أرى أن حركتي: حزب الله وأمل، تُعدان جوهر الخلاف في عدم انتخاب رئيس للبلاد لتغليب مصالحهم الشخصية على مصلحة البلاد.

– إن استمرار الأمور في ظل تردي الأوضاع المعيشية وارتفاع الدولار أمام الليرة إلى هذا الحد قد يؤدي إلى حرب أهلية في لبنان.

– في تقديري: أن تدخل بعض القوى الدولية في صنع القرار اللبناني، ومنهم: أمريكا وفرنسا، يعني استمرار الأزمة وعدم انفراد لبنان بقراراته.

– إن استمرار الفساد واستشراه بهذه الطريقة، ووفق مؤشرات دولية وتقرير للأمم المتحدة يمثل خطرًا على المواطن اللبناني.

– كما أن عدم محاسبة المسئولين عن الفساد (تفجير مرفأ لبنان نموذج) قد يُدخل لبنان في نفق مُظلم وتقسيمه في ظل التعدد الطائفي.

– في تقديري: أن إصرار الرئيس ميشال عون قبل ترك منصبه على توقيع مرسومًا باعتبار حكومة “ميقاتي” تصريف الأعمال مستقيلة وتقليص صلاحيتها هي صفقة مع حزب الله الموالي له أو ربما قد يكون بإيعاز من قوى دولية.

– كما أن استمرار نواب حزب الله الشيعي المدعوم من إيران في خدمة أجندته الخاصة على حساب الشعب اللبناني المكلوم اقتصاديًا وحليفه حركة أمل الشيعية لعرقلة انتخاب رئيس للبلاد، سيؤدي إلى إفلاس لبنان وإن كان قد بدأ فعليًا بمحاصرة المصارف اللبنانية من قبل المواطنين لعدم تمكنهم من الحصول على ودائعهم.

– أعتقد أن عودة تيار المستقبل السُنّي بزعامة سعد الحريري للمشهد قد يحسم مسألة انتخاب رئيس جديد للبلاد، لما له من كتلة تصويتية كبيرة وقبول لدى قطاع عريض بالشارع اللبناني.

المصادر:

– الكاتب

– دوتش فيله

الجزيرة

الأهرام

الجمهورية