fbpx
مركز رواق للأبحاث والرؤى والدراسات

إرهاصات اندماج الأحزاب ومستقبل الحياة السياسية في مصر

217

تعتبر الأحزاب السياسية هي أحد روافد ممارسة العمل السياسي، وقد مرَّت الحياة السياسية في مصر بمراحل مختلفة خلال القرن الماضي.

وتعتبر حركة 23 يوليو 1952م نقطة مفصلية في تاريخ الحياة الحزبية والسياسية في مصر؛ حيث تغيَّر النظام السياسي تغيرًا كاملًا، من خلال إلغاء النظام الحزبي وتصفية الأحزاب القائمة في 16 يناير 1953م، وفقدت المعارضة البرلمانية شرط وجودها الضروري.

ومع توالي الأحداث بدا واضحًا للنظام الحاكم في تلك الحقبة ضرورة وجود تنظيم سياسي يعمل على تنظيم الجماهير وحشدهم خلف القيادة السياسية، والحاجة الملحَّة لذلك، فكانت فكرة هيئة التحرير ثم الاتحاد القومي ثم الاتحاد الاشتراكي العربي ثم التنظيم الطليعي.

وفي عهد الرئيس الأسبق محمد أنور السادات سمح بعودة الحياة الحزبية مرة أخرى من خلال 3 أحزاب؛ أحدها يمثِّل اليمين، وآخر يمثل اليسار، وحزب ثالث يمثل الوسط، وترأس السادات الحزب الذي يمثل الوسط، وهو الحزب الوطني الديموقراطي.

وبعد يناير 2011م تم إنشاء العديد من الأحزاب؛ لكن الممارسة السياسية أوضحت أن أغلب تلك الأحزاب إنما هي أحزاب وهمية وغير فاعلة أو مؤثرة، مما حدا بالعديد من أجهزة النظام الحاكم على العمل لإيجاد حزب يمثل الظهير الشعبي والسياسي الداعم للرئيس، وكان أول تلك المحاولات هي حزب مستقبل وطن، والذي راهن عليه البعض بتحقيق انتشار شعبي يمثل الدعم المطلوب للرئيس لكن سرعان ما تلاشت تلك المحاولة، وتراجع الحزب الذي اتيحت له العديد من الفرص ووُفِّرت له البيئة اللازمة للعب الدور المنشود.

ومع بلوغ الاستحقاق النيابي موعده بانتخابات مجلس النواب 2015م عاد مرة أخرى البحث الحثيث على تكوين داعم سياسي وبرلماني للرئيس، فتم تشكيل ائتلاف دعم مصر، وتم الحشد والتأييد وهندسة انتخابات البرلمان 2015م بما سمح للائتلاف بتحقيق عضوية البرلمان بالعدد المستهدف من المقاعد.

ومؤخرًا في أثناء الانتخابات الرئاسية 2018 تعالت الأصوات بلزوم حل المعضلة السياسية بعدم وجود ظهير سياسي للرئيس، فعادت محاولات بعض الأجهزة لصياغة وتشكيل ذلك الظهير؛ من خلال حشد التيارات والمبادرات الداعمة للرئيس في كيان سياسي واحد، يمثل ائتلاف دعم مصر الهيكل الأساسي لهذا الحزب، وهو الأمر الذي وضح بقوة من خلال الأخبار والتسريبات المستمرة عن قرب الانتهاء من تحول ائتلاف دعم مصر إلى حزب سياسي؛ لكن كون الائتلاف مكوَّن في الأساس من عدد من الأحزاب القائمة حاليًا، بالإضافة إلى بعض المستقلين، فإن ذلك يشكِّل عقبة حقيقة في اندماجهم سويًا تحت مظلة حزب واحد، في ظل تضارب تضارب مصالح مسئولي هذه الأحزاب أو الجهات الداعمة لها في حال الاندماج، ناهيك عن التضارب في المصالح المتوقع حدوثه بين الائتلاف وبين المبادرات والائتلافات التي ترفع شعارات دعم الرئيس، والتي نشطت في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.

ويتبقى أن السيناريو الأقرب هو اندماج بعض أحزاب ائتلاف دعم مصر وعدد من المستقلين في حزب سياسي يحاول فرض واقع أنه الداعم الرئيسي والظهير السياسي للرئيس.

ولكن المعضلة الأكبر في هذا الشأن عدم وجود رؤية حقيقية أو قناعة لتفعيل الحياة السياسية والحزبية في مصر، وإتاحة مساحات من العمل والمشاركة، بل يتم التذرُّع دائمًا بضعف الأحزاب؛ وهو الأمر الذي يزداد يقينًا خصوصًا مع التضييق والتهمييش للأحزاب وأدوارها؛ فمن المعلوم أنه لم يتم عقد سوى عدد قليل جدًا من اللقاءات التشاورية السياسية بين الرئيس والأحزاب السياسية خلال الفترة الرئاسية الأولى، إلا ما ندر منها بعدد قد لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة، والتي غلب عليها بروتوكولية تقليدية، وليس مشاركة أو قناعة حقيقية بدور تلك الأحزاب وأهميتها.

ونظن أن الانطباع السائد أو التصوُّر الموجود حاليًا هو صياغة نظام سياسي قائم على حزب الرئيس، الذي يملك مفاتيح الحياة السياسية، مع وجود ديكوري لبعض الأحزاب التي تلعب دور المعارضة السياسية.

التعليقات مغلقة.